السلطة القضائية
تعريفها : إذا كانت السلطة التشريعية تتكفل بسن القوانين ، والسلطة التنفيذية تتولى تنفيذها فإن السلطة القضائية هي التي تتكفل بتطبيقها ، وقد أورد دستور 1996 السلطة القضائية في الفصل الثالث من الباب الثاني وخصص لها 21 مادة وقد حددت المادة 139 منه وظيفة السلطة القضائية حيث نصت على أنها تحمي المجتمع والحريات وتضمن للجميع ولكل واحد المحافظة على حقوقهم.
ويمكن تعريفها طبقا لذلك بأنها الجهة المكلفة بتطبيق القوانين والفصل في المنازعات والخصومات سواء بين الأشخاص الطبيعيين فيما بينهم أوبيهم وبين الدولة .
المبادئ الأساسية للقضاء : يرتكز القضاء على عدة مبادئ أساسية أهمها :
1-استقلالية القضاء : يعتبر الركيزة الأساسية للقضاء و بدونه لا تستطيع السلطة القضائية أن تقيم العدل بين الناس أو تقوم بعملها على أحسن وجه ، وقد جاء في نص المادة 138 من الدستور بأن السلطة القضائية مستقلة و تمارس في إطار القانون ” وهذه الأخيرة مستقلة عن السلطتين التشريعية و التنفيذية ، فوزير العدل مثلا باعتباره السلطة التنفيذية لا يستطيع أن ينطق بحكم أو أن يملي على قاض من قضاة الحكم حكما معينا و أن كان له حق مراقبة أعمال النيابـة ، فالقاضي لا يخضع إلا للقانون وهو محمي من جميع أشكال الضغوط والتدخلات والمناورات التي قد تضر بأداء مهمته أو تمس نزاهة حكمه و القاضي ينطق بالأحكام بحرية وموضوعية لا يقيده في ذلك إلا القانون وضميره.
2 ـ المساواة : المساواة أمام القانون والمساواة أمام القضاء هي ميزة الدولة الديمقراطية الحقة حيث لا تفرق بين المتخاصمين على أساس العرق ، الجنس ، الجاه المركز …. أي أن القاضي لا ينظر إلى المتخاصمين إلا من حيث أن أحدهما ظالم أو مظلوم أي يتكفل باحترام القوانين و الأنظمة تحقيقا للعدالة و هذا هو ما نصت عليه المادة 140 من دستور 1996 بقولها أساس القضاء مبادئ الشرعية و المساواة الكل سواسية أمام القضاء ، وهو في متناول الجميع ويجسده احترام القانون.
3 ـ اللامركزية : نعني به تقريب القضاء من المواطنين وخاصة المتخاصمين منهم ، فنجد على مستوى الدوائر محاكم وعلى مستوى الولايات مجالس قضائية.
4 ـ التقاضي على درجتين : يعتبر هذا المبدأ من الركائز الأساسية التي يعتمد عليها القضاء فباستثناء المواد التي تفصل فيها المحكمة بحكم نهائي ، فالمحاكم تعتبر درجة أولى من التقاضي والأحكام الصادرة عنها تكون قابلة للاستئناف أمام المجلس القضائي الذي يعتبر درجة ثانية من درجات التقاضي ، وتكون أحكامها قابلة للاستئناف أمام المحكمة العليا وقد نصت المادة 150 من الدستور على أن القانون يحمي المتقاضي من أي تعسف أو انحراف يصدر من القاضي.
5 ـ المجـانيـة : يقصد بها أن المتقاضي غير ملزم بدفع مصاريف للقاضي كأجر عن المهمة التي يقوم بها ، فالقاضي موظف تتكفل الدولة بدفع مرتبه ، أما ما يدفع من مصاريف الدعوى فهي رسوم رمزية و الأكثر من هذا أن الدولة في إطار المساعدة القضائية تتكفل بتعيين محامي في الحالة التي يتعذر فيها على المتقاضي دفع أتعاب المحامي.
التنظيم القضائي في الجزائر :
1-المحكمة العليا : نصت المادة 152 من الدستور على أن المحكمة العليا هي الهيئة المقومة لأعمال المجالس القضائية و المحاكم ” كما أنها تضمن الاجتهاد القضائي في جميع أنحاء البلاد و تسهر على احترام القانون ، إضافة إلى ذلك فإنها تعتبر درجة ثانية من درجات التقاضي وتعد بهذا محكمة قانون وليس محكمة موضوع .
2-مجلس الدولة : يعتبر هذا المجلس جهة قضائية جديدة أحدثها دستور 1996 بنص المادة 152 الفقرة الأخيرة حيث قالت ” بأنه يؤسس مجلس دولة كهيئة مقومة لأعمال الجهات القضائية الإدارية ويفهم من ذلك أنه يختص في القضاء الإداري أما القضاء المدني و القضاء الجزائي فمن اختصاص المحكمة العليا.
3-محكمة التنازع : أحدثت هي الأخرى بموجب دستور 1996 في مادته 152 الفقرة الأخيرة ” تؤسس محكمة تنازع تتولى الفصل في حالات تنازع الاختصاص بين المحكمة العليا و مجلس الدولة “.
4- المحكمة العليا للدولة : أنشأها دستور 1996 بموجب المادة 158 منه حيث قالت “تؤسس محكمة عليا للدولة تختص بمحاكمة رئيس الجمهورية عن الأفعال التي يمكن وصفها بالخيانة العظمى ، ورئيس الحكومة عن الجنايات والجنح التي يرتكبونها بمناسبة تأديتهما لمهامها.
5- المجلس القضائي : يعتبر المجلس القضائي جهة من الجهات القضائية المحلية حيث توجد حاليا 31 مجلسا على المستوى الوطني منها من يمتد إلى أكثـر من ولاية ومنها من يمتد اختصاصه إلى ولاية واحدة فقط و يعتبر درجة أولى من درجات التقاضي بالنسبة للقضايا الإدارية أو الجنايات كما يعتبر درجة ثانية من درجات التقاضي يختص في استئناف الأحكام الصادرة من المحاكم ، ويتشكل المجلس القضائي من رئيس ورؤساء غرف و مستشارين ، ونائب عام مساعد ونواب عام مساعد ونواب عامين مساعدين.
6-المحكمة : تعتبر المحكمة الجهة القضائية الأولى التي تعرض عليها جميع النزاعات المدنية والجزائية إلا ما استثنى منها بنص ( القضايا الإدارية مثلا) ويرأسها رئيس للمحكمة ويزاول فيها نشاط النيابة العامة وكيلا للجمهورية يمكن يساعده أكثر من وكيل مساعد.
المجلس الأعلى للقضاء : نقول بداية بأن هذا المجلس ليس جهة للحكم وإنما هو هيئة تتكفل بالنظر في سير السلم الوظيفي للقضاة ، كالتعيين والترقية والنقل ، كما بسهر على احترام القانون الأساسي للقضاة وعلى رقابة انضباط القضاة تحت رئاسة الرئيس الأول للمحكمة العليا.
وقد أشارت المادة 154 من الدستور بأن المجلس الأعلى للقضاء يرأسه رئيس الجمهورية باعتباره القاضي الأول في البلاد.