دراسة قانونية وبحث في دسترة الأمازيغية ورهان الاستجابة للإرادة العامة للشعب
أحمد زاهد ؛عضو لجنة البيان الأمازيغي
الإرادة العامة للشعب، هي السلطة السياسية الأصلية، ومرجع كل السلطات الأخرى، لذا فإنه من اللازم أن تعكس هذه الإرادة أية ممارسة سياسية في بلاد ما، وإلا ستكون أمام نظام سياسي، خارج منطق الديمقراطية الحديثة.
فاحترام إرادة الشعب في مجتمع يتوخى دولة الحق والقانون أمر واجب، إلا أن الإرادة التي نتوخاها هنا تنطلق من مفهوم نظري مجرد؛ وتنتهي إلى تجليات مطلبية ملموسة، وهذا ينسجم تماما مع موضوع دسترة الأمازيغية.
من الناحية النظرية لكي يكون دستور بلد ما مشروعا من اللازم أن يعبر عن الإرادة العامة للشعب، وهذا ما أكده الفكر القانوني منذ مونتسكيو، بل هو محك الديمقراطية عند كل الأمم، غير أن الذي أود إيصاله هو أن الإرادة العامة للشعب ليست هي فقط تلك الاستشارات الشعبية في بعض القضايا التي تعني الوطن، بل تعني احترام الإرادة بمفهومها العميق، والتي تمتد إلى الاحترام الثقافي والفكري والحضاري للشعب؛ فالدستور الذي لا يعكس هذه الإرادة في عمقها وامتدادها الحضاري لا تليق به الأوصاف الديمقراطية، تستحضرني شهادة للفقيه هنري محنا متياس تشرح هذه الإرادة بوضوح إذ يقول:” لكي يكون دستور الدولة صادقا يجب أن يعبر عن الإرادة والروح العامة للشعب أي عن إحساسه بالقيمة (أعني بالقيمة الأخلاقية والدينية والفنية والثقافية والاقتصادية) كذلك يجب أن يعبر عن المزاج النفسي للناس وعن تقاليدهم وطموحاتهم المستقبلية” من هنا نقول أن الدستور المغربي لم يعبر يوما عن الروح العامة للشعب المغربي ولا عن قيمته الحضارية العريقة، ولا عن المزاج النفسي للمغاربة كونه لم يقر بدسترة الأمازيغية، التي هي الثابت في بناء الشخصية المغربية ولسان حال أغلبية المغاربة.
غياب الأمازيغية في ديباجة الدستور، التي تقدم المغرب على أنه دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، لغتها الرسمية هي اللغة العربية، وفي نفس الآن دولة افريقية، وأيضا جزء من المغرب العربي، يخلق لدا من يهمه الأمر حالة من التيه الفكري بخصوص الاٍنتماء المغربي، بين دولة ذات عمق أمازيغي مسكوت عنه وانتماء عربي مصطنع وامتداد إفريقي مهمش.
هذه العملية تمت في تغييب تام لما يسميه أزيكو بالأسئلة المحرجة من قبيل ما هي المعطيات التاريخية التي تميزنا كشعب؟ ما هي المكونات الحضارية التي تربطنا بماضينا؟ ما هو المجال الجغرافي والحضاري الأقرب إلينا ؟ ما هو الأصلي والمستورد في بناء الشخصية المغربية…في الوقت الذي كانت فيه الإجابة عن هذه التساؤلات الجسر نحو تحديد هويتنا وانتماءنا وبالتالي وضع مسطرة أولويات للهوية يجسدها الدستور والنظام العام للدولة.
المواطن المغربي يعيش حالات من الضياع بين هذه المفارقات الكبرى، دون أن يهتدي إلى معرفة ذاته التي تشعره بالاٍنتماء الصحيح وبالتالي الاستقرار. فالمواطن المغربي يعيش أزمة وعي بمفهوم الاٍنتماء، مما يولد لديه شخصية هشة، تتفاعل مع انتماءات وهمية شرقية أو غربية دون الأصلية، لتتولد عنه أزمة “تامغرابيت” أي الافتخار بالاٍنتماء لبلدنا المغرب، لتصبح الدولة في أخر المطاف تعطي دروسا في التربية على المواطنة دون التوجه إلى جوهر المشكل الذي هو الاٍعتراف بالثوابت الحقيقية للمجتمع المغربي. هذا الوضع نبه إليه أيضا المفكر علي صدقي أزيكو في مقال يعود إلى دجنبر 1968 نشرته صوت الجنوب إذ يقول “أصبح التعلق بالشرق شديدا إلى حد العمى عند عدد كبير من المغاربة.بينما تعلق البعض الأخر بالغرب وبين هذه وتلك ضاع وطننا المسكين أو بعبارة أخرى فقد المغرب المرتبة الأولى التي يمتاز بها الوطن في قلوب أبنائه”.
المغاربة- كما قلت في مقال سابق- يعيش على أمل هجرتين واحدة روحية نحو الشرق وأخرى جسدية نحو الغرب دون التفكير في الارتباط بالوطن العريق.
الأشياء التي لا تشبه صاحبها حرام، فالدستور المغربي للمغاربة إلا أنه لا يعكس المغاربة في لغتهم وفي عاداتهم وتقاليدهم لذا لكي يكون لدينا دستور صادق، كان لزاما إدراج الأمازيغية فيه.
إن الدولة غالبا ما تستوجب متطلبات، سكان دائمون، وأرض محددة المعالم فالسكان الدائمون والأصليون للمغرب هم إيمازيغن بفعل الدليل العلمي المحض والمعالم المميزة للمغرب عن الشعوب والحضارات الأخرى.
فتمازيغت وإيمازيغن هم ماهية وجوهر المملكة المغربية، بل حتى النظام الملكي يجد جذوره في الممالك الأمازيغية القديمة؛ إلا أنه رغم هذا وذاك لا يعكس الدستور المغربي هذه الحمولات الفكرية والتاريخية ذات الدلالات العميقة.
