بحث قانوني رائع حول حول إنشاء الشيك و تداوله

بحث حول إنشاء الشيك و تداوله

مــقـــدمـــــــــــة

من بين الأوراق التجارية التي نظمها المشرع الجزائري و التي نجذ لها تطورا هاما في المجال التجاري الشيك إلي يعوذ استعماله إلى انتشار المصارف في أوربا,فجرى تطوير الأوراق التجارية منذ أواخر القرن 18 وحتى أواخر القرن 19، وظهر أول تشريع نظم أحكام الشيك في هولندا عام 1838 ثم قانون 1865 في فرنسا.وفي بداية ظهور الشيك كان استخدامه قاصرا على التجار لكن التطور الذي شهدته التطورات التجارية والمصرفية في أواخر القرن 19 وبداية القرن 20 أدى إلى انتشار استعماله بين مختلف طبقات المجتمع. أما الجزائر فقد ورثت قانون التجارة الفرنسي من عام 1962 إلى 1975 م حيث صدر القانون التجاري الجزائري والذي نظم الشيك في المواد من 472 إلى 543 ق.ت .

و الشيك هو صك محرر وفق شكل معين حدده القانون، يأمر بموجبه شخص يطلق عليه الساحب شخصا أخر المسحوب عليه ويكون في العادة مصرفا بان يدفع لدى الإطلاع مبلغا معينا من النقود لأمره أو لأمر شخص آخر أو الحامل و هو المستفيد.
ويتسم الشيك بالعديد من الخصائص، فهو مستحق الدفع لدى الإطلاع، ويمثل في الأصل وسيلة وفاء فحسب، ولا يمكن أن يتضمن تاريخا محددا للاستحقاق، ولذلك فهو يستحق الدفع فور تقديمه إلى المصرف. كما يستلزم وجود ثلاث أطراف: الساحب، المسحوب عليه والمستفيد، إضافة إلى ذلك فان الشيك يتضمن أمرا بالدفع من الساحب إلى المسحوب علية في مصلحة المستفيد ولابد أن يكتب الشيك على نموذج خاص يتولى طبعه المصرف.
كما له عدة فوائد فهو يؤدي إلى إيداع النقود في المصارف بدلا من إكتنازها في الجزائر و بالتالي حمايتها من الضياع و السرقة بالإضافة إلى أنه يعتبر أداة إثبات في حالة قيام منازعات كما يقلل من إستعمال النقود الورقية و المعدنية تماشيا مع التطور المالي في ظل السرعة و يشجع المواطنين على إيداع أموالهم في المصارف و بالتالي إستثمار هذه الأموال في التنمية الإقتصادية، و غيرها من الفوائد التي جعلته ورقة مهمة في مجال التعامل الإقتصادي و على هذا كيف يتم إنشاء الشيك و كيف يكون تداوله؟؟ !!
و للإجابة على هاته الإشكالية إعتمدنا الخطة الإتية.

خطـــة البحـــث: إنشـــــاء الشـــــــيك و تداولـــــــه

vالمبحث الأول: إنشـــــــــــــاء الشـــــــــيك
¬ المطلب الأول: الشروط الموضوعية
¬ المطلب الثاني: الشروط الشكلية
ûالفرع الأول: البيانات الإلزامية
ûالفرع الثاني: البيانات الاختيارية
¬ المطلب الثالث: صور الشيك
ûالفرع الأول: الشيك العادي و الشيك المخطط
ûالفرع الثاني: الشيك المعتمد و شيك المسافرين
vالمبحث الثاني: تـــــــــــداول الشـــــــــــــيك
¬ المطلب الأول: طرق تداول الشيك
ûالفرع الأول: الشيك الاسمي
ûالفرع الثاني: الشيك الاسمي مع شرط ليس لأمر
ûالفرع الثالث: الشيك للحامل
¬ المطلب الثاني: أنواع تظهير الشيك
ûالفرع الأول: التظهير الناقل للحق
ûالفرع الثاني: التظهير التوكيلي
¬ المطلب الثالث: آثار التظهير
vخـــــــاتـــمــــــــــــــــة

المبحــــــث الأول: إنشـــــــاء الشيـــــك

المطلـــب الأول: الشــــروط الموضــــوعـــيــة (1)

