للباحث الحسين أمزي
يتطلع بنك المغرب في القانون البنكي الجديد،إلى ممارسة رقابته على البنوك التشاركية في مجالات عدة،بهدف مساندتها ودعمها،وتيسير عملها والمحافظة على مراكزها المالية، وسلامة أدائها المالي،فضلا على سلامة أموال الزبناء المودعين من خلال توفير ضمانات كفيلة بحمايتها.ويستند البنك المركزي في ذلك إلى مجموعة من النصوص القانونية الكفيلة بإحكام رقابته على ممارسة المهنة البنكية،من أجل الحفاظ على التوازنات وضمان الاستقرار النقدي وقيمة العملة،بحيث لا يسمح بمزاولتها إلا للبنوك التشاركية التي تتوفر فيها الشروط المالية والتقنية والقانونية الكفيلة بتحقيق الأهداف التي يتوخاها المشرع.
ومن أجل تتبع الأوضاع المالية للبنوك التشاركية،والتأكد من مدى مزاولتها للمهنة وفق القوانين الجاري بها العمل في هذا المجال،تعمل السلطات النقدية على مراقبة أنشطة البنوك التشاركية،حتى لا تتعرض هذه الأخيرة لصعوبات مالية تؤثر سلبا على استمراريتها و تعصف بثقة الزبناء المتعاملين معها.
وسنحاول في هذا الورقة البحثية الوقوف على مختلف المستجدات القانونية للرقابة البنكية على البنوك التشاركية في المغرب في إطار القانون البنكي الجديد رقم 103.12، خصوصا وأن المشرع يهدف من ورائه إلى تعزيز الرقابة على مؤسسات الائتمان وفق المعايير المعمول بها دوليا.من خلال تمكين بنك المغرب من أدوات قانونية للقيام بالرقابة الكفيلة بتحقيق الأهداف المتوخاة منها.
وعليه سنعمل باختصار شديد خلال الجزء الأول من هذه الدراسة على تسليط الضوء على رقابة البنك المركزي-بنك المغرب- لشروط مزاولة المهنة البنكية من خلال المطلب الأول،في حين سنخصص المطلب الثاني لرقابة البنك المركزي للوضعية المالية للبنوك التشاركية،وستتم الدراسة في ضوء مستجدات القانون البنكي بالمغرب، على أمل أن نخصص الجزء الثاني لاحقا للحديث عن الرقابة الشرعية على البنوك التشاركية.
المطلب الأول: رقابة بنك المغرب على البنوك التشاركية.
بما أن البنوك التشاركية هي جزء لا يتجزأ من الجهاز البنكي، فإنها تخضع لنفس النظام الرقابي الذي يطبق على البنوك التقليدية من قبل البنك المركزي، فالبنوك التشاركية تمثل إحدى وحدات الجهاز البنكي، ولابد من خضوعها لرقابة البنك المركزي وفحصها وتفتيشها بواسطته.
وفي إطار السياسات النقدية والمالية والاقتصادية السارية، تطبق على البنوك التشاركية نفس الأحكام الخاصة بالترخيص لمزاولة العمل البنكي،لذلك اشترط المشرع المغربي على هذه البنوك ضرورة توفرها على مجموعة من الضوابط القانونية من أجل الترخيص لها بممارسة المهنة البنكية بالمغرب، والتي لا تختلف عن تلك التي تنشأ بمقتضاها البنوك التقليدية، من خلال الحصول على اعتماد من طرف والي بنك المغرب،
بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان، حيت يتأكد من توفر البنك التشاركي على كافة الشروط القانونية المتطلبة لتأسيس المؤسسة البنكية من جهة، ومدى جودة المشروع المزمع إنجازه وملاءمته بالنسبة للوسائل البشرية والتقنية والمالية للمؤسسة البنكية التشاركية طالبة الاعتماد من جهة أخرى، وبناء على ذلك يؤهل بنك المغرب في إطار دراسة طلب الاعتماد للمطالبة بجميع الوثائق والمعلومات التي يراها مناسبة.