الإرادة العامة للشعب لها تجليات ذات طابع ملموس تعكسها ممارسات وأفعال موثقة. بالإطلاع عليها يتأكد أن مطلب دسترة المازيغية قناعة سكنت قاعدة جماهيرية واسعة وحتى لا يكون كلامنا معلق على فراغ نورد بعض مظاهر هذا المطلب:
يان : على مستوى الأفراد:
دائرة المغاربة الذين اقتنعوا بفكرة دسترة الأمازيغية كثيرون جدا، لذا فإني سأضيق هذه الدائرة بالاٍكتفاء بشهادات لبعض رجالات القانون للعلاقة القائمة بينهم والفقه الدستوري وسأقتصر على سبعة نماذج:
1 – أحمد ابدرين: يقول “إن عدم تنصيص الدستور صراحة على اللغة الأمازيغية، يشجع على تهميشها ويؤدي إلى سلوكات، تخلق ضجة لا مبرر لها”
(كتاب الديمقراطية وحقوق الإنسان، كيف نريدها وكيف نحميها)
2- أحمد الدغرني: يقول ” إن الإقرار الدستوري للأمازيغية، يدمج عناصر المغرب المتساكنة في خط مشترك، وهذا ما سيفند المزاعم التي تروجها الأوساط الاٍنتهازية والعنصرية، التي تحذر من الاٍستجابة للمطالب والحقوق اللغوية الأمازيغية تحت ستار الحفاظ على الوحدة”
(كتاب الأمازيغية والتعديلات الدستورية).
3 – عبد اللطيف أكنوش: يقول “إن مطالب دسترة الأمازيغية ليس مطلب اثنيا أو عرقيا، ولكنه مطلب سياسي ديمقراطي، يرمي أساسا لإزالة كل أنواع الاٍحتكار الاٍقتصادي والحيف في توزيع السلطة السياسية والرمزية والمادية عموما “(كتاب من أجل الاعتراف الدستوري بالأمازيغية).
4 – عبد الصادقي بومدين: يقول ” المغرب بلد إسلامي، لغته الرسمية هي العربية والأمازيغية لغة وطنية…ماذا يخسر المغرب عندما يحدد نفسه بالدستور كما في الحقيقة”
(مقال: التعديلات الدستورية، وضرورة تمديد الهوية الوطنية للمغرب، جريدة المنعطف).
5 – الصافي مومن علي: يقول”إن الدستور عندما أقصى الأمازيغية، أي اللغة الأصلية لشعبنا فإنه يكون قد انتهك بشكل صريح الحق الطبيعي لشعبنا في البقاء على الحياة، باعتبار أن حياته تكمن في هذه اللغة”
(كتاب من أجل الاٍعتراف الدستوري بالأمازيغية).
6 – أحمد أرحموش، “إن أي مصالحة مع ذاكرة الشعب وهويته والاٍعتراف به لن تكون سوى عبر خيار واحد لا ثاني له هو وجود إدارة وشجاعة سياسية لإقرار الأمازيغية لغة رسمية للبلاد بجانب اللغة العربية، وهذا الرأي تتقاسمه بامتياز جميع الهيئات المدنية الأمازيغية،
(مقال لماذا ترسيم الأمازيغية جريدة الأخبار المغربية).
7 – أحمد زاهد:” إن مطلب الاعتراف الدستوري بالهوية الأمازيغية مطلب ديمقراطي ونضالي، سوف يبقى قائما وملحا تتجدد أسئلته كما تتجدد الحديث عن المواطنة والدستور والحق والقانون والديمقراطية (تمكيت عدد 1 ص 19).
سين: على مستوى الجمعيات الثقافية الأمازيغية:
نستطيع أن نجزم القول أن حوالي 200 جمعية ثقافية مهتمة باللغة والثقافة الأمازيغيتين، جعلت من أولوياتها الدفاع عن مطلب دسترة اللغة الأمازيغية، إلا أني سأكتفي بالاٍستدلال بثلاث نماذج محددة هم الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، ومنظمة تامينوت، ثم الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة، باعتبارها جمعيات وطنية، لها فروع.
الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي:
ظل مطلب دسترة الأمازيغية إحدى القناعات الأولى للجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، وللتحسيس بأهمية هذا المطلب نظمت الجمعية يوم 22 ماي 96 وبمقرها المركزي، ندوة في موضوع: الأمازيغية والإصلاحات الدستورية كما دعا فرع الدار البيضاء بتاريخ 4 يوليوز 2001 إلى ندوة صحفية، لإبراز أهمية الحماية القانونية للأمازيغية، إلا أنه للآسف امتدت أيادي المنع لهذه الندوة، لتظهر بعد ذلك في شكل كتيب يحمل عنوان ” من أجل الاٍعتراف الدستوري بالأمازيغية “ضمن منشورات الجمعية.
كما أن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي أصدرت بيانا على هامش المؤتمر 34 للفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان المنعقد بالدار البيضاء يناير 2001، يشير إلى الحيف الذي تعاني منه الأمازيغية دستوريا ومما جاء فيه ” نسجل على المستوى التشريعي، أن الأمازيغية مازالت رغم مكانتها وعمق تجذرها في المغرب لا تجد اعترافا دستوريا ، حيث لا يعترف الدستور بالبعد الأمازيغي للهوية المغربية كما لا ينص على أية وضعية قانونية للغة الأمازيغية والتي على إثرها أصدرت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان توصية لصالح الأمازيغية، هذه التوصية التي أكدت أن نموذج الدولة الوطنية التي ظهرت في أوروبا، ساهمت في إقصاء اللغات والثقافات، مما حال دون حصولها على وضعية رسمية ووطنية في الدول المعنية، لذا ارتأت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان، أن تخصص توصية للاٍعتراف والحماية الدستورية للغة الأمازيغية، حتى يتم ضمان إدماجها في مجالات التعليم العمومي والإعلام والاٍتصال والإدارة والعدالة، والدفع بالناطقين بالأمازيغية إلى الإسهام في مسلسل التنمية ودعم الديمقراطية.
إن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي استطاعت بفضل مكتبها المركزي وفروعها الخمسة عشر ومنخرطيها أن تؤسس لعدة نصوص ووثائق تؤسس لمبدأ دسترة الأمازيغية.