يعد إصدار الشيك تصرفا قانونيا من جانب واحد يتحقق بإرادة واحدة وهي إرادة الساحب ولكي يكون هذا الإلتزام صحيحا، فإنه يجب إستيفاء شروط موضوعية إلى جانب الشروط الشكلية، لإبرام أي تصرف قانوني و هي الإرادة، المحل، السبب و الأهلية.
!الرضا: ويقصد بالرضا إتجاه إرادة المحرر إلى قبول إلتزام عليه بتوقيعه الشيك و لصحة إلتزام المحرر يجب أن يكون رضاه موجودا و سليما، و خاليا من أي عيب من عيوب الإرادة كالغلط و الإكراه و التدليس، و إلا كان باطلا بطلان مطلق.
!المحل و السبب: محل إي عقد هو إنشاء إلتزام، أو نقله، أو تعديله أو إنهائه، و محل الإلتزام الذي يجب ان يثبت في الشيك ينحصر في دفع مبلغ معين من النقود، فإذا كان محل الإلتزام في الصك شيئا آخر غير دفع مبلغ نقدي (كتسليم عقار مثلا) فقد صفته كشيك، وخرج من نطاق الأوراق التجارية. كذلك يجب أن يكون سبب إلتزام المحرر موجودا و مشروعا و يشترط لمشروعية السبب ألا يكون مخالفا للقواعد و الآداب العامة.
! الأهليه: يشترط لصحة أي تصرف قانوني أن يتمتع صاحبه بالأهلية اللازمة لإبرامه، أي أن لا يكون مصابا بأي عارض من عوارض الأهلية و أن يكون قد بلغ سن الإلتزام به و يتحدد السن حسب قانون مكان الإصدار حيث يجب ان يكون ذو أهلية مدنية لأن الشيك بطبيعته قد يكون مدني أو تجاري.

المطلــب الثــــاني: الشـــــروط الشـكـلـيــــة

الفرع الأول: البيانات الإلزامية (2)
وفقا لنص المادة 472 من ق ت ج يجب أن يشتمل الشيك على البيانات التالية:

1- ذكر كلمة شيك مدرجة في نص السند نفسه باللغة التي كتب بها: يشترط القانون ذكر كلمة الشيك في ذات الصك و بذات اللغة المستعملة في الكتابة فيقال:”..إدفعوا بموجب هذا الشيك..” و نقصد بهذا البيان التعرف على ماهية الصك بسهولة لدى الخلط بين الشيك و السفتجة، و في الشيك نستطيع الإستغناء عن لفظ (الإذن = الشرط)، فمتى ذكرت في الصك كلمة شيك و كان مسحوبا لشخص معين يعني ذلك أنه قابل للتداول بطرق التظهير إلا إذا نص الساحب صراحة في الصك على أنه ليس لإمر.

(1) أ. عبد الرحمان خليفاتي، “محاضرات في القانون التجاري الجزائري”، السندات التجارية، طبعة 2005/2006 ص 77.
(2) أنظر المادة 472 من ق ت ج.

2- امر غير معلق على شرط بدفع مبلغ معين: أي يجب أن يتضمن الشيك أمرا صادرا من الساحب إلى المسحوب عليه بدفع مبلغ معين من النقود و يجب أن يكون هذا الامر غير معلق على شرط أو مقترن بقيد، و يجب أن يكون الأمر بالدفع الذي يتضمنه الشيك مستحق الأداء بمجرد الإطلاع عليه ذلك لأنه أداة وفاء، كما يجب أن يتضمن الشيك أمرا بالدفع مبلغا من النقود يكون معينا و مكتوبا بالأرقام و الحروف و في حالة الإختلاف يعتد بالقيمة المكتوبة بالأحرف طبقا لنص المادة 479/1 من ق ت ج.

3- إسم الشخص الذي يجب عليه الدفع (المسحوب عليه): يجب أن يتضمن الشيك إسم المسحوب عليه الذي يصدر إليه الدفع ذلك لتوفير الأمان و الضمان، إضافة إلى أنه لا يجوز سحب الشيك على الساحب نفسه و إلا فقد صفته و أصبح سندا لأن الشيك يفترض إنفصال شخص الساحب عن المسحوب عليه.

