شروط وإجراءات التقاط المكالمات في القانون المغربي
التنصت إجراء استثنائي يمارسه قاضي التحقيق أو الوكيل العام للملك وفق شكليات محددة
عرف العالم في السنوات الأخيرة ثورة وتطورا كبيرين في الإجرام، إذ تطورت الأساليب المستعملة من قبل المجرمين، ما فرض على الأجهزة الأمنية نهج أساليب جديدة في الوصول إلى المتهمين، والتي يدخل من بينها اللجوء إلى تقنية التنصت أو التقاط المكالمات عن بعد .
ولأن المغرب لم يكن بمنأى عن هذه الثورة فقد كان لزاما مسايرة هذا التطور، ومن تم فقد فتح المشرع المغربي الباب أمام إمكانية التنصت على المكالمات، إذ خصص بابا كاملا هو الباب الخامس من القسم الأول من قانون 22.01 المتعلق بقانون المسطرة الجنائية وكذا بموجب التعديل الذي أًدخل عليها بمقتضى قانون 03.03 المتعلق بمكافحة الإرهاب.
وبالرجوع إلى الفقرة الأولى من المادة 108 من قانون المسطرة الجنائية نجدها تنص على أنه يمنع التقاط المكالمات الهاتفية أو الاتصالات المنجزة بوسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها.
وتاتي الفقرة الثانية من المادة نفسها لتتحدث عن الاستثناء حينما اعتبرت أنه يمكن لقاضي التحقيق، إذا اقتضت ضرورة البحث ذلك، أن يأمر كتابة بالتقاط المكالمات الهاتفية وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة وسائل الاتصال عن بعد وتسجيلها وأخذ نسخ منها أو حجزها.
وبالتالي فإن الأصل هو منع التقاط المكالمات الهاتفية، أو الاتصالات المنجزة عن بعد أو تسجيلها أو أخذ نسخ منها أو حجزها، وأن الاستثناء هو الترخيص به من أجل كشف جرائم حددها المشرع على سبيل الحصر. ويتعلق الأمر بالجرائم الماسة بأمن الدولة، والجريمة الإرهابية، أو التي تتعلق بالعصابات الإجرامية، أو بالقتل أو بالتسميم أو بالاختطاف وأخذ الرهائن، أو بتزييف النقود أو سندات القرض العام، أو بالمخدرات والمؤثرات العقلية، أو بالأسلحة و الذخيرة و المتفجرات، أو بحماية الصحة.
فمن خوله المشرع حق الأمر بالتنصت ؟ وما هي الشكليات والشروط الواجب توفرها حتى يكون هذا الإجراء سليما؟ وقبل ذلك ما هي الجرائم التي يحق التنصت على أصحابها؟
من خلال قراءة المادة 108 كذلك نجد أن المشرع أعطى لقاضي التحقيق والوكيل العام للملك حق الأمر بالتنصت، وإن كان ذلك بشكل متفاوت، إذ أن الأصل في منح هذه السلطة لقاضي التحقيق وللوكيل العام للملك.
وهكذا فيمكن لقاضي التحقيق أن يصدر الأمر المباشر المكتوب بالتقاط المكالمات الهاتفية، وكافة الاتصالات المنجزة بواسطة الاتصال عن بعد، وتسجيلها، وأخذ نسخ منها، أو حجزها، وينفذ أمر قاضي التحقيق مباشرة دون قيد.
أما الوكيل العام للملك فقد قيد المشرع صلاحيته بإلزامه بتقديم ملتمس للرئيس الأول لمحكمة الاستثناء، وذلك في حالة الاستعجال القصوى ومخافة اندثار أدلة الإثبات، غير أن المشرع قيد هذه الصلاحية الممنوحة للوكيل العام للملك بضرورة إشعار الرئيس الأول خلال 24 ساعة بالأمر الصادر عنه، ويصدر الرئيس الأول خلال 24 ساعة مقرر بتأييد أو تعديل أو إلغاء قرار الوكيل العام للملك، فإن ألغي لا يعد به ولا يقبل مقرر الإلغاء أي طعن.
وقيد المشرع المغربي كلا من قاضي التحقيق والوكيل العام للملك بمجموعة من الإجراءات حتى يكون التنصت قانونيا، إذ يشترط في الأمر الصادر عنهما بإجراء التنصت، أن يكون مكتوبا وأن يتضمن كل العناصر التي تعرف بالمكالمة الهاتفية أو المراسلة المراد التقاطها، وذكر الجريمة التي تبرر ذلك، والمدة التي تتم خلالها العملية التي لا يجوز أن تتجاوز أربعة أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة. ويتم التقاطه من طرف أحد أعوان مستخدمي المؤسسة تابعة لوصاية الوزارة المكلفة بالاتصالات والمراسلات.
وبعد ذلك تقوم السلطة القضائية المكلفة بالتحقيق أو الشرطة القضائية المكلفة من طرفها، بتحرير محضر للعمليات التي تم انجازها بهذا الشأن، بذكر تاريخ البداية، وتاريخ النهاية، وتوضع في غلاف مختوم، تم تقوم بتدوين محتويات الأشغال المفيدة لإظهار الحقيقة وذات الصلة بالجريمة، ويضاف إلى ملف القضية، و يمكن الاستعانة بأهل الخبرة وترجمانا، يؤديان اليمين، ويعفى من اليمين إن كان مسجلا بجدول التراجمة المقبولين.
اترك تعليقاً