دراسة وبحث قانوني هام عن إقامة حجة الوفاة بقلم القاضية نور الشريف
إقامة حجة الوفاة بقلم القاضية نور الشريف
التقديم:
يعتبر الموت من الوقائع المادية ويبدو أن الطبيعة الواقعية للوفاة كانت السبب الرئيسي وراء اختلاف نظام إثباتها من تشريع إلى آخر[1].
فبالنظر في القانون المقارن نجد أن الوفاة تثبت في القانون المصري بواسطة “إقرار الإشهاد” وحسب المادة 25 من القانون رقم 1لسنة 2000 المؤرخ في 29/01/2000[2] يكون الإشهاد الذي يصدره القاضي حجة في خصوص الوفاة والوراثة والوصية الواجبة ما لم يصدر حكم على خلافه[3].ويتقدم بذلك طالب إشهاد الوفاة أو الوراثة أو الوصية الواجبة بطلب إلى المحكمة المختصة وهي المحكمة الجزئية التي يقع في دائرتها آخر موطن للمتوفي مرفقا به ورقة رسمية تثبت الوفاة وإلا كان الطلب غير مقبول.ويعلم الطالب الورثة والموصى لهم بوصية واجبة بالحضور أمام المحكمة في الميعاد المحدد أين يسمع القاضي الشهود الذين يستشهد بهم مقدم الطلب فإذا لم يقتنع بأقوالهم له الأمر بإجراء التحريات الإدارية اللازمة. وفي حالة نشوب نزاع أثناء النظر في الطلب بخصوص إنكار وصية أو صفة وارث ورأى القاضي جدية النزاع فإنه يحيل الطلب على المحكمة الابتدائية المختصة لتتخذ في شأنه ما تراه[4].
أما في القانون الفرنسي فنجد أن حجة الوفاة تحرر من قبل مأمور عمومي وهو عدل الإشهاد ويمكن اعتمادها لإثبات صفة وارث بالنسبة لشخص معين وذلك حسب تصريحات أقارب وأصدقاء الميت. ولا تتمتع حجة الوفاة في القانون الفرنسي بحجية مطلقة إذ يمكن الطعن فيها لكن طالما لم يقع الطعن فيها فهي تعاين صفة الوارث خاصة وأن عدل الإشهاد مطالب بإجراء تحقيقات معينة قبل تحريرها. وتختلف بذلك حجة الوفاة المعمول بها في القانون الفرنسي عن شهادة الوارث التي يعتمدها القانون الألماني والمعمول بها في مقاطعة “الألزاس لوران” بمقتضى قانون 1 أفريل 1924 ويقع الإدلاء بها من قبل قاضي الناحية بعد أن يقوم هذا الأخير بعمل استقرائي إذ هو يتثبت من صفة الوارث و منابه عند وجود تركة[5]. وهذه الشهادة ضرورية للتسجيل في الدفتر العيني وتعتبر قرينة قابلة لإثبات عكس ما يرد بها لكن نظرا لصدورها عن قاضي له قدرات تمكنه من التأكد من المعلومات الواردة بالشهادة فهي تتميز بقدر كبير من الجدية[6] وهي تغني عن الالتجاء لنظرية الأمر الظاهر بالنسبة للحقوق التي يكتسبها الغير عن حسن نية.
أما إثبات الوفاة في القانون التونسي وبالرغم من كون الموت من الوقائع الطبيعية التي تثبت عادة بجميع وسائل الإثبات فقد خصه المشرع بأحكام اثبات استثنائية وردت في القانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في أول أوت 1957 المتعلق بمجلة الحالة المدنية نظرا لما ينتج عنه من آثار. وحسب أحكام هذا القانون فأن الوفاة تثبت بكتب رسمي هو “رسم الوفاة” الذي يحرره مبدئيا ضابط الحالة المدنية بالمنطقة التي وقعت بها الوفاة ويقع تحريره طبقا لتصريح من أحد أقارب المتوفى أو من أي شخص لديه عن الحالة المدنية للميت وورثته إرشادات صحيحة بقدر الإمكان. ولا يوجد أي شرط يجب توفره في المصرح فلا فرق في ذلك بين الذكر والأنثى[7]. وأوجب الفصل 47 من قانون الحالة المدنية التنصيص على جملة من البيانات برسم الوفاة فيقع ذكر اسم المتوفى ولقبه ومكان وتاريخ الوفاة الساعة واليوم والشهر والسنة وتاريخ ومكان ولادة المتوفى وحرفته ومقره وجنسيته واسمي أبويه ولقبهما ومقرهما وجنسيتهما واسم القرين ولقبه إذا كان متزوجا أو أرملا أو مطلقا واسم من قام بالتصريح ولقبه وحرفته ومقره ودرجة قرابته بالمتوفى. وعلى ضابط الحالة المدنية أن يمتنع عن ذكر ظروف الوفاة سواء ما تعلق بأسبابها أو مكانها ويجب أن يقع الإعلام بالوفاة في أجل ثلاثة أيام وإذا لم يقع الإعلام في الأجل القانوني فإنه لا يمكن لضابط الحالة المدنية تضمينها بدفاتره إلا بمقتضى إذن صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بالجهة التي حصلت بها الوفاة. كما على ضابط الحالة المدنية أن يعلم وكيل الجمهورية بالمنطقة أو ضابط الشرطة العدلية بها إذا ما تبين له أن هنالك علامات تدل على أن الموت ناتج عن عنف أو عن أي ظروف تثير الشك.[8] ويلزم القانون ضابط الحالة المدنية بأن يوجه إلى وكيل الجمهورية أو حاكم الناحية مضمونين من رسم الوفاة الذي حرره ويجري الحاكم عند اتصاله بذلك بحثا بقصد معرفة الورثة ثم يقيم حجة الوفاة[9] التي تعد الوثيقة الرسمية الثانية المثبتة للوفاة و لصفة الوارث. “فحجة الوفاة” هي وثيقة رسمية يقيمها قاضي الناحية الذي بدائرته وقعت الوفاة ويتولى فيها ضبط ورثة شخص توفي وما ترك من عقارات مسجلة[10]. أما حجة وفاة من مات قبل تاريخ غرة جويلية 1964 فيقيمها عدول الإشهاد لأن تحرير حجج الوفيات الحاصلة قبل التاريخ المذكور كانت ولا تزال من مشمولاتهم. إذ بمقتضى تنقيح الفصل 44 من القانون عدد3 لسنة 1957 المؤرخ في غرة أوت 1957 بالمرسوم عدد5 لسنة 1964 المؤرخ في 21 فيفري 1964 والمصادق عليه بالقانون عدد 7 لسنة 1964 المـؤرخ في 21 ماي 1964 أسند الاختصاص إلى قاضي الناحية وجعـل الحصول على حجة الوفاة مجاني. والغاية الرئيسية من هذا التنقيح كانت محاولة المشرّع القضاء على ظاهرة الرسوم العقارية المجمدة[11] ولذلك فرض على قاضي الناحية تمكين حافظ الملكية العقارية من رسوم وحجج الوفاة ليضمن ذلك بدفاتره ويحافظ على مبدأ التسلسل ولا يجعله رهين إرادة الأشخاص الذين يمكن أن يقوموا ببيع العقار دون التصريح بوفاة مورثهم ويخضع العقار بذلك لعمليات متتالية فتختلف وضعيته المادية عن وضعيته القانونية بشكل غير قابل للتدارك. لكن المشرّع نص على هذا الواجب دون أن يحدد أجلا لذلك أو يبين الجزاء الذي يمكن أن يترتب عن عدم احترامه مما جعله دون جدوى إذ هو لا يقع تطبيقه بصفة آلية في الواقع إن لم نقل أنه مهجور عمليا. ويستخلص من هذا التقديم انه إذا كان مضمون الوفاة معدا أساسا لإثبات واقعة الوفاة بحد ذاتها فإن حجة الوفاة مخصصة لحصر ورثة الهالك وما خلفه وراءه من عقارات مسجلة[12]. ورغم أهمية حجة الوفاة باعتبارها وسيلة لإثبات صفة الوارث فإن المشرّع لم يولها العناية اللازمة عند تنظيمه لها حيث نجد أنه لم يخصص لها سوى فقرتين في الفصل 44 من قانون الحالة المدنية تمت إضافتهما سنة 1964 بينما تم ضبط دور قاضي الناحية في إعداد حجة الوفاة بموجب منشور وزاري[13] وقد أدى هذا القصور الواضح في التنظيم التشريعي إلى ظهور عديد الإشكاليات على مستوى التطبيق[14]. لعل من أبرزها غياب أنموذجا موحدا لحجة الوفاة [15] كما أن قواعد إقامتها وخاصة عند تقاعس الورثة عن ذلك غير مضبوطة ويبقى الأمر رهين اجتهاد قضاة النواحي وقد أدى ذلك إلى بروز إشكالية جوهرية تتعلق بالتساؤل حول:ما هي الإجراءات القانونية التي يجب إتباعها لإقامة حجة الوفاة؟. والملاحظ من خلال ما جاء بالفصل 44 ق.ح.م أن المشرع لم يتعرض إلى دور الورثة أنفسهم في إقامة حجة الوفاة[16] مع أنه تعرض إلى دورهم في ذلك بالفصل الأول من أمر 18/7/1957 المتعلق بتسمية المقدمين الذي فرض على الوصي أو الرشداء أن يعلموا وكيل الجمهورية أو حاكم الناحية عندما يكون من بين الورثة قصر و ذلك في أجل ثلاثة أيام من تاريخ الوفاة فدراسة إجراءات إقامة حجة الوفاة تستدعي إذاً البحث في الدور المناط بقاضي الناحية (الجزء الأول) و من ثم لابد من تحديد دور الأطراف في إقامة هذه الحجة (الجزء الثاني).