4- تعيين المكان الذي يجب فيه الأداء: يجب أن يتضمن الشيك بيان مكان الوفاء، حتى يعرف الحامل محل الذي يقدم فيه الشيك للتحصيل و إذا لم يذكر في الشيك مكان الوفاء به يعتبر مستحق الأداء في المكان المبين بجانب إسم المسحوب عليه و إذا تعددت الأمكنة يكون الشيك مستحق الأداء في المكان المذكور أولا طبقا لنص المادة 473/2 من ق ت ج.

5- بيان تاريخ إنشاء الشيك و مكانه: يجب أن يذكر في الشيك التاريخ الذي أصدر فيه حيث يفيد ذلك في تقدير أهلية الساحب و في التحقق من وجود مقابل الوفاء و في حساب المواعيد (1) و كذا مكان إنشائه، و لكن عند عدم ذكره يعتبر المكان المذكور إلى جانب إسم الساحب مكان إنشاء الشيك. المادة 473/4 من ق ت ج.

6- توقيع من أصدر الشيك (الساحب): يجب أن يشتمل الشيك على إسم و توقيع الساحب حتى يمكن إعتباره صادرا منه و يجوز أن يكون التوقيع بالإمضاء أو الختم أو بصمة الإصبع.
« و إذا تخلف بيان من هاته البيانات يترتب على ذلك : الترك أو الصورية أو التحريف (2)
©الترك: يكون ذلك في حالة ترك أحد البيانات الإلزامية كتوقيع الساحب، فالشيك في هذه الحالة لا يترتب عنه أي أثر قانوني، و إذا كان الأصل أن الترك يؤدي إلى البطلان إلا أنه ورد إستثناء في حالتين في المادة 473 ق ت ج، و هما حالة عدم ذكر مكان الوفاء و حالة عدم ذكر مكان الإنشاء.(3)

(1) أنظر المادة 501 من ق ت ج :” يجب تقديم صك صادر و قابل للدفع في الجزائر للدفع ضمن عشرين يوما. أما الصك الصادر خارج الجزائر و القابل للدفع فيها فيجب تقديمه إما في ثلاثين يوما إذا كان الصك صادرا من أروبا أو من أحد البلدان المطلة على البحر الأبيض المتوسط، وإما في مدة سبعين يوما إذا كان صادرا في أي بلد آخر، مع مراعاة الأحكام المتعلقة بتنظيم الصرف.و تسري الآجال المذكورة أعلاه من اليوم المعين في الشيك كتاريخ لإصداره.”
(2) أ. عبد الرحمان خليفاتي، المرجع السابق، ص 80.
(3) د. نادية فضيل، “الأوراق التجارية في القانون التجاري الجزائري”، طبعة 2004. ص 113.

©الصورية: لا تؤدي إلى بطلان الشيك إلا إذا قصد بها إخفاء تخلف بيان أو أكثر من البيانات الإلزامية اللازمة لصحة الشيك.
©التحريف: و يكون التحريف بزيادة مبلغ الشيك بعد إنشائه و في هذه الحالة فغن الموقعين قبل التحريف ملزمين بحسب النص الأصلي، أما الموقعين بعد التحريف فهم ملزمين بالنص المحرف حسب المادة 526 من ق ت ج.

الفرع الثاني: البيانات الإختيارية
تتمثل هذه البيانات فيما يلي: (1)
1- شرط الدفع في محل مختار: أن يتم إشتراط محل للوفاء غير محل الساحب أو المسحوب عليه حسب المادة 478 من ق ت ج.

2- شرط الرجوع بلا مصاريف: حسب المادة 518 من ق ت ج فقد أشارت إلى أنه يجوز للساحب أو لأي مظهر أو ضامن للوفاء أن يعفي الحامل من الإحتجاج لممارسة حق الرجوع بناء على شرط (الرجوع بلا مصاريف) أو (بدون إحتجاج) أو أي شرط آخر مماثل بتوقيعه و لا يعفي هذا الشرط الحامل من تقديم الشيك في الأجل المقرر و لا من القيام بالإخطارات اللازمة. و على من يتمسك ضد الحامل بعدم مراعاة هذا الأجل أن يثبت ذلك. وإذا كتب الساحب هذا الشرط سرت آثاره على جميع الموقعين، أما إذا كتبه أحد المظهرين أو أحد ضامني الوفاء فلا تسري آثاره إلا عليه وحده، و إذا قدم الحامل إحتجاجا بالرغم من الشرط الذي كتبه الساحب تحمل هو وحده مصاريفه، أما إذا كان الشرط صادرا عن أحد المظهرين أو أحد ضامني الوفاء فإن مصاريف الإحتجاج على وقوعه يجوز تحصيلها عن جميع الموقعين ما عدا واضع الشرط.

