المدخل العام لدراسة القانون الإداري بحث قانوني :
مقدمة:
القانون الإداري باعتباره فرعا من فروع القانون العام فهو يتصل بالإدارة من حيث تنظيمها وبيان أجهزتها المختلفة وكيفية تشكيلها ومن حيث نشاطها وما تمارسه من أعمال وأنشطة وهو بذلك يعتبر أو يمكن تصنيفه بقانون الإدارة.
* فما هو تعريف القانون الإداري ؟
قبل تعريف القانون الإداري كمجموعة قو اعد قانونية استثنائية لا مثيل لها في قواعد القانون العادي لابد من تعريف مدلول الإدارة العامة وهذا الارتباط الوثيق بين القانون الإداري وعلم الإدارة العامة
* فما هو مدلول الإدارة ؟
نقصد هنا الإدارة العامة وليست الإدارة الخاصة أو إدارة المشروعات والتي تختلف أهدافا و أنشطة عن الإدارة العامة.
الإدارة العامة:
هي مجموعة من الهياكل هم مجموع موظفون الذين يعملون باسم الإدارة ويستعملون امتيازاتها وصلاحياتها وتتحمل هي مسؤولية تصرفاتهم ويكتسبون الحقوق باسمها ورغم الاتفاق الحاصل بخصوص مدلول الإدارة إلا أن هذا المفهوم أثار كثيرا من الجدل والاختلاف من حيث المدلول القانوني للإدارة العامة الذي أظهر عناية لدى الدول الأنجلوساكسية (لاسيما أمريكا وبريطاني ا) بعد ظهور علم الإدارة العامة كعلم منفصل تماما عن قانون الإدارة، فالإدارة اصطلاحا تعني فن أو علم توجيه وتسيير وإدارة عمل الآخرين بقصد تحقيق أهداف محددة كما التنظيم والترتيب الخاص بالجهود الجماعية وتعرف كذلك بأنها تنظيم العلاقات »: Tygi/ عرفها الفقيه تاجي « بين الأفراد => من هنا يتبين أن تعريفات الإدارة قد تكون ذات طابع علمي فني وعملي بحت وأخرى ذات طابع سياسي وأخرى يغلب عليها الجانب السلوكي الاجتماعي وبعض التعريفات ذات الطابع القانوني والبعض (1887) Woodrolson/ الآخر ذات صبغة اقتصادية لكن أقدم تعريف للإدارة هو تعريف الفقيه وودرولسون أن الإدارة هي مجموعة العمليات المتعلقة »: وهو أقدم محاولة علمية لتعريف الإدارة العامة ومضمونه « بتحقيق أهداف الحكومة بأكبر مقدار من الكفاءة وبما يحقق رضا وغاية الأفراد
وهناك تعريفات أخرى لعلماء آخرين أمثال : جيمس دنيس – ليوناردوايت –جون فيغنيغ ، إلا أن الاستقراري أن الإدارة هي مجموعة العمليات والمبادئ والقواعد والأساليب العلمية الفنية والعملية والقانونية التي تجمع شتات الجهود والوسائل المادية والبشرية والتنظيمية وتوجهها بواسطة عمليات التنظيم والتخطيط والرقابة لتحقيق الأهداف العامة المحددة في السياسة العامة للدولة والمطلوب إنجازها أو تحقيقها ويكتشف أن المحاضرة الأولى الإدارة تقوم على مقومات أساسية ثلاثة:
- -1 الإدارة الع امة هي إدارة بالمعنى الفني والمعنى العلمي الضيق للإدارة فهي فن وعلم وجمع الجهود والوسائل البشرية والمادية وتنسيقها وتوجيهها لتحقيق هدف مشترك
- -2 أنها مجموعة الوسائل البشرية والمالية والتنظيمية العامة مسخرة لتحقيق الأهداف العامة الرسمية.
- -3 أنها لها أهداف محد دة في السياسة العامة للدولة ومرسومة في كافة الوثائق والمواثيق والنصوص القانونية والتنظيمية الرسمية.
أوجه الاختلاف بين الإدارة العامة والإدارة الخاصة:
1. من ناحية الهدف :
فالمقومات الأساسية الثلاثة التي تقوم عليها الإدارة تجعلنا نميز بين الإدارة العامة والإدارة الخاصة من الزوايا التالية:
- أ- طبيعة الهدف : فإذا كان هدف الإدارة العامة هو تحقيق المصلحة العامة عن طريق تقديم الخدمات والسلع لإشباع الحاجات العامة والمحافظة على النظام العام على عكس هدف الإدارة الخاصة والمتمثل في تحقيق الربح والمكاسب الاقتصادية في مقابل تقديم السلع والخدمات.
- ب- زاوية طبيعة النشاط : نشاط الإدارة العامة يتسم غالبا بالطابع السياسي الإداري والاجتماعي بينما تتسم أنشطة الإدارة الخاصة بالطبيعة الاقتصادية البحتة مثل : المشروعات التجارية والمالية.
- ج- زاوية الصفة الاحتكارية : تعمل الإدارة العامة في النطاق الاحتكاري بحيث لا يوجد تنافس حر بين المؤسسات والإدارات العامة على عكس الإدارة الخاصة التي تعمل في ظل المنافسة الحرة.
- د- زاوية حجم الأهداف : في الإدارة العامة ضخم جدا ومتنوع وهذا لتحقيق أهداف عامة بتلبية حاجيات المجتمع الوطنية بينما أهداف الإدارة الخاصة أهداف ضيقة ومحدودة (قانونها الأساسي).
- و- زاوية حجم المسؤوليات : عكس الإدارة الخاصة فحجم مسؤولية الإدارة العامة ضخم ومتنوع لأن رجال الإدارة العامة أو الموظفون العموميين لهم مسؤولية أمام المجتمع والسلطات السياسية والتنفيذية والتشريعية والقضائية عن كافة أعمالهم وتصرفاتهم أما مسؤولية رجال الإدارة الخاصة فهي ضيقة ومحدودة ولا تتعدى جمعية الشركاء وموظفي المؤسسة الخاصة.
- ه- زاوية حجم القيود والرقابة :يخضع عمال الإدارة العامة لقيود ولرقابة دقيقة وصارمة بهدف حماية المصلحة العامة من كا فة مظاهر الانحراف بخلاف الإدارة الخاصة والذي يتمتع أعضاؤها بحرية واسعة في حدود القانون الأساسي لتلك الإدارة.
– علم الإدارة العامة والقانون الإداري:
*ظهرت في السنوات الأخيرة عدة خلافات مرتبطة بعلم الإدارة العامة باعتباره علم مستقل تماما عن القانون الإداري لد ى المحور الأنجلوسكسوني بحيث تتميز الإدارة بالطابع الفني والعلمي أما في فرنسا (المحور اللاتيني ) فقد غلب الطابع القانوني والفقهي على دراسة علم الإدارة العامة مع الأخذ بعين الاعتبار بعض الجوانب الفنية القائمة على أسس اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية ومع اتساع نشاط الإدارة وكذا مجال العلم الإداري أصبحت بوادر علم الإدارة العامة مستقل عن القانون الإداري ظاهرة ؛ وقد اهتمت الدول الحديثة بالدراسات الإدارية وسيرورة الجانب الفني ودوره الضروري في ترتيب الأجهزة الإدارية بحيثأصبح ضرورة ملحة لحسن سير الإدارة ويتجلى هذا الا تجاه بانعقاد المؤتمر الأول للعلوم الإدارية ببروكسيل في سنة 1910 وتولدت عنه لجنة دولية للعلوم الإدارية والتي تحولت في سنة 1930 إلى معهد دولي للعلوم الإدارية وهذا لتحسين تنظيم المصالح العامة وإتقان أساليب الإدارة وفنونها وقد تتابعت المؤتمرات الدولية في هذا الاتجاه لتسهم بدور كبير في حركة انتعاش الدراسات الإدارية . لكن مهما يكن من الحال فإن القانون الإداري وأن تميز عن علم الإدارة العامة فهما وثيقا الصلة بالرغم من أن علم الإدارة العامة نشأ مستقلا عن علم القانون الإداري في الو .م.أ فعلم الإدارة نشأ أصلا في فرنسا في كنف القانون الإداري وظل الارتباط قائما بينهما عبر كافة المراحل التاريخية وبعد تعقد المشاكل في الدول الحديثة اتخذت الدراسات الإدارية طابعا خاصا غلب فيه الطابع الفني على الطابع القانوني ليستقل علم الإدارة العامة عن القانون الإداري بحيث أصبح علم الإدارة ا لعامة يبحث في الجوانب الفنية المتعلقة بالتنظيم الإداري والتوظيف والتدريب واستخدام الأساليب الإدارية في ممارسة النشاط الإداري بينما بقيت الجوانب القانونية كهذه المسائل من مجالات القانون الإداري وقد تتخذ الإدارة أحدى المعنيان المتباينان:
- -1- المعنى العضوي أو الشكلي: وهو مجموع الهياكل أو المنظمات التي تقوم بتحقيق تدخل الدولة في حياة الأفراد اليومية وذلك تحت إشراف السلطات السياسية فيها ويتدرج تحت هذا المدلول السلطات المركزية والسلطات اللامركزية الإقليمية وغير الإقليمية.
- -2- المعنى الوظيفي أو الموضوعي : وينظر إلى الإدارة على أنها النشاط الذي تحققه الهيئات والسلطات السالفة الذكر والذي يؤدي إلى اتصال الإدارة بمعناها العضوي بالأفراد فيجعلهم مستفيدين من الخدمات التي يقدمها النفع العام فالقانون الإداري هو الذي يعين الإدارة بمعنييها العضوي والوظيفي. 2003/11/06
* فالقانون الإداري باعتباره قانون حديث النشأة فلا يرجع تاريخه إلى أكثر من القرن الماضي بل أنه لم يكتمل نموه إلا في بعض الدول ولعل فرنسا هي الدولة الوح يدة التي اكتمل فيها هذا القانون لكون مدلوله مرتبط تمام الارتباط بتاريخ فرنسا الإداري منذ قيام الثورة الفرنسية في سنة 1789 كون رجال الثورة الفرنسية ولظروف اجتماعية خاصة بهم قد فسروا مبدأ الفصل بين السلطات تفسيرا جديدا لم يكن يطبق في الدول التي كانت آخذة به آنذاك (مثل إنجلترا، بريطانيا، و .م.أ ) ومبدأ الفصل بين السلطات لما يخص علاقة السلطة القضائية بالسلطة الإدارية يحمل تفسيرا ذا شطرين:
- 1. الشطر الأول : أن تختص كل من السلطتين الإدارية والقضائية بما يدخل في وظيفتها فلا تقوم الإدارة إلا بالإشراف على المرافق العامة تحت إشرافها كما لا يفصل في المنازعات إلا القضاء.
- 2. الشطر الثاني : أن تستقل كل سلطة عن الأخرى وتنجو من التأثير عليها في أداء وظائفها وتفسير هذا المعنى لمبدأ الفصل بين السلطات بشكل جيد إلا فيما يخص مقاضاة الإدارة فالمحور الأنجلوسكسوني (إنجلترا، بريطانيا، الو.م.أ) رغم أنها تطبق مبدأ الفصل بين السلطات في أقصى صوره لم ترى مانعا في إخضاع شؤون أقضية الإدارة للسلطة القضائية وعلى العكس من ذلك قرر رجال القانون وزعماء الثورةالفرنسية أن استقلال السلطة الإدارية عن السلطة القضائية يستلزم أن تستقل الإدارة بالفصل في من ازعاتها 24 أوت 1790 والذي يمنع السلطة القضائية ويحرم عليها / ووضعوا لذلك النص الأساسي وهو قانون 16 النظر في المنازعات الإدارية وقد كان هذا النص اللبنة الأولى في بناء سرح القانون الإداري بمعناه الحديث.