الجزء الأول- إقامة حجة الوفاة من طرف قاضي الناحية:
إن إقامة حجة الوفاة من قبل قاضي الناحية هو عمل ولائي لا قضائي مما لا يضفي على تلك الحجة صبغة الحكم[17]. فحجج الوفاة التي تقام لدى محاكم النواحي ليست من قبيل الأحكام مثلما يدل على ذلك التعبير عنها بحجة الوفاة من طرف المشرع نفسه بالفصل 44 من مجلة الحالة المدنية ومن باب أولى ما يجريه حاكم الناحية عليها من إصلاح أو تعديل في حدود ما خوّله له القانون فلا يمكن أن يعتبر حكما قائما بذاته مثل الأحكام العادية الصادرة عن محاكم النواحي وعمله ذلك إنما يتصرف بكونه محررا لوثيقة لا أكثر ولا أقل[18] فحجة الوفاة ليست لها صبغة حكمية وإنما تقام بناءا على أساس تصريح من الورثة أو من شهود[19] وإقامتها من قبل قاضي الناحية هي من الأعمال الخاصة التي أسندها إليه المشرّع بصورة مطلقة بهدف ضبط ورثة المتوفين وهو من الأعمال الوجوبية الموكولة إليه حسب الفقرة الثالثة من الفصل 44 من القانون عدد 3 لسنة 1957 المؤرخ في غرة أوت 1957 المتعلق بتنظيم الحالة المدنية المضافة بموجب المرسوم عدد 5 لسنة 1964 المؤرخ في 21 فيفري 1964 المصادق عليه بالقانون عدد 7 لسنة 1964 المؤرخ في 21 ماي 1964 وتبعا لذلك فإن إقامة حجة الوفاة لا تعد من الأعمال القضائية الحكمية لكونها لا تنبني على وجود نزاع يخضع البت فيه لمبدأ المواجهة ولا هي كذلك من الأعمال القضائية الولائية باعتبار أنها لا ترتبط بضرورة تقديم طلب بشأنها بل هي من الأعمال الخاصة الوجوبية لقاضي الناحية كما هو مبين أعلاه وهي تهم النظام العام وتنبني على أبحاث استقرائية بخصوص تحديد الورثة وهو ما يؤكد خصوصيتها عن الأحكام القضائية والقرارات الولائية[20].
وتأكيدا لما سبق فقد نص المشرّع صراحة بالفصل 44 من قانون الحالة المدنية على أن قاضي الناحية أو وكيل الجمهورية يقيم حجة الوفاة بمجرد وصول رسم الوفاة إليه من قبل ضابط الحالة المدنية فهو لا ينتظر طلب ذلك من قبل الأطراف وانما يجري عند اتصاله بمضمونين من رسم الوفاة بحثا بقصد معرفة الورثة ثم يقيم حجة الوفاة. ويمكن القول أن دور قاضي الناحية يختلف ما بين قانون الحالة المدنية وأمر19/7 1957 المتعلق بتسمية المقدمين.
أولا- دور قاضي الناحية حسب قانون الحالة المدنية (tn):
إن القانون عدد 3 المؤرخ في 1 أوت 1957 المتعلق بتنظيم الحالة المدنية قد ألزم قاضي الناحية أن يقوم ببحث قصد إقامة حجة الوفاة وذلك بمجرد توصله بمضمون الوفاة المرسل إليه من طرف ضابط الحالة المدنية وإذا اشتمل المخلف على عقار أو عدة عقارات مسجلة فإن قاضي الناحية بدوره يوجه نسخة من حجة الوفاة ومضمونا من رسم الوفاة إلى حافظ الملكية العقارية بقصد ترسيم الوفاة برسم أو برسوم الملكية[21]وهو ما نص عليه الفصل 44 من قانون الحالة المدنية صراحة ونظمه المنشور عدد 197/1964 ما يلي : “إن قاضي الناحية يجب عليه بمجرد اتصاله بمضمون رسم الوفاة من ضابط الحالة المدنية أن يستدعي في الحال أقارب الهالك أو أجواره عند الاقتضاء أو شيخ الفريق أو محرك القسم حسب الأحوال للبحث عن ورثة الهالك الحقيقيين والتأمل من الوثائق التي يجب على الورثة الإدلاء بها لمعرفة صلتهم بالهالك ودرجة قرابتهم به وتعيين ذوي الفروض والعصبات منهم ثم يقيم على أساس ما تجمع لديه من المعلومات والإرشادات رسم الوفاة ( والمقصود حجة الوفاة ) ” وبمجرد أن صدر كل من قانون الحالة المدنية والمنشور السالف بيانه برزت عدة صعوبات أفضت إلى عدم القيام بتلك الأبحاث. وهو ما يثبته المنشور الصادر عن كتابة الدولة للعدل تحت عدد 1216 بتاريخ 28 ديسمبر 1964 المتعلق بإقامة رسوم الوفاة والذي تضمن ما يلي:” إن إجراء العمل بالمرسوم رقم 5 الصادر في 21 فيفري 1964 المتعلق بإقامة رسوم الوفيات لدى محاكم النواحي حسبما وقع شرحه بالمنشور عدد197 السالف الذكر أفرز بعض الصعوبات المتمثلة أساسا في تكاثر الإعلامات بالوفاة من طرف ضباط الحالة المدنية مما أدى إلى فتح ملفات عديدة لدى محاكم النواحي تعذر القيام في شأنها بالإجراءات التحضيرية والأبحاث بما يتطلب ذلك من سرعة تحقيقا للهدف الذي يرمي إليه التشريع الجديد للحيلولة دون تعطيل المصالح كعدم حضور الورثة أو الشهود الواقع استدعاؤهم في الآجال المعينة”. ولتجاوز هذه الصعوبة تبنى هذا المنشور حلا يتمثل في أنه بمجرد ترسيم الوفاة يحرر ضابط الحالة المدنية استدعاء يسلمه إلى نفس الشخص الذي أعلمه بالوفاة ليحضر في تاريخ يعينه له بالاستدعاء لا يتجاوز أسبوعا من تاريخ ترسيم الوفاة لدى محكمة الناحية بالمنطقة مصحوبا بشاهدين مطلعين اطلاعا كاملا على حالة المتوفى وعلى معرفة تامة بورثته. على أن يكون ذلك المعلم مزودا بكل الوثائق التي يتوقف عليها تحرير رسم الوفاة كبطاقات الحالة المدنية للقاصر والرشيد وما يفيد الزوجية. ولكن هذا الحل المقترح لم يبدل كثيرا في واقع الحال مما أدى بالمشرع إلى التدخل مجددا واقرار حل جزئي خاص بالحقوق المرسمة بادارة الملكية العقارية إذ من بين إضافات القانون عدد 46 بتاريخ 4 ماي 1992 المنقح لمجلة الحقوق العينية الفصل 373 جديد الذي أصبح ينص على أنه “لا يجوز للورثة أو الموصى لهم التصرف القانوني في حق عيني مرسم مشمول بالتركة أو بالوصية حسب الحال قبل ترسيم انتقال الملكية بالوفاة”. مما يعني أن المشرع ألزم الورثة بترسيم انتقال الملكية بالوفاة قبل التصرف القانوني في حق عيني مشمول بالإرث[22]. و”أصبح من الواضح أن الغاية من القيد الذي فرضه المشرع على التصرف القانوني في الحق العيني المرسم المشمول بالتركة أو بالوصية هي الحث على المسارعة بترسيم الوفاة من قبل من يعنيهم الأمر اتحدوا أم تعددوا وهو أمر يدخل في نطاق السياسة العامة الواقع انتهاجها للمحافظة على مصداقية الرسم العقاري ولهذا فلا محل للتخوف إذا تضافرت جهود المواطنين والقضاء والإدارة على سلوك مسلك العزم والحزم للقيام بالإجراءات القانونية المسطرة في هذا الخصوص”[23].
