بحث قانوني هام عن تنازع القوانين في مجال الأهلية
مقدمة
تفسح الدول المعاصرة المجال لتطبيق القوانين الأجنبية إلى جانب القوانين الوطنية لان الضرورة العملية تفرض عليها تلبية حاجة المعاملات الدولية إذ أصبحت الدولة في وقتنا هذا تضم فضلا عن أبنائها عددا لا يستهان به من أبناء الدول التي وجدوا فيها بعلاقات قانونية ، من اجل ذلك تعقدت العلاقات بين الأجناس البشرية وتنوعت القواعد القانونية التي تحكمها وأصبحت معرفة تلك القواعد ليست بالأمر اليسير في كل حين لان لكل مجتمع نظامه القانوني الخاص به وله سلطته الخاصة التي تسهر على إدارة شؤونه ويخضع أفراده في فعالياتهم المتعددة الجوانب لقواعد وأنظمة تتناسب مع هذه الفعاليات وتختلف باختلافها ولربما تغيرت وتطورت في المجتمع الوطني للدولة قواعد القانون الداخلي بتغير الأزمان وتطور العصر فيظهر التباين في القواعد القانونية للمجتمع الواحد على أن التباين يبدو واضحا حينما يتعلق الأمر بأكثر من مجتمع بالنظر لاختلاف الدول في درجة تطورها وظروفها وبالتالي في أنظمتها ، ومهما تعددت المواقف في تفسير الأساس الذي يقوم عليه تطبيق القانون الأجنبي فإن العصر الحديث فرض على كل دولة ضرورة السماح بتطبيق القانون الأجنبي على تراب إقليمها إلا أن هذا الاختلاف بين قوانين الدول وأنظمتها سيثير و لاشك نزاعا فيما بينها كلما اتصلت علاقة قانونية أو مركز قانوني بدولة أجنبية أو أكثر سواء كان ذلك من ناحية الأشخاص أو المحل أو السبب وهو ما تنجر عنه مشكلة اختيار أنسب القوانين لحكمها.
لأجل ذلك اتجه أكثر الفقهاء نحو الوضعية الخاصة لحل تنازع القوانين ، فأكثر حلول التنازع توضع من كل دولة بتدخل المشرع الوطني لإدراج قواعد معينة تسمى في القانون الدولي الخاص بقواعد الإسناد أو قواعد تنازع القوانين.
ومن بين المنازعات التي تطرح على القضاء التنازع فيما يخص الأهلية بالنسبة للأجنبي الذي يتعامل خارج دولدته أي في دولة أجنبية عنه ويكون نظامها القانوني الذي يحكم الأهلية يختلف عن النظام القانوني المنصوص عليه في بلده .
وهو ما يدفعنا إلى التساؤل التالي :
كيف عالج القانون الدولي الخاص تنازع القوانين فيما يتعلق بالأهلية ؟.
وما هي الحلول التي أوجدها لمعالجة هذا التنازع؟
المبحث الأول: التعريف بالأهلية أنواعها وموانعها
المطلب الأول: الأهلية
قد استقر الفقه و القضاء على اعتبار الأهلية من الخصائص المميزة في صفة الإنسان، حيث يتوقف على توافر عنصر الأهلية فيه معرفة مدى إمكانية تمتعه بالحقوق، ومدى إمكانية تحمله الالتزامات، إذن هي: «صفة يقدرها المشرع في الشخص، تجعله صالحا لأن تثبت له الحقوق، و تثبت عليه الواجبات، و تصح منه التصرفات».
و الأهلية بهذا المفهوم تسير مع الشخصية القانونية للإنسان وجودا أو عدما أو كمالا و نقصانا، ومراحل ثبوت الحق له، ثم ثبوته عليه، ثم صحة بعض التصرفات منه.
إن للشخص أهليتين يكتسب الأولى بمجرد ولادته وهي أهلية الوجوب إما أهلية الأداء فيكتسبها في وقت لاحق وهي تمر بمراحل معينة كما ترتبط بعد إصابة الشخص بعارض من عوارض الأهلية .
وأحكام الأهلية تؤثر على حياة الشخص تأثيرا كبيرا حيث نصت المادة 45 ق م د على انه ليس لأحد التنازل عن أهليته ولا تغيير أحكامها .
هناك نوعان من أنواع الأهلية سنتطرق لها تباعا فيما يلي:
الفرع الأول : أهلية الوجوب
من صلاحية الشخص التمتع بالحقوق وتحل الالتزامات فهي تثبت لكل شخص طبيعي منذ ولادته حيا إلى حين وفاته ،وحفاظا على حقوق الجنين تقررت له أهلية وجوب قبل ولادته ولكنها ناقصة وتتمثل في اكتساب الحقوق مثل الإرث والهبة والوصية.