منظمة تامينوت:
بالعودة إلى وثائق منظمة تامينوت نجد أن مطلب دسترة الأمازيغية، هو أحد النقاط المركزية، في مشروعها النضالي وهذا ما يتضح بجلاء من خلال لسان حال المنظمة “تاسفوت” التي نقدم بعض افتتاحياتها مع بعض الشهادات:
– إن تغيب النص للبعد الأمازيغي للهوية الثقافية والحضارية للمغرب…
– وعدم الاعتراف دستوريا بالحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية هو موقف تهميش وإنكار في ظرف يستلزم العكس (افتتاحية عدد 06).
– بدل أن يتم التعبير عن التحول بالاٍعتراف الدستوري بالأمازيغية بكل أبعادها، ظلت سياسة التهميش والاقصاء هي السياسة الوحيدة الممارسة اتجاهها.
– المغرب مقبل على ظهور دستور جديد يجب أن يراعي في صياغته هذا المطلب الديمقراطي بإدراج الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية إلى جانب العربية ويعبر حقيقة عن دولة الحق والقانون (افتتتاحية عدد 16).
– كما أن منظمة تامينوت صاغت وثيقة تقدم فيها تصورها لدسترة المازيغية في ظل عودة النقاش الدستوري الذي عرفه المغرب، بناءا على أربع خطوات ضرورية هي:
الأولى: ضرورة تدقيق الخطاب المطلبي وتوضيحه للرأي العام الوطني والدولي سواء على مستوى وسائل الإعلام أو في التجمعات الإشعاعية والتعبوية وذلك بتوضيح مفهوم اللغة الرسمية مع التذكير بالبعد الأمازيغي في الهوية الوطنية الذي ينبغي أن تتضمنه ديباجة الدستور، وتدقيق الصياغة المقترحة للتعديل الدستوري القادم.
الثانية: ضرورة النضال من أجل أن ينص الدستور الديمقراطي الذي ننشده على التمييز الإيجابي لصالح الأمازيغية كإجراء مرحلي من أجل تصحيح وضع ناجم عن سنوات من التهميش والإبادة اللغوية والثقافية.
الثالثة: ضرورة التنظيم والتأطير داخل تكتل يوحد الجهود والرؤى ويخلق القوة المطلوبة للحركة الأمازيغية بمختلف مكوناتها من جمعيات ثقافية وفعاليات إضافة إلى الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة، وذلك بهدف وضع إستراتجية نضالية تحدد الخطط العملية والوسائل الكفيلة بدعم المطلب الدستوري والضغط لتحقيقه.
الرابعة: تنظيم ملتقى وطني من أجل دسترة الأمازيغية كلغة رسمية.
ومن نافل القول أن تحقيق هذه الخطوة النضالية الجبارة والضرورية، يقتضي تجاوز الصراعات الداخلية والحساسيات الناتجة عن احباطات سابقة، وكذا كل الحسابات الضيقة، وجعل معركة الاٍعتراف الدستوري موضوع نضال يومي وهدفا مرحليا ساميا.
كما نظمت تماينوت أيضا سلسلة من الندوات موجهة أساسا إلى ترسيم الأمازيغية في الدستور أخرها هي الندوة الوطنية الثانية التي نظمت يوم السبت 1 يوليوز 2006 للتعريف بأهمية هذا المطلب المركزي في استراتجيتها و قد جاء البيان الختامي للتحسيس الوطني لتامنيوت طالب بجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد في دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا وتفعيل اللجنة الوطنية من أجل دسترة وترسيم اللغة الأمازيغية. للإشارة فإن تامنيوت منظمة وطنية تأسست 16 أكتوبر 1978 وهي منظمة غير حكومية معتمدة لدى المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع لهيئة الأمم المتحدة، ثلاثين عاما موزعة على كامل التراب الوطني، أي أنها ذات إمتدادات جماهيرية تستوجب الاٍحترام فيما تطالب به.
الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة
تأسست الشبكة من أجل المواطنة بموجب مؤتمر تأسيسي يومي 6 و 7 يوليوز 2002 وقد جعلت من أولوياتها الأولى إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية في الدستور وهومطلب وارد في قانونها الأساسي:
– إقرار اللغة الأمازيغية لغة رسمية في دستور ديمقراطي ولتحقيق هذا المطلب، أصدرت الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة أيضا مذكرة مطلبية تروم الملائمة واستئصال كافة النصوص المكرسة للتمييز ضد الأمازيغية إلى هيئة الاٍنصاف والمصالحة في 3 يونيو 2004، تذكر فيه أن التنصيص في ديباجة الدستور على كون اللغة العربية الوحيدة الرسمية فيه تهميش وإقصاء للغة الأمازيغية لغة أغلبية الشعب المغربي رغم أن دسترة الأمازيغية مطلب ملح للحركة الجمعوية الأمازيغية، لما يزيد لعقد من الزمان، المذكرة اختتمت بتوصيات منها:
ضرورة إقرار الأمازيغية لغة رسمية بالدستور المغربي.
قامت بإصدار عدة بيانات وندوات للتحسيس بأهمية هذا المطلب وأصدرت مذكرة أسمتها مذكرة الشبكة من أجل المواطنة حول تغيير الدستور، إسهاما منها في بلورة رؤية شاملة وعميقة حول الدستور المنتظر، ولعل ما يميز هذه المذكرة أنها طرحت أسئلة تدخل في ما أسميناها سابقا بالأسئلة المحرجة، ووقفت عند المحطات الدستورية الكبرى (92,72,70,62,1908) والتي اختلفت في الأزمنة والتقت في طمس الهوية الأمازيغية للمغرب والمغاربة، لتنتهي المذكرة إلى أن أي مطلب دستوري ديمقراطي من وجهة نظر الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة يجب أن يعتمد الأحكام العامة والمبادئ الأساسية التالية:
• أولا: اعتماد الديمقراطية كأساس لنظام الحكم يضمن السيادة للشعب باعتباره مصدر السلطة.
• ثانيا: اعتماد العلمانية بفصل الدين عن الدولة وفي تسيير شؤونها.
• ثالثا: اعتماد نظام الحكومات والبرلمانات الفيدرالية.
• رابعا: اعتماد التعددية الحزبية والتنوع اللغوي والثقافي.
• خامسا: منع الدعوة للطائفية والعرقية والعنصرية.