فالغاية من هذا التنقيح هي تجاوز ما آلت إليه أحكام الفقرتين الثالثة والرابعة من الفصل 44 ق ح م من هجر وجمود.
ثانيا – دور حاكم الناحية حسب أمر 19/7/ 1957
عندما يتوفى شخص معين ويترك من بين ورثته قاصرا فإن الرشداء من الورثة والمقدم على القاصر يجب أن يعلموا بهذه الوفاة وكيل الجمهورية لدى المحكمة الابتدائية التابع لدائرتها مكان افتتاح التركة أو حاكم الناحية المختص ترابيا[24]. وبمجرد حصول العلم لوكيل الجمهورية أو لحاكم الناحية بافتتاح التركة التي من بين مستحقيها قاصر يجب عليه أن يقيم حجة الوفاة التي يضمنها أسماء كل الورثة وسن كل القاصرين منهم وأن يطلب من المقدم على القاصر والورثة الرشداء تضمين كل مكونات التركة برقيم خاص.
إذ جاء بالفصل الأول من الأمر المذكور مايلي:”من يتوفى عن تركة ذات أهمية و يترك من بين ورثته من كان قاصراً فإنه يجب على الوصي و الرشداء من الورثة أن يعملوا بوفاته في ظرف ثلاثة أيام وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية الواقعة في دائرتها الوفاة أو حاكم الناحية بالنسبة للمركز الذي لا يوجد به وكيل الجمهورية و يمكن أن يقع الإعلام للوالي أو المعتمد أو شيخ التراب و هؤلاء يبلغون الإعلام كتابة لوكيل الجمهورية أو حاكم الناحية في ظرف أربع و عشرين ساعة”. وينص الفصل الثاني من ذات الأمر على ما يلي:”بمجرد حصول العلم لوكيل الجمهورية أو حاكم الناحية بالوفاة فإنه يأذن حالاً بإقامة رسم الوفاة و يجري بعد ذلك في ظرف أجل لا يتجاوز العشرين يوماً ما يراه مناسباً و مطابقاً للحال في تقييد التركة و ضبطها و حفظها”. أما الفصل الثالث منه فينص في فقرته الأولى على مايلي:” يتضمن رسم الوفاة أسماء جملة الورثة و عمر من كان دون سن الرشد بغاية التحري”. وصياغة هذه النصوص تستوجب بعض الملاحظات:
الملاحظة الأولى: المشرع يستخدم في النص العربي عبارة ” رسم الوفاة ” بينما يستخدم في النص الفرنسي عبارة “L`acte de notoriété de décès” ؟ أي حجة الوفاة وهو المصطلح الأدق والأصح.
الملاحظة الثانية: النص يشير إلى أن حاكم الناحية “يأذن حالا بإقامة رسم الوفاة”. والسؤال المطروح هنا ما المقصود بأن حاكم الناحية يأذن وإلى من سيأذن؟ فمن المفروض أنه في هذه الحالة سيرجع إلى الحالة السابقة الواردة في الفصل44 ق ح م أي أنه سيقوم وبصفة تلقائية بإجراء بحث قصد معرفة الورثة وإقامة حجة الوفاة. مما يعني أن صياغة أمر 19/7/1957 رديئة جدا ولم تعد تتناسب مع ما هو معمول به في النصوص اللاحقة له وهو ما يستدعي إعادة صياغتها حتما وذلك من خلال تكريس دور الأطراف في إقامة حجة الوفاة.
الجزء الثاني: إقامة حجة الوفاة بطلب من الأطـراف
إن البحث في دور الأطراف في إقامة حجة الوفاة قد لا يبدو غريباً و لكنه من الممكن أن يكون مستغرباً. فهو ليس غريب لأنه من المفترض أن الأطراف أي من آل إليهم الحق بوفاة الهالك هم الأكثر حرصاً على إقامة حجة وفاته. ولكنه مستغرب لأن المشرع أهمل التطرق إلى دورهم تماماً فيما يتعلق بإقامة حجة الوفاة. و لعل هذا موقف راجع إلى أن المشرع وضع نظاماً تسلسلياً اعتبر بموجبه أن دور الأطراف و خاصة أقارب الهالك سيكون منحصرا فقط في إعلام ضابط الحالة المدنية بوقوع الوفاة. فلقد نظم المشرع بالفصلين 43 و 44 ق.ح.م واجب الإعلام بالوفيات.
إذ ضبط الفصل 43 أجل الإعلام بالوفاة و هو ثلاثة أيام لا يمكن بعدها ترسيم الوفاة بدفاتر الحالة المدنية إلا بمقتضى إذن صادر عن رئيس المحكمة الابتدائية.
و نظم الفصل 44 كيفية تحرير رسم الوفاة إذ جاء فيه “يحرر رسم الوفاة ضابط الحالة المدنية بالمنطقة التي وقعت فيها الوفاة و ذلك طبق تصريح من قريب الهالك أو من شخص لديه عن حالته المدنية إرشادات صحيحة تامة بقدر الإمكان…”.
و بعد هذا التصريح الحاصل من أقارب الهالك أو الغير يقيم ضابط الحالة المدنية رسم الوفاة لينطلق بعد ذلك دور السلط القضائية و الإدارية و ينتهي دور الأفراد.
أي أن واجب أقارب الهالك حسب النص ينحصر مبدئياً في إقامة رسم الوفاة لدى ضابط الحالة المدنية و بعدها يكون هذا الأخير مطالباً بإعلام قاضي الناحية ووكيل الجمهورية بوقوع الوفاة و يوجه إليهما مضمونين من رسم الوفاة ليأتي إثرها دور قاضي الناحية في إقامة حجة الوفاة. و يبدو أن هذا التسلسل في توزيع الأدوار هو السبب الرئيس في عدم تخصيص المشرع أحكاما قانونية للتصريح الصادر عن الأطراف. و لكن ما افترضه المشرع في النص لم يتحقق في الواقع لسببين على الأقل:
أولاً- أن الوضعية أحياناً تكون معقدة خاصة فيما يتعلق بالتركات الشاغرة.