– معايير القانون الإداري :
من بين الأسباب التي أدت إلى إبراز مشكلة ظهور الإدارة العامة هو تحديد المقاييس التي يستخدمها رجال القانون في التعريف بالإدارة العامة أو القانون الإداري وأهم المعايير التي أثارت الجدل هو المعيار العضوي أو الشكلي أو المعيار الموضوعي أو الوظيفي
فهل القانون الإداري هو قانون الإد ارة منظور إليها بوصفها مجموعة أعضاء أو أجهزة لممارسة نشاط معين أو هو قانون الوظيفة الإدارية؟
- 1.المعيار الشكلي : ينظر إلى الإدارة من الزاوية العضوية أي بالنظر إلى صفة أو شكل الشخص الذي اتخذ الإجراء أو مارس النشاط فإن كان التصرف صادر من شخص يتخذ الشكل الإداري يكون الإجراء المحاضرة الثانية إداريا. فالإدارة وفق هذا المعيار مجموعة أجهزة في الدولة تمارس نشاطها بوصفها جهات إدارية توصف بالوصف الإداري فنشاطها مهما كانت طبيعة الذاتية أو هدفه أو مضمونه يكون نشاطا إداريا فيكفي إلحاق الصفة الإدارية بنشاط معين أن يكون صادرا عن جهة إدارية في توظيف الهيئات العامة في الدولة وتدخل ضمن نطاق التنظيم الإداري كالإدارة المركزية واللامركزية والمؤسسات ذات الصبغة الإدارية.
- 2.المعيار الموضوعي أو الوظيفي : وفقا لهذا المعيار فالاعتداد يكون لموضوع النشاط ومضمونه ويمكن تعريفه بالنظر إلى غاية النشاط التي يستهدفها الجهاز الإداري والتي لا يمكن أن تخرج عن المصلحة العامة (تلبية الحاجيات العامة ) ففي مجال التشريع تكون الوظيفة موضوعا هي القوانين والأعمال المشرعة التي يقوم بها المشرع وفي مجال الإدارة فالوظيفة هي الأعمال الإدارية بمختلف أشكالها ولابد أن تستهدف هات هالوظيفة غاية معينة والتي قد تتضمن عناصر غير قانونية وعناصر نفسية ترتبط بالقصد بالغاية من ممارسة ومن ثم يتحلل المعيار ويشمل الغاية من النشاط كذلك Gerard Timist النشاط كما يرى ذلك الفقيه (المعيار الوظيفي) وغالبية فقهاء القانون الإداري يمزجون بين هدف وغاية النشاط في المعيار الموضوعي.
المفاضلة بين المعيارين:
يبقى الخلاف محصورا بين الفقهاء حول أي المعيارين أسلم في تعريف الإدارة وقد أثار الخلاف مناقشات طويلة فقام البعض باعتبار أن المعيار العضوي هو السيد في القانون الإداري وتعريف الإدارة العامة وأنه معيار واضح به تتحقق الغاية من تطبيق القانون الإداري.
* غير أن المعيار الموضوعي الذي يعتمد على جوهر النشاط يكون من ناحية أخرى أقرب منطقية للأخذ به لأن العبرة دائما بالمضمون والجوهر لا بشكل الجهاز والحقيقة أنه لا سبيل لتعريف القانون الإداري بالاعتماد على أحد المعيارين دون الآخر ولابد من الجمع بينهما حتى نصل إلى تعريف صحيح شامل للقانون الإداري ومؤسساته المختلفة.
فالقانون الإداري هو القانون الذي يحكم الهيئات الإدارية في قيامها بوظيفتها الإدارية وإذا كانت كلمت الإدارة التي يرتبط بها مدلول القانون الإداري تفهم في اللغة الجالية على أنها الإدارة العامة فإنها تفهم أيضا على أساس أنها تتميز من نشاط الأفراد كما تتميز من النشاطات العامة الأخرى في الدولة ومن هنا لا سبيل على الوقوف للمعنى الصحيح للإدارة والقانون الإداري إلا بعد معرفة أسس الاختلاف التي تميزها من نشاط الفرد من ناحية وصور النشاط العام المختلفة من ناحية أخرى لصعوبة التمييز بينهما.
التمييز بين صور النشاط العام المختلفة على أسس المعيار الموضوعي:
يعتبر أصحاب المدارس المادية أو الموضوعية أن التمييز بين الأعمال القانونية المختلفة يقوم على ماهية هذه الأعمال ويحللونه ا تحليلا داخليا ويجردونها تجريدا تاما من صفة الجهاز الذي يقوم به ا. ولا يعطون للشك اهتمام لأن المعيار الموضوعي هو الذي يأخذ في الاعتبار طبيعة العمل الذاتية بغض النظر عن ملابساته الشكلية وعناصره الإجرائية ويتجلى الفرق بين النشاط الإداري وصور النشاط العام الأ خرى في الدولة في الجوانب التالية:
- 1.التمييز بين النشاط الإداري والنشاط التشريعي:
– فإذا كان التشريع يتميز بالعمومية والتجريد ويتناول وضع القواعد العامة التي تضمن صور النشاط المختلفة في الدولة سواء منها النشاط العام أو الخاص، فإن الإدارة العامة مهمتها تكمن في التنفيذ والأغراض يتميز بصفتين الاستمرار Jean.Rivero التي يستهدفها القانون وبذلك يتميز النشاط الإداري كما يقول الفقيه والتجديد وهاتان الصفتان تميزان ماديا أم موضوعيا ل لنشاط الإداري من النشاط التشريعي ورغم أن كون هذه الخصائص غير محققة دائما كون الأعمال التشريعية قد تصدر في مخاطبة شخص بذاته مع ذلك فهي تمتاز بمرتبة التشريع وقد تصدر الإدارة قرارات تنظيمية عامة ومجردة ” كاللوائح التنظيمية ” “ولوائح الضبط الإداري” وكل هذه اللو ائح وأخرى تخضع للرقابة الإدارية عكس الأعمال التشريعية بمختلف أنواعها مما يبين أن المعيار المعتمد به على المعيار الموضوعي وفق ما استقر عليه القضاء المصري.
- 2.التمييز بين النشاط الإداري والنشاط القضائي:
– إذا كانت وظيفة القاضي هي تطبيق القانون في كل المنازعات وتنتهي مهمته في تطبيق حكم القاعدة القانونية العامة على المنازعة المعروضة عليه فإن النظام (أو الإدار ة) وإن كانت كذلك تخضع للقانون فإنها تعمل من تلقاء نفسها دون انتظار لقيام خصومة أو منازعة فالإدارة تعمل في إطار القانون الإداري بهدف تسيير المرافق العامة لإش باع حاجات الجمهور بينما يستهدف القاضي في نشاطه مجرد احترام القانون فالإدارة بذلك تتمتع بسلطة تقديرية في ممارسة نشاطها ولها سلطة أوسع وحرية غير السلطة التي يتميز بها القاضي إلا أن هذا الفارق لا يعني أن يكون سوى مجرد اختلاف في الدرجة ولا يحسم على الطبيعة في التفريق بين الإدارة والقضاء لأنه قد يتدخل القاضي (وكيل الجمهورية وقاضي التحقيق ) في الجوانب الجزائية لتحريك الدعاوي العمومية دون وجود منازعة فقد تتدخل الإدارة في فك نزاع وتصدر قرارها بفضه أو بحله ومن ثم لا يكون المعيار الموضوعي وحده إمكانية التمييز بين الوظ يفتين وكان لابد من استخدام إلى جانبه المعيار الشكلي أو العضوي.
- 3. الوظيفة الإدارية والوظيفة الحكومية:
لقد حاول البعض استخدام المعيار الموضوعي للتمييز بين الوظيفة الإدارية والوظيفة الحكومية فقيل أن الحكومة هي محور السلطة التنفيذية وأن الإدارة ليست إلا أدا تها التي تحقق بها أغراضها أو أهدافها فتقوم الحكومة برسم الخطوط العريضة التي تسير عليها الإدارة وتحدد لها طريقا وأهدافا عامة لأنشطتها وقيل في التمييز بينهما كذلك أن الأولى بيد السلطة المركزية والثانية موزعة بين إدارة مركزية وإدارات لامركزية (و.إ) ولا تخضع ا لوظيفة الحكومية سوى لرقابة البرلمان لا القضاء على العكس من الوظيفة الإدارية بحيث للأفراد الطعن في سلامة الأعمال الإدارية أمام الجهات القضائية المختصة ولا تكون لهم إمكانية ممارسة هذا الحق (حق الطعن ) إزاء الأعمال الحكومية ولكن هذه التفرقة لا يمكن أتكون مجالا للتمييز ذلك أن السلطة التنفيذية قد تمارس أعمالا لا تخضع لرقابة القضاء وأعمال وتصرفات أخرى تخضع للرقابة مما يجعل من التمييز بين الوظيفتين صعب وهو ما جعل بعض فقهاء القانون الإداري يعتبرون أن الأعمال الحكومية هي تلك المتعلقة بأمهات الأمور والمسائل الخطيرة و القرارات السياسية والاقتصادية (إعلان حالة حرب، المخططات الاقتصادية، الإنظمام إلى المعاهدات وغيرها من المسائل السياسية ) أما الإدارة فمهمتها اتخاذ George Vedel الإجراءات لإشباع الحاجات العادية للمواطنين والقيام بالأعمال المادية وهذا ما أقره الفقيه ومهما يكن من الحال فالحدود بين الوظيفتين منهارة وهذا لتداخل الوظيفتين واستحالة الفصل بينهما في بعض الأحيان ومن هنا فالمعيار الموضوعي فشل في التمييز بي النشاطين وتبقى نفس الصعوبة إذا اعتمدنا على المعيار العضوي لوحده ذلك أن القائمين على ممارسة الوظيفة الحكومية هم نفسه م المكلفين بالوظيفة الإدارية فرجال الحكومة هم نفسهم رجال الإدارة. 2003/11/13
التمييز بين صور النشاط العام المختلفة على أساس المعيار العضوي(الشكلي):
ويقابل الاتجاه السابق ويجعل من صفة العضو والإجراءات التي يمارس من خلالها النشاط والمعيار الحاسم في التعرف على نوع النشاط ويعتمد على ظاهر النشاط دون باطنه فيكون النشاط الإداري متميزا لكونه صادرا عن جهة إدارية تتخذ الوصف الإداري وتتبع في ممارستها لنشاطها الإجراء ات والأشكال الإدارية وعلى العكس يكون غير إداري كل نشاط لا يصدر عن جهة إدارية أو لا يتخذ الشكل والإجراءات الإدارية وحتى ولو كان في مضمونه ومادته شبيها بالأعمال الإدارية فأعمال الدولة في نظر أنصار هذا المعيار لا تختلف باختلاف موضوعها أو مادتها بل باختلاف الهيئة التي أصدرته.
ضرورة الجمع بين المعيارين:
والصحيح في نظر جل الفقهاء وعلماء القانون الإداري أنه لابد من الجمع بين المعيارين للتعريف بالإدارة والقانون الإداري و إلا كان التعريف قاصر ا. وعلى ذلك يكون القانون الإداري هو قانون الإدارة العامة وأن هذه الأخيرة لها مضمون مادي معين وتمارس بواسطة أجهزة أو هيئات معينة و بعبارة أخرى يكون القانون الإداري هو النشاط الذي تمارسه السلطات الإدارية المختلفة مستخدمة امتيازات أو أساليب فلا سبيل إلا تمييز العمل الإ داري J.Rivero السلطة العامة لإشباع حاجات عامة كما جاء في تعريف الفقيه من صور النشاط العام الأخرى في دولة على أساس الهدف لأن هدف كل السلطات العامة هي المصلحة ولا سبيل في ذلك إلى تعريف العمل الإداري بالنظر إلى المضمون WALINE العامة كما اعتبر ذلك الفقيه أو الموضوع لأن كثيرا من الخصائص التي تميز العمل الإداري من صور النشاط العام قد ثبت محدوديتها كما أنها ليست حكرا على النشاط الإداري دون غيره من صور النشاط العام فالأعمال الإدارية والأنشطة الإدارية ليست جميعا من صبغة واحدة ولا تتمتع بنفس الخصائص والسمات وهذا ما جعل البعض يعرف الإدارة والعمل الإداري عن طريق الاستبعاد على عن طر يق التحديد باعتبار الإدارة هي مجموعة الأعضاء أو الأجهزة العامة التي ليست بالسلطات التشريعية والقضائية في الدولة والتي ليست لها نفس نشاط هذه الأجهزة من ناحية الموضوع.