• سادسا: اعتماد اللغة الأمازيغية لغة رسمية وتدريسها لكافة المغاربة وجميع الأسلاك.
• سابعا : ملاءمة الدستور والقوانين الوطنية مع ما تنص عليه المواثيق الدولية لحقوق الإنسان واعتبار هذه الأخيرة أسمى على التشريع الوطني.
• ثامنا: تبني نظام الاقتراع المباشر في دورتين في كل الهيآت المنتخبة.
• تاسعا : إقرار المساواة بين الأمازيغية والعربية وفي الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والواجبات بين الرجل والمرأة. ومنع أي تمييز سواء بسبب الجنس واللغة أو الانتماء أو الدين…
كما أن فروع الشبكة الأمازيغية عملت من أجل دسترة الأمازيغية كما تشهد بذلك بياناتها وتوصياتها .
• فرع تاغجيجت :توصية ترسيم الأمازيغية على هامش مائدة مستديرة في موضوع الأبرتايد بالمغرب 19 مارس 2006.
• فرع تيمولاي: توصية ترسيم الأمازيغية على هامش يوم تحسيسي لفائدة الأمازيغية يوم 12 مارس 2006.
• كما أن نساء أزطا وهو تنظيم نسوي موازي بدوره ظل وفيا في أنشطته لهذا المطلب الحيوي، فبمناسبة اليوم العالمي لمناهضة التمييز العنصري، نظمت ندوة فكرية توجت بتوصيات على رأسها دسترة الأمازيغية.
كراض :على مستوى المجلس الوطني للتنسيق:
هو إطار للتنسيق بين الجمعيات الثقافية الأمازيغية وأسلوب العمل المشترك لخدمة اللغة والثقافة الأمازيغيتين. أسس سنة1994 المجلس الوطني للتنسيق. اشتغلت في إطاره أكثر من 38 جمعية، وفق نظام وشروط محددين حددهما نظام المجلس في المادة السابعة والتي جاء فيها ” يتم قبول أو رفض طلبات انضمام الجمعيات الجديدة بعد دراسة ملفاتها التي يتعين أن تحتوي على التصريح القانوني وطلب الانضمام ونسخة من القانون الأساسي الذي يتضمن كون الجمعية مهتمة باللغة والثقافة الأمازيغيتين وتكون قد برهنت على عملها في هذا الإطار.
شكلت الدورة الاٍستثنائية للمجلس الوطني للتنسيق والمنعقدة بمدينة فاس يوم 25 ماي 1996 بمقر جمعية فزاز بداية فعلية للنضال على واجهة دسترة الأمازيغية لدا النسيج الجمعوي الأمازيغي، فقد أصدرت الجمعيات المنظمة للمجلس الوطني بلاغا تخبر فيه الرأي العام الوطني والدولي بعزمها على تنظيم ندوة صحفية بمدينة الرباط يوم 22 يونيو 1996 حول موضوع “دسترة الأمازيغية ضمن التعديلات الدستورية المقبلة”.
كما جددت في البلاغ ذاته مطالبتها بإدراج الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية في دستور المغرب تلتها ندوة حسان وعدة أنشطة أخرى تصب في اتجاه النضال من أجل إدراج الأمازيغية في الدستور منها ما اتجه في شكل عمودي نحو المجتمع وإشراك الطبقات الشعبية للعمل من أجل هذا المطلب، وذلك عن طريق تعميم عريضة للمطالبة بدسترة الأمازيغية نشرت على صفحات دورية أمزداي التي كان يصدرها المجلس الوطني. وزعتها الجمعيات في البوادي والقرى، تقدم لنا مجلة “المغربية في عددها 5 شهادة حول مدى تجاوب الفئات المجتمعية مع هذه العريضة”
مما جاء فيها ” هذه العريضة وقعها نواب برلمانيون، ورؤساء جماعات محلية ومثقفون وطلبة وعمال ورجال ونساء من مختلف المهن وقطاعات المجتمع”.
منها ما اتجه نحو الملك مباشرة، بحيث وجهت 18 جمعية في المجلس الوطني للتنسيق مذكرة إلى الديوان الملكي في موضوع تعديل الدستور في يونيو 1996 تقترح فيها على الحسن الثاني ثلاث تعديلات على مشروع الدستور المرتقب وهي:
أن يتضمن مشروع الدستور في تصديره، التنصيص على الأمازيغية والتركيز على الأبعاد الثلاث للهوية المغربية وذلك وفق الصياغة التالية :
“المملكة المغربية دولة إسلامية، لغتها الأمازيغية والعربية، هويتها ترتكز على مكونات ثلاثة الإسلام، الأمازيغية، والعربية”.
ثانيا: أن ينص على انتماء المغرب إلى شمال إفريقيا وسعيه إلى دعم وحدة شعوب هذه المنطقة اعتمادا على روابطه البشرية والتاريخية والحضارية.
ثالثا: أن يقر مشروع الدستور في بابه الأول الخاص بالمبادئ الأساسية بالمساواة بين اللغتين الأمازيغية والعربية متساويتان لدى كافة المغاربة.
إلا أنه للأسف على الرغم من عمق هذه المقترحات، وإسهامها في تقوية البعد الوطني، لدى المغاربة إلا أنه لم يفكر في ترجمتها إلى أرض الواقع في دستور 13 شتمبر 1996 فجاء غريبا عن الشعب المغربي على الرغم مما حمله من تعابير الديمقراطية وحقوق الإنسان كما هي متعارف عليه دوليا.
المجلس الوطني للتنسيق عقد إجتماعا بمقر جمعية تامينوت بدرب كسوس لمناقشة مشروع الدستور، وبعد مشاورات فيما بينها صدر بيانا تاريخيا وقعته 22 جمعية ثقافية أمازيغية، اعتبرت فيه مشروع دستور 13 سبتمبر 1996 لا يعبر عن مطامح الجمعيات الثقافية الأمازيغية في رفع التهميش بالمغرب.
قبل الانتقال إلى مستوى أخر فإنه من اللازم التشديد على الدور المركزي لميثاق أكادير في إذكاء الوعي بإدراج الأمازيغية في الدستور فقد طالبت في 5 غشت 1991 ست جمعيات ثقافية أمازيغية بإقرار الدستور المغربي بكون اللغة الأمازيغية لغة وطنية إلى جانب اللغة العربية وهم:
– الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي
– الجامعة الصيفية
– جمعية غريس تيللي حاليا
– تامنيوت
– اٍلماس
– الجمعية الثقافية لسوس.