ثانياً- لأن الجهات الإدارية و القضائية لم تلتزم بآلية العمل التي ضبطها المشرع في النص[25]و بالتالي لم تقم بالواجب المناط بعهدتها و خاصة فيما يتعلق بقضاة النواحي الذين جرت العادة لديهم أن لا يقيموا حجة الوفاة إلا بمقتضى تصريح من أقارب الهالك مما يعني عادة أن الأكثر حرصاً على القيام بالتصريح هم أقارب الهالك الوارثين وخاصة منهم. وهو ما أشارت إليه المحكمة الابتدائية بتونس في حكمها عدد [26]42186 الذي جاء فيه ما يلي:” إن الفصل 44 من قانون تنظيم الحالة المدنية لم يحصر الأشخاص الذين يمكن أن يصرحوا بالوفاة ولم يضبط شروطا خاصة بهم”. ولذلك فيمكن القول أن المبدأ هو أن يقع التصريح قصد إقامة حجة الوفاة من أحد أقارب الهالك (أولا) إلا أن هناك حالات استثنائية تستوجب قيام غيرهم به (ثانيا).
أولاً- المبدأ – أقارب الهالك
إن قيام الأقارب بالتصريح قد يكون بصفة مباشرة (1) أو بواسطة مصفي التركات (2).
1- التصريح المباشر من أقارب الهالك.
سبق بيان ان المشرع لم يتعرض إلى دور أقارب الهالك في إقامة حجة الوفاة مكتفياً بدورهم في التصريح بالوفاة قصد إقامة رسم الوفاة أمام ضباط الحالة المدنية إلا أن الواقع على خلاف ذلك إذ أن أقارب الهالك لا يكتفون بالدور المحدد لهم بمقتضى النص خاصة و أن حاجتهم لحجة الوفاة لممارسة حقوقهم تكون أكيدة و لا تحتمل انتظار قيام قاضي الناحية بإقامة حجة الوفاة بصفة تلقائية. و لهذا فقد جرى العمل في محاكم النواحي على أن يقوم أحد أقارب الهالك بعملية التصريح قصد إقامة حجة الوفاة لذلك أفرز جريان العمل شروطاً لابد من توفرها في القائم بالتصريح و هي[27]: أن يكون أحد الورثة أو الأقارب. وأن يكون رشيداً عاقلاً زمن الوفاة و لدى التصريح. وحاملاً لوثيقة هوية قانونية. وأن يكون المصرح مصحوباً بشاهدين تتوفر فيهما نفس الشروط:
الشرط الأول: أن يكون المصرح أحد ورثة أو أقارب الهالك: إن أول ما يلفت الانتباه في هذا الشرط هو التمييز بين أقارب الميت و ورثته ألم يكن بالإمكان استخدام مصطلح واحد فقط؟ أم أن هناك أقارب غير وارثين و ورثة من غير الأقارب مما يستدعي استخدام العبارتين؟ من المؤكد أن هناك أقارب غير وارثين لأن قائمة الورثة الواردة بالفصل 90 م.ا.ش هي قائمة حصرية و لا تشمل جميع الأقارب. فقائمة الفصل 90 م.ا.ش لم تتعرض بصورة خاصة لما يسمى بالفقه الإسلامي “ذوي الأرحام” أي الأقارب من جهة الإناث فقط[28] مما يعني أن هناك أقارب غير وارثين. أما فيما يتعلق بوجود ورثة غير أقارب فهذا مستبعد مبدئياً إلا بالنسبة لصندوق الدولة الذي يعتبر حسب الفصل 114م ا ش عاصب بالنفس فهو الوارث الوحيد غير القريب بصريح النص.
الشرط الثاني: أهلية المصرح: يلاحظ أن شرط الأهلية المطلوب لدى القائم بالتصريح هو شرط الأهلية المستمرة منذ ساعة الوفاة إلى زمن القيام بالتصريح فالمصرح يجب أن يكون متمتعاً بأهليته زمن الوفاة و متمتعاً بأهليته لدى القيام بالتصريح و يبدو أن هذا الشرط قابل للنقاش فهو غير مقبول لا منطقياً و لا قانونياً.
منطقياً: بالعودة إلى الفصل 44 ق.ح.م الخاص بالمصرح في رسم الوفاة لا نجد في النص مثل هذا الشرط و المنطق القانوني السليم يقضي بأن من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل[29] فطالما أن المصرح برسم الوفاة لا تشترط فيه الأهلية فمن المفروض أن لا تشترط هذه الأهلية لدى المصرح بحجة الوفاة باعتبار و أن رسم الوفاة هو الوثيقة الأساسية التي سيعتمد عليها لتحرير حجة الوفاة.
وقانونياً لأن: حجة الوفاة ليست عملا قضائيا وإنما هي عمل ولائي و بالتالي فهي لا تخضع لشروط إقامة الدعوى الواردة بالفصل 19 م.م.م ت. والميراث في القانون التونسي هو ميراث حقوق دون التزامات[30] و إذا كان الوارث مقيد الأهلية و أراد أن يطلب إقامة حجة الوفاة فلا يمكن منعه من ذلك لأن تصرفه في هذه الحالة سيعتبر من أعمال النفع المحض التي يجيز له القانون القيام بها. ثم ما الفائدة من اشتراط الأهلية الممتدة في الزمن؟ أي أن يكون المصرح رشيداً عاقلاً زمن الوفاة و عند التصريح. إذ من المفترض أن يمكن الوارث الذي كان فاقدا أو مقيد الأهلية زمن الوفاة من القيام بالتصريح إذا اكتسب أو استعاد أهليته لاحقاً وتبين له أن أقاربه لم يقيموا حجة الوفاة بعد. فحرمان من أصبح رشيداً من حقه في إقامة حجة الوفاة لأنه لم يكن أهلاً زمن الوفاة فيه تعسف غير مبرر لعدم وجود نص قانوني يسمح بذلك. كما أن هذا الشرط يتعارض مع رغبة المشرع في التشجيع على إقامة حجج الوفاة.
3. الشرط الثالث: أن يكون المصرح حاملاً لوثيقة هوية قانونية: و هذا الشرط في الحقيقة هو فقط لضمان إثبات الصفة و الأهلية.