المدلول الضيق والمدلول الواسع للقانون الإداري:
يبدو في التعريفات السابقة سواء المستندة على المعيار العضوي وتلك المستندة على المعيار الوظيفي أن القانون الإداري يوجد في كل المجتمعات المنظمة التي يوجد فيها سلطة إدارية تتوالى الأعمال الإدارية ومهمة تنفيذ القوانين ومن ثم يوجب القانون الإداري في كل جماعة سياسية ومن باب أولي في كل دولة فالقانون الإدار ي بالمعنى الواسع يوجد في النظامين القانونيين اللاتيني والأنجلوسكسوني وهو يعين الأجهزة أستاذ القانون الإداري في جامعة ) Robson الإدارية والنشاط الإداري كما هو ملاحظ في تعريف الأستاذ بأنه Forest لندن –بريطانيا-)حيث يعرفه بأنه قانون الإدارة العامة (المنظور الشكلي) ويعرفه الأستاذ المحاضرة الثالثة يتعلق بتنظيم سلطات وواجبات وامتيازات ووظائف الهيئات الإدارية.
فالقانون الإداري بالمعنى الواسع يتصل بتنظيم السلطات الإدارية في الدولة ويبين أنواعها وتقسيماتها المختلفة ويحدد طريقة تشكيل كل منها والاختصاصات التي تمارسها ويبين القواعد التي تحكم نشاطها والأحكام التي تخضع لها في أموالها وفي علاقاتها بالأفراد.
غير أن الفقه والقضاء في فرنسا أضاف على كلمة القانون مدلولا خاصا أضيق بكثير من المدلول الواسع فقد تستخدم عبارة القانون الإداري لتدل على القواعد القانونية التي تحكم النشاط الإداري والتي تختلف عن قواعد القانون المنظمة لشؤون الأفراد ومن ثم فالقانون الإداري قانون استثنائي ويخرج عن القواعد المألوفة والمطبقة في الشريعة العامة على قواعد القانون الخاص التي تسري على الأفراد فليس كل نشاط تمارسه الإدارة يخضع لقواعد خاصة متميزة من قواعد الشريعة الع امة وتكييف النشاط بأنه إداري عملية سابقة على تحديد طبيعة القواعد القانونية التي تحكمها.
علاقة القانون الإداري بفروع القوانين الأخرى:
للقانون الإداري علاقة وطيدة مع جل القوانين (عام وخاص) ويتجلى ذلك على النحو التالي:
- 1.علاقة القانون الإداري بالقانون الدستوري: إذا كان القانون الدستوري ينظم بواسطة الدستور السلطة بمختلف علاقاتها وأنواع الرقابة الممارسة على أجهزة الدولة وأهم السلطات والأصول والأهداف الدستورية ومن ثم وإن كانت قواعد القانون الإداري مستقلة بذاتها وخصائصها عن القانون الدستوري إلا أن هناك علاقة وطيدة بين القانونين بحيث يتضمن القانون الدستوري الأصول والأسس والمبادئ العامة والكلية لكيفية تركيب وتنظيم هياكل النظام الإداري في الدولة وكيفية عمله بصورة متكاملة ومتناسقة مركزيا ولا مركزيا ومن ثم فهناك علاقة تكامل و تناسق . فهي علاقة السلطة التنفيذية بباقي السلطات العامة بحيث يضع القانون الإداري تلك الأهداف والأصول والمحاور في صورة عملية فنية وتقنية أكثر تجسيدا في الحياة اليومية.
- 2. علاقة القانون الإداري بالقانون المدني : إذا كان القانون الإداري مستقل عن القانون المدني من حيث الخصائص والأهداف فهناك علاقة وثيقة بينهما كون القانون المدني (الشريعة العامة ) هو الأصل والمصدر الأساسي لقواعد القانون الإداري المستقلة والمتعلقة بالمعاملات الإدارية (العقود الإدارية ) (المسؤولية الإدارية والوصايا الإدارية ) وقد استمد القانون الإداري كثيرا من المفاهيم من القانون المدني كمفهوم الشخصية المعنوية والقانونية والالتزام الإداري والعقد الإداري وغيرها بل قد يلجأ القضاء الإداري إلى تطبيق بعض القواعد المدنية عندما تكون أكثر ملائمة لفك أوحل التزام تماشيا مع المصلحة العامة.
- 3. علاقة القانون الإداري بالقانون الجنائي : تقرر قواعد القانون الج نائي الأساس القانوني وعناصر الجريمة ولها علاقة وطيدة بقواعد القانون الإداري فيما يتعلق بالجزاءات الإدارية والجزاءات الجمركية كتلك المواد المتعلقة بحماية الموظفين وحماية المنشئات (المرفق العام ) المتعلقة بالنظام العام والحماية القانونية للأوراق القانونية والإدارية والشهادات الإدارية من التزوير.
- 4. علاقة القانون الإداري بالقانون الإجراءات الجزائية: يبين قانون الإجراءات الجزائية كيفية تحريك الدعاوي العمومية الجنائية لحماية مبادئ القانون الإداري وحتى الفصل بين السلطات (رجال الضبط الإداري أو أعوان الضبط الإداري ورجال الضبط القضائي) ونتائج ذلك.
- 5. علاقة القانون الإداري بقانون الإجراءات المدنية : تربط القانون الإداري علاقة وثيقة بقانون الإجراءات البلدية (قانون المرافعات ) حيث نجده يستعمل القواعد الإجرائية المتعلقة بكيفية رفع الدعاوي الإدارية وأشكال ذلك ويبين قانون الإجراءات المدنية قواعد الاختصاص المحلي والنوعي وكذا أنواع الدعاوي الإدارية (البطلان، الإلغاء، التعويض ) ؛ إضافة إلى هذه العلاقات الواسعة للقانون الإداري مع مختلف القوانين الأخرى فهناك علا قة أخرى وثيقة تربطه بالقانون التجاري والقانون الدولي الخاص وحتى القانون الدولي العام مع بقاء قواعد القانون الإداري مستقلة بذاتها ومتميزة عن باقي القواعد القانونية.
أصول القانون الإداري وخصائصه العامة:
- 1. مبدأ المشروعية وخضوع الإدارة للقانون:
– القانون الإداري بمفهومه الواسع متواجد في كل الدول لكونه يحتوي على نوعين من القواعد وصفية وموضوعية. لكن هناك مدلول ثاني للقانون الإداري وهو المدلول الضيق والذي يعني وجود نوعين من القواعد إحداهما عادية والأخرى استثنائية وتنطبق القواعد الاستثنائية على الأجهزة الإدارية فقط باحتوائها على امتيازات واسعة في الإدارة وقيود كذلك وأهم قيد هو مبدأ المشروعية والذي يعني خضوع الإدارة في كل تصرفاتها وأنشطتها للقانون وخروجها عن هذا المبدأ إلا إذا توافر قضاء إداري متخصص في النزاعات الإدارية ومستقل كل الاستقلال عن القضاء العادي وبه تم ارس الرقابة القضائية على تصرفات وأعمال الإدارة ولكن الأخذ بمبدأ المشروعية وخضوع الإدارة للقانون لا يؤدي حتما على الأخذ بما أسماه الفقيه le rigime بالنظام الإداري Andre Houriou الفرنسي فما هو النظام الإداري ؟
يقصد بهذا المصطلح معنيين و في آن واحد
- 1. وجود محاكم إدارية متخصصة : في الأقضية أو المشاكل الإدارية إلى جانب وجود محاكم عادية وكل منها مستقلة عن الأخرى اختصاصا وهيكلة وتميز بذلك القاضي الإداري عن القاضي العادي.
- 2. وجود ازدواجية قانونية : أو نوعية من القواعد القانونية الأولى تحكم وتنظم النشاط الإداري والثانية تنظم النشاط الخاص (بين الأفراد ) وطبيعة القواعد القانونية تختلف بحيث أن القواعد التي تحكم النشاط الإداري تعطي الإدارة صلاحيات واسعة وامتيازات استثنائية لا يتمتع بها الأفراد في ممارستها لنشاطها أو علاقتها ببعضها البعض منها امتياز وكذا امتياز بصفة انفرادية فالإدارة سلطة استيفاء حقها بنفسها دونما حاجة إلى اللجوء إلى القضاء وهو ما يسمى بحق الامتياز ويطلق عليه الفقيه حق الامتياز الأولي في التنفيذ ANDRE.AV.BADERE الفرنسي وهذا الامتياز يعد من أهم ما يميز النظام الإدار ي الفرنسي من النظام الأنجلوسكسوني ففي إنجلترا وأمريكا لا يمكن للإدارة أن تستفي حقها بنفسها بل يوجب عليها اللجوء إلى القضاء ولا تصدر القرارات نافذة في حق الغير إلا بموجب نص خاص وهذا بخلاف فرنسا التي تمنح الإدارة سلطة واسعة في عدة مجالات وبأساليب استثنائية م تنوعة تصل إلى إمكانية استيفاء حقها بنفسها دونما حاجة إلى اللجوء إلى القضاء فالنمط دول غير النظام الإداري والثانية ANDRE.HOURIOU الأول (بريطانيا، و .م.أ) يسميها الفقيه الفرنسي دول ذات النظام الإداري. 2003/ 12/ نشأة القانون الإداري: 04 -II
1. نشأة القانون الإداري في فرنسا:
تعتبر فرنسا من الدول التي خصت الإدارة بمحاكم خاصة ومستقلة تخضع لها في ممارساتها لنشاطها ولم يظهر هذا النظام فجأة بل نشأ تدريجيا وعلى مراحل طويلة فالنظام الإداري ا لفرنسي كان وليد ظروفها التاريخية وأحداثها السياسية في فترة معينة ثم نما هذا النظام ورسخت قواعده على مر الزمان وظهرت عوامل أخرى فنية وقانونية ومنطقية تؤكد النظام وتدعمه وسرعان ما انتقل هذا النظام إلى دول أخرى نقلت عن فرنسا فكرتها في الازدواج القانوني والازدو اج القضائي وأنشأت محاكم متخصصة في المشاكل الإدارية وقد مرت نشأة القانون الإداري في فرنسا بالمراحل الأساسية التالية:
- 1-1 المرحلة الأولى من 1789 (السنة الثامنة):وهي مرحلة الإدارة القاضية كان من نتيجة تقرير مبدأ الفصل بين السلطات وبين ا لهيئات الإدارية والهيئات القضائية أن منعت المحاكم العادية في النظر في المنازعات التي تكون الإدارة طرفا فيها وقد نقلت الثورة الفرنسية هذا الاختصاص إلى الهيئات الإدارية نفسها فكان الأفراد يتظلمون أمام الملك أو الوزراء لإدارات الإقليمية من جراء الإجراءات الإدارية التي كانت تلحق بهم ضررا وبذلك كانت الإدارة العامة تباشر النشاط الإداري كما تفصل في المنازعات التي يثيرها هذا النشاط أي تجمع بين الإدارة العاملة والإدارة القاضية فكانت حكما وخصما في آن واحد ، وكون هذه الخاصية لا تتماشى مع قواعد العدالة والمنطق فلم تستمر طويلا بل زالت لكثرة سلبياتها ولم تتجاوز – 1800 – لتدخل فرنسا في مرحلة أخرى.
- 2-1 المرحلة الثانية بداية 1872 وهي مرحلة القضاء المحجوز : في هذه المرحلة تم إنشاء مجلس الدولة بموجب دستور السنة الثامنة حيث أن المادة 52 منه خولت صلاحية تحضير مشاريع القوانين والأ نظمة وإبداء رأيه حول المنازعات والقضايا الإدارية التي تعرض عليه من طرف الإدارة المركزية وقد تم في نفس الوقت إنشاء مجالس المحافظات كهيئات من الدرجة الأولى يطعن في أعمالها أمام مجالس الدولة وقد كان هذا الإصلاح ذا أثر عميق فقد كان مجلس الدولة يتمتع بثقة الإدار ة وتعد هي الناصح الأمين لها وبالتالي كانت تساير رأيها وتصدر الأحكام وفقا للمشروع الذي أعده مجلس الدولة ، وبعد أن تقلصت صلاحيات مجلس الدولة تدعمت ثانية من خلال دستور 04 نوفمبر 1848 حيث ترتب عن ذلك منحه قضاءا حجوزا مما أمكن للإدارة أن تراقب عملها وأنشطتها بنفسها وهذا إلى غاية صدور قانون 24 ماي 1872 أين أعاد تأسيس مجلس الدولة ومنحه القضاء المفوض.
