المحكمة المختصة في نظام التحكيم السعودي
المحامي:خالد السريحي
ورد تعريف المحكمة المختصة بالمادة الأولى من نظام التحكيم الجديد بأنها “هي المحَكَمة صاحبة الولايّة نظامًا بالفصل في المُنازعات التي اتُّفق على التَحكيم فيها” بمعنى أنها هي المحكمة المختصة أصلاً بنظر النزاع محل التحكيم ، وعندما يرد لفظ كهذا في نظام فأن المنظم يقصد محكمة الدرجة الأولى كون التقاضي العادي يبدأ منها .
وبالتالي أصبحت محكمة الدرجة الأولى هي المختصة منطقيًا واستنباطًا من التعريف الوارد بالمادة الأولى ، ولكن ما أشكل على المتعاملين مع النظام أنه عندما جاءت المادة الثامنة بفقرتيها “1- يكون الاختصّاص بنظر دعوى بُطلان حُكم التَحكيم والمَسائل التي يُحيلها هذا النظام للمَحكمة المُختصّة معقودًا لمَحكمةِ الاستئناف المُختصّة أصلاً بنظر النزاع ، 2- إذا كان التَحكيم تجاريّاً دوليّاً سواءً جرى بالمملكة أم خارجها، فيكون الاختصّاص لمَحكمةِ الاستئناف المُختصّة أصلاً بنظر النزاع في مدينة الرياض، ما لم يتّفق طرفا التَحكيم على مَحكمة استئناف أُخرى في المملكة” .
وأعطت محكمة الاستئناف الاختصاص بنظر دعوى البطلان والمَسائل التي يُحيلها هذا النظام سواء كان التحكيم محلياً أو دولياً ، فأصبح معه لفظ المحكمة المختصة مربك ومبهم كون المقصود به غير واضح فهل هي محكمة الدرجة الأولى أم محكمة الاستئناف ، مما نتج عنه في الواقع العملي الكثير من الأحكام بعدم الاختصاص الولائي من محاكم الدرجة الأولى استناداً للمادة الثامنة ، وأحكام بعدم الاختصاص الولائي من محاكم الاستئناف (الدرجة الثانية) استناداً للمادة الأولى .
لكن يجب أن أنوه بأن الخلاف القائم ليس على نظر دعوى البطلان بل على المسائل الأخرى كون الاختصاص بنظر دعوى البطلان واضح بوضوح النص بأنه معقود لمحكمة الاستئناف ولايمكن الاجتهاد مع النص ، لكن الخلاف على المسائل الأخرى التي يحيلها النظام .
فهنالك رأي يقول بأن هيئة التحكيم هي محكمة الدرجة الأولى وبالتالي محكمة الاستئناف هي المختصة بنظر كافة المسائل المتعلقة بالنظام ، وهنالك رأي آخر مناقض تمامًا يرى بأنه لا يمكن القفز والتعدي على سلطة محكمة الدرجة الأولى في المسائل المتعلقة بنظام التحكيم ما عدا دعوى البطلان لوجود اجتهاد غير صحيح في تفسير المادة الأولى والثامنة .
وقد أطلعت على مشروع اللائحة التنفيذية للنظام وللأسف وجدت نفس الإشكال متكرر بل بشكل أكبر ومربك للمتعاملين مع النظام ، فأرى أنه يجب إيضاح المسألة وتحديد المحكمة المختصة بشكل دقيق وأن يكون ذلك في سياق مواد اللائحة التنفيذية ، ليتم إغلاق باب الاجتهاد في تفسير غاية المنظم ومقصده من المحكمة المختصة ، الأمر الذي يترتب معه درأ الأمور عند هذا الحد ووضع الأمور في نصابها الصحيح.
اترك تعليقاً