4. الشرط الرابع: أن يكون مصحوباً بشاهدين: يجب التساؤل مرة ثانية عن جدوى هذا الشرط خاصة و أن رسم الوفاة لا يحتاج إلى شهود؟ ربما يكون السبب في وجود هذا الشرط بالنسبة لحجة الوفاة أن الأمر هنا يتعلق بإثبات حقوق لا مجرد التصريح بواقعة قانونية كما هو الحال في رسم الوفاة. فحجة الوفاة وثيقة مثبتة لصفة الوارث أي أنها تنشئ حقاً لذلك فإن إقامتها تستوجب التثبت و التأكد و عدم الاكتفاء بتصريحات شخص واحد فقط. وهذا الطابع لحجة الوفاة (أي أنها وثيقة مثبتة للحق) يستوجب أن يكون الشهود عدول عارفين لجميع أقارب الهالك و ممتلكاته خاصة العقارات المسجلة. و يجب بالنسبة للشهود تطبيق أحكام الفصل 4 ق.ح.م الذي جاء فيه مايلي: “يلزم على الشهود المستند لشهاداتهم برسوم الحالة المدنية أن يكونوا قد بلغوا عشرين سنة على الأقل سواء كانوا من أقارب المصرح أم لا ولا فرق في ذلك بين الذكر و الأنثى و يقع اختيارهم من طرف من يهمهم الأمر.”.فهذا الفصل ضبط شروط الشهادة في وثائق الحالة المدنية و الواقع أظهر أنه بالنسبة للشهود يمكن أن يكون المصرح نفسه أحد الشاهدين[31]. وذلك لأن نموذج حجة الوفاة الملحق بالمنشور عدد 197/1964 دمج بين صفة الشاهد و المصرح مع إضافة شاهد ثان. مع أن نموذج الاستدعاء الملحق بنفس المنشور يشير إلى ضرورة حضور المستدعى لإقامة حجة الوفاة مرفوقاً بشاهدين[32]. أما بالنسبة لجريان العمل في المحاكم فيلاحظ أن أغلب حجج الوفاة تتضمن الإشارة إلى المصرح و الشاهدين مع بيان الهوية الكاملة للشاهد حيث يذكر الاسم و اللقب و تاريخ الولادة و العمل و المقر و عدد بطاقة التعريف الوطنية و تاريخها[33] و لكن لا يقع بيان طبيعة معرفة الشاهد للهالك إن كان بالمخالطة أو المصاهرة أو القرابة؟[34]
2- التصريح بواسطة مصفي التركات:
المصفي[35] هو شخص يعهد له بإجراء الأعمال اللازمة لتصفية أموال التركة من استيفاء ما للهالك من حقوق عند الغير وإيفاء ما عليه من ديون وبيع ما لا يتيسر قسمته وتسليم الصافي إلى الورثة حسب انصبائهم الشرعية[36] والمصفي هو من اختاره الورثة أو عينته المحكمة ومن الممكن أن يكون من بين الورثة و هذا هو الأصل و إن تعذر ذلك فإنه من الممكن اختياره من غير الورثة و في كلتا الحالتين فهو سيتصرف نيابة عن الورثة إذ جاء في الفصل 135 م.ح.ع مايلي “إذا طلب أحد الورثة تعيين مصف ٍ عين رئيس المحكمة المختص بإذن على عريضة مصفياً يكون من من أجمع الورثة على اختياره أو يكون بقدر المستطاع من الورثة”. وقد حدد المشرع مهام المصفي بالفصل 136 م.ح.ع الذي جاء فيه “يتولى المصفي إقامة حجة الوفاة عند الاقتضاء و كذلك ضبط التركة و إدارتها وقسمتها”. مما يعني أن إقامة حجة الوفاة من طرف المصفي هي مهمة استثنائية لا يقوم بها إلا عند الاقتضاء أي عند عدم قيام الورثة بذلك قبل تعينه. لكن المشرع لم يتعرض أيضاً إلى قواعد خاصة تنظم كيفية إقامة حجة الوفاة من طرف المصفي مما يعني أنه يجب الرجوع إلى الأحكام العامة. وقد جاء في القرار التعقيبي عدد5885 المؤرخ في 27جانفي1983[37] ما يلي:”إن مصفي التركة هو نائب عن الورثة نيابة قانونية وهو بذلك في حكم الوكيل”. و طالما أنه نائب عن الورثة[38] فإن النائب يخضع لذات الأحكام التي يخضع لها الأصيل[39]. مما يعني أن المصفي عند قيامه بالتصريح قصد إقامة حجة الوفاة يكون مطالباً أن يكون مصحوباً بشاهدين وربما يكون اصطحاب الشاهدين للمصفي أكثر لزوماً عندما يكون المصفي من غير الورثة لأنه في هذه الحالة لا يعرف عن الهالك القدر الكافي و اللازم من المعلومات لإقامة حجة الوفاة خاصة المعلومات المتعلقة بأقاربه و من سيحيط بإرثه.
ثانيا- الاستثناءات.
في بعض الحالات من الممكن أن يقوم غير الورثة بطلب إقامة حجة الوفاة و ذلك إما لتقاعس الورثة(1) أو لأن التركة شاغرة أصلاً(2).
1- في حالة تقاعس الورثة
إن التشريع الجاري به العمل فيما يتعلق بإقامة حجج الوفاة لا يلزم الورثة بطلب إقامتها عند وفاة مورثهم بل إن قانون الحالة المدنية يفرض في الفصل 44 منه على قاضي الناحية عند اتصاله بمضمون من رسم الوفاة المحرر من طرف ضابط الحالة المدنية إجراء بحث بقصد معرفة الورثة ثم يقيم حجة الوفاة دون حاجة لأن ينتظر تقدم أحد الورثة لديه لطلب ذلك بل إنه مطالب باستدعائهم لإقامة حجة الوفاة. غير أن جريان عمل أغلب المحاكم دأب على عدم إقامة حجة الوفاة إلا عند طلب ذلك من الورثة دون المبادرة التلقائية لإجراء بحث في الغرض[40]. فغياب نص يلزم الورثة بإقامة حجة الوفاة مع وجود توجه قضائي يميل إلى تحميلهم التزامات مورثهم ما لم يمارسوا حقهم في الامتناع عن قبول الإرث طبق أحكام الفصل 241 م.ا.ع الذي ورد فيه مايلي: “فإن امتنعوا من قبول الإرث فلا يلزمهم و لا شيء عليهم من دين مورثهم و حينئذِ لا يسع أرباب الدين إلا تتبع مخلف المدين”. يزيد الأمر تعقيداً إذ دأب فقه القضاء على اعتبار أن الورثة ملزمين بدفع الديون المتخلدة في ذمة مورثهم حسب أحكام الفصل 241 م.ا.ع[41] فالتزامات الهالك تنتقل إلى الورثة لذلك يتعين عليهم تنفيذ التزامات مورثهم المدين دون انتظار الأجل المحدد و المتفق عليه في العقد. فقد يبرم المورث وعدا بالبيع أو غيره من الاتفاقات ثم يتوفى دون تنفيذها فيكون الورثة في هذه الحالة ملزمين بمواصلة تنفيذها و قد تبنت محكمة التعقيب هذا الموقف في قرارها الصادر في 19/05/1981[42] إذ جاء فيه أن “الطاعنة حلت محل شقيقتها في الإرث و تتحمل بالتالي كامل التزاماتها و تعهداتها من ذلك التعهد بإتمام عقد البيع”. كما اتخذت محكمة التعقيب نفس الموقف في قرارها الصادر في 4 ماي 1948[43] إذ جاء فيه أن “البائع للمدعي توفي و قد اقتضى الفصل 241 م.ا.ع أن الالتزامات لا تجري أحكامها على المتعاقدين فحسب بل تجري أيضاً أحكامها على ورثتهم و حينئذٍ فالوارث ملزوم بإتمام التزامات مورثه”. و تلزم المحاكم في بعض الحالات الورثة بتعويض الخسارة التي لحقت الدائن من جرّاء عدم استيفاء دينه إذ جاء في قرار صادر عن محكمة التعقيب بتاريخ 19 مارس 1996 [44] أن الموعود لهما إضافة إلى حقهما في المطالبة بتنفيذ الالتزام من قبل الورثة فإن لهما الحق كذلك في الحصول على غرامة مالية يبتدئ احتسابها من تاريخ انتقال الملكية إليهما. وفي قرار صادر في 14/2/2002[45] اعتبرت محكمة التعقيب أن :” الوارث ملزم بإتمام التزامات مورثه بقدر إرثه وعلى نسبة منابه ولا يعفى من ذلك إلا متى امتنع عـن قبـول الإرث حسـب الفصـل241 م ا ع”[46].