ولعل قيمة ميثاق أكادير تكمن في كونه من الإشارات الأولى لإقرار اللغة الأمازيغية في الدستور.
كوز:على مستوى الاٍتحاد الوطني لطلبة المغرب
ظلت الجامعة المغربية على امتداد فترة تاريخية طويلة مرتعا خصبا لخطابات متعددة، من شرقية ذات نزوعات قومية أو أصولية أو ذات امتدادات ماركسية لينينية…
إلا انه في بداية التسعينات سيظهر مكون طلابي جديد يحمل اسم “الحركة الثقافية الأمازيغية سيعلن عن انطلاقته الرسمية في الموسم الجامعي 1993 و 1994 من الحي الجامعي، محمد الأول بوجدة ، كمكون جديد للاتحاد الوطني لطلبة المغرب بناءا على مبادئ الاٍستقلالية ،الديمقراطية ،الجماهيرية والتقدمية، وقد جاء هذا الاعلان بعد أن لاحظ طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية التعامل الفلكلوري مع الأمازيغية، من طرف ما يعرف بفصائل الاٍتحاد الوطني لطلبة المغرب.
التفت الجماهير الطلابية حول هذا المولود الجامعي الجديد فقد وجدت فيه ذاتها وعمقها التاريخي، ليشمل قاعدة جماهيرية واسعة تشمل مئات الآلاف من الطلبة يعملون في تنسيقية وطنية تضم ثلاثة عشر موقع جامعي.
بالاٍطلاع على أدبيات الحركة الثقافية الأمازيغية بالجامعة المغربية نجد أن هم دسترة الأمازيغية كان حاضرا لديها ويكفي أن نشير إلى بعض البيانات الصادرة من مواقع مختلفة والتي يحضر فيها مطلب دسترة الأمازيغية.
– بيان الحركة الثقافية الأمازيغية موقع وجدة الصادر على هامش الندوة المنظمة أيام 8، 9، 10، فبراير 96، تحت شعار من أجل ترسيخ فعل ثقافي داخل الجامعة المغربية، والذي طالبت فيه الجماهير الطلابية بدسترة الأمازيغية، وإدراجها في جميع المؤسسات.
– بيان الحركة الثقافية الأمازيغية موقع أكادير، الصادرة على هامش الأيام الثقافية المنظمة بجامعة ابن زهر بتاريخ 22 فبراير 2000، والذي كان المطلب الأول منه، الاٍعتراف بالأمازيغية كلغة وطنية ورسمية في الدستور المغربي-
– بيان الحركة الثقافية الأمازيغية موقع طنجة، والذي يطالب فيه طلبة جامعة عبد المالك السعدي، بجعل اللغة الأمازيغية لغة رسمية ووطنية إلى جانب اللغة العربية، صدر البيان على هامش الأيام التي نظمها موقع طنجة يومي 15 و 16 فبراير 1996.
– بيان الحركة الثقافية الأمازيغية موقع فاس الصادر في 18 أبريل 1996على هامش الذكرى 16 للربيع الأمازيغي والذي دعت فيه طلبة جامعة محمد بن عبد الله إلى جعل الأمازيغية لغة رسمية ووطنية إلى جانب العربية…إلخ.
– بيان الحركة الثقافية الأمازيغية موقع الرباط فقد أصدرت بيانا على هامش ندوة الأمازيغية والرهان الدستوري يوم 16 /12/2004 تؤكد ضرورة إدراج الأمازيغية في الدستور المغربي.
التنسيقية الوطنية بدورها وفي كل لقاءاتها الوطنية تؤكد انخراطها في النضال من أجل مطلب دسترة الأمازيغية، واستعدادها للدخول في معارك جماهيرية لاقتناعها بهذا المبدأ.
– الاٍتحاد الوطني لطلبة المغرب، كان أيضا منتدى نقاش واسع فتحه طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية ساهم بشكل كبير للتحسيس بأهمية مطلب دسترة الأمازيغية وإنتاج مادة فكرية لصالح هذا المطلب ويكفي أن نشير إلى أن أول مؤلف حول دسترة الأمازيغية وهو “كتاب الأمازيغية والتعديلات الدستورية” لصاحبه أحمد الدغرني كان وليد نقاش في إطار أيام ثقافية نظمتها الحركة الثقافية، بموقع وجدة في فبراير 96 وهو ما يصرح به المؤلف نفسه.
دون أن نغفل أيضا البيانات التي تصدرها الحركة الثقافية الأمازيغية على هامش تظاهرات فاتح ماي وبيانات الحركة التلاميذية بالمغرب على مستوى التنسيقيات والكنفدرالية الجهوية.
لم يستطيع المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الثقافية الأمازيغية استيعاب النسيج الجمعوي الأمازيغي لاتساع رفعته العددية، فبدأ العمل ابتداءا من 1997 في شكل تكتلات جهوية تعمل لخدمة اللغة والثقافة الأمازيغيتين في مكان تواجدها بما في ذلك مطلب دسترة الأمازيغية.
لا بأس أن نقدم بعض النماذج:
– تنسيقية أميافا:
تشتغل هذه التنسيقية لصالح مبدأ دسترة الأمازيغية منذ تأسيسها، في شكل بيانات تؤكد فيها على ضرورة اعتراف الدستور المغربي صراحة برسمية الأمازيغية لغة وثقافة وأعرافا.
ابتداءا من أبريل 2006 قدمت أميافا” أرضية للنقاش تعرض فيه الآثار فقط على الجهوية العربية، وهو ما يعني أن أي مشروع يدعوا للنهوض مكون أخر مهما كانت شرعيته التاريخية والواقعية يعد عاملا من عوامل التفرقة والعرقية. كما أن الدستور في وضعه الحالي وفق تنسيقية أميافا لا شيء فيه يذكر بالأمازيغية رغم أن الهوية المغربية أمازيغية توجت هذه الأرضية من أجل دستور ديمقراطي يقوم على أساس اصلاحات دستورية جوهرية تجعل منه دستورا ديمقراطيا شكلا ومضمونا يستوعب المقومات الحقيقية النابعة من الأرض والعمق التاريخي للمغرب.