و تماشيا مع ذلك حدد القانون البنكي الجديد،ضوابط لكي يتم قبول تسجيل بنك تشاركي باعتباره بنكا،والتصريح له بمزاولة المهنة البنكية،حيث يتعين على المؤسسة البنكية التشاركية الحصول على إذن مسبق،لذلك ألزم المشرع بنك المغرب بالتأكد من الشروط التي حددها والتي بموجبها يمنح الاعتماد لممارسة المهنة البنكية.
وتجدر الإشارة أنه يحق لبنك المغرب مطالبة المقاولة الراغبة في ممارسة النشاط البنكي التشاركي، بإمداده بجميع الوثائق والمعلومات التي يراها ضرورية، وبعد دراسة طلب الاعتماد يمكن لوالي بنك المغرب منح الاعتماد المطلوب،وتبليغه للمقاولة المعنية،أو رفضه داخل أجل لا يزيد عن أربعة أشهر، ويتم نشر مقرر منح الاعتماد بالجريدة الرسمية،وتبلغ نسخة منه إلى الوزير المكلف بالمالية،وإلى الجمعية المهنية لبنوك المغرب.
ومن أجل ضمان حسن سير العمل البنكي وحماية أموال المودعين،يضطلع بنك المغرب في صلب القانون البنكي الجديد بمجموعة من الصلاحيات لممارسة الرقابة على البنوك التشاركية، من خلال تمكنه بالاطلاع على الوضعية المالية والمحاسبية للمؤسسات البنكية التشاركية،ومراقبة مدى تقيد هذه الأخيرة بالضوابط المعمول بها قانونا وبالتوجيهات المقدمة لها من بنك المغرب.
لذلك تناط بالبـنوك المركزية مهمة الحفاظ على سلامة المراكز المالية للبنوك، وحماية أموال المودعين فيها، وتوجيه النشاط البنكي والتمويلي والنقدي في الاتجاه الذي يخدم السياســـة الاقتصادية للمجتمـع، ويحقق أهدافـه الائتمانية،والرقابة المصرفية هي الوسيلة لتحقيق كل هذه الأهداف.
وتتجلى أهمية الرقابة البنكية في كون الهدف الأساسي لهذه الأخيرة هو الحفاظ على الاستقرار، وصيانة الثقة الموضوعة من طرف العموم في النظام المالي، وذلك لتقليص خطر الخسارة التي قد تصيب المودعين لأموالهم لدى البنوك التشاركية والدائنين الآخرين.
كما أن الهدف الأساسي من الرقابة البنكية عموما يتمثل في إيجاد توازن بين الكتلة النقدية، أي مجموع وسائل الدفع المتاحة من نقد وائتمان من جهة، و الإنتاج الوطني من السلع والخدمات من جهة أخرى، وهو توازن حيوي بالنسبة للاقتصاد الوطني لتجنب التضخم وأثاره،والذي يؤدي حتما إلى تدهور قيمة العملة المحلية وقدرتها الشرائية.
ولمباشرة بنك المغرب للرقابة البنكية، لابد من توافر وسائل تمكنه من الإطلاع على الوضعية المالية والمحاسبية للبنوك التشاركية، وعلى مدى تقيدها بالتوجيهات والضوابط اللازمة، و الوقوف على مدى قدرة وفعالية أجهزة الرقابة الداخلية لهذه البنوك.لذلك مكنت مختلف التشريعات-وفي طليعتها التشريع المغربي-البنوك المركزية من ممارسة تلك الرقابة في شكلين مختلفين، هما الرقابة المستندية والرقابة الميدانية.
1-مفهوم الرقابة المستندية .
ترتكز الرقابة المستندية على فحص الوثائق والمستندات المحاسبية والاحترازية، حيث تنجز هذه الرقابة على أساس المستندات التي ترسلها البنوك التشاركية إلى بنك المغرب بانتظام، كما تتدعم أيضا بالمقابلات المنتظمة التي يجريها المكلفون بالرقابة مع أطر ومسيري مؤسسات الائتمان.و يمكن تعريفها أيضا بأنها الرقابة المتعلقة بفحص التقارير والبيانات والإحصائيات،ومختلف الوثائق التي سترسلها المؤسسات البنكية التشاركية لبنك المغرب،وفقا للنماذج التي يحددها هذا الأخير.