- 3-1 مرحلة ما بعد 1872 مرحلة القضاء المفوض (البرت): بصدور قانون 24 ماي 1872 أصبح مجلس الدولة سلطة باتة ومفوضة في الفصل في المنازعات الإدارية ولم تعد أحك امها في حاجة إلى أو موافقة من السلطات الإدارية وإنما تكون نافذة بمجرد صدورها وبذلك أصبح مجلس الدولة ومجالس الأقاليم هيئات قضائية متخصصة إلى جانب الهيئات العادية التي تفصل في المنازعات بين الأفراد أو الأشخاص الخاصة وترتب عن ذلك ازدواجية قضائية بوجود نوعين من المحاكم:
محاكم عادية ومحاكم إدارية .وأنشأت محكمة التنازع مع تنازع الاختصاص للفصل في إشكالات الاختصاص القضائي.
2. الازدواج القضائي والازدواج القانوني :
أي وجود إلى جانب الازدواج القضائي ازدواج قانوني يتمثل في: تواجد نوعين من القواعد القانونية أحدهما تنطق و تسري على القطاع الخاص الذي يحكم المنازعات بين الأفراد العاديين وثانيهما تخص القانون العام الذي ينطبق على المنازعات الإدارية وتستلم المجموعة الأولى مصدرها من القانون المدني والتجاري أما المجموعة الثانية تستمد مصدرها من القانون العام وأحكام القضاء وبذلك نشأ القانون الإداري في فرنسا مستقلا ومتنوعا عن القانون المدني ومتجاوبا مع حاجيات الإدارة وظروفها ومتطورا غير جامد وموفقا بين سلطات وامتيازات الإدارة وحقوق الأفراد وحرياتهم.
3. نشأة القانون الإداري في مصر :
تميز القضاء بين مرحلتين أساسيتين في التعاطي مع مسألة القانون الإداري وتطوره في مصر ونجمع على وجود مرحلتين أساسيتين:
- أ- مرحلة ما قبل 1900 إنشاء مجلس الدولة
- ب- مرحلة ما بعد إنشاء مجلس الدولة المصري سنة 1946
لكن قبل هذا لابد من الإشارة أن الازدواجية القانونية لا تعني لازم وحتمية الازدواجية القضائية . ففي مصر كانت هناك قواعد قانونية مدنية وقواعد قانونية تجارية ولم يمنع ذلك من خضوع الصنفين من الأحكام والقواعد لنفس الجهات القضائية فكذلك الحال فقد عرفت مصر قواعد القانون الإداري قبل نشأة مجلس الدولة لكن تخصيص المنازعات الإدارية لمحاكم مستقلة هيكلة وصلاحيات لم ي تم إلا بعد إنشاء مجلس الدولة المصري.
أ- مرحلة ما قبل إنشاء مجلس الدولة المصري :
قبل نشأة مجلس الدولة المصري لم يكن القضاء مؤهلا لمراقبة التصرفات الإدارية ولم يكن مبدأ الفصل بين السلطات مطبقا تطبيقا كليا فكانت الإدارة هي مصدر القانون سلطة التراجع بيدها و كذلك سلطة القضاء فكانت تفصل في المنازعات الإدارية أجهزة إدارية وفي سنة 1875 أنشئت في مصر المحاكم المختلطة والمحاكم الأهلية (الوطنية) وأصبح هناك تنظيم قضائي وتشريعات تخص المرافعات المدنية والمرافعات التجارية ورغم ظهور بوادر القانون الإداري في عدة أحكام قضائية (محكمة الإسكندرية ومحكمة القاهر ة) والتركيز على بعض مبادئ القانون الإداري كالمرفق العام والعقد الإداري إلا أن القانون الإداري بالمعنى الضيق لم يكن مطبقا فكان الأصل هو تطبيق قواعد القانون المدني (الشريعة العامة ) ولم يكن الاتجاه إلى تطبيق قواعد الق انون الإداري التي استخلصها الفقه والقضاء إلا أمرا استثنائيا وكان القاضي ملزم بتطبيق قواعد القانون المدني بالرغم من تواجد بعض القوانين المنظمة لأنشطة الإدارة فلم يكن القانون الإداري لينشأ في مصر لولا إنشاء مجلس الدولة وتقرير اختصاصاته بنظر وفك أقضية ومنازعات الإدارة.
ب- مرحلة ما بعد إنشاء مجلس الدولة:
إن فاعلية النظام الإداري الفرنسي في تحقيق الأهداف المرتبطة بمشروعية تصرفات الإدارة دعا الفقهاء المصريين إلى إتباع الخطوات التي سلكها النظام الفرنسي بإرسائه لمفهوم القانون الإداري الضيق والذي يحقق التوازن بين حقوق المواطن وسلطات الإدارة لذلك طالب الكثيرون بإصلاح قضائي في مصر وإنشاء قضاء إداري يتولى الفصل في المنازعات الإدارية وفعلا انتهى الأمر بإصدار القانون رقم 112 المؤرخ في سنة 1946 والذي بموجبه أنشئ مجلس الدولة المصري وأعطيت له اختصاصات استشارية وقضائية في نفس الوقت وجعل محكمة القضاء الإداري هي الجهة المختصة في الفصل قضائيا في المنازعات الإدارية إلى غاية صدور قانون رقم 165 لسنة 1955 والذي أعاد تنظيم مجلس الدولة المصري ووسع صلاحياته ليفصل في كل المنازعات الإدارية سيما التي تشمل عقود الالتزام والأشغال العامة والتوريد . وأضاف هذا القانون جهاز إداري جديد هو “المحكمة الإدارية العليا “، والتي أصبحت مختصة بالتعقيب النهائي على جميع الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري وأصبحت بذلك تقوم بدور أساسي في بناء القانون الإداري وتقسيم مبادئه وأحكامه وتأكيد أصالة أحكامه وتدعيم استقلاليته باعتباره قانونا قضائيا يستمد من القضاء أحكامه وأصوله ومبادئه.
الموافقة والملائمة بين مصالح الإدارة وحقوق الأفراد:
أثبت القضاء الإداري في مصر منذ نشأة قدرته الهائلة على استيعاب المشاكل الإدارية وخلق الحلول لها وتوفير قدر كبير من خدماته س يادة القانون وإجبار السلطات الإدارية على احترامه وتوفيره وهذا يستلزم الموافقة والموازنة بين مصالح الإدارة والمصالح الفردية للأشخاص فالقضاء الإداري ليس مجرد قضاء تطبيقي (يفسر ويطبق النصوص) بل هو كذلك قضاء إنشائي (مجتهد أو مبتدع ) يبتكر الحلول المناسبة للمشاكل التي تعرض عليه موازنا بين المصالح المختلفة ومراعيا لتحقيق العدالة الموضوعية ولذلك يعتبر حماية للأفراد من تعسف الإدارة وتأكيدا وتأصيلا “لمبدأ المشروعية”.
2003/12/ الخصائص العامة ومميزات القانون الإداري: 12
خصائص القانون الخاص :
تخص الأشخاص الطبيعيين والمؤسسات يعتمد القانون الإداري على مبدأ المشروعية أو مبدأ الاحتكام للقانون ومن خصائص القاعدة القانونية الإدارية أجمع الفقهاء وعلماء القانون الإداري على أنه يحتوي على ثلاث خصائص تميزه هي:
- 1. حديث النشأة
- 2. غير مقنن (لا يوجد ولم يجمع في متن واحد)
- 3. قضائي المصدر مستمدة من قرارات وأحكام إدارية
لأن القضاء الإداري قضاء مجتهد فهو يفسر القاعدة القانونية وجل المنازعات الإدارية يجد لها حل.
بالإضافة إلى الثلاثة خصائص المتعارف عليها عالميا فالقانون الإداري أيضا مرن وي تكيف مع هيئة ومضمون نشاط الإدارة واتساع مجالات القانون الإداري ليشمل مجالات القانون الإداري ليشمل مجالات أخرى (كان في السابق يوجد مرفق الصحة /الأمن/التعليم) لكن في الحديث أصبح القانون الإداري متسع وتقوم الدولة وتتدخل في عدة مجالات (منها تقوم النشاطات الاقتصادية) واتساعه مرده 3أسباب هي:
- 1. أن تتدخل الدولة مرده كثرة الحروب أو مستجد الحرب (بواسطة قرارات وأنشطة إدارية ) لتحد من حرية الأفراد.
- 2. تواجد أو ظهور الأفكار الاشتراكية التي توسع مجالات الدولة بما فيها المجالات الإدارية ويصبح الاقتصاد موجه.
- 3. بوجود أنشطة جديدة تستوجب أن تتحكم بها الدولة في إطار ما يسمى بالحركية الإستراتيجية.
وكذلك مضمون قواعد القانون الإداري وهي قواعد ومضامين غير موجودة من قبل مثل : الشخصية المعنوية في المادة 39 و 40 من القانون المدني؛ وتتحدث عن المسؤولية وتميز الخطأ الشخصي والخطأ المرفقي وتتكلم على الاختصاص من الشخصي والمكاني.
وعيب الاختصاص هو من العيوب التي تشوب القانون الإداري مثل : الوالي لا يخرج عن اختصاصه أو حدوده أو نطاقه ؛ رئيس البناء ليس له الحق في غلق محل تجاري.
اختصاص موضوعي يتدخل الموظف في الاختصاص الذي يكون محدد له من طرف القانون.
كذلك الخاصية رقم 5 هي أصالة واستقلالية القانون الإداري:
فهي قواعد القانون الإداري مستقلة عن قواعد القانون المدني وقواعد القانون التجاري وهي مستمدة من التشريع الإداري والقضاء الإداري مثل : شخص يبيع سكن ويتسلم الثمن لا يمكن له الرجوع في ذلك إلا إذا كان هناك غش أو غبن منصوص عليه في القانون المدني
في القانون المدني لاجتهاد مع صراحة النص فالقاضي المدني مطالب بتطبيق النص القانوني لا غير.
أما في القانون الإداري فالقاضي الإداري مجتهد مستندا على القرارات القضائية ويبتدع الحلول وهذا في إطار الازدواجية القضائية والقانونية بالمفهوم الضيق.
وخصائص القانون الإداري تقتضي التعرض إلى مميزات القاعدة القانونية الإدارية وهي في مضمون قواعد القانون الإداري وهي تتمثل في:
- الطبيعة الذاتية : أي داخل القاعدة القانونية الإدارية وهي مظاهر السلطة العامة يوجد فيها 2 امتيازات سلطات القيود والامتيازات: أي الموظف الإداري ممتاز لأنه يستطيع أن يضع قرارات تحد من حرية الأفراد كنزع الملكية ، استيفاء الدين من طرف الإدارة بنفسها وهذا الامتياز منح له في إطار الوظيفة.
– امتياز التنفيذ المباشر : وهي مخولة من طرف القانون الإداري المنظم لصلاحيات وتنفيذها على الأفراد مثل: غلق محل تجاري ومثلا الإدارة العامة للضرائب يمكن لها أن تأخذ حقها بنفسها من الشخص المقاول.
– وهناك قيود هي:
- 1* قيد المشروعية: الموظف ملزم باحترام القانون وتوخي الإجراءات ومخالفتها فهو غير مشروع. مثلا: الصفة العمومية فلابد من إبرام عقد إداري وهذا جاء في سنة 2000 بالقرار 250 المتعلق بالتنفيذ الإداري.
من شرط الصفقة العمومية لابد من الإعلان عن الصفقة العمومية
هناك عدة أنواع من الرقابة (رقابة سابقة/ لاحقة/ سلطة رئيس :Control Administratif 2* قيد الرقابة على المرؤوس)
- الرقابة تعني: ملائمة التصرف المنجز مع اختصاصات وصلاحيات ذلك الموظف
- الرقابة السابقة: إذا كانت الإدارة محتاجة إلى موظف فيعرض على الوظيف العمومي.