بالولادة تثبت للشخص أهلية وجوب كاملة وحرمان إي شخص من الأهلية يعني حرمانه من الشخصية القانونية ،لكن المشرع قيد أهلية بعض الأشخاص في حالات معينة وهو ما نصت عليه المادة 402 من القانون المدني التي منعت القضاة والمحامين والموثقين وكتاب الضبط من شراء الحقوق المتنازع فيها إذا كان النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون في دائرتها عملهم وإذا تم البيع في هذه الحالة يعتبر باطلا بطلانا مطلقا فأهلية الوجوب للأشخاص السالف ذكرهم ناقصة بالنسبة للتصرفات المنصوص عليها في المادة أما في التصرفات الأخرى فأهليتهم كاملة.
الفرع الثاني: أهلية الأداء
هي صلاحية الشخص لممارسة حقوقه بنفسه والالتزام بالالتزامات المالية بنفسه فهي صلاحية الشخص لإعمال إرادته إعمالا يرتب أثرا قانونيا يريده.
وتمر الأهلية بعدة مراحل وتتأثر بحالة الشخص الصحية ،فإرادة الشخص إما آن تكون منعدمة ،أو ناقصة ،أو كاملة،وتندرج الأهلية من انعدام إلى نقص ثم إلى كمال.
1. انعدام الأهلية:
تبدأ هذه المرحلة بالميلاد وتنتهي ببلوغ سن التمييز فبميلاد الطفل تثبت له أهلية الوجوب أو الشخصية القانونية ولكت لا تثبت له أهلية الأداء لانعدام الإدراك والتمييز.
فالصغير دون الثالثة عشر لا يعد آهلا لمباشرة أي تصرف حتى لو كان نافعا له نفعا محضا وهذا ما نصت عليه المادة 42 من القانون المدني بعد التعديل الجديد 05ء10
** لايكون آهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقدا التمييز لصغر في السن أو عته أو جنون.
يعتبر غير مميز من لم يبلغ ثلاث عشرة سنة**
فكل العقود التي يبرمها تكون باطلة بطلانا مطلقا ولا تصححها الإجازة.
2. نقص الأهلية:
يعتبر ناقص الأهلية كل من بلغ سن التمييز ء13 سنةء ولم يبلغ سن الرشد ء19 سنة كاملةء وهذا ما نصت عليه المادة 43 من القانون المدني الجزائري المعدلة بالقانون 05ء10.
(كل من بلغ سن التمييز ولم يبلغ سن الرشد وكل من بلغ سن الرشد وكان سفيها أو ذا غفلة يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقره القانون).
يستطيع ناقص الأهلية قبول الهبة و الوصية أي النافعة له نفعا محضا ويمنع عليه مباشرة التصرفات الضارة له ضررا محضا كهبة الأموال وإبراء المدين له من الدين أو الإقرار وتقع هذه التصرفات باطلة حتى لو اقرها الولي.
اما التصرفات الدائرة بين النفع والضرر كالبيع والمقايضة فتكون قابلة للبطال لمصلحة ناقص الأهلية.
وتقضي المادة 100 مدني بأن حق الإبطال يزول بالإجازة الصريحة أو الضمنية كما تقضي المادة 101 المعدلة بالقانون 05ء10.بمايلي:
(يسقط الحق في إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال 5 سنوات ويبدأ سريان هذه المادة ،في حالة نقص الأهلية من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب.
وفي حالة الغلط و التدليس في البوم الذي يكشف فيه وفي حالة الإكراه من يوم انقطاعه غير انه لايجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت 10 سنوات من وقت تمام العقد).
يلاحظ أن القاصر قد يرشد للقيام ببعض التصرفات فتكون تصرفاته صحيحة حيث تنص المادة 38 /2 بعد التعديل 05ء10 على مايلي:
// غير انه بكون للقاصر المرشد موطن خاص بالنسبة للتصرفات التي يعتبره القانون آهلا لمباشرتها//.
كما نجد المادة 84 من قانون الأسرة نصت على انه:
//للقاضي أن يأذن لمن لم يبلغ سن التمييز من التصرف جزئيا أو كليا في أمواله بناء على طلب من له مصلحة وله الرجوع في الإذن إذا ثبت ما يبرر ذلك//.
3. كمال الأهلية:
يعتبر الشخص الذي بلغ 19 سنة كاملة كامل الأهلية لإدارة أمواله والتصرف فيها كما شاء هذا إذا لم يكن قد أصيب بعارض من عوارض الأهلية وهو ما نصت عليه المادة 40 من ق م ج على انه:
// كل شخص بلغ سن الرشد متمتعا بقواه العقلية ولم يحجر عليه يكون كامل الأهلية لمباشرة حقوقه المدنية.
