_ أولاً : نوعا الاكراه : ” اكراه مادي _ اكراه معنوي ” :
_ فالاكراه المادي هو الذي تنعدم فيه ارادة الشخص كلية ومثاله من يمسك بيد آخر ويجبره على التوقيع على محرر مزور أو على شيك بدون رصيد ومن يدفع شخصاً على طفل أو كهل فيجرحه أو يقتله ولا يسأل المكره في هذه الأحوال عن جرائم التزوير أو اصدار شيك بدون رصيد أو الجرح أو القتل لانعدام ارادته .
_ أما الاكراه المعنوي فلا تنعدم فيه ارادة الشخص بل تفتقر فحسب الى الحرية كمن يهدد آخر بانزال الأذى به اذا لم يرتكب جريمة سرقة أو زنا .
_ ثانياً : الشروط الواجب توافرها في الاكراه لكي تمتنع به المسؤولية :
ينبغي أن يتوافر في الاكراه الشروط التالية :
1- أن يكون صادراً عن انسان .
وفي هذا يتميز الاكراه بنوعيه المادي والمعنوي عن بعض الظروف الآخرى التي تؤثر على ارادة الشخص وتنفي مسؤوليته كالقوة القاهرة ، ولئن كان كلاهما يتحدان في الأثر المانع من المسؤولية فهما مختلفان من حيث طبيعة المصدر ، فمصدر الاكراه هو دائماً فعل انسان أما مصدر القوة القاهرة فهو فعل الطبيعة كفيضان أو زلزال أو رياح عاصفة . وقد يتمثل مصدر القوة القاهرة في فعل حيوان كجموع دابة ، بل قد يتمثل في المرض الذي يلم بالانسان او فيما اعتراه من نعاس . واذا ارتكب الشخص جريمة مدفوعاً بتأثير القوة القاهرة فانه لا يسأل جنائياً .كما يختلف الاكراه أيضاً عما يسمى بالحادث الفجائي ويكمن الفارق بينهما في أن الحادث الفجائي لا يجرد الشخص من الارادة بل من الخطأ حيث لا ينسب اليه رغم ارتكابه الجريمة أى خطأ سواء كان عمدياً أو غير عمدياً . ومثاله الشخص الذي يقود سيارته ملتزماً بقواعد المرور فاذا بشخص أرعن يعبر الطريق فجأة في غير الأماكن المخصصة لعبور المشاة غير ملتزم بأدنى قواعد التبصر والانتباه فيصدمه بسيارته ويقتله ، فمثل هذا السائق تمتنع مسؤوليته الجنائية للحادث الفجائي المتمثل في خطأ الغير .
2- أن يكون سبب الاكراه غير متوقع .
فاذا كان الاكراه متوقعاً لا تنتفي مسؤولية الجاني وهذه مسألة موضوعية يستخلصها قاضي الموضوع بحسب ظروف كل حالة .
3- أن يكون مستحيلاً على الجاني دفع سبب الاكراه .
وهو شرط منطقي باعتبار أن الاكراه بعدم الارادة ، فاذا كان ممكناً دفعه يمتنع الزعم بانعدام هذه الارادة فلا يمكن لشاب قوي البنية أن يحتج بالاكراه الواقع عليه من قبل طفل أو غلام ضعيف البنية محدود القدرات . وقد أجملت محكمة النقض المصرية شرطي عدم توقع سبب الاكراه واستحالة دفعه بقولها أنه يشترط لتوافر الحادث القهري ألا يكون للجاني يد في حصول الضرر أو في قدرته على منعه. وتطبيقاً لذلك فان استحالة دفع سبب الاكراه تتحقق فيما لو احتجز الشخص المطلوب لكي يدلي بشهادته أمام القضاء من قبل مجموعة من الرجال الأشداء ، فلا يسأل عن جريمة الامتناع عن الادلاء بالشهادة ، ولكن هذه الاستحالة لا تتوافر على العكس فيما لو حالت صعوبة المواصلات عن الذهاب الى المحكمة اذ يسأل جنائياً بحسب الأصل .
اترك تعليقاً