جريمة القرصنة البحرية
عرفت جريمة القرصنة البحرية : بانها الافعال التي تقع في مكان لايخضع للاختصاص الاقليمي لاية دولة ويتمثل في اعمال العنف او السلب بشرط ان يتعلق بهجوم في البحر . وقد اعتمد هذا التعريف في اتفاقية جنيف لاعالي البحار في 29 / نيسان / 1958 التي دخلت حيز التنفيذ عام 1962 .
وقد اتفق المشرعون في القانون الدولي العام بان القرصنة هي اي عمل غير قانوني من اعمال العنف والاحتجاز او اي عمل اخر من اعمال الحرمان او التجريد يرتكبه اشخاص لغايات شخصية ضد ركاب السفينة او الممتلكات التي على متن تلك السفينة في اعالي البحار اما الفقهاء في التشريع الدولي فقد عرفوها على انها : الاعتداء المسلح على سفينة في اعالي البحار يقوم بها اشخاص غير مصرح لهم بذلك بغرض الحصول على مكاسب باغتصاب السفن او البضائع او الاشخاص ،
وعرفها فقهاء اخرون على انها عمل اجرامي يتصف بالعنف والجسامة ويتعدى اثاره الى الغير بحيث يكون مصحوبا بتعريض مبدا حرية الملاحة البحرية للخطر ،
بناء على هذه التعاريف فيجب لتحقق جريمة القرصة البحرية توافر ثلاثة عناصر اساسية هي : وجرد سفينة على متنها مجموعة من الاشخاص يرتكبون اعمال عنف غير قانونية ، وان يكون العنف موجها ضد جميع السفن المبحرة من دون تفرقة ، كما يجب ان ترتكب اعمال العنف في عرض البحر . وبالرجوع إلي قواعد وأحكام القانون الدولي البحري نجد أن جريمة القرصنة هي جريمة دولية يعتبر مرتكبها مجرما ضد الإنسانية يستحق المحاكمة والعقاب ويخضع للاختصاص القضائي الدولي ،
وقد ورد تعريف القرصنة في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار لعام 1982في المادة 101 : بأنها أي عمل غير قانوني من أعمال العنف أو الاحتجاز أو أي عمل سلب يرتكب لأغراض خاصة من قبل طاقم أو ركاب سفينة خاصة أو طائرة خاصة, ويكون موجها في أعالي البحار, ضد سفينة أو طائرة أخرى, أو ضد أشخاص أو ممتلكات على ظهر تلك السفينة أو على متن تلك الطائرة, أو ضد سفينة أو طائرة أو أشخاص أو ممتلكات في مكان يقع خارج ولاية أية دولة ، أما المادة 105 من الاتفاقية ذاتها ،
فقد تضمنت النص الخاص بمبدأ الاختصاص العالمي لمحاكمة مرتكبي جرائم القرصنة البحرية والذي فيها : يجوز لكل دولة في أعالي البحار, أو في أي مكان آخر خارج ولاية أية دولة, أن تضبط أية سفينة أو طائرة قرصنة, أو أية سفينة أو طائرة أخذت بطريق القرصنة وكانت واقعة تحت سيطرة القراصنة, وأن تقبض على من فيها من الأشخاص وتضبط ما فيها من الممتلكات. ولمحاكم الدولة التي قامت بعملية الضبط أن تقرر ما يفرض من العقوبات, كما أن لها أن تحدد الإجراء الذي يتخذ بشأن السفن أو الطائرات أو الممتلكات, مع مراعاة حقوق الغير من المتصرفين بحسن نية. وهذان الاختصاصان يشملان : حق الملاحقة وحق القبض وحق الاعتقال وحق محاكمة وتوقيع العقوبة على مرتكب جرائم القرصنة البحرية, سواء في أعالي البحار ام في البحر الإقليمي وفي عرض المياه الممتدة على طول امتداد سواحل الدول التي تجتازها سفن وقوارب القراصنة.
اما بالنسبة لقواعد القانون الدولي العام التي تضمنتها معاهدة عام 1988 الخاصة بالأعمال غير المشروعة التي يتم اقترافها في البحار ، فقد اعتبرت جريمة القرصنة البحرية التي ترتكبها العصابات الدولية ضد السفن في أعالي البحار وفي المياه الإقليمية للدولة جريمة دولية يجب مكافحتها وملاحقة مرتكبيها والقبض عليهم وتقديمهم للمحاكمات الجنائية وإصدار العقوبات ضد مرتكبيها ، وهناك ايضا المعاهدات الدولية المتعلقة بسلامة النقل البحري للركاب والبضائع التي تنقلها السفن التجارية عبر البحار والمتعلقة بالمحافظة على الأمن البحري والبروتوكولات واللوائح الخاصة بالسلامة البحرية والبحث والإنقاذ في البحار ، وكذلك الاتفاقيات الدولية والثنائية المبرمة بين الدول بشأن تجريم أعمال الإرهاب الدولية ومحاكمة مرتكبيها ومعاقبتهم, وذلك باعتبار أن جريمة القرصنة البحرية عمل من أعمال الإرهاب.
وقد تضمنت التشريعات والقوانين البحرية الإقليمية والوطنية وقوانين العقوبات التي تصدرها الدول قواعد تجرم أعمال القرصنة البحرية لاسيما التي ترتكب في المياه الإقليمية التابعة للاختصاص القضائي الوطني والمحلي للدول التي توجه ضمن سفن تلك الدول وتشمل الاستيلاء على هذه السفن وسلب محتوياتها والاستيلاء على البضائع التي تحملها السفن التجارية وتطالب العصابات بدفع دية مالية مقابل الإفراج عنها وإلا استمر حجزها وما تحمله من أشخاص وتجارة ثم تدميرها إذا لم تتم الاستجابة لمطالب القراصنة مرتكبي هذه الجرائم, وهذه التشريعات والقوانين تمنح السلطات القضائية المحلية حق القبض والاعتقال والمحاكمة والمعاقبة لمرتكبي جرائم القرصنة البحرية ومشاركيهم في أراضي الدولة المعتدي عليها وأمام محاكمها الوطنية القضائية.وقد جاء ميثاق المحكمة الجنائية الدولية في روما بقواعد تضمنت توصيف الأعمال غير المشروعة التي تنطبق في أحد أنواعها على جريمة القرصنة البحرية.
وتاكيدا لكل هذه القواعد المتعلقة بجريمة القرصنة البحرية فقد اصدر مجلس الأمن بتاريخ2/ كانون الاول عام 2008 قراره الثالث برقم1846 الذي جدد فيه تفويضه للدولة في استخدام القوة المسلحة ضد القراصنة الذين يخطفون السفن التجارية قبالة الساحل الصومالي, وذلك بموافقة الحكومة الانتقالية على دخول المياه الإقليمية للصومال لمطاردة ومهاجمة القراصنة مع احترام نصوص القانون الدولي المتعلقة بالأعمال في عرض البحر. وتنفيذا لهذا القرار قامت دول الاتحاد الأوروبي بالشروع في عملية جوية وبحرية أمام الساحل الصومالي اعتبارا من يوم 8 من كانون الاول من العام نفسه بمشاركة ست سفن حربية وطائرات مراقبة للسواحل البحرية الصومالية التي تشن منها القراصنة هجومها على السفن التجارية.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً