جرائم التهديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي
القاضي عماد عبد الله
شهدت السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا في وسائل التواصل الاجتماعي حيث اصبح عموم الناس لديهم مواقع مختلفة على شبكات الانترنيت بفعل اجهزة الموبايل والحاسوب الحديثة وانخفاض تكلفة الانترنيت الذي قد يكون في بعض الاحيان مجانا وإزاء ذلك نجد ان مواقع التواصل الاجتماعي ومنها الفيس بوك واليوتيوب…الخ أصبحت مواقع افتراضية يلتقي من خلالها الاشخاص من كافة دول العالم يتبادلون المعلومات والآراء.
ومثلما للانترنت فائدة كبيرة في تبادل الخبرات من خلال الاطلاع على ثقافات الشعوب المختلفة فانه من الناحية الأخرى شهد الجانب السيئ منه وهو استعمال تلك المواقع لابتزاز المواطنين او التشهير بهم او تهديدهم او التحريض على الجرائم المختلفة واصبح المواطن في خطر كبير من تلك الجرائم التي تقع من اشخاص مجهولين استغلوا تلك المواقع لارتكاب جرائمهم والتي هي في كثير من الاحيان تستعمل للتهديد بغية الحصول على منافع مادية او معنوية وقد شهدت المحاكم في السنوات الاخيرة الكثير من تلك الجرائم التي وصلت في بعض الاحيان الى قتل الضحية من قبل ذويها للخلاص من العار الذي لحق بذوي الضحية نتيجة مقاطع فيديو او صور تعود للمجنى عليه استطاع الجاني الحصول عليها عبر وسائل مختلفة مستغلا غباء المجنى عليه احيانا او مستعملا لوسائل القرصنة على الانترنيت عبر سحب ملفات المجنى عليه الشخصية وبثها عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
ونظرا لغياب التشريعات القانونية التي تشدد العقوبات على تلك الجرائم المعلوماتية التي هي من الجرائم المستحدثة وسمة من سمات العصر الحديث ومنها جريمة التهديد عبر الانترنيت التي تعتبر ذات طبيعة خاصة تختلف عن جرائم التهديد العادية من ناحية طريقة ارتكابها من خلال اجهزة الاتصال الحديثة التي يكون الفاعل فيها على قدر عال من العلمية باستخدام تلك الوسائل التي تجعله مجهولا للاخرين مما يشكل خطرا كبيرا على المجتمع حيث لا يمكن الوصول اليه في كثير من الاحيان مما يسهل له ارتكاب الجريمة وابتزاز الناس والتشهير بهم.
وبالرغم من تطويع القضاء العراقي للنصوص العقابية الخاصة بجرائم التهديد او التشهير وعكسها على هذه الجريمة المستحدثة من خلال نصوص المواد القانونية (430 -432) و (433-434 -435 -438) عقوبات الا ان هذا الامر غير كاف حيث ان بعض تلك العقوبات بسيطة لا تتناسب والخطورة الاجرامية لمرتكبها التي في بعض الاحيان تودي تلك الأفعال الى قتل المجنى عليه من قبل ذويه اتقاءً للعار الذي يعتقدون انه لحق بهم نتيجة ذلك مما يكون معه الجاني في هذه الحالة سبب في جريمة القتل ان لم يكن محرضا عليها.وازاء كل ما تقدم نجد انه من الضروري تدخل المشرع العراقي لتشريع قانون مكافحة الجرائم المعلوماتية المختلفة ومنها جريمة التهديد عبر الانترنيت التي هي من جرائم العصر التكنولوجي المتطور.
اترك تعليقاً