– كنفدرالية الجمعيات الثقافية الأمازيغية بشمال المغرب.
– خصصت مؤتمرها الأخير بالناظور في غشت 2006 لمحور دسترة الأمازيغية بشعار “من أجل دسترة الأمازيغية كلفة رسمية في الدستور. كما أصدر المجلس الكنفدرالية بالناظور يوم 26/11/2006 بيانا دعى إلى ضرورة استحضار الأمازيغية في التعديلات المقبلة.
– كنفدرالية تامونت ن يفوس
– لعل أهم ما يحتسب لتامونت – ن – يفوس بأكادير لصالح الأمازيغية والإصلاح الدستوري” من خلال أيام 16/17 أبريل 2005، حضر فيه مختلف الحساسيات السياسية إلى حوار الحركة الثقافية الأمازيغية. وقد توجت هذه الندوة بميثاق حول دسترة الأمازيغية.
– امياواي ءيمازيغن
وهي تنسيقية وطنية تتشكل من 26 جمعية من مختلف مناطق المغرب أصدرت بيان هرهورة صدر يوم 16 أبريل 2006 ومن أهم ما جاء فيه ضرورة الإقرار الدستوري باللغة الأمازيغية لغة رسمية للبلاد في إطار دستور ديمقراطي علماني يقر نظاما فيدراليا حقيقيا.
هذا طبعا إلى بيانات وأنشطة أخرى تتجه دائما نحو دسترة الأمازيغية.
على مستوى الاٍطارات والمواثيق المختصة، أي تلك التي أنشئت بهدف دسترة الأمازيغية من قبيل :
– ميثاق الجمعيات الأمازيغية بالريف من أجل دسترة الأمازيغية وهي وثيقة وقعتها أكثر من 16 جمعية يوم 4 يوليوز 2004 بمقر جمعية ثانوكرا للثقافة والتنمية وهي وثيقة ترى الطبيعة السوسيوثقافية للمغرب لا تتلائم والنموذج اليعقوبي المستورد والذي أصبحت النخبة السياسية المغربية الحاكمة توظفه من أجل سحق كل الغنى والتعدد اللغوي والثقافي في المغرب مما انعكس سلبيا على الإنسان الأمازيغي في المغرب وجعلته يعيش اضطرابا واستيلابا في وجوده، لذا فإنه من المنطلق أن الدستور هو أسمى قانون للدولة، وهو الذي يؤطر ويمنح للقرارات سلطة التفعيل. فإنه أي اجراء لفائدة الأمازيغية مهما كانت أهميته سيكون بدون جدوى ما لم تتحصن بنص دستوري يضمن وجوده الفعلي في المؤسسات والحياة العامة، فالدستور المغربي يجب أن يعكس طبيعة مجتمعه السوسيو الثقافي وكذلك باعترافه على أن اللغة الأمازيغية لغة وطنية. وإقرارها كلغة رسمية ضمن دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا مع التنصيص على الهوية الأمازيغية والاٍنتماء الاٍفريقي والمتوسطي في ديباجة الدستور…إلخ
– نشير إلى أنه أنشأت لجنة لتفعيل ومتابعة ميثاق الريف من أجل دسترة الأمازيغية بتاريخ 11 سبتمبر 2005 في ضيافة جمعية تافسوت للثقافة والتنمية باٍمزورن بمقر جمعية ملتقى المرأة مكونة من محمد مكي، محمد زاهد، محمد انعيسي، سمير المرابط، نظمت هذه اللجنة عدة أوراش بمدن الشمال والشرق حول أهمية دسترة الأمازيغية.
– ميثاق المطالب الأمازيغية بشأن مراجعة الوثيقة الدستورية:
– تمت صياغة هذه الوثيقة في سنة 2004 ووقعتها في مرحلة أولى بعض الفعاليات الثقافية الأمازيغية المعروفة (موحى احساين، رشيد راحا، بناصر همو، أحمد أرحموش، محمد اتركين، أحمد الدغرني) وقد جاءت هذه الوثيقة.
– حسب موقعها – بسبب فشل تمرير المطالب الأمازيغية عبر القنوات الحزبية والحقوقية والنقابية وقد توج هذا الميثاق بسبعة مطالب أولها دسترة أمازيغية المغرب واعتبار المملكة المغربية جزءا من شمال افريقيا بانتمائها المتوسطي وامتدادها الإفريقي.
– اللجنة الوطنية للتنسيق من أجل دسترة الأمازيغية والتي تضم إطارات كبرى كتنسيقية أميافا، تنسيقية خير الدين تنسيقية مولود معمري، لجنة ميثاق الريف، تنسيقية أطلس تانسيفت، تنسيقية أزيكو عقدت يومي 21 يوليوز 2006 لقاءا وطنيا بأكادير في ضيافة تامونت – ن- يفوس بهدف المطالبة بدستور ديمقراطي شكلا ومضمونا ينص على:
1 – الأمازيغية لغة وطنية ورسمية للبلاد والتزام الدولة بإدماجها في كافة المؤسسات ومجالات الحياة العامة.
2 – اعتبار المغرب ذو الهوية الأمازيغية جزءا من تمازغا ومنفتحا على الثقافات الأخرى،
3 – العرف الأمازيغي مصدرا من مصادر التشريع وسمو المواثيق والمعاهدات الدولية على التشريعات في المغرب.
4 – الإقرار بمبدأ العلمانية باعتبارها أحد الركائز الأساسية للديمقراطية،
5 – اعتماد نظام فيدرالي يقر مبدأ فصل السلط ويضمن التوزيع العادل للثروات ويراعى فيه التكامل الاٍقتصادي والاٍنسجام الاٍجتماعي والثقافي في إطار مغرب موحد ومتضامن.
