القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم
تمت إعادة النشر بواسطة محاماه نت
الأصل في نظام التحكيم هو الاتفاق على مبدأ التحكيم واختياره سببا لحل منازعات التجارة الدولية، وأول مهمة يجدر بالمحكم أو القاضي القيام بها هي التحقق من وجود اتفاق التحكيم وأن يحدد القانون الواجب التطبيق عليه للتأكد من صحته، وإذا قام المحكم بتولي مهمة الفصل في النزاع بطريق التحكيم وأصدر قرارا أو حكما فلا يمكن تنفيذه لعدم وجود اتفاق التحكيم أو لصدوره بناء على اتفاق تحكيم غير صحيح، وتجمع تشريعات العالم[1] على هذا الموقف وكذلك مختلف الاتفاقيات الدولية ذات الصلة وأنظمة الهيئات الدولية للتحكيم الدولي. لا بد إذا من معرفة القانون الواجب التطبيق للتحقق من وجود اتفاق التحكيم[2].
القانون الواجب التطبيق على اتفاق التحكيم
كقاعدة عامة لا يختلف اتفاق التحكيم عن غيره من العقود ذات الطابع الدولي إذ تخضع في تشريعات مختلف الدول لقاعدة سلطان الإرادة. وقد تبنى المشرع المصري هذه القاعدة صراحة في المادة (19) من القانون المدني التي تخضع العقود للقانون الذي يتفق عليه الأطراف أو تتجه إرادتهم إلى تطبيقه. وإلا طبق قانون محل إبرام العقد. وهذا لا يلزم المحكم سواء وقع التحكيم في مصر أو في الخارج. فجلوس المحكم للتحكيم في مصر لا يعني تقيده بقواعد الإسناد المقررة في القانون المصري لأن المحكم على خلاف القاضي ليس له قانون اختصاص.
وإذا جلس للتحكيم في الخارج فهو لا يتقيد بقواعد الإسناد المقررة في القانون المصري حتى لو اتفق الأطراف على تطبيق القانون المصري فهو لا يتقيد إلا بإرادة الأطراف. وبالتالي فلا يتصور تطبيق المحكم قواعد الإسناد المقررة في القانون المصري إلا إذا اتفق الأطراف على ذلك، أما مجرد الاتفاق على تطبيق القانون المصري فيعني القواعد الموضوعية في هذا القانون دون قواعد الإسناد.
والإرادة لا زالت قاعدة مستقرة في القانون الدولي الخاص، ويقوم عليها أصلا نظام التحكيم ككل وليس اتفاق التحكيم فحسب. والأصل هو سلطان الإرادة وعند تخلف الإرادة يعتد بقانون مكان التحكيم، ويراعى أن الفصل في هذه المسألة يمكن أن يتولاها محكم، كما يمكن أن تثار لدى القاضي وذلك قبل الفصل في النزاع أو بعد صدور حكم التحكيم، وعند تقديم الحكم لتنفيذه حسب المساطر المقررة.
وغالبا ما يثار التساؤل عن مدى صحة اتفاق التحكيم بمناسبة عدم رغبة أحد الأطراف في اللجوء للتحكيم، ورغبته في حل النزاع بطريق مغاير. فيثير الشك في وجود اتفاق التحكيم. فالتحكيم يقوم أصلا على إرادة الأطراف، فإذا لم توجد هذه الإرادة أو لم تصح فلا يمكن إجبارهم على الخضوع للتحكيم. وعند تخلف الإرادة يعتد بقانون مكان التحكيم وهذا باستثناء على الأصل إذ يستحيل إلزام الأطراف بتحكيم لم يتفقوا على الالتجاء إليه.
على أنه يحدث في بعض الحالات إثارة التساؤل بشأن صحة اتفاق التحكيم نظرا لعدم توافر الشروط المطلوبة لذلك في قانون داخلي أو قانون آخر كاشتراط كتابة شرط التحكيم أو تحديد مكانه أو أسماء المحكمين أو ما إلى ذلك من شروط تختلف من قانون لآخر.
ولكل ما تقدم فإنه في موضوع التحكيم الدولي الخاص تخضع صحة اتفاق التحكيم لقانون مكان التحكيم كما حدده الأطراف أو كما يحدده نظام التحكيم الذي أحال إليه الأطراف وذلك في حالة عدم وجود إرادة للأطراف[3].
[1] – ومنها التشريع المغربي بحيث أن الفقرة 1 من الفصل 26/327 من ق.م.م المعدل في تعداده لحالات الطعن ببطلان أحكام تنص على: “إذا صدر الحكم التحكيمي في غياب اتفاق التحكيم باطلا…”
[2] – د. إبراهيم أحمد إبراهيم، القانون الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 63.
[3] – د. إبراهيم أحمد إبراهيم، التحكيم الدولي الخاص، مرجع سابق، ص 64-68.
اترك تعليقاً