وسن الرشد هو تسعة عشر سنة كاملة (19 سنة ).//
المطلب الثاني: العوارض والموانع وأهلية الأجنبي
الفرع الأول:
اولا:عوارض الأهلية:
تكتمل أهلية الإنسان أو الشخص ببلوغه سن التاسعة عشر و تصح كامل التصرفات إلا إذا طرأ على أهليته عارض من عوارض الأهلية التالية:
1. العوارض التي تصيب العقل: الجنون و العته
نصت المادة42 من ق م ج(لا يكون أهلا لمباشرة حقوقه المدنية من كان فاقد التمييز لصغر في السن او عته او جنون لقد
الجنون:هو حالة مرضية تصيب الشخص فتفقده القدرة و الإدراك على تمييز العمل النافع من العمل الضار
العته:هو الحال الذي يعتري عقل الإنسان فيفقده القدرة على التمييز،فقيل انه نوع من الجنون يتميز بأن صاحبه لا يلجأ ألى العنف،و قال البعض أنه لا يعدم الإدراك كلية.
2. العوارض التي تصيب الانسان في تدبيره:السفه و الغفلة
يكون ناقص الأهلية كما جاء في نص المادة43 ق م ج(كل من بلغ سن التمييز و لم يبلغ سن الرشد و كل من بلغ سن الرشد و كان سفيها او ذا غفلة،يكون ناقص الأهلية وفقا لما يقرره القانون)
*السفه:هوحالة تصيب الشخص تدفع به إلى إنفاق ماله بدون تدبير
3. الغفلة: يقصد بها وقوع الشخص بسهولة في غبن بسبب سلامة نيته، بحيث كثيرا ما يخطئ إذا تصرف وحكم السفيه و ذو الغفلة شأن ناقص الأهلية(الغير مميز) حيث تقع تصرفاته صحيحة إذا كانت نافعة نفعا محضا وباطلة إذا كانت ضارة ضررا محضا وتقع قابلة للإبطال إذا كانت دائرة بين النفع و الضرر.
الفرع الثاني: موانع الأهلية:
قد توجد موانع للأهلية تحول دون كمال الأهلية و حق الشخص في مباشرة التصرفات القانونية.وقد تكون موانع الأهلية: مادية أو طبيعية أو قانونية
1. المانع المادي: وهو غياب الشخص بحيث لا يستطيع مباشرة تصرفاته القانونية بشكل يعطل مصالحه و يحدث به الأضرار، و قد نصت المادة 31 من ق م ج على أنه( تجري على المفقود و الغائب الأحكام المقررة في التشريع العائلي).
2. المانع الطبيعي: حيث قد يصاب الشخص بعاهتين كأن يكون أصم أبكم أو أعمى أبكم مما يتعذر معه التعبير عن إرادته تعبيرا صحيحا،حيث هنا يجوز للمحكمة أن تعين له وصيا قضائيا يعينه في تصرفاته حماية لمصلحته.و منه من هو مصاب بعاهة واحدة أو بغير العاهات المحددة في القانون أو مصابا بعاهة بعاهتين لكنه يستطيع التعبير عن إرادته فانه لا تتقرر له الوصاية القضائية.
3. المانع القانوني: و هو كل من سلبت أهليته بحكم المحكمة أو بحكم القانون كما في حالة لو حكم عليه بعقوبة جنائية
فلا يجوز له أدارة أمواله خلال مدة حبس حريته طبقا لنص المادة78 ق م ج حيث تعين له المحكمة قيٌٌما نيابة عنه في إدارة أموله.
الفرع الثالث :الأجنبي و أهليته التجارية
إن أغلب التشريعات العالمية كانت في وقت ما تمنح للأجانب امتيازات لممارسة النشاط التجاري دون أي قيد أو أي عراقيل، فالجزائر بعد استقلالها وقعت عدة اتفاقيات تجارية و صناعية منحت للأجانب بموجبها امتيازات على حساب المواطن وذلك تحقيقا لمبدأ المساواة بين الأجنبي والمواطن، ونفس النهج نلتمسه في النظام الفرنسي القديم خاصة في نظام الطوائف إذ كان يسمح للأجنبي بممارسة تجارة الجملة خاصة اليهود منهم.
ومسألة إطلاق قيد ممارسة التجارية وتقيده على الأجنبي مرده لا محالة إلى الحاجة الاقتصادية و الصناعية للدولة. وهذا ما هو مجسد من خلال السياسة الاقتصادية المنتهجة حاليا وتشجيع الاستثمار، مما يجعل هته القيود و الشروط التي أقرها المشرع في القانون التجاري والقوانين الخاصة في تلاشي مستمر.
أولا :شروط ممارسة الأجنبي للتجارة
إن أول شرط يجب توفره في الأجنبي هو بلوغه سن التاسعة عشر من عمره وذلك حتى يكون أهلا لمباشرة التجارة و حتى تسري عليه القوانين المتعلقة بالأهلية متى توفرت فيه شروطها.
وإن القانون الجزائري هو المرجع الوحيد في تكيف العلاقات المطلوب تحديد نوعها عند تنازع القوانين لمعرفة القانون الواجب التطبيق و السبب في ذلك هو رغبة المشرع في التسوية بين جميع الأشخاص البالغين و عدم تقرير حماية خاصة للأجنبي، ونفس الحكم أقرّ به المشرع المصري في المادة 04 من ق.ت.إذ يعتبر الأجنبي الذي بلغ 21 سنة عاقلا رشيدا، كامل الأهلية لمباشرة التجارة حتى ولو كان طبقا لقانون دولته قاصرا أو ناقص الأهلية.
