إدراج البيانات الكاذبة في نشرات الاكتتاب
منحت التشريعات الحديثة في المملكة العربية السعودية أهمية قصوى لحماية عملية الاكتتاب من خلال تجريم بعض الأفعال التي ترتبط بالاكتتاب العام، مثل إدراج بيانات كاذبة في نشرات الاكتتاب.
ونصّ القانون السعودي في المادة (212) من نظام الشركات، الصادر بتاريخ العام 1437هـ، على عقوبة المخالفين بالسجن لمدة قد تصل إلى سنة وسداد غرامة مليون ريال كحد أقصى أو بإحدى هاتين العقوبتين، مع إعادة المبالغ التي تم الحصول عليها عبر البيانات المخادعة.
وفي مثال على إدراج البيانات الكاذبة في نشرات الاكتتاب، والتي تؤثر في جذب الجمهور واستغلال إيمانه بصحتها، في عملية بيع المؤسسين جزء من أسهمهم بسعرٍ أعلى من القيمة الإسمية لها، فنجد مؤسسي الشركة وملاّكها يمارسون هذا التأثير على المكتتبين من خلال أمرين هما “تضخيم الأصول” و”تقليل الخصوم”.
وتضخيم الأصول يشتمل على تضمين مشاريع وهمية بأرباح عالية بالاتفاق مع أطراف عقودها، وهذه الأرباح تُدرج عبر قروض وودائع من أصحاب المصالح تكون في الظاهر ضمن رأس المال، لكنها في الحقيقة رأس مال غير فاعل، وهذا لا يتم توضيحه في نشرة الاكتتاب.
وكذلك يتضمن التضخيم إدراج مشاريع مستقبلية بأرقام عالية جداً لكنها في حقيقتها وعودٌ بمشاريع، ولابد هنا من تواطؤ المستشار المالي عبر طلب هذه المعطيات الصورية ودراسات الجدوى من مؤسسي وملاك الشركة، والتي يتحدد من خلالها القيمة المستحقة للسهم المطروح للاكتتاب العام.
تؤثر عملية إدراج البيانات الكاذبة في نشرات الاكتتاب على ثقة الجمهور واستغلال بالشركة ومؤسسيها، ويمارس المؤسسون هذا الأمر من خلال محورين هما “تضخيم الأصول” و”تقليل الخصوم”.
ويتضمن تضخيم الأصول إدراج مشاريع وهمية ذات أرباح عالية بالاتفاق مع أطراف عقودها، وتدرج الأرباح عبر قروض وودائع من أصحاب المصالح تكون في الظاهر ضمن رأس المال، لكنه في الحقيقة غير فاعل، وهذا لا يتم توضيحه في النشرة.
وكذلك يشتمل التضخيم على وضع مشاريع مستقبلية بأرقام مالية مرتفعة جداً لكنها في حقيقتها وعودٌ بمشاريع لم تتم، وهذا بالتواطؤ مع المستشار المالي عبر طلب هذه المعطيات الصورية ودراسات الجدوى من مؤسسي الشركة، والتي يتحدد من خلالها القيمة المستحقة للسهم المطروح للاكتتاب العام.
كما تتم عمليات اكتتابٍ لشركاتٍ كثيرة بأسعار عالية جداً، تم تقييمها بحسب بيانات كاذبة أُدرجت في قوائمها المالية عن الثلاث السنوات الأخيرة التي يتطلبها النظام السعودي قبل طرح الاكتتاب لبعض أسهم الشركة القائمة مع معطيات أخرى تتعلق بالعقود والمشاريع المستقبلية والشهرة والحاجة السوقية لمنتجات الشركة ونحو ذلك.
وبعد عام أو أكثر تتضح الحقائق عن تلك البيانات وتعود أسعارها إلى السعر الحقيقي لها الذي يكون السعر المكتتب به أضعافه مراتٍ عدة، بل وبعد الاكتتاب بعامين أو ثلاث تتكشف خسارتها جزء كبير من رأس مالها.
والمثال على ذلك تحول مؤسسة فردية إلى شركة ذات مسؤولية محدودة العام 2007م، ثم بسرعة صاروخية تحولت في العام ذاته إلى شركة مساهمة وبرأس مال بلغ مليار ريال ثم في العام 2008م تم طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام للمواطنين بنحو 7 أضعاف قيمتها الاسمية، أي تم تحويلها من مؤسسة فردية مملوكة لشخص واحد إلى شركة مساهمة مطروحة في السوق بعلاوة إصدار عالية جداً وفي فترة قصيرة وهي أقل من عامين.
ونتيجة لذلك أخذ المؤسسون الملّاك مبلغًا خياليًا مقابل علاوة الإصدار في جزء من رأس المال وصل حد 1,8 مليار ريال، ولم ينته الأمر عند هذا، فبعد مرور فترة قصيرة من طرح أسهمها للاكتتاب تم اكتشاف خسائر متراكمة وصلت إلى أكثر من 75% من رأس المال، وإجمالي التزامات الشركة يزيد عن إجمالي الأصول بنحو 300 مليون ريال، وعلى أرض الواقع وصلت الشركة إلى حافة الهاوية وأصبحت شبه مفلسة وعلى وشك التصفية.
اترك تعليقاً