مستويات أخرى:
• المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية:
عاش المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حالات من التيه اتجاه شرعية مطلب الأمازيغية، بحيث ظل يتهرب من إصدار أي موقف في هذا الاتجاه، بمبرر أن المعهد الملكي الثقافة الأمازيغية مؤسسة أكاديمية لا تخوض في مجال تعديل الدساتير،إلا أن الجمعيات الثقافية الأمازيغية وعددها أنذاك 75 جمعية، على هامش الملتقى الوطني الأول أيام 4 و 5 مارس استطاعت أن تنتزع في أخر لحظة من الملتقى الوطني الأول توصية توفير الحماية القانونية للأمازيغية.
المعهد عمد إلى البحث عن الموافقة من الدوائر العليا لمناقشة موضوع الاعتراف الدستوري للأمازيغية بعد أن أصبحت الفكرة تطرح على طاولة اجتماعات مجلس الإدارة.
تلقى عميد المعهد الملكي الضوء الأخضر في الدورة العادية لمجلس الإدارة المنعقدة يومي 30 و 31 مارس، وخلال هذه الدورة تمت مناقشة هذا الموضوع توجت هذه المناقشة بمذكرة موجهة إلى القصر الملكي تدعو إلى ضرورة توفير الحماية القانونية للأمازيغية، وإقرار مبدأ المساواة اللغوية وكذا الاٍعتراف بالهوية الأمازيغية، وإقرار مبدأ المساواة اللغوية وكذا الاٍعتراف بالهوية الأمازيغية كبعد أساسي في الشخصية المغربية.
ومهما يكن فإن هذه المذكرة لها أهميتها ووزنها القانوني قد يقرب الإقرار بدسترة الأمازيغية.
– البيان الأمازيغي:
في فاتح مارس سنة 2000 صدر البيان الأمازيغي والذي وقعه آلاف المواطنين المغاربة وتضمنت حوله لقاءات وطنية بمختلف أنحاء المملكة، هذا البيان جعل من مطالبه دسترة الأمازيغية كلغة وطنية ورسمية، (المطلب الثاني) ومما جاء في هذا المطلب فإنه حسب البيان أنه من إغراب الأمور في المغرب إن اللغة الأمازيغية رسميا لا تعتبر لسانا، ومن أشد الأشياء تنكيدا على الأمازيغية في “عهد الاستقلال” أن يسمع من بعض مواطنيه قولهم “أن اللغة الرسمية أو الوطنية اللغة العربيةً ! …بحكم نص الدستور” يستقر بهذا الكلام، وهكذا يشعر أنه مضطهد باسم القانون وباسم القانون الأسمى للبلاد.
– الحزب الديمقراطي الأمازيغي:
الأمين العام للحزب الأمازيغي الديمقراطي، وجه مذكرة إلى جلالة الملك محمد السادس وأربعة من مستشاريه يقدم فيها تصورات الحزب حول التعديلات الدستورية.
المذكرة لم تكن أحادية التصور أي الاقتصار على موضوع “دسترة الأمازيغية فحسب” وإنما تجاوزته إلى مستويات أخرى تشمل المؤسسة التشريعية المعاهدات الدولية، وكذا طريقة تعديل الدستور إلخ غير أني سأبقى فيما يرتبط بدسترة الأمازيغية، فعلى المستوى ديباجة الدستور يقترح الحزب ضرورة الاٍعتزاز بالهوية الأمازيغية الأصلية والمتأثرة بالروافد الشرقية والغربية وبالحضارات المتوسطية، كما يطلب الحزب باٍدراك الدستور المغربي لعمقه الإفريقي وبناء الفضاء المغاربي.
كما يدعو إلى اعتبار الأمازيغية والعربية لغتان رسميتان للمغرب وعلى المغاربة واجب معرفتهما.
من جانب المجلس الاقتصادي والاجتماعي والثقافي التابع للأمم المتحدة، والذي ما فتئت الدولة المغربية تستعرض على أنظارها تقارير حول اٍنجازات الدولة المغربية في الحقول المقرونة باختصاصات هذه الهيئة الدولية بدورة دعى إلى ضرورة ترسيم اللغة الأمازيغية، على هامش أشغال الدورة 36 للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والمنعقدة بقصر الأمم بجنيف في ماي 2006، وقد تكون هذه الاٍستجابة من طرف الدولة المغربية رد فعل جد اٍيجابي يمنح للمغرب وضعا متقدما أكثر ويجعل منه واحة الديمقراطية في إفريقيا والحق في استعمالهما والمشاركة بهما في الحياة العامة.
الديناميكية التي أفرزها خطاب 9 مارس حول الاٍصلاحات السياسية الدستورية ومن ضمنها الإقرار بالتعددية اللغوية حركت من جديد مطلب دسترة الأمازيغية بحيث ظهرت مجموعة من الوثائق التي تدعو إلى إقرار الأمازيغية في الدستور، فمن جهته أكد المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات على ضرورة إقرار وضعية دستورية لغوية للأمازيغية، وذلك بتعديل العبارة التي تتناقض داخل الوثيقة الدستورية مع هذا المبدأ وعلى رأسها عبارة “المغرب العربي” التي تختزل هوية البلدان المغاربية في البعد العربي دون غيره.
منظمة تاماينوت بدورها تناولت بالدراسة خطاب 9 مارس 2011 اعتبرت أن الدستور الجديد لن يكون ديمقراطيا إلا إذا تم إدراج الاٍعتراف بالهوية الأمازيغية في ديباجة الدستور والطابع التعددي للهوية المغربية كما دعت إلى ضرورة دسترة مطالب الجمعيات الثقافية الأمازيغية.
النسيج الجمعوي بأكادير (45 جمعية) عقد لقاء يوم 12 و 13 مارس 2011 لاستقراء نص الخطاب الملكي توج ببيان أكد بدوره ضرورة دسترة الأمازيغية باعتبارها مطلبا رئيسيا للحركة الأمازيغية إلى جانب إقرار البعد الأمازيغي للهوية المغربية، فقد رأت هذه الجمعيات ضرورية تنصيص الدستور المرتقب على أن اللغة الأمازيغية لغة رسمية حتى تحضى بالحماية القانونية داخل المؤسسات وكافة مناحي الحياة العامة.