وإذا كان حال التشريعين الجزائري و المصري كما هو عليه فإن التشريع الفرنسي جاء بأحكام متميزة نوع ما، فنجده مثلا يأخذ بنظام المعاملة بالمثلءوإن كان هذا النظام تأخذ به كثير من الدولء ويستبعد تطبيق هذا النظام في حالة وجود اتفاقيات دولية مثل : الاتفاقية الإيطالية الفرنسية لسنة 1948 المبرمة في 23/08/1951، التي تعفي الإيطاليين من ضرورة الحصول على بطاقة التاجر الأجنبي، ويتميز التشريع الفرنسي كذلك أنه يحدد عن طريق التنظيم نسبة معينة للسماح بالتواجد الأجنبي الصناعي و التجاري، وذلك بعد أخذ رأي الغرفة التجارية و التجمعات الاقتصادية للمنطقة المعينة، كما تراقب السلطات العمومية الاستثمارات الكبرى المقامة في فرنسا من طرف أشخاص طبيعية تقيم مركز إقامتها المعتاد بالخارج.
الحصول على بطاقة التعريف المهنية القيد الذي يجب أن يخضع له الأجنبي يجب أن يكون تحت نظام الحيازة النظامية للبطاقة « التاجر الأجنبي » وللحصول على هته الأخيرة يجب إيداع الطلب لدى الغرفة بإرسال الملف إلى الولاية لدراسته خلال مهلة شهرين من تاريخ الإيداع، وبعد الحصول على البطاقة المهنية يقيد في السجل التجاري بنفس الإجراأت المطبقة على الوطني باستثناء إحضار بطاقة الإقامة على التراب الجزائري.
وتجدر الإشارة إلى بطاقة التاجر الأجنبي تسلم من طرف الوالي المختص إقليميا وصلاحيتها محددة بمدة سنتين قابلة للتجديد حسب نفس الأوضاع المحددة لتسليمها، وفي الحالة التي يغادر فيها الأجنبي التراب الوطني سواء بصفة نهائية أو توقف عن ممارسة نشاطه التجاري، فهنا يتعين عليه إعادة البطاقة للسلطة التي قامت بتسليمها له، وعليه أن يمارس نشاطه التجاري داخل إقليم الولاية التي تم فيها استخراج البطاقة.
وبخصوص منح بطاقة التاجر الأجنبي في التشريع الفرنسي أو تجديدها فإنه يختص بها رئيس الدائرة، وفي حالة رفض الطلب يجب أن يكون القرار مسبب طبقا للقانون 11/07/1979 المتعلق بتسبيب القرارات الإدارية.
وبصدور المرسوم المؤرخ في 12/11/1938 المتعلق ببطاقة التاجر، نجده قد ألغى هذه البطاقة بالنسبة لمواطني المجموعة الأوروبية وعليه أصبح بإمكان مواطنو المجموعة ممارسة جميع الأنشطة التجارية في فرنسا، دون حاجة إلى بطاقة التاجر الأجنبي.
ثانيا: مسقطات ممارسة الأجنبي للتجارة
تكمن هذه المسقطات بغض النظر عن ما ذكر سالفا بخصوص العوارض التي تصيب أهلية الشخص، في سحب بطاقة التاجر الأجنبي سواء بصفة نهائية أو مؤقتة مع اتخاذ تدبير الطرد في الحالات التالية:
ألإدلاء ببيانات كاذبة للحصول على بطاقةء إذا أعلن إفلاسه أو تعرض للتسوية القضائيةء إذا تعرض للإدانة موصوفة كجناية أو جنحةء إذا تغيب عن التراب الوطني لمدة تعادل ستة أشهرء إذا سحب منه السجل التجاريء إذا مارس نشاط مخالف للنشاط المذكور في بطاقته، إذا مارس نشاطه في خارج الحدود الإقليمية(1).
وقد أورد التشريع الفرنسي بعض القيود على ممارسة الأجنبي للنشاط التجاري تتمثل في : منع الأجانب من ممارسة بعض الأنشطة التجارية خاصة تملك السفن الفرنسية أو الطائرات وعقود الإمتياز المتعلقة بالطاقة المائية و المرافق العمومية، و امتلاك محلات المشروبات الروحية و الصناعات الحربية، كما أنه وضع نظام خاص للأجانب بخصوص النشاطات المتعلقة بالتأمينات، حيث يشترط إثبات الإقامة لمدة 5 سنوات على الأقل في فرنسا.
المبحث الثاني : الأهلية التجارية وتنازع القوانين فيها
المطلب الأول:اكتساب الشخصية المعنوية للتاجر
من أهم خصوصيات عقد الشركة مقارنة مع العقود الأخرى انه ينشأ شخص قانوني جديد هو الشركة.