- الرقابة اللاحقة: مثلا: إذا لم يتم المصادقة على قرار فهو غير نافذ رقابة رئيس على مرؤوس: وزارة الداخلية تراقب الولاية وهذه الأخيرة تراقب البلدية…..إلخ
مبدأ المشروعية =>
يقر عدم عزل الموظف بل لابد من معاقبته وليس العزل نهائيا (لأن هذا يكون مخالف لمبدأ المشروعية)
مبررات استقلال القانون الإداري: تكمن في محورين:
La responsabilité Administratif المسؤولية الإدارية
Les contrats Administratif العقود الإدارية
المسؤولية الإدارية للموظف العام المسؤولية المدنية مثلا: بلدية سوق أهراس لها نزاع مع موظف تكون I مع المسؤولية الإدارية فقد يكون
- * إيجار
- * صفقة عمومية
- *جوانب المسؤولية الإدارية أن يحتكم فيها إلى قواعد القانون الإداري وليس قواعد القانون المدني
- *القانون الإداري هو مجموعة القواعد الوصفية والقواعد الموضوعية (الأهم)
فالقواعد الوصفية =>
توصف هيكلة و تركيبة الإدارة فهي من قبل القواعد القانونية الإدارية والقانون العام هو الحاكم في أي نزاع
أما القواعد الموضوعية =>
التي تتضمن نشاط الإدارة وهي تثير إشكالات عديدة منها أنها مستقلة وأول مبرر هو مسؤولية الإدارة لابد أن تبين مسؤولية على أسس وقواعد إدارية 1873 طبقت فيها قواعد مخالفة للقانون Blonco مثل: مسؤولية الإدارة على مشروع عام قضية الإداري والإدارة لها مبررات تقنية للتدخل في أجهزتها ونشاطاتها ومحيطها هناك 03 شروط للمسؤولية المدنية:
- 1/ شرط الخطأ
- 2/ شرط الضرر
- 3/ شرط العلاقة السلبية (بين الخطأ والضرر)
* تتوسع المسؤولية المدنية والإدارية غير الموجودة في القانون المدني والتي تعتبر أول مبرر تقني علمي على أساس معطيات التقنية كاليسر القانون للإدارة والجوانب العملية والحركية الإدارية واسعة وشاسعة لتحرك الإدارة دون المساس أو الضرر بالفرد
العقود الإدارية :
في الأنشطة الإدارية تتحرك الإدارة بالعقود الإدارية وبالقرارات الإدارية، والعقود -II الإدارية هي أساس حركية المرافق العامة فقد أصبحت هناك حركية للعقود الإدارية في تسيير والإشراف على الأنشطة الإدارية، وهذا استوجب دور المرفق العام في إيجاد نظرية عقدية مستقلة عن القانون المدني وهذا من خلال محورين أساسين:
- التزامات المتعاقد
- حقوق المتعاقد
* ومن الأنشطة الإدارية العقود التي ترتبط بالمرفق العام التي جعلت هذه الأخيرة أحكام ومبادئ إدارية جديدة والتي خلقت التزامات المتعاقد وحقوقه.
* في العقود المدنية وفي عقود المقاول وفي عقود الشركة => لا يمكن اشتراط شروط مخالفة للطرف
الآخر غير المتفق عليها.
- – من التزامات المتعاقد : يلزم بالعناية في إنجاز المشروع (من آجال وغيره ا) وأن يحترم الأجل حيث يمكن للإدارة أن تفسخ العقد لعدم احترام الجل وتسليمها لمتعاقد آخر.
- – مبررات الاستقلال القانون الإداري: => أوجبت نظرية المرفق العام المرتبطة بالتزام المتعاقد .
- – العقد هو ذهاب إرادة الطرفين إلى تحقيق غاية معينة في القانون المدني .
- – أما تطبيق إرادة الأطراف يصبح هناك خلل في القانون الإداري وخ لل في سير المرافق العامة بانتظام ومن هنا يتبين لنا بأن قواعد القانون الإداري مستمدة من القانون الإداري.
- – هناك مرسوم وزاري مشترك يضع دفاتر شروط التقنين. – كذلك من ناحية الحقوق (المتعاقد) مع الإدارة بأن يطالب بمراجعة بنود العقد على أساس قواعد القانون الإ داري التي اتبعت نظرية الظروف القاهرة أو نظرية تغيير الظروف الاقتصادية وعلى أساس الإرادة
الإرادة الضمنية للأطراف
الإرادة الظاهرة
– وأسس القانون الإداري تقتضي بمراجعة الإدارة أو في القانون الجزائري تسمى بتعديل الصفقة ويمكن للمتعاقد المطالبة بالتعويض على أن العقد شريعة المتعاقدين لا يمكن مراجعته أو تعديله بالنسبة للحقوق والالتزامات لكلا المتعاقدين وهنا أيضا يميز استقلال القانون الإداري .
كذلك السلطة العامة ( مبرر أيضا ): ( المرفق العام ) كل عقد إداري لابد أن يحمل في طياته على دليل وجود السلطة العامة وهناك ارتباط وثيق بين السلطة العامة والعقد الإداري ( له امتيازات السلطة العامة ).
– وفي القانون المصري تسمى العقود الإدارية بعقود الإذعان في العقود المدنية تقتضي التساوي بين المتعاقدين. في العقود الدارية تقتضي أن تكون الإدارة ذو سلطة العامة التي يحولها القانون الإداري.
كذلك تغير الظروف (مبرر): ودورها في إنشاء وتأسيس حقوقها على المتعاقد في العقود الإدارية مثلا في:
- 1 تفسير العقد.
- 2 تعديل العقد (لا تمس بجوهر العقد و إلا عد ملغي).
- 3 التعويض.
• أنشأ الفقه الإداري نظرية تغيير الظروف.
223 والمتعلق بحقوق أعمال العاملين / • المرسوم الخاص رقم 93 والأعوان فالعقد المدني لا يحتاج إلى تفسير عكس العقد الإداري فهو يفسر بالإرادة الضمنية للأفراد (لما تتجه الإرادة الضمنية يجب العمل بها) أما الإرادة الظاهرة للأفراد المحيطة بالأفراد.
مثلا: تعاقد شخص مع مطعم مثلا على استيراد اللحوم البيضاء (الدجاج) و في منتصف السنة تنقطع اللحوم البيضاء فيستورد له اللحم هنا يثار إشكال ويتم تفسير العقد بالإرادة الضمنية.
07 (بناء إكمالية) ويتحول العقد إلى مصحة / في تعديل العقود مثلا: إدارة في مشروع وفق مرسوم 94 أو مصلحة الغابات ويمكن تعديل العقد على ضوء مستجدات إدارية حسب القانون الإداري.
تغيير الظروف يسمح للمتعاقد أو الإدارة للمطالبة بالتعويض في حالة أي ضرر ناشب عن عدم تطبيق مضمون العقد على أساس القانون الإداري كذلك الأموال الخاصة والعامة.
– تسير الإدارة نوعين من الأموال العامة والخاصة تقتضي قواعد القانون الإداري واستقلالها هذه الأموال تدخل في ميزانية الدولة (البلدية/الولاية) وهي أموال عامة وتصرف في مصلحة عامة والنفع العام. 2003/12/17
الأموال العامة:
هي أموال الإدارة وهي من قبيل القانون العام وهي صنفين:
- 1. الأموال الخاصة: ممتلكات الدومين الخاص.
- 2. الأموال العامة: ممتلكات الدومين العام
ولها ثلاث خصائص:
- -1 الأموال العامة غير قابلة للسقوط بالتقادم فهي حق مطلق إلا استثناءات خاصة.
- -2 الأموال العامة لا يمكن الحجز عنها.
- -3 الأموال العامة لا يمكن التنازل عنها.
وهناك ممتلكات ناجمة عن العقود الخاصة (كعقود الرهن، الإيجار….) فهي غير خاضعة للقانون الإداري بل خاضعة للقانون المدني والتجاري.
فالقانون الإداري لما يحتويه لمبررات القانونية والفنية والعلمية وقواعد متمايزة بما يحتويه من قواعد السلطة العامة.
مصادر القانون الإداري:
يستشف فاعليته من عدة مصادر وقد أثار حولها اختلاف ومن بين هذه المصادر “الرسمية والتفسيرية “.
1. المصادر الرسمية:
- مصادر مكتوبة.
- مصادر غير مكتوبة.
بالنسبة للمصادر المكتوبة:
- التشريع .
- القضاء.
بالنسبة للمصادر غير المكتوبة
- العرف.
في بعض المراجع الفقه العدالة والأحكام القانونية
فالقانون الإداري ينبثق من مصادر رسمية وتفسيرية.
المقصود بالتشريع:
وهو النصوص التي تصدر عن السلطة التشريعية
- إما أمام أحكام دستورية.
- أو أحكام قانونية.
- أو أحكام ونصوص تنظيمية.
* فالسلطة التشريعية هي المؤهلة بإصدار النصوص التشريعية على اختلاف درجاتها.
الأحكام الدستورية :
هناك مجموعة من القوانين الإدارية مستمدة من الأحكام الدستورية مثلا :
دستور 1996 تعرض لكيفية عمل السلطة التنفيذية والمادة 15 من دستور 1996 نصت على الجماعات
المحلية(البلدية، الولاية) وكذلك تعرضت المواد 119 و 143 و 152 و 153 لعمل مجلس الدولة كهيئة محكمة الهيئة العليا يكون
مصدر للقانون الإداري.
كما تضمنت المادة 51 مبدأ تتحرك عليه وتقوم على أساس المرافق العامة أو الإدارات العمومية وهو “مبدأ التساوي في الترشح ” “ومبدأ التساوي في التوظيف ” وتعرض الدستور كذلك للنمط الإداري (المركزي واللامركزي) وتعرض الدستور كذلك “لمبدأ المساواة في الانتفاخ من المرافق العامة ” وتعرض كذلك إلى “مبدأ المشروعية” التي تقوم عليه كل تصرفات الإدارة والرقابة والوصاية الإدارية والشخصية المعنوية.
الأحكام القانونية أو النصوص القانونية:
هنا أعدة نصوص قانونية منها النصوص القانونية المتعلق بقانون الوظيف العمومي وتعرض القانون المدني في المادة 77 الشخصية المعنوية واكتسابها ومميزاتها وتعرض في المادة لقيود نزع الملكية وفي الماد ة 688 على حماية الأموال العامة (الأموال 08/ الإدارية) فلا يمكن الحجز عليها ولا يمكن اكتسابها بالتقادم ولا يمكن التنازل عليها والأمر رقم 90 24 المتعلق بالبلدية / المتعلق المعدل الأمر 6738 المتعلق بالولاية / 09 المتعلق المعدل للأمر 69 / قانون رقم 90 30 المعدل المتعلق بالأسلاك الوطنية / قانون رقم 9011 المعدل المتعلق بنزع الملكية من أجل المنفعة العمومية / قانون رقم 9103 المتعلقين بمجلس الدولة والمحاكم الإدارية / 02 و 98 / 01 و 98 / القوانين العضوية 98 ومن قبيل مصادر القانون الإداري الرسمية والصادرة من مجلة أو جرائد رسمية وم ن الهيئة المؤهلة فكل قاعدة قانونية هي من مصادر القانون الإداري والقاعدة القانونية هي تطبيق للقاعدة الدستورية.
الأحكام التنظيمية أو النصوص التنظيمية :
وهي التي تصدرها هيئات الإدارة العامة وتتمثل في القرارات الإدارية التنظيمية وتتخذ إحدى الصور التالية إما مرس وم رئاسي (المرسوم المتضمن إنشاء المجلس الأعلى 434 المتعلق بتنظيم / للشباب) أو المراسيم التنفيذية وهي الصادرة عن رئيس الحكومة (المرسوم التنفيذي 91 الصفقات العمومية)
والقرارات الوزارية التي يتخذها الوزير (كقرار وزير التعليم العالي المتضمن تنظيم امتحانات البكالوريا) وهذه القرارات تصدر بناءا على امتياز السلطة العامة.
القرار: هو ذلك التصرف القانوني الذي بمقتضاه تنشئ الإدارة مركز قانوني أو رتب مركز قانوني أو تعدله أو تلغي مركز قانوني ومن شروطه هي النفاذ ثاني مصدر مكتوب هو القضاء: ويعتبر من أهم المصادر الرسمية ا لمكتوبة للقانون الإداري بما وضعه من أحكام وساهم في إرساء نظريات وقواعد القانون الإداري في عدة مجالات منه ا: مجال المسؤولية الإدارية /العقود الإدارية / المرفق العام / الموظف العام / المال العام إلى غير ذلك ؛ وقد ساهم القضاء الإداري بدور متميز بخلاف القضاء العادي لكون القاضي الإداري مجتهد مبتدع للعلوم ويتجلى دوره في قضاء قرارات مجلس الدولة الفرنسي والمصري وقرارات مجلس الدول الجزائري بعد سنة 1998 وهما لاشك في أن القاضي الإداري ملزم بتطبيق القانون ومطالب بتفسير القانون تفسير الإرادة والظاهرة للطرفين وطالب بإيجاد حلول لحل المنازعات الإدارية.