و يقوم بنك المغرب بإجراء هذه الرقابة بواسطة مأموريه أو أي شخص آخر ينتدبه والي بنك المغرب لهذه المهمة.
و كما أشرنا سابقا في تعريف المراقبة المستندية، فهذه الأخيرة تقوم على أساس فحص الوثائق والمستندات المحاسبية والإحترازية التي ترسلها المؤسسات البنكية إلى بنك المغرب بانتظام.
وقد ألزم المشرع المغربي المؤسسات البنكية التشاركية بأن تبلغ إلى بنك المغرب قوائمها التركيبية المعدة بصورة فردية ومثبتة أو مثبتة فرعية مشفوعة بتقرير مراقبي حساباتها، وذلك وفق الكيفيات المحددة بمنشور يصدره والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان ، كما ألزم المشرع على فروع البنوك الأجنبية الراغبة في الإستثمار في المالية التشاركية، أن تمسك في مقار مؤسساتها الرئيسية المقامة في المغرب محاسبة العمليات التي تقوم بها.
2-مفهوم الرقابة الميدانية.
تعتبر الرقابة الميدانية من أهم أدوات الرقابة البنكية،والتي تهدف إلى دراسة وفحص المركز المالي الإجمالي للمؤسسة البنكية التشاركية، بمجموعة فروعها وإداراتها في وقت واحد، للتحقق من مدى سلامة المركز المالي للبنك التشاركي، وتقويم نظم العمل والرقابة الداخلية المطبقة، والإطمئنان إلى صحة البيانات والإحصاءات الدورية وغير الدورية، التي يقدمها إلى البنك المركزي،
كما يهدف إلى التحقق من سلامة الإستثمارات،وكفايتها لمقابلة الإلتزامات،وسيولتها لمواجهة طلبات السحب في الأجل القصير.كما يولي التفتيش عناية كبيرة بفحص مدى إلتزام البنوك التشاركية بالتشريعات البنكية والمنشورات الصادرة من البنوك المركزية.
و قد نص القانون البنكي الجديد،على طريقة ممارسة المراقبة الميدانية على البنوك التشاركية في الفقرة الثالثة من المــــادة 80 من مشروع القانون البنكي رقم 103.12 بقولها “… وفي هذا الإطار، يؤهل بنك المغرب لإجراء مراقبة في عين المكان…”كما نص نفس القانون في المادة 112 منه بأن بنك المغرب مؤهل بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسة الائتمان،لإبرام اتفاقيات ثنائية مع الهيئات المكلفة في دول أجنبية بمهمة الرقابة،
بغرض تحديد الشروط التي يمكن لكل طرف أن يبعث وفقها،ويتلقى المعلومات المفيدة لمزاولة مهنته،ويتم إجراء المراقبة في عين المكان على المؤسسات البنكية التابعة،أو فروع مؤسسات الإئتمان المقامة بتراب كلا الطرفين،وتتعلق المراقبة،في عين المكان المشار إليها أعلاه،باحترام القواعد الإحترازية ونوعية المخاطر، قصد السماح بإجراء مراقبة مجمعة للوضعية المالية للمجموعات البنكية والمالية.
وتتعلق أعمال التفتيش بمتابعة المؤسسة البنكية التشاركية فيما يقع لها من حوادث ووقائع ،من شأنها أن تؤثر على المركز المالي للبنك، وذلك بالدراسة والفحص للتعرف على الأسباب والملابسات المصاحبة لتلك الحوادث، كما يتم فحص القروض والتسهيلات الائتمانية، بالإضافة إلى التأكد من مدى تقيد المؤسسة البنكية التشاركية بقوانين الرقابة والقرارات المنفذة لها، وتقدير مدى كفاية إدارة المؤسسة البنكية.