3- بيان إسم المستفيد: لم يرد هذا البيان ضمن البيانات الإلزامية في حين أن القانون أوجب ذكر إسم المستفيد الذي يجب الدفع له أو لأمره في كل من السفتجة و السند لأمر، و يأخذ تعيين المستفيد في الشيك أحد الأشكال التالية:
1) أن يكون لشخص مسمى مع شرط الأمر، و هنا يكون الشيك قابل للإنتقال عن طريق التظهير.
2) أن يكون الشيك لشخص مسمى مع عبارة ليس لأمر، و لا يكون هذا الشيك قابلا للتداول إلا بطريق حوالة الحق المدنية.
3) أن يكون الشيك لحامله، وهنا يكون قابلا للإنتقال بمجرد التسليم المادي.

(1) د. أحمد محرز، “القانون التجاري الجزائري”، السندات التجارية، جزء 3. ص 249 و 250.

¶ و يجوز إصدار الشيك لأمر الساحب نفسه وهذا الشيك يكون مجرد أداة سحب النقود من الساحب إلى المسحوب إليه.
4- تعدد النظائر: (1) لم تجز المادة 524 من ق ت ج تعدد نسخ الشيك إلا بشرطين:
1) أن يكون المستفيد من الشيك شخصا معينا بإسمه فلا يجوز تعدد نسخ الشيك لحامله.
2) أن يكون الشيك مسحوبا في الجزائر وواجب الدفع في بلد آخر أو العكس.
¶ و إذا تعددت نسخ الشيك وجب أن تحمل كل نسخة في نصها رقما، و إلا إعتبرت كل نسخة شيكا مستقلا و يكون الوفاء بمقتضى إحدى النسخ مبطلا للنسخ الأخرى.

المطلب الثالث: صـــــور الشـــــيك

الفرع الأول: الشيك العادي و الشيك المخطط

أولا: الشيك العادي: لا يوجد في القانون ما يمنع إنشاء الشيك فوق ورقة مهما كانت، كما لا يوجد ما يمنع من كتابة كامل محتويات الشيك باليد، لكن يمكن للبنك أن يشترط على عميله عند فتح الحساب بأنه لا يقبل أي شيك من غير النماذج المسلمة له، و في هذه الحالة لا ينتج أثره إلا بين الطرفين ( البنك و العميل ). هذا وجرت العادة على أن يكتب الشيك فوق نموذج مقطوع من دفتر الشيكات سلم من طرف البنك، و إذا سلم دفتر الشيكات إلى شخص غير صاحب الحساب تترتب مسؤولية البنك عن هذا الخطأ.

ثانيا: الشيك المخطط أو المسطر: يقصد به ذلك الشيك الذي يحتوي على وجهه أي صفحته الداخلية على خطين متوازيين بينهما فراغ، و يتميز هذا الشيك بعدم جواز تأدية قيمته إلا لمصرف معين، أو لرئيس مكتب الصكوك البريدية أو لأحد عملاء المسحوب عليه إذا كان مصرفا. (م 513/1 من ق ت ج). و يفيد الشيك المسطر في حصر المعاملات الناتجة عنه بين مصرفين، وقد أوجد العرف هذا النوع من الشيكات في إنجلترا قصد تحاشي مخاطر السرقة و الضياع لأنه يتعذر على السارق أو الملتقط أو الحامل بشكل غير قانوني اللجوء إلى مصرف يقبل دفع قيمة الشيك، و إذا كان تسطير الشيك يخفف من مخاطر السرقة فإنه لا يزيلها نهائيا إذ قد يتمكن حامل الشيك بغير حق من تظهير الشيك إلى شخص آخر حسن النية و يتم القبض عليه بواسطة مصرف يلجأ إليه الحامل الأخير.(2) ويكون تسطير الشيك على نوعين: (3)

(1) د. نادية فضيل، المرجع السابق، ص 114.
(2) د. راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ص 133.
(3) د. نادية فضيل، المرجع السابق، ص 117.

