ينقسم الطلاق باعتبار ما يحدثه من أثر الى قسمين :-
أولهما الطلاق الرجعي : وهو الذي يمكن فيه للمطلق أن يعيد من طلقها إلى عصمته طلما هي في العدة فإن انتهت عدتها انتقل إلى الآخر إلى القسم الثاني من الطلاق.
ثانيهما الطلاق البائن :- وهو الطلاق الذي لا يمكن فيه للمطلق أن يعيد من طلقها إلى عصمته إلا بعد موافقتها وبعقد ومهر جديدين وذلك إذا كانت البينونة بينونة صغرى فإن كانت البينونة بينونة كبرى فإنه لا يمكن للمطلق أن يعيد من طلقها إلى عصمته إلا بعد أن تنكح زوجاً غيره ويعاشرها زوجها الجديد معاشرة الأزواج الشرعيين ثم يقوم بتطليقها.
ومن هذا يتبين أن الطلاق البائن ينقسم هو الآخر إلى قسمين :-
الأول منهما : البائن بينوة صغرى . الثاني منهما : البائن بينونة كبرى
وفيما يلي حديث عن كل قسم مما ورد ذكره .
أولاً : الطلاق الرجعي :-
إذا تعرضت الحياة الزوجية لأمر ما من الأمور التي تغير من مجراها فإن الشرع الشريف يدعوا كلا الطرفين إلى التروي والتريس ومعالجة الأمر بالحكمة فإذا وقع الطلاق أمهل الشرع الشريف الزوج وإعطاه فرصة معالجة ما وقع منه واصلاح ما أفسده الشيطان فاعطى الشرع المطلق طلاقاً رجعياً فرصة إعادة زوجته إلى عصمته مرة أخرة بل الزم الزوجة أن تنتظر فترة العدة فلا يمكنها أن ترتبط فيها برجل آخر وجعل الإسلام لمن طلقها الحق في إعادتها إلى عصمته طالما كان الطلاق رجعيا طوال فترة العدة ومن غير رضاها وليخفف عليه لم يلزمه بمهر جديد كل ذلك من غير عقد جديد .
ويبين ايضا أن الطلاق الرجعي00 هو الذي يقع من الزوج بعد الدخول بزوجته دخولا حقيقيا أو حكمياً سواء أكان الطلاق الأول والثاني من غير أن يكون ذلك الطلاق على مال أو أن يكون بأمر القاضي إذا أن الطلاق على مال أو بأمر القاضي يقع طلاق بائنا وكذا ما في حكمهما .
وفي الطلاق الرجعي سواء أكان الأول أو الثاني يحق للمطلق إذ راجع نفسه وكانت من طلقها لاتزال في عدتها منه يحق له أن يعيدها إلى عصمته وهو أولى بذلك من غيره .
وزاد ابن حزم اشتراط00 ان يلفظ بالرجعة ويُشهد حتى تتم الرجعة إذ لا يكتفي ابن حزم بحدوث الرجعة بواحدة مما ذكر من غير أن يلفظ بالرجعة بواحد مما ذكر من غير أن يلفظ بالرجعة ويُشهد .
فمن راجع من غير إشهاد فليس مرجعاً عند ابن حزم واستدل لما ذكره بما جاء من قول الله تعالى فإذا بلغن أجلهن فامسكوهن بمعروف أوفارقوهن بمعروف واشهدوا ذوي عدل منكم 00وابن حزم يشترط الاشهاد ايضاً في الطلاق فمن طلق ولم يشهد فإنه يرى أن ذلك يرد عليه ولا يعد ذلك من عمل المسلمين .
وإلى مثل هذا ذهب الشافعي رضي الله تعالى عنهم أجمعين إذ هو يرى أن الرجعة لا تثبت للرجل على زوجته حتى يتكلم بالرجعة كما لا يكون نكاح ولا طلاق حتى يتكلم بهما .
ولا يخفى أن الشرع يأمر الزوج إذا طلق زوجته أن يبقيها في بيته طيلة زمن العدة ومن حقها أن تتزين له وما ذلك إلا بقصد أ ن يعيدها إلى عصمته فإذا رأي منها في زمن العدة ما أعجبه واراد مراجعتها بالفعل فباشرها فماذا يمنع من ذلك أليس هذا أستر من أن يقم عليه العقوبة التعزيزية أنه لم يرتكب أثما وأنما أراد مراجعة زوجته فكيف نعاقبه وقد سمحنا لها البقاء في بيت الزوجية طوال العدة وحرضناها أن تتزين له إن فعله هذا ما هو إلا إعلان عما في نفسه وترجمة صريحة في ظل أنه كما سماه القرآن بعلها اليس للزوج الحق في اتيان زوجته .