وبعد الإنتهاء من عملية التفتيش، يكون المراقبون في وضع يمكنهم من تقويم المركز المالي الحقيقي للمصرف، وتقدير العجز في أصوله واستثماراته،ومدى تغطيته برأس المال والإحتياطات والمخصصات، أو مساسه بحقوق المودعين وغيرهم من الدائنين، كما يكون من الميسور له إيضاح السياسات والمبررات التي أدت إلى هذه النتيجة، و بمجرد الانتهاء من التقرير يقوم بنك المغرب بتبليغ نتائج الرقابة الميدانية وتوصياتها إلى مسيري المؤسسة البنكية التشاركية المعنية حسب مقتضيات المادة 83 من القانون البنكي.
المطلب الثاني:الرقابة على الوضعية المالية للبنوك التشاركية.
يتمتع بنك المغرب، في صلب القانون البنكي المغربي رقم 103.12 بالعديد من الصلاحيات فيما يخص اتخاذ وتوجيه القرارات المتعلقة بمراقبة نشاط البنوك، وبالسهر على حسن سير العمل البنكي. لتفادي كل ما من شأنه أن يقف حاجزا أمام تحقيق الغاية التي تواخاها المشرع المغربي من وراء إخضاعه النشاط البنكي لمراقبة السلطات النقدية.
ففي هذا السياق يلاحظ أن بنك المغرب، ممثل في جميع الهيئات الإستشارية المحدثة بموجب القانون البنكي،بكيفية تسمح له بممارسة السلطات الموكولة إليه في مجال تتبع عمل المؤسسات البنكية،وفق ما تمليه من جهة ضرورة الحفاظ على سمعة السوق البنكية المغربية،ومقومات السياسة المالية والنقدية المسطرة من قبل الدولة في هذا المضمار، ومن جهة أخرى ضرورة حماية حقوق الزبناء من مودعين ومقترضين.
ويهدف القانون البنكي الجديد إلى تفعيل الرقابة،لاسيما أن هذا القانون يتضمن إنشاء مؤسسات ذات مرجعية إسلامية بالمغرب ممثلة في البنوك التشاركية، ولضمان الحفاظ على الوضعية المالية لهذه الأخيرة -لاسيما وأن عملياتها البنكية تقوم على المخاطرة- عمل المشرع على تقوية وتعزيز القواعد الاحترازية لهذه البنوك،إنسجاما مع المعايير الدولية، لاسيما تلك المتعلقة بالأموال الذاتية،وتدبير المخاطر كما حددتها لجنة بازل للرقابة على البنوك.
وعليه عمل المشرع في هذا الإطار على وضع ترسانة قانونية لعمل جهاز مراقبي الحسابات،وأناط بهم مهمة ضبط الإختلالات التي يمكن أن تشوب مالية المؤسسة البنكية التشاركية،من خلال مراقبة تدبيرها المحاسباتي،علاوة على إلزام البنوك التشاركية بتوفرها على نظام للرقابة الداخلية يسمح بتحديد المخاطر التي قد تتعرض لها،فضلا عن إلزامها كذلك بإحداث لجنة تدقيق مكلفة بضمان وتقييم تنفيذ أنظمة المراقبة الداخلية، ولجنة أخرى مكلفة بتتبع عملية تحديد وتدبير المخاطر.
1-تعيين مراقبي الحسابات.
ألزم المشرع البنوك التشاركية،بضرورة تعيينها لمراقبين للحسابات بعد موافقة بنك المغرب، وقد حدد القانون رقم 17.95 المنظم لشركات المساهمة،شروط مزاولة مهام مراقب الحسابات،والتي تلزم هذا الأخير بضرورة التسجيل في جدول هيئة الخبراء المحاسبين ،حتى يتسنى لهم إكتساب صفة مراقب الحسابات، بعد أن يكون غير معنين بحالات المنع من مزاولة مهمة مراقب الحسابات المحددة قانونا،
ومن أجل منع تضارب المصالح في مزاولة تلك المهام،نصت المادة 102 من القانون البنكي على أنه في حالة تعيين مراقبين إثنين للحسابات،لا يجوز أن يكونا ممثلين أو منتمين لمكاتب تجمع بينهما روابط، كما ألزم المشرع في نفس المادة ضرورة توفير جميع الضمانات الكفيلة بمنح الإستقلال التام لجهاز مراقب الحسابات داخل المؤسسة البنكية التشاركية الخاضعة للرقابة.