القاضي الإداري ابتدع نظرية الموظف الفعلي حتى يحمي الآثار المترتبة عن التصرفات غير المشروعة.
المركز الإداري مركز الشخصية
الشخصية الموضوعية
- – فالقانون الإداري ابتدع الموظف التأديبي.
- – ابتدع وجوب سماع العامل في حالة الخطأ.
- – ابتدع كذلك القضاء الإداري أو بما تساوي الخطأ والعقوبة.
- فالقانون الإداري ربط بين المسؤولية والنشاط وضمانات الموظف التأديبية
نظرية المخاطر:أن يتم التعريف على أساس الخطر وليس على أساس الضرر حيث أن الخطأ كافي للشخص لكي يطالب بالتعويض ويحصل عليه.
- – معايير التمييز بين الخطأ الشخصي وبين الخطأ الموفقي.
- – القانون الإداري يجمع بين المحورين الأنجلوسكسوني واللاتيني فالقضاء هو مكتوب .
1/ العرف:
اعتبار الناس أو الدولة على إتيان تصرفات أو أفعال معينة والقيام بها لفترة زمنية طويلة غير متقطعة ليصبح هناك شعور بإلزاميتها وليصبح العرف كمصدر من مصادر القانون الإداري لابد أن يتوفر على ركنين الركن المادي (ركن الاعتماد)
الركن المعنوي
وهناك عدة أعراف إدارية أصبحت من قبل مصادر القانون الإداري وكل هذه الأعراف تتميز لا محالة بالعمومية والقدم والثبات والاستقرار والمشروعية والعدالة فإذا كانت العادة العرفية والتصرف بهاته الخصائص يصبح مصدر من مصادر القانون ولاسيما إذا كان ينطوي على روح الانسجام والموافقة مع النظام الإداري الكلية لأن فقهاء القانون الإداري يشترطون إلى حجية العرف بعد توافر ركنيه (المادي والمعنوي) 3 شروط أساسية هي:
- 1. أن يكون العرف ثابت ومستقرا.
- 2. أن لا يخالف القانون المكتوب (مشروعية العرف).
- 3. أن يكون يحتوي على الثبات والعدالة.
وهناك عدة أعراف أصبحت من قبيل المبادئ القانونية الإدارية منها:
- – عرف تأجيل تنفيذ بعض القرارات الإدارية.
- – الأعراف الإدارية المرتبطة بالمال العام حيازة حماية وتصرف.
2/ المصادر التفسيرية:
يساهم الفقه كمصدر تفسيري في مجال كبير في إرساء قواعد القانون الإداري : le doctrine الفقه بتفسيره لبعض الغموض ووضعه بعض النظريات التي حققت تجاوبا مع مستلزمات وحقيقة القانون الإداري ونظرا لخصائص القانون الإداري فإن الفقه الإداري والفقهاء الإداريين لعبوا دورا مهما في تحديد معايير القانون الإداري كما هو الحال بالنسبة للفقيه “ديروبادار” واضح و المرفق العام “ويجي” مؤسس والمرفق العام كذلك ، والدكتور سليمان الطماوي وطعيمة الجرف وثروت بدوي والدكتور أحمد محي وعمار عوابدي في القانون الإداري الجزائري وغيرهم من فقهاء و شراح القانون الإداري.
المبادئ العامة للقانون:تعتبر هذه الأخيرة مصدر للشرعية الإدارية لكونها مجموعة القواعد القانونية التي ترسخت في ضمير الأمة القانوني وتم اكتشافها واستنباطها بواسطة أحكام القضاء وهي تقوم على عدة أسس منها:
- 1. فكرة المواثيق و دبلجات الدساتير.
- 2. فكرة القانون الطبيعي وارتباطه بنظام الحريات والحقوق الفردية.
- 3. فكرة القضاء.
وهناك عدة مبادئ للقانون العام أصبحت من قبيل الأحكام الإدارية منها:
• مبدأ سيادة القانون.
• مبدأ المساواة أمام الضرائب.
• مبدأ المساواة للحقوق والتزامات أمام المرافق العامة.
• مبدأ حسن سير المرافق العامة.
• مبدأ حق الدفاع أمام اللجان التأديبية.
• مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية.
• مبدأ الأخذ بنظرية الضرورة.
وأصبحت هذه المبادئ وغيرها تشكل قواعد وأصول القانون الإداري.
المراجع
المقدمة
يعتبرالانتقام الفردي مرحلة القصاص الاولى التي ينال فيها المجني عليه حقه من الجاني وما ان نشأت الدولة حتى انتقل الانتقام من الفرد اليها واصبحت بذلك صاحبة الحق في الانتقام. استمر الحال على ماهو عليه حتى ظهر كتَاب ومصلحون يدعون الى هدم الاساس الانتقامي الذي يقوم عليه قانون العقوبات ومحاولة تأسيسه على الرحمة والانسانية . وهذا ما نادى به مونتسكيو في القرن الثامن عشر بكتابه روح القوانين من ان الغرض من قانون العقوبات هو كبح الاجرام لا الانتقام من المجرم .
وما ان نشأت المرحلة الحديثة او العلمية في ايطاليا حتى نادت بتغير الهدف ويعود اليها الفضل في الدعوة الى اتخاذ التدابير الاحترازية التي تهدف الى حماية المجتمع . تلتها حركة
الدفاع الاجتماعي فقامت ببناء سياسة جنائية تأخذ في اعتبارها حماية المجتمع واصلاح المذنب واصبح من الاسس التي تقوم عليها مدرسة الدفاع الاجتماعي ان وظيفة قانون العقوبات هي حماية المجتمع وصيانته من مضار السلوك الاجرامي لا معاقبة المخطئ فقط .
ولا فائدة من قانون دون ان يكون له جهة تسعى الى تطبيقه ، فكانت الجهة القضائية التي اتخذت اشكال متعددة على مراحل التاريخ المختلفة . واصبح اللجوء الى القضاء حق للافراد ضمنته القوانين المختلفة بغض النظرعن قربها او بعدها من العدالة . ولم يترك المشرع هذا الحق الاجرائي دون تدخل منه لتنظيمه .
فاذا كان قانون العقوبات يقرر ايقاع العقاب على من خالف قواعده وما يهدف اليه ، فان مرحلة اخرى تسبقه تبين الاجراءات الواجب اتباعها من قبل المدعي وما يجب ان تقوم به الجهة القضائية للوصول الى الحقيقة كما حصلت على ارض الواقع دون ان تترك للاهواء الشخصية والتحكمات دور في هذا المجال ويطلق على هذه القواعد قانون اصول المحاكمات الجزائية وضمنها قواعد الاثبات التي يلجأ اليها اطراف الدعوى كل فيما يتعلق به للوصول الى ما يبتغيه .
الطرف الاول المدعي وتضمن له هذه القواعد بما يسهل عليه حصوله على حقه او حق المجتمع فله اثبات ما يدعيه بما يشاء من الوسائل متى كانت مشروعة ولا تخرج عن موضوع الدعوى .
الطرف الثاني وهو المتهم حيث ان الاصل هو البراءة فيجب ان تحفظ له كافة حقوقه وحرياته اثناء المحاكمة وان يدفع كل دليل يقدم ضده والا فهو غير ملزم باثبات برائته.
الطرف الثالث هو القاضي الذي تضمن له هذه القواعد حريته الكاملة في اختيار ما يشاء من الادلة التي يبني عليها يقينه وقناعاته للوصول الى الحقيقة دون شك فيها .
يبدو من ذلك ان هناك قواعد ينبغي اتباعها من اطراف الدعوى قبل تطبيق قانون العقوبات من قبل المحكمة ، ولا يأتي دور قانون العقوبات الا بعد ان تتبين نتيجة الدعوى من خلال قواعد قانون اصول المحاكمات الجزائية . فقانون اصول المحاكمات هو المقدمة الضرورية والتي لابد منها لتطبيق قانون العقوبات . ومن هنا نخلص الى حقيقة مفادها ان نتيجة الدعوى تولد من رحم قانون اصول المحاكمات الجزائية ثم يتولى معالجتها قانون العقوبات ، اما بفرض العقوبة على الجاني اذا ثبت ما نسب اليه . او بالبراءة اذا لم يثبت بحقه شئ ، او بتطبيق اسباب الاباحة او عدم السؤولية .
اولا : انظمة الاثبات في التاريخ
يمكن تقسيم المراحل التي مرت بها انظمة الاثبات الى مرحلتين :
- الاولى : مرحلة ماقبل الثورة الفرنسية ويمكن تقسيمها الى ثلاثة مفاصل تارخية :
1- المرحلة البدائية او مرحلة الفطرة :
ذكرنا في المقدمة التلازم بين قانون العقوبات وقواعد الاثبات فحيث لا يوجد قانون ولا يوجد قضاء ينتفي بانتفائها وجود قواعد او نظام خاص بالاثبات . وحيث ينتفي وجود الثلاث في مرحلة الفطرة يبرز الثأر كهدف للاقتصاص من الجاني يمارسه المجني عليه ما استطاع الى ذلك سبيلا . لايمنعه عن ذلك الا ضعف قوته وعجزه ، ففي هذه المرحلة يعتمد الحق في وجوده على القوة ويدور معها وجودا وعدما فلا حق للضعيف بل هو محل الاعتداء دائما . يترتب على ذلك ان المجني عليه يستطيع ان يتهم شخصا لا لأنه هو المعتدي وانما لوجود خلافات او احقاد بينهما ويمكن القول ان مصدر الاثبات ربما يكون الاحساس بالشعور الداخلي .
ثم انتقل الثأر من الفرد الى القبيلة التي ينتمي اليها المعتدى عليه ، عندما اصبح الاعتداء على الشخص هو اعتداء على القبيلة التي ينتمي اليها ، فيكون من حق القبيلة الاخذ بالثأر من المعتدي ولا ينحصر الثأر في شخص المتعدي انما يتجاوزه الى كل افراد قبيلته . وهنا لايهم معرفة الجاني مما يترتب على ذلك عدم فائدة إعمال قواعد الاثبات .
2- مرحلة الدليل الالهي :
وهي المرحلة التي سادت فيها النظريات الالهية والتي ادت الى نشوء الدولة حسب رأي البعض الذي يكون فيها الحاكم مختارا من الله ليس لأحد مناقشته فلم يلتزم تجاههم باي التزام بل عليهم واجب الطاعة تبعا لطاعتهم لله ، ولذلك فالحاكم يقضي على من شاء بما شاء وكيفما شاء . ونتيجة ذلك هو ان العقائد الدينية دبت في النفوس واخذت مكانها في العقول واصبح القانون ليس الا ارادة الهية ينفذها من اختاره الله على شعب الله وعليه فالاحكام لا تصدر في هذه الفترة الا من قبل فئة معينة .
تم اللجوء في هذه الفترة الى وسائل للاثبات تتناسب والمعتقدات السائدة . منها مايسمى ( بالمحنة ) واساس هذه الفكرة ان الالهة سوف تتدخل لنصرة المظلوم واظهار الجاني . ومن الاعمال التي تمارس على المتهم لأظهار برائته او ادانته ان يُكلف بغمس يده في ماء مغلي فاذا
لم تصب بأذى كان ذلك دليلا على برائته والا فهو مذنب . او ان المتهم يحمل سيخا محميا من الحديد لمسافة معينة وبعد ذلك تفحص يده فاذا تبين انها اُصيبت بالورم فهو مذنب والا فهو برئ . كما يعتبر نظام المبارزة من تطبيقات التحكيم الغيبي حيث الحق مع المنتصر والى غيرها من الوسائل الاخرى .
لايمكن القول بوجود قواعد اثبات في هذه المرحلة . ولكن بظهور بوادر لقانون العقوبات كان لابد من ان يصاحبه ظهور قواعد الاثبات تتناسب معه . وبما ان القوانين مستمدة من الالهة فلابد ان يكون للالهة دور في اظهار الجاني حين يعجز الانسان عن كشفه ، فيتم اللجوء عندئذ الى نظام ( البشعة ) مثلا حيث ينقص المدعي الدليل فيبتكر المبشع طريقة لاظهار الجاني . كأن يحمي طاس من نحاس ثم يطلب من المتهم اي يلعقه بلسانة فاذا لم يحترق فهو برئ . واذا جاز لنا ان نطلق على القواعد المطبقة اسم قانون العقوبات جاز لنا في الوقت ذاته ان نطلق على نظام البشعة او المحنة بقواعد الاثبات التي تتناسب مع قواعد العقوبات في ذلك العصر .