S تسطير عام ( le barrement générale ) : و يكون هذا التسطير عاما عندما يترك الفراغ الموجود بين الخطين خاليا أي لا يتضمن أي تعيين أو تكتب فيه كلمة مصرف أو بنك، بحيث يجوز تأدية قيمته لأي مصرف كان.
S تسطير خاص ( le barrement spéciale ) : و يكون هذا التسطير عندما يتضمن الفراغ المتروك بين الخطين إسم مصرف معين، بحيث لا يجوز تأدية قيمته إلا للمصرف المذكور فيه.
و كل تسطير عام يمكن تحويله إلى خاص أما العكس فلا يجوز حسب المادة 512/3و4 من ق ت ج.

الفرع الثاني: الشيك المعتمد و شيك المسافرين

أولا: الشيك المعتمد: يجب أن يتضمن الشيك قانونا الأمر بالأداء دون قيد أو شرط، و بما أن الشيك لا يمكن إصداره بدون مقابل الوفاء، و أنه لا يخضع لشرط القبول و إذا كتب على الشيك بيان القبول أصبح كأن لم يكن، إلا أنه يجب على المسحوب عليه إعتماد الشيك إذا طلب منه الساحب أو الحامل ذلك و كان مقابل الوفاء موجودا تحت تصرف الساحب، إلا إذا رغب المسحوب عليه استعاضة الشيك المقدم لاعتماده بشيك يسحبه على نفسه الذي من طبيعته أن يدعم ضمانات المستفيد. و إعتماد الشيك يكون مكتوبا بصيغة تتضمن بيان الإعتماد و المبلغ الذي من أجله سحب الشيك و المؤسسة المسحوبة عليها و التاريخ و توقيع المسحوب عليه (1). و بإعتماد البنك للشيك فإنه يصبح ملزما بتجميد الرصيد الخاص بهذا الشيك طوال الفترة المحددة بتقديم الشيك للوفاء. (2)

ثانيا: شيكات المسافرين أو الشيكات السياحية: (3) و هي الشيكات التي يستخمها أصحابها عند السفر لتفادي ضياع النقود و سرقتها، و يقصد بهذا النوع من الشيكات مبادرة الشخص المسافر إلى إيداع مبلغ من النقود في أحد المصارف التي توجد في بلده ليحصل في المقابل على شيكات مسحوبة على جميع فروع هذا المصرف في جميع أنحاء العالم، و يوقع العميل هذه الشيكات المسلمة له أمام المصرف المصدر لها، و يسلم منه أسماء الفروع و المصارف المراسلة التي يستطيع أن يتوجه إليها في مختلف دول العالم. و الصورة الغالبة أن تصدر الشيكات بفئات نقدية معينة و صاحب الشيكات السياحية يقوم بملأ الفراغات الموجودة في الشيك فيضع إسمه ثم توقيعه للمرة الثانية حتى يتمكن المصرف المسحوب عليه من مضاهاة التوقيعين و تأكيد تطابقهما ةو بناء على ذلك فإنه غير قابل للتظهير.

(1) د. راشد راشد، المرجع السابق. ص 136 و 137.
(2) موقع إلكتروني www.forum.law-dz.com
(3) د. راشد راشد، المرجع السابق ، ص 138 و 139. كذلك الموقع الإلكتروني،www.forum.law-dz.com

E و هناك أنواع أخرى من الشيكات مثل الشيكات المستندية الذي يكون الوفاء فيها مشروطا بتقديم مستند (فاتورة)، و الشيك على بياض الذي يوقعه الساحب من دون ذكر المبلغ الواجب الوفاء به و ذلك بقيد مبلغه لحساب الحامل و على حساب الساحب فلا يجوز صرفه نقدا، بالإضافة إلى الشيك المصرفي الذي يمثل أمرا يحرره المصرف على نفسه بوفاء مبلغ معين من النقود لدى الإطلاع للمستفيد منه، و يكون تحرير المصرف لهذه الورقة بناء على طلب عميله الذي يرغب في تقديمها إلى شخص ثالث، لكن هذا الصك لا يمثل شيكا بالمعنى القانوني، بل يمثل سندا عاديا (إذنيا، لحامله، إسميا) ذلك لأنه لا يتضمن أمرا بالدفع بل تعهدا من المصرف بدفع مبلغ معين إلى المستفيد منه. (1)