وقد منع المشرع تجديد إنتداب مراقبي الحسابات،الذين قاموا بمهمتهم لدى نفس المؤسسة البنكية التشاركية،طوال إنتدابين متتاليين لمدة ثلاث سنوات إلا بعد انصرام أجل ثلاث سنوات على نهاية آخر إنتداب،مع مراعاة موافقة بنك المغرب على ذلك.
ولا بأس أن نشير إلى أن المنشور المتعلق بتحديد اختصاصات مراقبي الحسابات في مؤسسات الائتمان قد حافظ على نفس المقتضيات القانونية المتعلقة بتعيين مراقبي الحسابات في البنوك التجارية،والتي نص عليها القانون المنظم لشركات المساهمة باستثناء زيادة شرط موافقة بنك المغرب.
ونظرا لما تحتاجه الرقابة الحسابية والمالية من خبرات فنية ومحاسبية،فإنها تسند إلى أشخاص متخصصين،هم مراقبي الحسابات، تعينهم الجمعية العامة للمساهمين، وتحدد سلطاتهم،وتوفر الضمانات اللازمة لقيامهم بوظائفهم.
فلمراقبي الحسابات في أي وقت الإطلاع على جميع دفاتر البنك،وسجلاته ومستنداته، ولهم الحق في طلب البيانات والإيضاحات التي يرون ضرورة الحصول عليها، وهم معنيون بالتحقق من موجودات البنك وإلتزاماته،و يتعين على مجلس الإدارة أن يمكنهم من كل ما تقدم.
وبالرجوع إلى مقتضيات المادة 100 من القانون البنكي الجديد التي تقضي بأنه “يعهد إلى مراقبي الحسابات بمهمة مراقبة الحسابات وفقا لأحكام القسم السادس من القانون رقم 17.95 المتعلق بشركات المساهمة؛التأكد من احترام التدابير المتخذة تطبيقا لأحكام المواد 71 و76و 80 أعلاه، و التحقق من صدق المعلومات المقدمة إلى الجمهور ومن مطابقتها للحسابات.”
ويتولى مراقبو الحسابات، مهمة التحقق من القيم والدفاتر والوثائق المحاسبية للبنك التشاركي،بالإضافة إلى مراقبة مطابقة محاسبة البنك للقواعد المعمول بها، زيادة على التحقق من صحة المعلومات الواردة في تقرير التسيير لهيئة الإدارة من جهة أولى، والتحقق من الوثائق الموجهة للمساهمين،والمتعلقة بذمة ووضعية الشركة المالية وبنتائجها ومن تطابقها مع القوائم التركيبية من جهة ثانية،ثم التأكد من احترام قاعدة المساواة بين المساهمين، ومدى التزام البنك التشاركي باحترام القواعد الاحترازية وتوفره على نظام ملائم للمراقبة الداخلية من جهة ثالثة.
ويقوم مراقبو الحسابات،بإعداد تقارير يوضحون فيها نتائج قيامهم بمهامهم،كما حددها القانون،ويتم تبليغها فقط إلى بنك المغرب حسب قاعدة السر المهني.
ويتعين على مراقبي الحسابات إخبار بنك المغرب في الحال،بكل فعل أو قرار يطلعون عليه خلال مزاولتهم لمهامهم لدى البنك التشاركي،وأنه يشكل خرقا لأحكام النصوص التشريعية أو التنظيمية المطبقة على مؤسسات الإئتمان،خاصة إذا كان الفعل أو القرار سيلحق ضررا بالوضعية المالية للمؤسسة البنكية التشاركية أو أن يعرض استمرارية الاستغلال للخطر،أو أن يؤدي إلى تقديم تحفظات، أو إلى رفض الإشهاد على الحسابات.