ج – مرحلة الاثبات المقيد او مرحلة التحديد :
وتسمى مرحلة الدليل الانساني وفيها تتدخل ارادة المشرع بقوة لتحديد الادلة التي يجب على القاضي اتباعها . وحيث تتدخل ارادة الشارع بقوة تتراجع حرية القاضي الى ادنى مساحة لها ، ويصل المشرع في تدخله بان يحدد القوة القانونية للادلة وهنا لايبقى امام القاضي الا ان ينفذ ارادة الشارع وليس له ان يبني حكمه على غيرها .
لا تؤخذ قناعة القاضي في هذا النظام بنظر الاعتبار فمتى توافرت عناصر وشروط الادلة على القاضي ان يصدر حكمه حتى لوكانت قناعته في غير ذلك . كما هو الحال في اجراءات محكمة طوكيو التي انتقدها قضاتها وقالوا لو كانت هناك هيئة عليا لنقضت احكامهم لما تخللت المحاكمات من اخطاء منها ما تعلق بقواعد الاثبات .
هذه المرحلة جاءت كردة فعل على مرحلة اخرى اعطي فيها للقاضي الحرية الكاملة في اتباع ما يشاء الى الحد الذي يوصله الى التعسف والتحكم . وما محاكم التفتيش التي نشأت في اوربا الا دليلا على ذلك .
ظهرالاعتراف في هذه المرحلة باعتباره سيد الادلة وفي كثير من القضايا لايحكم الا بحصوله ، لذلك لجأوا الى التعذيب لانتزاع الاعتراف من المتهم ولا زال هذا المبدء مطبق في كثير من البلدان بغض النظر عن مناداتها بحقوق الانسان . فيتم اللجوء الى وسيلة التعذيب للحصول على الاعتراف في الدول المتأخرة في مجال حقوق الانسان كالدول العربية ، ويتم نفس الحال في الدول المتقدمة كأمريكا الا انه يتم على اراضي الغير ولغير الامريكين .فلا حقوق لغير الامريكيين ولا ارض مقدسة غير الارض الامريكية . وهذا ماكُشفت عنه السجون السرية ، وما كشفته الاستخبارات الامريكية نفسها مؤخرا .
نستخلص اهم ملامح هذه المرحلة وهي التالي :
– الشارع هو من يحدد الادلة التي يبني عليها القاضي قناعاته وليس له قبول سواها .
– لم يكتف المشرع بتحديد الدليل الواجب الاتباع بل يحدد القيمة القانونية له اذا ما توافرت فيه شروط معينة اما قناعة القاضي في الدليل فليست محل اعتبار عند الشارع طالما توافرت ادلة الادانة التي حددها .
– رفض الشارع للسلطة التقديرية للقاضي واستفراد الشارع بها .
هذه انظمة الاثبات التي سادت قبل الثورة الفرنسية ، على ان هذا القول لايعني عدم وجود آثار لها على مستوى التشريعات في الوقت الحاضروتتمثل بالاستثناءات التي ترد على مبدء الاقتناع القضائي (1 ) .
عيوب نظام الاثبات المقيد : (2)
1- ان عيوب هذا النظام كثيرة ومساوئها اكثر لان تقييد سلطة القاضي بأنواع من الادلة دون مراعاة اقتناعة فيما هو معروض امامه هو في الحقيقة اغفال لقناعته ، بل واكثر من ذلك ماهو الا احلال لقناعة المشرع محل قناعة القاضي .
2- الدليل يتعلق بواقع معين ويختلف من واقعة الى اخرى . واذا كان الامر كذلك فهذا من ضمن عمل القضاء لا عمل المشرع . وتحديد الشارع للادلة وتحديد قيمتها القانونية هو في الواقع تدخل في عملية الاثبات التي هي اصلا من عمل القضاء .
3- سلب اي دور للقاضي في عملية الاثبات الا من التأكد من توافر عناصر الدليل ولا عبرة لقناعته وهذا ما يجعل من القضاء وظيفة آلية ليس له ان يبحث عن دليل قناعته فيما ينظر فيه بل عليه ان يبحث عن دليل قناعة المشرع فيما هو ينظر فيه وفي ذلك سلب لحرية القاضي في الحركة .
4- ان هناك حدود لسطلة كل من الشارع والقاضي . فاذا كانت سلطة الشارع يحدها مبدء الشرعية الجنائية . فان مبدء الاصل براءة المتهم هو الذي يرسم حدود سلطة القاضي . وكما ان اعطاء القاضي سلطة التجريم والعقاب فيه تجاوز على سلطة المشرع حيث ليس للقاضي ان يجرم او يعاقب الا من جرمه وفرضت عقوبته من قبل الشارع . فكذلك ليس للشارع التدخل في البراءة والادانة لانها من اختصاص القضاء.
ويرى البعض انه بناء على هذه الانتقادات للقاضي ان يتبع كافة طرق الاثبات لبناء عقيدته دونما تدخل من المشرع . وهذا ما نصت عليه المادة ( 427 ) من قانون الاجراءات الجنائية الفرنسي ( تثبت الجرائم بكافة طرق الاثبات ، ويحكم القاضي تبعا لاقتناعه الخاص ).
الثانية : مرحلة ما بعد الثورة الفرنسية :
وفيها تحققت ثورة في اوربا في مجال الاثبات . نتج عنها نقل عبء الاثبات من المتهم الى سلطة الاتهام . اصبح المتهم بموجب هذه الثورة برئ اثناء سير اجراءات الدعوى ولا يعامل بغير ذلك الا بعد اكتمال الاجراءات وتوفر الادلة القاطعة على ادانته . ويرى الفقهاء ان هذا المبدء له علاقة بمبدء شرعية الجرائم والعقوبات . لأنه يُدخل الاثبات في اختصاص القضاء بينما مبدء الشرعية يرسم اختصاص المشرع . وتنقسم هذه الفترة الى قسمين :
1- المرحلة الوجدانية او مرحلة حرية الاقتناع :
وفيها يمنع المشرع ارادته من التدخل فتنطلق حرية القاضي في اختيار ما يراه مناسبا وعقلانيا من الادلة لتأسيس حكمه عليه وهنا تتجلى قناعة القاضي بأجلى صورها فهو يستعمل
جهده العقلي دون ان يكون مجبرا على الاعتماد على جهد غيره . فيكون المشرع في ظل هذا النظام قد ترك للقاضي حرية تقدير قيمة الدليل . اطلاق حرية القاضي لا يعني عدم خضوعه لأية ضوابط وقواعد تحدد له اسلوب البحث عن الدليل واسلوب عرضه فاذا ما خالف القاضي هذه القواعد يحظر عليه ان يستمد اقتناعه من الدليل المحظور (2 ) .
– مبدء اقتناع القاضي :
الاساس الذي يقوم عليه نظام الاثبات الحر هو اقتناع القاضي ونعني به ما يبذله القاضي من جهد ذهني اثناء العملية القضائية وصولا الى مبتغاه الذي يهدف اليه وهو اظهار الحقيقة ، والتي يصعب في بعض الاحيان اظهارها الا بالبحث والتحري عن الدليل الذي يثبتها ومواجهة من انكرها بثبوتها . فاذا ما وصل القاضي الى حالة استطاع بها تجميع كافة عناصر الواقعة ولم يبق لديه شك بأن ما وصل اليه لا تتعداه الحقيقة الكاملة فهنا يصل القاضي الى الاقتناع .
وحسب رأي الدكتور محمود مصطفى هو التقدير المسبب لعناصر الاثبات في الدعوى وهو البديل عن نظام الادلة القانونية . وما يعنيه اقتناع القاضي ان للدولة حق معاقبة المذنب لما ارتكبه من جرم ، او ليس من حق الدولة معاقبة المتهم لعدم ثبوت التهمة بحقه او لوجود الشك في انه ارتكب الجريمة ، لأن الشك يفسر لمصلحة المتهم .
– ماهية مبدء اقتناع القاضي :
صحيح ان على الادعاء العام ان يقدم الدليل الذي يثبت قيام المتهم بما نُسب اليه ، وللمتهم ان يفند ما قدمة الادعاء العام . ولكن ماهو دور القاضي هل هو دور سلبي ينحصر فقط في الموازنة بين الادلة المقدمة وتلك التي يفندها المتهم ام له دور آخر؟
وفق نظام الاثبات الاخير ان دور القاضي لم يعد دورا آليا كما كان في نظام الاثبات المقيد كذلك لم يكن دورا سلبيا وانما للقاضي دور ايجابي في ما يدور في الجلسة من ادلة للاثبات او النفي وما يتحراه هو من ادلة بحثا عن الحقيقة بما يراه مجديا من السبل التي تكشف الحقيقة . فله ان يبني عقيدته وقناعته على ما يراه ومن اي طريق يشاء لأن اهم عنصر يقوم عليه نظام الاثبات الحر هو اطلاق الادلة وعدم تقييد القاضي ببعضها ، فله ان يختار ما يشاء منها ويقدرها بحريته التامة .
حرية القاضي في الاقتناع لا يعني انها مطلقة فليس للقاضي ان يحل تخميناته او تصوراته الشخصية محل الدليل بل عليه ان يتبع الدليل ويبعد تصوراته الشخصية . على ان يكون تصرفه خاضعا للعقل والمنطق ويقوده الدليل الى النتيجة المنطقية التي رتبها ذلك الدليل . ولذلك تدخل المشرع حتى لايطلق العنان للقاضي بحيث يكون لتصوراته دخلا في النتيجة التي توصل اليها ، فاشترط ان يكون الدليل مشروعا وان يطرح في الجلسة حتى تتم مناقشته من الخصوم وان يكون واضحا غير مشوب بالغموض والابهام ، كما اوجب المشرع على القاضي ان يكون حكمه مسببا وهذه الشروط حدَت من حرية القاضي واعتبرت صمام الامان من انحراف القاضي عند ممارسته لواجبه والا كان القرار عرضة للطعن .
المذهب المختلط :
على ان هناك مذهب آخر هو مذهب الاثبات المختلط ويسلك طريقا وسطا بين المذهب التقييدي والمذهب الحر محاولا الجمع بين مميزات المذهبين متحاشيا سلبياتهما . فهو مع تحديد طرق الاثبات الا انه يمنح القاضي سلطة تقدير الادلة . فمثلا للقاضي ان يحكم بما اجمع عليه الشهود او ان يقضي خلافه وله سلطة تقدير القرائن .
اتجه الاسلام الى الاخذ بالمذهب المختلط كونه حدد طرق الاثبات وجعلها في ادلة معينة لكنه اطلق سلطة القاضي في تقديرها حتى لا تكون سلطتة آلية لا تأثير لها في تقدير الادلة فللقاضي ان يحكم بخلاف ما اجمع عليه الشهود اذا ظهر الحق او بنى اعتقاداته عن طريق اخر غير طريقهم . ومثالها ان القاضي لا يحكم بحد المرأة اذا شهد عليها اربعة – وهي الشهادة المقررة لاثبات جريمة الزنا – وظهر انها بكر.
واذا كان الاسلام قد اخذ بمبدء تقييد سلطة القاضي في الحدود واعطاه سلطة التقدير للادلة ، الا ان الاسلام في باب التعزير اخذ بمبدء حرية القاضي لاسباب منها كثرة هذا النوع من الجرائم اضافة لتقاربها واختلافها من مجتمع لاخر . فهي تختلف من مجتمع الى اخر وفق ظروف كل مجتمع من جهة ومن جهة اخرى تختلف حسب ظروف كل جريمة . ولذلك ترك للقاضي حرية اثبات التعازير بكافة وسائل الاثبات التي يستطيع ان يبني قناعته من خلالها خلافا لجرائم الحدود .
اخذ المشرع العراقي في قانون الاثبات بهذا الاتجاه حيث جاء في الاسباب الموجبة ان القانون حدد طرق الاثبات وترك للقاضي حرية تقديرها وفي اعمال ذهنه بما يوصله الى الحكم العادل . وبذلك يكون المشرع العراقي سلك الطريق الوسط بين نظامي الاثبات المطلق والاثبات المقيد (6 ) .