فهو كائن جديد يتمتع بالشخصية المعنوية مستقل عن الشخصية الطبيعية للشركاء واكتساب هذه الشخصية حسب المادة 417 ق م يكون ب
(تعتبر الشركة بمجرد تكوينها شخصا معنويا غير ان هذه الشخصية لا تكون حجة على الغير إلا بعد استسقاء إجراأت الشهر التي ينص عليها القانون ).
كما نجد آن المادة 19 من القانون التجاري تنص:
(يلزم بالتسجيل في السجل التجاري.
1. كل شخص طبيعي له صفة التاجر في نظر القانون الجزائري ويما رس أعماله التجارية داخل القطر الجزائري.
2. كل شخص معنوي تاجر بالشكل أو يكون موضوعه تجاريا ومقره في الجزائر أو كان له مكتب أو فرع أو أي مؤسسة كانت).
حدد القانون 04ء08 المؤرخ في 14 غشت 2004 المتعلق بشروط ممارسة الأنشطة التجارية في المادة 05 منه مفهوم التسجيل في السجل التجاري فجاء فيه:
(يقصد في مفهوم هذا القانون بالتسجيل في السجل التجاري ،كل قيد أو تعديل أو شطب حدد كيفيات القيد والتعديل والشطب في السجل التجاري عن طريق التنظيم).
ونصت المادة 20 على انه يطبق هذا الالتزام خاصة على:
1. كل تاجر شخص طبيعي أو معنويا.
2. كل مقاولة تجارية يكون مقرها في الخارج وتفتح في الجزائر وكالة أو فرع أو أي مؤسسة أخرى.
3. كل ممثلية تجارية أجنبية تمارس نشاطا تجاريا على التراب الوطني
كما نجد المادة548 من القانون التجاري تنص:
(يجب آن تودع العقود التأسيسية والعقود المعدلة للشركات التجارية لدى المركز الوطني للسجل التجاري وتنشر حسب الأوضاع الخاصة لكل شكل من أشكال الشركات وإلا كانت باطلة).
نصت المادة 11 من القانون 04ء08 في المادة 11 علي مايلي:
يجب على كل شركة تجارية أو مؤسسة أخري خاضعة للتسجيل في السجل التجاري إجراء الاشهارات القانونية المنصوص عليها في التشريع والتنظيم المعمول بهما.
لا يعتد بتسجيل الشخص الاعتباري في السجل التجاري تجاه الغير إلا بعد يوم كامل من تاريخ نشره القانوني.
المادة 21 من القانون التجاري جاء فيها:
(كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر ايزاء القوانين المعمول بها ويخضع لكل النتائج الناجمة عن هذه الصفة).
الفرع الأول: أثار التسجيل في السجل التجاري
حسب المادة 21: كل شخص طبيعي أو معنوي مسجل في السجل التجاري يعد مكتسبا صفة التاجر ايزاء القوانين المعمول بها ويخضع لكل النتائج المترتبة عن هذه الصفة.
تنص المادة 50 من القانون المدني انه:
(يتمتع الشخص الاعتباري بجميع الحقوق إلا ما كان منها ملازما لصفة الإنسان وذلك في الحدود التي يقررها القانون ).
يكون لها خصوصا.
1. ذمة مالية: تكون مستقلة عن ذمة الشركاء.
2. موطن: وهو مهم حدا سواء بالنسبة للشركاء أو للمتعاملين مع الشركة المادة 547.
3. أهلية الشركة: ومعناها مجموع الأعمال التي يحق للشركة القيام بها
4. نائب يعبر عن إرادتها: ويمثلها في علاقاتها مع الغير يكسبها حقوق ويحملها التزامات.
5. حق التقاضي: للشركة الحق في التقاضي للمطالبة بحقوقها.
الفرع الثاني :انقضاء الشركة:
لانقضاء الشركة عدة أسباب لكنها مهما تعددت تشترك في ترتيب نفس الآثار وسباب الانقضاء هي:
1. انقضاء الأجل المتفق عليه لحياة الشركة وانقضاء الغاية التي أنشأت من اجلها : فمثلا إنشاء شركة ترقية عقارية تقوم ببناء السكنات ومحلات فوق ارض معينة تم تبيعها فإن الشركة تنتهي بانتهاء أشغال الترقية العقارية وهو ما نصت عليه المادة 437 من القانون المدني ويمكن تمديد حياة الشركة.
2. هلاك مال الشركة : تنص المادة 438 من القانون المدني (تنتهي الشركة بهلاك جميع مالها او جزء كبير منه حيث لا تبقي فائدة من استمرارها …..).
والهلاك المقصود به هو الهلاك المادي كأن تحترق أموال الشركة او الهلاك القانوني كأن تخسر الشركة كل أموالها.
3. موت احد الشركاء أو الحجز عليه آو إعساره أو إفلاسه:
تنص المادة 439 (تنتهي الشركة بموت احد الشركاء أو الحجز عليه أو بإعساره أو بإفلاس إلا انه يجوز الاتفاق في حالة ما إذا مات احد الشركاء أن تستمر الشركة مع ورثته ولو كانوا قصرا)
أن هذا السبب لانقضاء الشركة مبني على أهمية شخص الشريك للشركة فالشركاء قد اختاروا بعضهم وقرروا إنشاء شركة فيما بينهم إلا إذا اتفقوا على غير ذلك .