الفعاليات الأمازيغية صدرت على هامش هذا الخطاب نداءا عرف باسم نداء الأحرار والذي جعل مطلبه الأول هو الإقرار الدستوري بالأمازيغية فالدستور الديمقراطي حسب هذا النداء من أهم مقوماته الاٍعتراف الصريح بمكونات الأمة، فالأمازيغية لن تجد مكان لها داخل المؤسسات ولن يتم الحفاظ عليها والنهوض بها كما هو مطلوب، إلا عبر التنصيص عليها في تصدير الدستور ضمن أبعاد الهوية الوطنية ووضع البعد الأمازيغي في صدارة العناصر الأخرى، اعتبارا للعمق التاريخي لوطننا ولكون الأمازيغية هي الهوية الأصلية للسكان، ويأتي التنصيص على البعد الأمازيغي كلغة رسمية لجانب العربية حسب نداء الأحرار وفاء لمبدأ المساواة والعدل بين كافة المواطنين ولتوفير شروط النماء وفرص التطور للغتين معا اقتداء بما هومعمول به في الدول الديمقراطية التي تتوفر على أكثر من لغة رسمية في الدستور.
.
+ حركة 20 فبراير والتي أضفت على الساحة الوطنية ديناميكية جديدة منحت لمطلب دسترة الأمازيغية الشرعية الجماهيرية بحيث وضعت هذا المطلب ضمن قناعاتها النضالية، فقد طالبت بدستورصادر عن إرادة كل مكونات الشعب المغربي، واعتبرت أن الإقرار بالأمازيغية كلغة رسمية للبلاد إلى جانب العربية أمر لا مناص منه، فالمغرب حسب وثائق حركة 20 فبراير وطن لكل المغاربة.
الكنغرس العالمي الأمازيغي عبر مساره النضالي ظل يؤكد ضرورة دسترة الأمازيغية، ولعل أخر بيان صدره الكنغرس على هامش الخطاب الملكي في 9 مارس فيه إشارة واضحة إلى هذا المطلب الثابت في أدبياته، فقد دعى البيان إلى دستور ديمقراطي وحداثي يرسم اللغة الأمازيغية ويمنح للثقافة والهوية الأمازيغيتين المساواة الكاملة ويدعو البيان أيضا إلى العبارات العنصرية فيه قبيل “المغرب العربي” والذي لا تعكسه لا اللغة ولا الأطوبونوميا!! …
لقد وقفنا موقفا سلبيا من بعض النخب السياسية ولم نرد مواقفها الإيجابية من دسترة الأمازيغية، كونها ظلت معزولة عن النقاش الدائر حول دسترة الأمازيغية، فكانت بمثابة متفرج يترقب النقاش والفرصة أيضا للقيام برد فعل مناسب دون أن يكون طرفا في تفعيل هذا المطلب، رغم توفرها على آليات غائبة لدى الحركة الثقافية الأمازيغية من قبيل الأسئلة الشفوية في البرلمان والمذكرات الموجه للملك.وبرامج الأحزاب…
بل أن فئة من النخبة السياسية المغربية تطعن بشكل صريح في هذا المبدأ كما هو الحال لمحمد زيان الأمين العام للحزب الليبرالي المغربي والذي وضع هذه القاعدة الجماهيرية الواسعة في خانة الكذابين.
إن الحركة الثقافية الأمازيغية بمختلف مواقفها ومكوناتها من إعلاميين وحقوقيين وأكاديميين وباحثين وطلبة، وإطارات وكنفدراليات كلها تدعو إلى دسترة الأمازيغية.
فنحن إذن أمام قاعدة جماهيرية وازنة إذا ما أضفنا إليها قاعدة هرم الشعب المغربي التي هي %90 من الأمازيغ، كما أكد ذلك وزير البيئة وإعداد التراب الوطني محمد اليازغي في حوار للاتحاد الاشتراكي أكده للنشر الصحافي يوسف هنافي فقد قال بالحرف الواحد”
الأمازيغ لسيو أقلية ونحن في المغرب %90 أمازيغ” فالمعطى الرقمي العددي يقف بدوره مؤشرا مهما يفرض الاٍعتراف الدستوري بالأمازيغية.”
فكيف نتصور مجتمعا يقول بدولة الحق والقانون وفي نفس الآن نجد دستور البلاد يهمش الأغلبية، إن مبادئ الديمقراطية تتم خارج القاعدة الجماهيرية الواسعة، لغياب حصانة دستورية لها، فالديمقراطية المغربية فارغة من ماهيتها مادامت تسبح في فضاءات لا تعكس هوية وطموحات المغاربة.
خلاصة:
أردنا من خلال هذه الدراسة أن ننتقل بدسترة الأمازيغية، من مطلب تجسده بيانات الحركة الثقافية الأمازيغية، إلى دراسة موضوعية، توثق لهذا المطلب، سواء من جانب بعدها اللغوي أو القانوني، على الرغم مما يظهر فيها من ثغرات، من قبيل أن جزء منها جاء في صيغة المفرد، لا تتجه نحو مطالب أخرى مكملة، فتقف عند دسترة الأمازيغية فحسب في إطار أي نظام أو دستور حتى وإن كان لا يحترم مبدأ فصل السلط والمساواة…إلخ
وجزء أخر من هذه الوثائق تربط بشكل عضوي بين الإسلام والعروبة والأمازيغية حيث تتحدث عن الأمازيغية في الدستور، في حين أن هذا المطلب يفرض استحضار معطيات التاريخ والانطروبولوجيا، ومفاهيم الديمقراطية أيضا لفهم العلاقة القائمة. الاقتناع بأن مطلب دسترة الأمازيغية له امتداد جماهيري واسع وتطبيقه يسير بنا نحو ربح رهان الإرادة العامة للشعب في بعدها العددي وفي عمقها التاريخي والحضاري.
ويتجه إلى الوصول لفكرة عميقة مفادها أنه ككون عبر مسار الحركة النضالية رأي عام وطني مقتنع بدسترة الأمازيغية، فأصبح هذا المطلب جزء مما يطلبه الشعب والرأي العام وفق تعريف مختصر ،هو ما يريده المجتمع ولعل الشيء الجميل في الرأي العام الوطني أنه متحرك يرغب في التعبير لذا جاء مطلب إقرار الأمازيغية في الدستور المغربي بناء على وعي وعقلانية وذلك ما ستظهره، الصفحات الموالية من هذا الكتاب.
اترك تعليقاً