لهذا يحدث في التطبيق أن يمتنع الورثة عن إقامة حجة وفاة مورثهم و خاصة إذا كان هذا الأخير في قائم حياته قد أعطى وصية للغير أو كان مديناً له و يتعذر عندها على هذا الغير تتبع ورثة الهالك لاستخلاص دينه الذي كان بذمة المتوفى وغالباً ما يلتجئ هؤلاء إلى قاضي الناحية لمساعدتهم على حل هذه المسألة. فالعدل و الإنصاف في هذه الحالة يقضيان بتمكين من كان له حق مسلط على التركة من إقامة حجة الوفاة خاصة و أن هذا الحق حسب أحكام الفصلين 87 م.ا.ش و 553 م.ا.ع مقدم على الإرث. وفي الواقع فإن جريان العمل لدى المحاكم يقضي في حال وفاة أحد طرفي الدعوى سواء كان من الطرف المدعي أو الطرف المدعى عليه بإلزام المدعي باعتبار القائم بالدعوى والمتحمل لعبء الإثبات الإدلاء بحجة وفاة المتوفى لإدخال ورثته في القضية عند الاقتضاء ولكن يصعب عليه أحيانا تقديمها عندما يتعلق الأمر بحجة وفاة المدعى عليه ويؤول الأمر إلى رفض دعواه رغم أن الحل الممكن بالنسبة له هو اللجوء إلى قاضي الناحية والتقدم بطلب للإذن له باستخراج حجة وفاة خصمه وعندها سيكون بيده سند قضائي يخول له التوجه إلى ضابط الحالة المدنية للحصول على الوثائق اللازمة لإقامة حجة وفاة خصمه. لذلك جرى عمل محاكم النواحي على قبول إقامة حجج الوفاة بطلب من كل ذي صفـة و مصلحة و ذلك بإذن من قاضي الناحية الذي يؤشر على المطلب المقدم من قبل طالب إقامة حجة الوفاة و يجب في هذه الحالة أن يكون المطلب مرفقاً بالمؤيدات التي تبرره[47] وعلى سبيل المثال يمكن الإشارة إلى “طلب إذن في استخراج حجة وفاة” مؤرخ في 15/10/2004 وقع تقديمه إلى قاضي ناحية تونس تعلق موضوعه بشخص يطلب الإذن له باستخراج حجة وفاة خصمه الذي توفي أثناء النظر في القضية الجارية بينهما والتي كان مآلها الرفض مما استوجب الحصول على حجة وفاته لمواصلة التقاضي مع ورثته.[48]
و هنا يجدر التساؤل عن الأشخاص الذين لهم صفة و مصلحة في طلب إقامة حجة الوفاة. مبدئياً يمكن القول أن دائني المورث هم أكثر الأشخاص مصلحة في طلب إقامة حجة الوفاة عند تقاعس الورثة عن ذلك باعتبار و أن ذلك يمكنهم من مستند قانوني للقيام على أساسه لدى القضاء للمطالبة بدينهم ممن آل إليهم الحق بموجب الوفاة. كما أن الموصى لهم من المورث هم أصحاب مصلحة كذلك في طلب إقامة حجة الوفاة سواء أكانوا موصى لهم بجزء من التركة أو بكامل المال. فالموصى لهم بجزء من التركة لهم مصلحة في إقامة حجة الوفاة لسببين على الأقل: الأول: حتى يثبتوا عدم وجود مستحقين لوصية واجبة يزاحمونهم في استحقاق الثلث المخصص للوصية[49]. و الثاني: حتى يحددوا الورثة و يطالبونهم بتحوزيهم بقيمة الوصية.
أما الموصى لهم بكامل المال فمصلحتهم أكثر وضوحاً باعتبار و أن إقامة حجة الوفاة وإثبات أن المتوفى لا وارث له هي الوسيلة الوحيدة لإثبات صحة وصيتهم و استحقاقهم لكامل التركة[50].
ويتضح مما سبق إذن أن دائني المتوفى والموصى لهم هم أصحاب مصلحة في طلب إقامة حجة الوفاة عند تقاعس الورثة عن ذلك و صفتهم في طلب ذلك تكون ثابتة بمقتضى ما في يدهم من وسائل لإثبات الدين أو كتب وصية.
2- في حالة شغور التركة:
ورد نظام التركات الشاغرة بالأمر العلي المؤرخ في 15/2/1932 وبالقرارين التطبيقيين المؤرخين على التوالي في 28/05/1932 و18/02/1935. لقد حددت هذه النصوص مجال انطباق التشريع الخاص المتعلق بالتركات الشاغرة انطلاقا من تعريف التركة الشاغرة[51]. فقد جاء بالفصل 24 من أمر 1932 من الأمر العلي المؤرخ في 9 شوال 1350 الموافق لـ 15/2/1932 المتعلق باللقطة البرية ما يلي : “إن المخلف يكون لا وارث له إذا لم يحضر من يطالب به بعد انقضاء الآجال المعينة لتحرير تقييد التركة وإجراء النظر القانوني (ثلاثة أشهر وأربعون يوما) أو لم يكن هناك وارث معروف أو تنازل الورثة المعروفون عن حقوقهم”.
فحسب الفصل24 المذكور يكون المخلف عاريا عن وارث له في ثلاثة صور هي: أولا- إذا لم يحضر من يطالب به بعد انقضاء الآجال المبينة. ثانيا- إذا لم يكن هناك وارث معروف. ثالثا- إذا تنازل الورثة المعروفون عن حقوقهم[52]. وحسب الفصل 30 من أمر 15 فيفري 1932 فأول إجراء تقوم به الدولة كلما كانت بصدد تركة شاغرة هو طلب تقييد تلك التركة وهو ما يعبر عنه بضبط المخلف الذي يتولاه قاضي الناحية ولو بغير طلب من الدولة وذلك بالتوجه إلى مكان افتتاح التركة بحثا عن أعيانها وتحرير محضر في ضبطها[53]. ومن جهة أخرى فإن الفصل 30 المذكور يتحدث عن تحويز الدولة من المخلف بوجه مؤقت قصد حماية هذا المخلف من التعديات بمختلف أصنافها حال أن الفصل 25 ينيط التصرف المذكور بعهدة قابض التسجيل وفق إجراءات ضبطها القرار الصادر في 28 ماي 1932 بشأن إدارة المخلفات التي لا وارث لها[54]. وجاء في المنشور الصادر عن السيد وزير العدل بتاريخ 20أكتوبر 1994والموجه إلى السادة قضاة النواحي حول توجيه نسخ حجج وفيات الأشخاص المتوفين عن غير عقب مايلي: ” سعيا لتوفير مزيد من العناية بحفظ الأموال الراجعة للدولة بوجه الإرث تقرر الإذن لكتابات محاكم النواحي بأن توجه بصفة آلية نسخا من حجج وفايات الهالكين الذين يرثهم صندوق الدولة إلى وزارة أملاك الدولة والشؤون العقارية”.
الخاتمة:
وفي الختام يمكن القول أن المشرع وضع نظاما قانونيا لإقامة حجة الوفاة يقوم على توزيع الأدوار بين القضاء والأطراف يبدأ بقيام أقارب الميت بالتصريح بالوفاة لدى ضابط الحالة المدنية قصد إقامة رسم الوفاة ثم يتولى هذا الأخير توجيه نسخة من مضمون الوفاة إلى قاضي الناحية الذي يجري بحثا عن الورثة ويقيم حجة الوفاة إلا أن هذا الافتراض القانوني لم يتحقق في الواقع وبقي شبه مهجور مما أفرز مشاكل تطبيقية ويمكن القول ان تحقيق هذا الدور الايجابي التلقائي لقضاة النواحي في اقامة حجج الوفاة صعب التحقيق عمليا إن لم يكن مستحيلا أمام حجم العمل الملقى على عاتقهم مما يستوجب تدخل المشرع مجددا لإعادة تنظيم حجة الوفاة بموجب قانون خاص يتناسب وأهمية هذه الوثيقة التي تعتبر الوسيلة الوحيدة المثبتة لصفة الوارث في التشريع التونسي. وهذا القانون الخاص لا بد ان يتضمن حلا واضحا لفرضية تقاعس الورثة عن إقامة حجة وفاة مورثهم ووضع أحكام زجرية تلزمهم بإقامة تلك الحجة في اجل معقول كما هو الحال بالنسبة للتصريح بالولادة.