4. انسحاب احد الشركاء:
حسب المادة 440 (تنتهي الشركة بانسحاب احد الشركاء إذا كانت مدتها غير معينة على شرط آن يعلن الشريك سلفا عن إرادته في الانسحاب……..).
5. طلب حل الشركة من القضاء:
حسب المادة 441 قانون مدني (يجوز أن تحل الشركة بحكم قضائي بناء على طلب احد الشركاء لعدم وفاء شريك بما تعهد به آو لأي سبب آخر هو من فعل الشركاء ويقدر القاضي خطورة السبب المبرر لانقضاء الشركة
ويكون باطلا كل اتفاق يقضي بخلاف ذلك)
بعدها تأتي عملية التصفية مادة 444 ثم القسمة مادة 447قانون مدني.
المطلب الثاني: تنازع القوانين في مجال الأهلـيـة .
تنص المادة 10 من القانون المدني الجزائري المعدل بالقانون رقم 05ء10 المؤرخ في 20/06/2005 أنه ” يسري على الحالة المدنية للأشخاص وأهليتهم قانون الدولة التي ينتمون إليها بجنسيتهم ” .
ومع ذلك ففي التصرفات المالية التي تعقد في الجزائر وتنتج أثارها فيها إذا كان أحد الطرفين أجنبياً ناقص الأهلية ، وكان نقص أهليته يرجع إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينه على الطرف الأخر، فإن هذا السبب لا يؤثر في أهليته وفي صحة المعاملة ، أما الأشخاص الاعتبارية من شركات، وجمعيات، ومؤسسات وغيرها يسري على نظامها القانوني قانون الدولة التي يوجد فيها مقرها الاجتماعي الرئيسي والفعلي، غير أنه إذا مارست الأشخاص الاعتبارية الأجنبية نشاطا في الجزائر فإنها تخضع للقانون الجزائري “.
يلاحظ من خلال المادة 10 المذكورة أعلاه في فقرتها الأولى أن القانون المدني الجزائري قد أخضع الأهلية لقانون الجنسية وهي القاعدة العامة.
لكن الواضح أن المادة السابقة لم تحدد المقصود بالأهلية التي تخضع لقانون الجنسية، وعليه فإنه من الضروري تحديد نوع الأهلية التي يشملها نص المادة 10 الفقرة الأولى من التقنين المدني الجزائري.
تنقسم الأهلية إلى أهلية الوجوب وأهلية الأداء، فالأولى هي صلاحية الشخص للتمتع بالحقوق والالتزام بالواجبات فهي تثبت للشخص بمجرد ميلاده باعتبارها من مظاهر الشخصية القانونية ، والمقصود بصلاحية الشخص لاكتساب الحقوق صلاحيته لأن يكون صاحب حق كأن يكون صاحب حق ملكية ، أو حق انتفاع على عقار من العقارات ، والمقصود بصلاحية الشخص للتحمل بالالتزامات صلاحيته بأن يكون مدينا لأخر بمبلغ من المال أو ملتزما اتجاه مدينه بالتزام معين .
فكل شخص له أهلية الوجوب حتى الجنين في بطن أمه إلا أنه بالنسبة له فهي ذات نطاق محدود تترتب له بمقتضاها بعض الحقوق التي يقررها القانون.
وعليه فباعتبار أن أهلية الوجوب هي من مظاهر الشخصية القانونية تثبت للشخص بمجرد ميلاده فإنها تخرج بذلك من نطاق المادة 10 من القانون المدني ، فلا تخضع بالتالي لقانون الجنسية وهذا ما أخذ به الفقه الراجح في كل من فرنسا و مصر .
أما أهلية الأداء فهي صلاحية الشخص لصدور التصرف الإرادي منه أو هي صلاحية الشخص لمباشرة التصرفات القانونية كالبيع ، والإيجار ، والوصية ، وغير ذلك ، وتنقسم هذه الأهلية إلى أهلية أداء عامة وأهلية أداء خاصة ، فأيهما يدخل في نطاق أحكام المادة 10 من التقنين المدني ؟ .
و أهلية الأداء العامة هي تلك الأهلية التي مناطها القدرة على التعبير عن الإرادة ، لذلك فإن نطاقها يتحدد بالأعمال القانونية أو التصرفات القانونية التي تحتاج إلى الإرادة في إنشائها ، وكذلك في ترتيب أثارها فتخرج بذلك من نطاقها الأعمال المادية ، لأنها لا تحتاج إلى الإرادة مطلقا ، لأن القانون هو الذي يرتب عليها الآثار القانونية المناسبة لها حتى ولو لم يرد الشخص ترتيب تلك الآثار، فمرتكب الفعل الضار مثلا يلتزم بتعويض المضرور عما لحقه من ضرر بصرف النظر عن الإرادة المصاحبة للفعل هل صدر عن عمد أم عن غير قصد؟ .