المبحـــث الثــــــــاني: تــــــــداول الشــــــيك

المطلـــــب الأول: طرق تـــــــداول الشيــــــك

الشيك أداة وفاء و ليس أداة إئتمان، فهويستحق الدفع لدى الإطلاع، لذلك من الطبيعي ألا تمتد حياته و لا يكون تداوله بحجم تداول السفتجة و السند لأمر، و لا سيما إذا علم أن مهل تقديم الشيك للوفاء هي مهل قصيرة نسبيا، لهذا لا يتصور تظهيره تأمينيا. و تختلف طريقة تداول الشيك تبعا للشكل الذي أفرغ فيه. و في هذا السياق نصت المادة 485 من ق ت على أنواع الشيكات التي يمكن تداولها و هي:

الفرع الأول: الشيك الإسمي
إذا كان الشيك محررا بإسم شخص معينأو لأمره فإن تداوله يتم عن طريق التظهير. م 485/1 ق ت.

الفرع الثاني: الشيك الإسمي مع شرط ليس لأمر
إذا كان الشيك محررا بإسم شخص معين و تضمن صراحة عبارة ” ليس لأمر ” أو أية عبارة أخرى مماثلة تنفي شرط لأمر كأن يقال: ” إدفعوا لفلان و ليس لأمر، أو، إدفعوا لفلان دون غيره…” ففي هذه الحالة لا يجوز تداول الشيك عن طريق التظهير و لكن يجوز أن ينتقل لصالح الغير بطريق حوالة الحق المدنية حسب م 485/2 من ق ت، هذا و يتم تداول الشيك بطريقة الحوالة العادية أيضا فيما إذا تم تظهيره بعد تنظيم الإحتجاج بعدم الوفاء أو إنقضاء أجل تقديمه حسب م 496 ق ت.

الفرع الثالث: الشيك للحامل
إذا كان الشيك محررا لحامله يتم تداوله بمجرد تسليمه المادي و يكون ذلك بالمناولة باليد، فهو يعتبر بمثابة منقول تطبق عليه قاعدة ” الحيازة في المنقول سند الملكية ” كذلك المشرع لم يحضر نقله بطريق التظهير كأن يقوم الحامل قبل تسليمه للشخص الذي يرغب في نقله له بأن يوقع عليه بما يفيد
(1) موقع إلكتروني www.forum.law-dz.com

التظهير لصالح الشخص المذكور ففي هذه الحالة يعتبر صاحب التوقيع مظهرا و يلتزم تبعا لذلك بضمان الوفاء لكن يترتب على هذا التظهير الوصف القانوني للشيك حسب م 492 من ق ت و تضيف م 487/4 من نفس القانون أنه إذا تم التظهير للحامل فيعد ذلك تظهيرا على بياض و الذي يشترط فيه أن يكون مكتوبا على ظهر الشيك أو على ورقة ملحقة به، كما يجوز تداول الشيك المظهر على بياض بإحدى الطرق التالية المنصوص عليها في م 489 من ق ت و هي:
û أن يملأ البياض بكتابة إسمه أو إسم شخص آخر.
û أن يظهر الشيك من جديد على بياض.
û أن يسلم الشيك لشخص آخر من الغير بدون أن يملأ البياض و دون أن يظهر الشيك.

المطلـــــب الثـــــاني: أنواع تظهيــــر الشيــــك

يظهر الشيك تظهيرا توكيليا أو تظهيرا ناقلا للحق

الفرع الأول: التظهير الناقل للحق (1)
و يطلق عليه التظهير الناقل للملكية و هو التظهير الذي يقصد نقل الحق الثابت في الشيك من مظهر إلى مظهر له، و يخضع التظهير ككل تصرف قانوني إلى ضرورة توافر الشروط الموضوعية اللازمة لصحة إبرام التصرفات القانونية بالإضافة إلى ذلك يجب أن تتوافر فيه بعض الشروط الخاصة كأن يحصل التظهير من الحامل الشرعي م 491 من ق ت. و أن يقع التظهير على كامل المبلغ لا على جزء منه فقط و إلا كان باطلا حسب م 487/2 لأن الحق الثابت في الشيك لا يجوز تجزئته. كما يجب أن يكون هذا التظهير باتا و غير معلق على شرط حسب م 487/1. كما أوجب المشرع أن يقع التظهير على الشيك ذاته أو ورقة متصلة به.
و يعتبر تظهير المسحوب عليه باطلا، أما إذا تم التظهير لصالحه فيعتبر بمثابة مخالصة بقبض الثمن أي (إبراء)، لأن المسحوب عليه لا يمكنه أن يظهره من جديد، إلا إذا كان المسحوب عليه عدة مؤسسات و حصل التظهير لمصلحة مؤسسة غير تلك التي سحب عليها الشيك حسب م 487/5 ق ت.