وتنتهي مهام مراقبي الحسابات، إما طبقا للقواعد العامة،أو إذا تدخل بنك المغرب لإنهائها.
حيث تنص المادة 106 من القانون البنكي الجديد على أن بنك المغرب يرفع أمر إنهاء مهام مراقبي الحسابات إلى الأجهزة المقررة بالمؤسسات البنكية الخاضعة لرقابته، وتعويضه بمراقب حسابات آخر، في حالة تبوث عدم تقيده بأحكام الفصل الثاني من الباب الخامس المتعلق بمراقبة مؤسسات الإئتمان من طرف مراقبي الحسابات، أو في حالة صدور عقوبات تأديبية في حقه من لدن هيئة خبراء المحاسبين، أو عقوبات جنائية تطبيقا لأحكام القانون رقم 17.95 المنظم لشركات المساهمة.
2- نظام المراقبة الداخلية بالبنوك التشاركية.
ألزم المشرع المغربي البنوك التشاركية بالتوفر وفق الشروط المحددة بمنشور يصدره والي بنك المغرب بعد استطلاع رأي لجنة مؤسسات الائتمان،على نظام ملائم للمراقبة الداخلية، وقد أسند المشرع أمر إحداث هذا النظام وتسييره لأجهزة الإدارة والتسيير داخل المؤسسة البنكية التشاركية.
و يقصد بنظام المراقبة الداخلية،تحديد جميع المخاطر التي تتعرض لها البنوك التشاركية وقياسها ورقابتها، وأن تقيم أجهزة تمكنها من قياس مردودية عملياتها.و يمكن تعريفه أيضا بكونه “مجموعة من المساطر والأعمال، ينفذها إطار أو آلة أو أي عضو وظيفي، وفق برنامج معين مستعينا في القيام بأعماله على تقنيات خاصة، من خلال ضمان سلامة المعالجات،والمساعدة على فعالية الإنتاج والتقليل من المخاطر،و يشمل هذا النظام جميع المصالح والوظائف داخل البنك، ويستدعي انخراط ومشاركة كافة العاملين به”.
وقد عرف الإتحاد الدولي للمحاسبين نظام الرقابة الداخلية بأنه نظام: “يحتوي على الخطة التنظيمية ومجموع الطرق والإجراءات المطبقة من طرف الإدارة بغية دعم الأهداف المرسومة،لضمان إمكانية السير المنظم والفعال للأعمال، هذه الأهداف تشتمل على احترام السياسة الإدارية وحماية الأصول والوقاية واكتشاف الغش والأخطاء، وتحديد مدى كمال الدفاتر المحاسبية،وكذلك الوقت المستغرق في إعداد المعلومات المحاسبية ذات المصداقية”،
لذلك فإن نظام المراقبة الداخلية بالبنوك التشاركية،يعتبر من إحدى وسائل الإدارة في الرقابة والاطمئنان إلى سلامة وضبط العمل، وتنفيذ جميع العمليات البنكية وفق التعليمات الموضوعة والقواعد المقررة، وكذلك توجيه العاملين بالبنك التشاركي إلى ما يكفل صحة وانتظام العمل، وتصحيح وتسوية ماقد يوجد من أخطاء أو نقص، مما يساعد على رفع مستوى الأداء.
و لقد أصدر والي بنك المغرب دورية رقم 40/و/2007 مؤرخة في 02 غشت 2007، تتعلق بالمراقبة الداخلية لمؤسسات الإئتمان، نص فيها على خمس أسس تتمثل في مراجعة المساطر الداخلية،والتحكم في مراقبة المخاطر والقياس المنظم والمبرمج لهذا التحكم، بالإضافة إلى اعتماد شروط جمع وتحصيل المعلومات المحاسبية والمالية ومعالجتها وإصدارها والحفاظ عليها، فضلا عن فعالية قنوات الإتصال فيما يخص نقل المعلومات والمستندات داخليا،وإصدارها وتوزيعها على كل من يهمهم الأمر.