يتضح مما سبق أن أهلية الأداء العامة محورها التمييز وتتحدد بمراعاة عناصر الحالة ، لذلك لا خلاف بين الفقهاء أن هذه الأهلية تدخل في نطاق قانون الجنسية ، فهذا الأخير هو الذي يبين لنا سن الرشد وعوارض الأهلية وحكم التصرفات التي يقوم بها غير المميز.
و أما أهلية الأداء الخاصة فهي تتعلق بأشخاص معينين يمنعهم القانون من مباشرة بعض التصرفات القانونية مع أنهم راشدون ، ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة 402 من القانون المدني الجزائري ” لا يجوز للقضاة ولا للمدافعين القضائيين ولا للمحامين ولا للموثقين ولا لكتاب الضبط ، أن يشتروا بأنفسهم مباشرة ولا بواسطة اسم مستعار الحق المتنازع فيه كله أو بعضه إذا كان النظر في النزاع يدخل في اختصاص المحكمة التي يباشرون أعمالهم في دائرتها ، و إلا كان البيع باطلا “.
ومن أمثلة ذلك ما نصت عليه المادة 408 من القانون المدني ” إذا باع المريض مرض الموت لوارث فإن البيع لا يكون ناجزا إلا إذا أقره باقي الورثة “.
فالغرض من أهلية الأداء الخاصة ليس لحماية الشخص نفسه وإنما الغرض منها هو حماية شخص أخر غيره ، لذلك فإن مناطها ليس التمييز وإنما اعتبارات أخرى كحماية مصلحة الغير أو مصلحة اجتماعية ، وهذا ما جعل الفقه يخرج هذا النوع من الأهلية من نطاق قانون الجنسية ، وقد أخضعها الفقه الراجح للقانون الذي يحكم التصرف القانوني ذاته ، وعليه نستخلص مما سبق أن أهلية الأداء العامة هي وحدها التي تدخل في نطاق حكم المادة 10 من القانون المدني الجزائري ، أما أهلية الوجوب وأهلية الأداء الخاصة فكلاهما يخرجان من نطاقها ، وبالتالي لا يخضعان لقانون الجنسية.
اذن فالمقصود هنا هو الأهليات العامة المرتبطة بسن التمييز بالنسبة للشخص الطبيعي أما الأهليات الخاصة فهي لا تخضع لقانون الجنسية و انما يسري عليها القانون الذي يحكم العلاقة مثلما تقضي به بعض التشريعات الغربية فيما يخص عدم أهلية الزوجة للقيام ببعض التصرفات
الإستثناأت :
إلا أن هناك استثناأت وردت عن خضوع الأهلية لقانون الجنسية حيث استثنى المشرع الجزائري الأهلية من الخضوع لقانون الجنسية في الحالة التي يجهل فيها المتعاقد مع أجنبي أنه ناقص الأهلية وقفا لقانونه ويرجع جهله بنقص أهليته إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينه المادة 10 الفقرة الثانية ، وهو نفسه الاستثناء الذي أقرته المادة 11 فقرة 2 من القانون المدني المصري ، وكذا المادة 40 فقرة 2 من القانون الدولي الخاص التونسي .
وقد أخذ القضاء الفرنسي بهذا الاستثناء في قضية شهيرة في فقه القانون الدولي الخاص تسمى بقضية ” Lيزاردي ” ، وتعتبر هذه القضية الأصل التاريخي لهذا الاستثناء بالنسبة للتشريعات التي أخذت به ، وتتلخص وقائعها في أن شابا مكسيكيا في الثالثة والعشرين من عمره يسمى ” ليزاردي” اشترى من تاجر فرنسي بعض المجوهرات وحرر مقابل ثمنها عدة سندات ولما حل أجل الوفاء بها امتنع عن الوفاء ، ولما أقيمت دعوة ضده دفع ببطلان السندات التي حررها لنقص أهليته وفقا لقانون جنسيته الذي يحدد سن الرشد بخمسة وعشرون سنة فصدر الحكم لغير صالحة بحيث يلزمه بدفع قيمة السندات ، وقد أيدت محكمة النقض هذا الحكم على أساس أن الشخص لا يفترض فيه العلم بكافة قوانين العالم ويكفيه أن يكون قد تعاقد بدون خفة ولا رعونة وأن يكون حسن النية و هو ماجاء في حكمها الصادر في 16 جوان 1861 ثم استقر القضاء الفرنسي على هذا الإتجاه، عكس القضاء الألماني الذي يأخذ بنفس القاعدة السابقة و لكن دون قيد أو شرط :ويبني الفقهاء الفرنسيون هذا الإستثناء على أساس المصلحة الوطنية التي تقضي باستبعاد القانون الأجنبي اذا كان تطبيقه ضارا بالمصلحة الوطنية ؛في حين يستند جانب آخر من الفقه الى فكرة النظام العام و كطا افثراء بلا سبب .وفي الحقيقة فانه و حسب الأستاذ علي علي سليمان فان الجهل بالقانون الأجنبي واقعة قانونية تكفي كمبرر لهذا الإستثناء دون الحاجة الى تلمس أسباب أخرى .