الفرع الثاني: التظهير التوكيلي
يجوز تظهير الشيك تظهيرا توكيليا حسب م 495 من ق ت و المقصود به تسليم أو نقل الشيك لشخص آخر من أجل تحصيل قيمته فيقوم المظهر له بمطالبة المسحوب عليه بالوفاء بإعتباره وكيلا عن المظهر. و تتمثل أحكام التظهير التوكيلي فيما يلي: (2)
(1) أ. عبد الرحمان خليفاتي، المرجع السابق، ص 83 و 84.
(2) د. راشد راشد، المرجع السابق ، ص 153.

û إشتمال التظهير على عبارة القيمة (برسم التحصيل) أو (برسم القبض) أو (برسم التوكيل) أو غيرها من العبارات التي تفيد مجرد التوكيل جاز للحامل ممارسة جميع الحقوق الناتجة عن الشيك لكن لا يجوز له تظهيره توكيليا.
û لا يجوز للملزمين في هذه الحالة أن يحتجوا على الحامل بالدفوع التي يمكن الإحتجاج بها ضد المظهر.
û أن النيابة التي يتضمنها تظهير التوكيل لا تنتهي بوفاة الموكل أو بفقدانه الأهلية.

المطلب الثالث: آثار التظهير

يترتب على تظهير الشيك نفس الآثار القانونية المترتبة على تظهير السفتجة خاصة المسؤولية التضامنية للمظهرين حسب م 490، و عدم التمسك بالدفوع م 494، بالإضافة إلى نقل جميع الحقوق الناتجة عن الشيك خاصة ملكية مقابل الوفاء المنصوص عليها في م 489/1. و لا تمنع تصفية أموال الساحب اللاحقة لإصدار الشيك من أداء مبلغه، و لا يمكن لدائن الساحب ممارسة حجز ما للمدين لدى الغير المتعلق بمقابل الوفاء بشرط إثبات وقوع تسليم الشيك قبل ذلك، و بما أن الشيك واجب الأداء عند الإطلاع فلا يظهر بصفة عامة إلا من أجل تحصيل مبلغه. (1)

(1) د. راشد راشد، المرجع السابق ، ص 152.

خـــــــــاتــمــــــــــــة

و في الأخير نرى أن المشرع الجزائري قد نظم بعض الأسناد التجارية من بينها السفتجة و الشيك بحيث يعتبر هذا الأخير كأداة لتسوية الديون تغني عن استعمال النقود في المعاملات و الشيك يشجع الناس على إيداع نقودهم في المصارف بدلا من تجميدها. الأمر الذي يسمح بإستثمارها في مشاريع إنتاجية تعود بالمنفعة على مجال الإقتصاد الوطني كما أنه يقلل من مخاطر السرقة أو الضياع. و تكمن أهميته في كونه أداة للوفاء بمجرد الإطلاع و قد تناول المشرع أحكام و قواعد الشيك كما تناول أيضا ضمانات الوفاء به و الرجوع لعدم الوفاء و في التقادم و جرائم الشيك وهذا ما سنراه في البحوث اللاحقة.

المـــراجــــــــع

- القانون التجاري الجزائري، طبعة 2005.
‚- د. نادية فضيل، “الأوراق التجارية في القانون التجاري الجزائري”، دار الهومة، طبعة 2004.
ƒ- د. أحمد محرز، “القانون التجاري الجزائري”، السندات التجارية، جزء 3.
„- د. راشد راشد، الأوراق التجارية، الإفلاس و التسوية القضائية في القانون التجاري الجزائري، ديوان المطبوعات الجامعية، الطبعة الخامسة، عام 2005.
…- أ. عبد الرحمان خليفاتي، “محاضرات في القانون التجاري الجزائري”، السندات التجارية، طبعة 2005/2006.
†- أ. محمد صالح، ” تاريخ قانون الشيك و تطوره”.

Share

1 Comment

  1. راااااااااائع

اترك تعليقاً

Your email address will not be published.