إضافات توضيحية:
إقامة حجة الوفاة من قبل عدول الإشهاد
جاء في المنشور عدد1/80 الصادر عن السيد وزير العدل بتاريخ12/4/1980 والموجه إلى السادة العدول المنفذين والعدول وموضوعه” إقامة حجج الوفاة” مايلي:”…1) يجب التنصيص بالحجة على كل المعلومات الخاصة بالشخص الذي قام بالتصريح المتعلق بهذه الوفاة وخاصة : اسمه ولقبه واسم ابيه وتاريخ ولادته ومكانها وعنوانه الكامل حتى تتمكن الإدارة من مكاتبته إن اقتضى الحال. 2) إثبات نفس المعلومات بالنسبة للشاهدين من دكر الاسم واللقب وتاريخ الولادة ومكانها والمهنة والعنوان الكامل وعدد وتاريخ بطاقة التعريف القومية. 3) وبالنسبة للهالك : يجب ذكر اسمه ولقبه واسم ابيه وتاريخ وفاته ومكانها وعدد وتاريخ رسم الوفاة واسم البلدية او الجهة التي سلمت هذه الوثيقة. 4) بالنسبة للورثة يجب أن يذكر بالحجة وبالنسبة لكل واحد منهم :- اسمه ولقبه واسم ابيه واسم امه. – مكان وتاريخ ولادته بالضبط (اليوم والشهر والسنة ). –جنسيته. –ذكر اسم الأم والأب بالنسبة لكل وارث إذا كان للهالك أكثر من زوجة أو إذا كان للهالكة عدة أزواج. – مهنته. –عنوانه الكامل. 5) إذا كان للهالك أكثر من زوجة فإنه يجب أن تبين الحجة: – حالة كل واحدة من هذه الزوجات: مفارقة متوفاة قبل الهالك. – من هم أبناؤها من الهالك. 6) وفي صورة تنزيل الأحفاد منزلة الابن أو البنت يجب ذكر اسم ولقب الأم أو الأب بالنسبة للأبناء المنزلين مع إثبات البيانات المتعرض لها بالفقرة 4 أعلاه. 7) ان يذكر بحجة الوفاة عدد الرسوم العقارية التي قد يخلفها الهالك مع التحري الكامل في ذكر أعدادها لاجتناب كل غلط مع الملاحظة وان هذه الأعداد قد تكون حسب الظروف اما متبوعة بعبارة ” تونس س2″ أو” سوسة س2″ أو “صفاقس س2″…الخ او غيرها متبوعة بها Cool طبع حجج الوفاة بالآلة الراقنة. 9) بالنسبة للوفيات التي وقعت قبل غرة جويلية 1964 فانه يتعين: 1- ذكر قيمة كل عقار مسجل في تاريخ الوفاة أو قيمة منابات منه اذا كان له منابات فقط. 2- تسليم هذه الحجة إلى من سهر على تحريرها مع تنبيهه إلى ضرورة إيداعها مصحوبة بمضمون الوفاة بإدارة الملكية العقارية في اقرب وقت ممكن.. .”
إجراءات استخراج حجة الوفاة
حجة وفاة ينظمها الفصل 44 من قانون الحالة المدنية المؤرخ في 01 أوت 1957 والمرسوم عدد 5 المؤرخ في 21 فيفري 1964 حيث يتولى ضابط الحالة المدنية بالمنطقة التي وقعت فيها الوفاة تحرير رسم الوفاة طبق تصريح يقوم به قريب المتوفى أو شخص لديه معرفة تامة بالحالة المدنية للمتوفى. أما إذا حصلت الوفاة بإحدى المستشفيات أو بغيرها من المؤسسات الصحية، فإن على مديري تلك المؤسسات إعلام ضابط الحالة المدنية بالوفاة في ظرف 24 ساعة من حدوثها. بموجب ذلك، يتولى ضابط الحالة المدنية توجيه مضمونين من رسم الوفاة الذي حرره إلى وكيل الجمهورية أو إلى حاكم الناحية. وطبقا للفصل 44 من قانون الحالة المدنية المذكور، يتولى حاكم الناحية إقامة حجة الوفاة بعد استكمال الإجراءات التالية :- تلقي شهادة شاهدين يعرفان المتوفى أو من أقاربه مرفوقين ببطاقة تعريفهم الوطنية اللذان يصرحان أنهما يعرفان المتوفى وكلا من أمه وأبيه وأنهما يعرفان حالته المدنية (أعزب، متزوج، مفارق أو أرمل) معرفة تامة. كما يجب على الشاهدين أن يشهدا أن الهالك قد توفى في اليوم المعين شهرا وسنة ومكانا.- الإدلاء ببطاقات الحالة المدنية للزوجة والأبناء القصر والرُشداء.- تقديم شهادة ملكية إن ترك المتوفى عقارا مسجلا.
الوثائق المطلوبة لإقامة حجة الوفاة
رغم عدم وجود نص قانوني يحدد الوثائق المطلوبة لإقامة حجة الوفاة فإن جريان العمل أفرز تحديدا لهذه الوثائق و هي: (1)- مضمون وفاة الهالك. (2)- مضمون ولادة كل من الورثة أو المستحقين في التركة. (3)- مضمون وفاة من هلك من أبناء الهالك قبله إن اقتضى الأمر.(4)- مضامين ولادة الأحفاد. (5)- شهادة عرف certificat de coutume بالنسبة للأجانب المتوفين في تونس.
وإذا خلف الهالك وراءه عقارات مسجلة يجب إضافة: (6)- مضمون وفاة ثان. (7)- شهادة ملكية للعقارات المسجلة. فالمشرع ينص صراحة في الفقرة الأخيرة من الفصل 44 ق ح م على ما يلي:” و إذا اشتمل المخلف على عقارات مسجلة فإنه يقع توجيه حجة الوفاة و مضمون من رسم الوفاة إلى حافظ الملكية العقارية بقصد الترسيم برسم أو رسوم الملكية”.
الهوامش:
[1] ) الوفاة واقعة قانونيّة تتمثّل في مفارقة الحياة حسب معاينة طبيّة. وتمثّل الوفاة حدثا قانونيّا هامّا يندرج ضمن الحالة المدنيّة للشّخص الطّبيعي وتشكّل نهاية شخصيّته القانونيّة سواء كانت الوفاة حقيقية أو حكمية.
[2] ) حيث نصت المواد27-28من هذا القانون على إجراءات الإبلاغ عن الوفاة ونصت المادة33على الإجراءات التي يجب على النيابة اتخاذها بمجرد الإبلاغ عن الوفاة, كما تعرضت المادة 24 لبيان إجراءات إشهاد الوفاة أو الوراثة. أنظر حول هذا القانون: عدلي أمير خالد, أحكام وإجراء التقاضي في أشهاد الوراثة وتوزيع التركات. منشأة المعارف2001.
[3] ) عدلي أمير خالد. أحكام وإجراء التقاضي في أشهاد الوراثة وتوزيع التركات. منشأة المعارف 2001.ص.10.
[4] ) عدلي أمير خالد ، المرجع السابق, ص10.
[5] ) أنظر حول هذه الوثيقة: Francois.LOTZ, Successions en Alsace – moselle. Certificat d’héritier. J.C . civile. fasc.395.
[6] ) Gabriel Marty – Pierre Raynaud, Droit civil, les successions et les libéralités.
[7] ) نص الفصل 3 من قانون الحالة المدنية (غرة أوت 1957) لا فرق بين الذكر والأنثى فيما يتعلق بالشهادة برسوم الحالة المدنية.
[8] ) أنظر حول رسم الوفاة: صالح بوسطعة,الحالة المدنية في القانون التونسي,المدرسة القومية للإدارة. طبعة2. 1999ص.161ومابعدها.
[9] ) أنظر حول حجة الوفاة : مقال الأستاذ ساسي بن حليمة حجة الوفاة. المجلة القانونية التونسية.2001 ص 3 وما بعدها.
[10] ) الوجيز في قضاء الناحية وزارة العدل وحقوق الإنسان التفقدية العامة ـ منشورات مركز الدراسات القانونية والقضائية.2003.