ثانياً : الطلاق البائن :-
الطلاق البائن هو طلاق لا يحق للمطلق أن يعيد من طلقها إلى عصمته من غير رضاها إذا كانت البينونة صغرى ولابد لذلك من عقد ومهر جديدين أما إذا كانت البينونة بينونة كبرى فإن المطلقة تحرم على من طلقها الطلاق الثالث تحريما مؤقتا فإذا تزوجت رجلاً آخر ومات عنها أو طلقها كان بإمكان من كان قد طلقها أولا أن يتقدم اليها خاطباً .
فالطلاق البائن إذا لا يمكن للمطلق أن يعيد من طلقها إلى عصمته إلا برضاها إذا كان ذلك الطلاق لم يصل حد البينونة الكبرى ولابد ولذلك من إجراء عقد جديد بكل ما يلزم لإجراء هذا العقد من شكلية وشروط وينتج عن هذا العقد كل ما ينتج عن عقد الزواج من آثار الملكة والحقوق والواجبات . هذا كله إذا كانت البينونة بينونة صغرى وتكون البينونة بينونة صغرى في حالات منها :-
أولاً : الطلاق وقبل الدخول :- من طلق زوجته قبل أن يدخل بها دخولا حقيقيا أو دخولا حكمياً فإنه ليس له عليها عدة تعتدها وعليه فإنها تبين منه بمجرد صدور الطلاق ولا يصح له عليها حق المراجعة من غير رضاها
ثانياً : إذا كان الطلاق طلاقاً رجعياً بأن كان الطلاق الأول بعد الدخول أو كان الطلاق الثاني ولم يراجعها حتى انقضت عدتها فإنها بعد انقضاء عدتها تصبح بائنة ممن طلقها الطلاق الأول أو الثاني المذكورين ولا يحق بعد إنتهاء العدة لمن طلقها أن يعيدها إلى عصمته إلا بموافقتها وعقد ومهر جديدين .
ثالثا : إذا كان الطلاق قد تم في مقابل مال تدفعه الزوجة لزوجها ليطلقها ومن هذا ما يعرف بالخلع وفيه تعرض الزوجة على زوجها ما يرضيه من مال في مقابل أن يطلقها فإذا طلقها في مقابل ما أخذ منها أو تنازلت له عنه من حقوقها فإن هذا الطلاق يقع طلاقاً بائنا بينونة صغرى
ومن هذا النوع من الطلاق كل ما يوقعه القاضي من طلاق للضرر أو غياب الزوج وغيره مادام غير مكمل للثلاث إذ أن ما يوقع القاضي من ذلك وأن أنهت به العصمة فلا ينتهي به الحل .
فالطلاق البائن بينونة صغرى00 يزيل الملك فلا يعد للزوج بعده على من كانت زوجته أي حقوق من حيث العصمة أو إمكان مراجعتها من غير عقد ومهر .
الطلاق البائن بينونة كبرى :-
اذا وقع الطلاق المكمل للثلاث بينهما لم يعد لهما حق الرجوع إلا بعد أن يذوقا الحرمان من النعمة التي أنعم الله عليهما ويرى ذلك الرجل المرأة التي طلقها ثلاثاً وقد أصبحت زوجة لغيره . فالطلاق الثلاث تبين به الزوجة بينونة كبرى ولا يحل لمن طلقها الطلاق المكمل للثلاث أن يعيدها إلى عصمته إلا إذا تزوجت رجلاً غيره زواجاً شرعيا فإذا مات عنها أو طلقها غدت حلا لمن كان قد طلقها قبل هذا الزواج الأخير فقد قال الله تعالى :” الطلاق مرتان فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجاً غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله ” .
فالطلاق البائن بينونة كبرى لا يبقى معه شيء من عصمة أو حل فليس لمن طلق الطلاق البائن بينونة كبرى الحق في مراجعة من طلقها بعقد أو بغيره بموافقتها أو من غير ذلك وإنما هي قد غذت عليه حراما وإن كان هذا التحريم تحرياً مؤقتا . ومن هذا المنطلق وكون هذا الزوج قد حرم زوجته على نفسه وفصل عرى ما جمعه الله تعالى وأحله له .
اترك تعليقاً