وقد اختلف الفقه في أساس هذا الاستثناء ، فمنهم من بناه على المصلحة الوطنية أي متى كان القانون الأجنبي يضر بمصالح المتعاقد الوطني ينبغي الامتناع عن تطبيقه ، ومنهم من بناه على فكرة النظام العام ، أي في حالة تعارض القانون الأجنبي مع الأسس الجوهرية التي يقوم عليها مجتمع دولة القاضي ، ومن الفقه من بناه على فكرة الإثراء بلا سبب.
بينما تلمس الفقه الراجح أساس هذا الاستثناء في حيثيات حكم محكمة النقض الفرنسية نفسها ، فقد جاء في حيثياتها في قضية ” ليزاردي ” أن المتعاقد الوطني يعد معذورا في جهله بالقانون الأجنبي ويتماشى هذا التبرير في الواقع مع الرأي القائل بأن القضاء الفرنسي يعامل القانون الأجنبي معاملة الوقائع ، وقد لاقى هذا الأساس تأييد كبيرا عند من يقول بأن القانون الأجنبي ينبغي أن لا يعامل معاملة القانون وإنما ينبغي اعتباره عنصرا من عناصر الواقع .
و بالتالي فانه اذا كان الأصل أن قانون الجنسية هو الذي يبين لنا سن الرشد و عوارض الأهلية و حكم التصرفات التي يقوم بها غير المميز و متى يعتبر القاصر مأذونا له بادارة أمواله ..و الجزاء المترتب عن مخالفة هذه القواعد.
فانه بالرجوع إلى القانون المدني الجزائري فإنه يتضح من المادة 10 في فقرتها الثانية والتي أدخلت الاستثناء على القاعدة العامة أنه يشترط لإعماله الشروط التالية :
و أن يكون التصرف الذي أبرمه الأجنبي من التصرفات المالية ، فتخرج بذلك من نطاق الاستثناء التصرفات المتعلقة بالأحوال الشخصية كالزواج مثلا .
و أن تعقد هذه التصرفات في الجزائر وتنتج أثارها فيها ، وعليه لا مجال لإعمال هذا الاستثناء في الحالة التي يتم فيها التصرف في الجزائر وينتج أثره في الخارج ، وكذلك لا مجال لإعماله في الحالة التي يتم فيها التصرف في الخارج وينتج أثره في الجزائر.
وقد تساءل الفقه حول جنسية المتعاقد مع أجنبي هل يشترط أن يكون جنسيته جزائرية أم لا ؟ .
الملاحظ أن النص لم يشترط صراحة أن يكون المتعاقد مع أجنبي جزائري غير أنه يفهم من عبارة النص “إذا كان أحد الطرفين أجنبيا”ء و بمفهوم المخالفة ء أن الطرف الأخر يجب أن يكون وطنيا .
و أن يكون المتعاقد الأجنبي كامل الأهلية وفقا للقانون الجزائري وناقصها وفقا لقانونه الوطني(القانون الأجنبي).
يرى الدكتور أعراب بلقاسم أن نص المادة 10 فقرة 2 لم يتضمن صراحة هذا الشرط ولكنه شرط يفرضه المنطق السليم ، لأنه لا يمكن تصور إعمال هذا الاستثناء إذا كان الأجنبي ناقص الأهلية أيضا وفقا للقانون الجزائري ، ذلك أنه إذا كان يعذر المتعاقد مع أجنبي في جهله بنقص أهليته وفقا لقانونه الشخصي فإنه لا يعذر في جهله بنقص أهليته وفقا للقانون الجزائري .و على ذلك فاذا كان ذلك الشخص ناقص الأهلية أيضا في نظر القانون الجزائري فلا يسري هذا النص.
و أن يكون نقص أهلية الأجنبي راجعا إلى سبب فيه خفاء لا يسهل تبينه ، أي أن يكون المتعاقد مع الأجنبي معذورا في جهله بنقص أهلية الأجنبي الذي تعاقد معه ، ولقضاة الموضوع سلطة تقديرية في ذلك ، ويكون ذلك وفقا لمعيار الرجل العادي ، فإذا كان في إمكان الرجل العادي الموجود في نفس ظروف المتعاقد مع أجنبي أن يتبين نقص أهليته فلا مجال حينئذ للتمسك بهذا الاستثناء كالحالة التي يكون فيها المتعاقد معه صبيا صغيرا أو مجنونا مطبقا.
تجدر الإشارة في الأخير الى أنّ الأهلية في الولايات المتحدة الأمريكية و روسيا كمثالين بارزين يحكمها قانون المحل الذي أبرم فيه العقد.
ومتى توافرت الشروط السابقة جميعا مع أجنبي معذور يحق له حينئذ التمسك بهذا الاستثناء ، ويعتبر التصرف الذي أبرمه معه صحيحا ومنتجا لأثاره .
اترك تعليقاً