وللمذهب المختلط مميزات هي في الحقيقة تدعو الباحث الى الوقوف كثيرا عنده ودراسته دراسة مستفيضة فهو :
1- يجنب القاضي شرور الاهواء التي تأمر بها النفس الامارة بالسوء نتيجة التأثيرات الاخرى ، كما تجنبه تقييد الحرية الذي يقف لا حول له ولا قوة سوى تنفيذ ارادة المشرع مرتبا قناعاته على قناعات المشرع لا على ما عرض عليه من ادلة . وبذلك تجنب مساوئ النظامين السابقين من اطلاق في حرية القاضي وكأنه معصوم من الشك فيه ، او ان المشرع يفقد الثقة فيه الى الحد الذي يقيد حريته .
2- يعطي للقاضي سلطة تقدير القرائن واذا كانت تضيق في مجال الحدود الا ان هناك مجالا للحركة بها يستطيع القاضي تقدير الادلة كما في جريمة الزنا اضافة الى حريته الكاملة في التعازير .
3- لم يجز للقاضي العمل بعلمه الشخصي فيحمي اطراف الدعوى من هوى القاضي .
2- المرحلة العلمية :
الجريمة كأي ظاهرة شملها التقدم العلمي والتقني وقطع الجناة اشواطا بعيدة في اختراع الاساليب العلمية لارتكاب جرائمهم دون ان يتركوا لها اثرا يدل على مرتكبيها . واكثر من ذلك اصبح نتيجة التقدم التقني بأمكان الجاني تنفيذ جريمته وهو في بيته ، وتكون اشد خطرا من الجاني الذي يحمل سلاحه او يربط حزاما ناسفا في وسطه ليفجر نفسه في حشد من الابرياء ، حيث يستطيع الدخول بواسطة جهاز الكمبيوتر على شركة دواء مثلا ليغير في تركيبة دواء معين مما يتسبب عنه قتل الالاف . هذه التقنية الجديدة توجب ان تقابلها تقنية في الجانب الاخر وهو جانب القضاء لكشف الجناة .
الواقع الجديد فرض على القاضي قيودا جديدة اوجبت عليه الالتزام بها اذا اراد التماسا للعدالة . وحتى يتجنب الاساليب التقليدية التي لا تجدي نفعا في اثبات جريمة ارتكبت بوسائل علمية جديدة ، كان عليه ان يشرك المشرع لتعزيز قناعته .
من جانب اخر اخذ العلم دوره في اكتشاف اساليب وطرق فنية لكشف هذه الجرائم ونسبتها الى فاعلها . وهنا يلعب الخبير دورا رئيسيا في الاثبات فيستطيع الخبير ادراك ما لا يدركه القاضي بحسب تخصص كل منهما . فيستطيع الطبيب وعن طريق تشريح الجثة مثلا ان يقف على اسباب الوفاة او ساعة حدوثها وهذا ما لا يستطيع القاضي ادراكه لانه خارج عن ثقافته وخبرته القانونية كذلك مضاهاة الخطوط لاكتشاف جريمة التزوير . فهذه وغيرها من الامور لا يستطيع القاضي ان يبني قناعته على فهمه الخاص وانما يتطلب الامر منه وكشفا للحقيقة التي هي مراده ان ينتدب اليها خبيرا ومما يتوصل اليه الخبير يستطيع القاضي بناء قناعته.
يرى فيريFerri ان اعمال الخبرة تؤدي الى قرائن قاطعة وتصبح الوسائل العلمية هي الاساس في الكشف عن الجرائم التي اخفتها الوسائل العلمية المضادة . ويرى ان الوسائل العلمية لا يقتصر دورها على كشف الجريمة وتحديد مرتكبها بل يتعدى ذلك لمعرفة اسباب ارتكابها ، ولذلك فهو يدعو الى ضرورة الالتجاء لها باعتبارها خير وسيلة للمحقق والقاضي على حد سواء (3 ) .
وهناك من يرى ان هذه المرحلة لم تؤت ثمارها بعد وستظهر نتائجها في المستقبل ( 4 )
ثانيا : تعريف الاثبات
الاثبات لغة اصله : ثبت الشئ ثباتا وثبوتا فهو ثابت ، واثبته ، وثبتَه .
وقبل التطرق الى تعريفه اصطلاحا علينا ان نفرق بين نوعين من الاثبات : الاثبات المدني فقد عرفه السنهوري بأنه ( اقامة الدليل امام القضاء بالطرق القانونية التي حددها القانون على وجود واقعة قانونية ترتبت اثارها ) (8 ) .
اما الاثبات الجنائي فعرفه البعض على انه ( اقامة الدليل امام القضاء بالطرق التي حددها على صحة واقعة قانونية يدعيها احد طرفي الخصومة وينكرها الطرف الاخر ) (9 ).
ولم تعرف التشريعات الاثبات بنوعيه وان خصصت لكل منهما حقلا خاصا في التشريع لاختلافهما وتظهر صور الاختلاف بينهما في التالي(5 ) :
- 1- وسائل الاثبات المدني تهيأ قبل النزاع وقبل البدء في اقامة الدعوى ، فنفس الوسائل التي يتم على اساسها اثبات الحق تعتمد كوسائل للاثبات . لان في التعامل المدني المطلوب اثبات ذلك التعامل كما في حالة الدين فالمتعاملين يثبتون تعاملهم عن طريق الكتابة . الا ان هذه الوسيلة قابلة لاثبات العكس .
اما في المجال الجنائي فتبدأ بعد رفع الدعوى فالجاني يحاول اخفاء كل اثر يدل على فعله او نسبته اليه . الامر الذي يستدعي اجراء التحقيق والتوسع فيه للوصول الى ادلة تثبت قيام الجاني بفعله المتهم به وذهبت المدارس الى اتجاهات مختلفة في الاثبات كما رأينا.
- 2- في الاثبات المدني تكون ادلة الاثبات مقيدة في حين كونها غير ذلك في الاثبات الجنائي . وبهذا تثبت حرية القاضي في بناء قناعته في المجال الجنائي .
- 3- الاثبات في المجال المدني ينظمه في الغالب قانون قائم بذاته في حين ان الاثبات في المجال الجنائي يدخل ضمن قانون اصول المحاكمات الجنائية .
واستطيع ان اطرح التعريف التالي للاثبات الجنائي واراه مستكملا لعناصر الاثبات وهو : ما يقدمه الخصوم من دليل مشروع ويعتمده القضاء لاثبات واقعة معينة .
يتضح من هذا التعريف المختصر للاثبات ان له معاني ثلاثة :
- 1- العملية المشروعة التي يقوم بها المدعي امام القضاء لأثبات ان اعتداء ما حصل على مصلحة او حق يحميه القانون عن طريق اقامة الدليل .
- 2- ما يستطيع بواسطته المدعي من اقناع القاضي بان هناك واقعة حصلت .
- 3- خلاصة ما وصل اليه المدعي من اقناع القاضي بتعلق حقه في واقعة معينه .
على ان مجال الاثبات لا يقتصر على اقامة الدليل امام القاضي بل يتسع ليشمل سلطات التحقيق والاستدلال . ومن يحاول الاثبات هو من يحاول كشف الحقيقة التي يريد اظهارها عن طريق القضاء وعن طريق اتخاذ الاجراءات التي رسمتها الخصومة الجنائية .
ثالثا : القواعد الاصولية للاثبات
الاصل الاول : براءة المتهم
امر شاذ ان يرتكب الفرد جريمة لذا فالاصل هو البراءة حتى يثبت عكس ذلك . ولا يقتصر هذا الاصل على الجانب الجنائي بل يشمل المدني ايضا . فهو ينص على براءة الذمة من الحقوق كما براءة الجسد مما يقع عليه من عقوبة . اساس هذه القاعدة ( اليقين لا يزال بالشك ) . يترتب على هذه القاعدة ان من غير المقبول ان يدان شخص بناء على توجيه الاتهام اليه من المدعي .
اهم ما يمتاز به مبدء الاصل البراءة هو:
- 1- نقل عبء الاثبات من عاتق المتهم الى الاتهام ، وينبني على هذا ان المتهم لا يكلف بأثبات برائته وانما له ان ينكر ما نُسب اليه وليس عليه اقامة الدليل فيما انكر .
- 2- ضمان حقوقه وحرياته امام القضاء اثناء سير المرافعة . الا ان حماية المجتمع توجب اتخاذ بعض الاجراءات ضد المتهم والتي تمس حريته . وفي هذه الحالة يجب ان يتم التوازن بين هذه الاجراءات وبين المبدء العام القائل ببراءة المتهم وهذا ما يطلق عليه المشروعية الاجرائية .
وبذلك يحقق المبدء هدفين :
- كونه ضمان للانسان .
- مانع للسلطة من الركون الى هواها والسقوط في هاوية الظلم والاستبداد .
الاصل الثاني : مشروعية اجراءات جمع الادلة
يفترض ان كل ما صدر من تدابير او ما اتخذ من اجراءات او قرارات يكون صادرا بنحو سليم ومتفق مع القانون . ولكن هذه الافتراض يمكن اثبات عكسه فمن يدعي ان اجراء اتخذ خلاف القانون فعليه يقع عبء الاثبات ، فاذا نجح فيما ادعاه سقط الاجراء ، اما اذا اخفق بقيت المشروعية ملازمة للاجراء وهذا يهدف الى امرين :
- 1- حماية المتهم بحفظ كافة حقوقه اثناء سير الدعوى ، بما فيها حقه في تفنيد كافة الادلة المجهة ضده .
- 2- منع القاضي من التعسف والتحكم وعدم الابتعاد قليلا او كثيرا عن القانون في الركون الى دليل غير شرعي لبناء قناعته.
الاصل الثالث :مبدءحرية الاثبات
لا يقيد القاضي بأدلة معينة بل له الحرية في اختيار ما يشاء لبناء قناعته وهذا موقف الشارع في كثير من الدول العربية . فقد اخذ بذلك المشرع العراقي في المادة 213 من قانون اصول المحاكمات الجزائية (7 ) ، كما اخذ به المشرع السوري في المادة 175 من قانون اصول المحاكمات الجوائية التي نصت على ان ( تقام البينة في الجنايات والجنح و المخالفات بجميع طرق الاثبات . والى هذا ذهبت مجلة الاجراءات الجزائية التونسية بموجب القانون 23 لسنة 1968 حيث نصت في المادة 150( يمكن اثبات الجرائم باية وسيلة من وسائل الاثبات ما لم ينص القانون على خلاف ذلك ، ويقضي الحاكم حسب وجدانه الخالص ) .
على ان وجدان القاضي الخالص لا يكفي كضمانة لتقييد هواه ، فاذا كان الاصل حرية القاضي فيجب وضع استثناءات لهذا الاصل لأن القاضي قد ينطق بعض الاحيان عن الهوى مما دعى بعض التشريعات الى ترتيب قيود على اصل حرية القاضي فمثلا قالت بعض التشريعات على القاضي وجوب التقيد بطريقة معينة في الاثبات اذا نص عليها القانون وهذا ما ذهبت اليه المادة 175 من قانون اصول المحاكمات السوري ( اذا نص القانون على طريقة معينة للاثبات وجب التقيد بهذه الطريقة ) . كما لو اشترط القانون اثبات جرائم معينة بادلة بعينها كحالة اثبات الزنا على شريك الزانية او ما يثبت من الرسائل والوثائق الاخرى التي كتبها الغاوي في جريمة الاغواء.
انتهى البحث الاول
المراجع :
1- شرح قانون الاجراءات الجنائية ، محمود نجيب حسين ، دار النهضة العربية ، القاهرة ، الطبعة الثالثة ، مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي 1998 .
2- المرجع السابق .
3- شرح قانون الاجراءات الجنائية ، عدلي عبد الباقي ، البعة الاولى ، القاهرة ، دار النشر للجامعات المصرية 1953 .
4- الوجيز في اصول المحاكمات الجزائية ، محمد فاضل ، ج1 ، مطبعة جامعة دمشق 1961.
5- د . الهادي ابو حمرة ، توزيع وظائف الدولة كآلية لحماية الحريات : القانون الجنائي نموذجا ، مقالة على الانترنت .
6- كوثر احمد خالند ، الاثبات الجنائي بالوسائل العلمية ، دراسة تحليلية ، الطبعة الاولى 2007 .
7- كوثر المصدر السابق .
8 – سلطة القاضي الجنائي في تقدير ادلة الاثبات بين الشريعة والقانون ،عبد الله بن صالح ، الرياض ،1423 هه .
——————————————-
تمت إعادة النشر بواسطة محاماة نت.
اترك تعليقاً