فهدف المراقبة الداخلية هو التحكم في المخاطر التي قد تعترض المؤسسة البنكية التشاركية، والحيلولة دون وقوع الأخطاء،والعمل على تصحيحها، كما تعمل على اكتشاف الثغرات التي تؤدي إلى حدوث خلل ما بالبنك، فضلا عن مراقبة مدى احترام هذه المؤسسة البنكية للقوانين والأعراف المهنية، واستخدامها الجيد للموارد المتوفرة، واتخاذ جميع التدابير الوقائية ضد الغش والسرقة وكل الأعمال المشبوهة.
خاتمة
خلاصة القول،إن تميز البنوك التشاركية عن غيرها من البنوك التقليدية من حيث خصوصيتها القائمة على عدم التعامل بالفوائد الربوية،لا يجعلها في منأى عن الإلتزامات الواجبة عليها تجاه الجهاز البنكي التقليدي الذي ستعيش في ظله بعد اعتمادها بالمغرب، وتمارس نشاطها تحت سلطته، من هذه الالتزامات نجد خضوعها الطوعي للرقابة المصرفية التي يجريها البنك المركزي على كافة البنوك والمؤسسات المالية التي تمارس نشاطها في إقليم الدولة مهما كان شكلها،عمومية كانت أو خاصة، إسلامية كانت أم تقليدية.
لذا يمكن اعتبار المغرب من البلدان التي ستستقبل تجربة البنوك التشاركية،غير أن ممارستها لنشاطها سيتم في ظل قوانينه السابقة مع بعض الاستثناءات، وبالتالي فإن القانون البنكي الجديد لم يتم أقلمته مع طبيعة العمل البنكي التشاركي،مما يتضح معه أن الطريق صعب أمام تلك البنوك بالمغرب.
وبصفة عامة يمكن تحديد علاقة البنك المركزي بالبنوك التشاركية في ظل النظام البنكي التقليدي فيما يلي :
-تقيد البنك التشاركي بالتعليمات الصادرة من البنك المركزي في إيداع العملات الأجنبية وسحبها.
-إيداع البنك التشاركي نسبة معينة من مجموع ودائعه في شكل نقد لدى بنك المغرب،وذلك حفاظا على مركزه المالي،وحفاظا على حقوق المودعين والمستثمرين والمساهمين،وهذه الفوائد يمنح عليها بنك المغرب فوائد.
-لجوء بنك المغرب إلى الاقتراض –تنفيذا للسياسة النقدية-من البنوك التجارية عن طريق بيع السندات بفوائد، لكن البنوك التشاركية تعتبرها من باب الإقراض بالفائدة، لذلك يقترح العمل بسندات المقارضة المبنية على المشاركة في الربح والخسارة.
-قيام بنك المغرب بتحديد سقف الإئتمان الإجمالي الذي يمنحه أي بنك في مدة معينة، ويطبق ذلك على البنوك التشاركية، علما أن تمويلاتها تكون على سبيل المشاركة في الربح والخسارة عن طريق الاستثمار وليس عن طريق القرض، وبالتالي فإن تقييدها بالسقف الائتماني يعتبر عائقا أمام ممارسة نشاطها المختلف تماما عن البنوك التقليدية.
-تحديد بنك المغرب نسبة رأس المال بالنسبة إلى الودائع، وذلك لتحقيق الأمان للمودعين، ويطبق ذلك على جميع أنواع الودائع، لكن هذا ممكن بالنسبة للبنوك التقليدية، أما بالنسبة للبنوك التشاركية فإن الودائع الادخارية لا تعتبر قرضا، وإنما تعتبر ودائع استثمارية تخضع للربح والخسارة، فلا يمكن تطبيق هذه النسبة، لأن البنك التشاركي ضامن لها.
اترك تعليقاً