[11] ) وفي هذا الإطار جاء منشور وزارة العدل عـ8011ـدد المؤرخ في12/04/1980والذي ورد فيه :”حرصا على تطبيق أحكام مجلة الحقوق العينية على الوجه الأكمل وخاصة منها أحكام الفصل377 وحرصا على الحد من أسباب تجميد السجلات العقارية فأنه تقرر أن تقام في المستقبل حجج الوفاة من طرف السادة العدول…بالنسبة للوفيات التي حصلت قبل غرة جويلية 1964 فقط …”.
[12] ) مضمون أو رسم الوفاة هو ” Acte de décès” أما حجة الوفاة فهي “L`acte de notoriété de décès ” مع أن المشرع أحيانا يستخدم عبارة رسم الوفاة للتعبير عن حجة الوفاة رغم أن النص الفرنسي يستعمل عبارة ” L`acte de notoriété de décès ” (انظر في ذلك مثلا أحكام الأمر المتعلق بتنظيم تسمية المقدمين المؤرخ في 18 جويلية 1957 الذي سيقع التعرض له لاحقا). كما أن عدول الإشهاد يستخدمون عبارة رسم الوفاة للتعبير عن حجة الوفاة.
[13] ) المنشور عدد197الصادر في23/06/ 1964 عن وزير العدل.والمنشور التكميلي عدد 1216/م ح /2ح. المؤرخ في ديسمبر 1964 والذي جاء لحل بعض الإشكاليات التي أفرزها تطبيق المنشور الأول. و رغم أن عنوان المنشور” إقامة رسوم الوفاة” إلا أنه يتعلق بحجة الوفاة.
[14] ) ابتداء من تحديد الطبيعة القانونية لحجة الوفاة مرورا بوسائل الطعن فيها وما هي البيانات الوجوبية التي يجب إدراجها في حجة الوفاة
[15] ) رغم أن بعض المحاكم قامت بمجهود فردي بإعداد نموذج خاص بها وهو نموذج يختلف من محكمة إلى أخرى.
[16])- و هو نفس الأمر الذي تكرر في المنشور عدد 167 الصادر في 23/6/1964 أين وقع التعرض إلى دور ضابط الحالة المدنية و قاضي الناحية و حافظ الملكية العقارية فقط.
[17] ) انظر القرار التعقيبي عدد 30021 المؤرخ في 3/6/1993 مجلة القضاء والتشريع عدد 6 لعام 1993 ـ صفحة 85.
[18] ) قرار محكمة الاستئناف بتونس عدد 50151 المؤرخ في 22 جوان 1982 ورد لدى ، حامد النقعاوي،الوجيز في قانون السجل العيني، دار الميزان سوسة.2002 ص.263.
[19] ) قرار تعقيبي مدني عدد 40276 مؤرخ في 11 أفريل 1996 نشرية محكمة التعقيب الجزء 2 لسنة 1996.
[20]) قرار تعقيبي مدني عدد 7687 المؤرخ في 12 ماي 2004 (غير منشور مدرج بملحق مذكرة حجة الوفاة. المذكورة سابقا.
[21] ) الفصل 44 ق ح م.
[22] ) رد السيد وزير العدل على أسئلة لجنة التشريع العام والتنظيم العام للإدارة بمجلس النواب عند مناقشة مشروع القانون المذكور.
[23] ) وقد سئل السيد وزير العدل من قبل لجنة التشريع العام والتنظيم العام للإدارة عن أسباب عدم تعرض مشروع التنقيح إلى أحكام الوصية فأجاب بأنه: “ربما كان من غير المناسب مطالبة الموصى بإتمام عملية الترسيم في قائم حياته لأنه بإمكانه الرجوع في الوصية حسبما أباح له ذلك الفصل 177 من مجلة الأحوال الشخصية ولهذا اختار المشروع أن يتعرض لموضوع الوصية مع موضوع الإرث في الفصل 373 من مجلة الحقوق العينية المشار إليها دون حاجة إلى إدخال أي تنقيح آخر على مجلة الأحوال الشخصية الحساسة لا فيما يخص الوصية ولا فيما يخص الميراث مقتصرا على البقاء في نطاق مجلة الحقوق العينية كلما تعلق الأمر بحقوق عينية تخضع للترسيم والغاية واحدة”. عادل براهمي، حول الإصلاح العقاري من الرسوم المجمدة إلى الرسوم المتحركة، م ق ت 6/1992.
[24] ) الفصل 11 من أمر 1957
[25])- يمكن اختصار آلية العمل المذكور على النحو الآتي:1- تصريح من أقارب الهالك بالوفاة في أجل ثلاثة أيام من تاريخ الوفاة./2-إقامة رسم وفاة من قبل ضابط الحالة المدنية على ضوء ذلك التصريح و توجيه مضمونين منه لوكيل الجمهورية و قاضي الناحية./3-قيام قاضي الناحية على أثر اتصاله بمضمون الوفاة ببحث قصد معرفة الورثة و يقيم حجة الوفاة./4-عندما يكتشف قاضي الناحية أن المخلف يشتمل على عقارات مسجلة يوجه نسخة من حجة الوفـــاة و مضمون رسم الوفاة إلى حافظ الملكية العقارية بقصد ترسيم انتقال الملكية.
[26] ) حكم صادر بتاريخ 4/11/2002 مدرج بملحق مذكرة حجة الوفاة- نور الشريف. المعهد الأعلى للقضاء2005.
[27])- وردت هذه الشروط في: الوجيز في قضاء الناحية. مرجع سبق ذكره ص.104.
[28]) أنظر حول ميراث ذوي الأرحام: الشيخ يوسف ابن الحاج فرج بن يوسف “المواريث الشرعية والوصية ومجلة الأحوال الشخصية” دار الميزان للنشر صفحة 105.
[29])- الفصل 550 م.ا.ع “من أمكنه الأكثر أمكنه الأقل”.
[30] )- الفصل 87 م ا ش . والفصل 553 م ا ع اللذين يتفقان على قاعدة لا إرث إلا بعد سداد الدين.
[31])- أنظر الملاحظة الواردة في الصفحة 104 من الوجيز في قضاء الناحية و التي ورد فيها: “يجوز أن تجتمع في شخص واحد صفتا المصرح و الشاهد”.
[32])- أنظر حول هذه النماذج الوجيز في قضاء الناحية ص. 437-436.
[33])- أنظر نموذج حجة الوفاة الصادرة عن ناحية قرطاج و ناحية تونس المدرجة بملحق مذكرة حجة الوفاة. المذكورة سابقا.
[34])- و ذلك على الرغم من أن نموذج حجة الوفاة الملحق بمنشور 197/1964 تضمن ملاحظة توجب التنصيص على نوعية المعرفة أنظر الوجيز في قضاء الناحية ص.437.
[35])- نظم المشرع بموجب القانون عدد 71 لسنة 1997 المؤرخ في 11 نوفمبر 1997 مهام المصفين و المؤتمنين العدليين و أمناء الفلسة و المتصرفين القضائيين.
[36])- أنظر في هذا المعنى الفصل 7 و ما بعده من القانون عدد 71 لسنة 1997 و الفصل 135 و ما بعده م.ح.ع ودليل إجراءات المصفي وزارة العدل مركز الدراسات ص.41.
[37])- منشور في م ق ت عدد 5/1984.ص 57.
[38])- مع التأكيد هنا على أن المصفي لا يمكن أن يعتبر وكيلاً على معنى مجلة الالتزامات و العقود (الفصول 1104 و ما بعده) لأن أحكام قانون 1997 و تحديداً الفصل 24 منه تنص على أنه “يشبه المصفي… بالموظف العمومي على معنى الفصل 82 م.ج”.
[39])- محمد الزين، النظرية العامة للالتزامات و العقود ج1. العقد- الطبعة الثانية 1997 ص.100. و حسب تعبير الفقهاء المسلمين فهي ” قيام شخص مقام آخر في إجراء التصرف”. عبد الفتاح عبد الباقي، نظرية العقد، ص.217 عدد 133.
[40]) – الوجيز في قضاء الناحية مرجع سابق ص.109.
[41]( Charfeddine (M.K), les droit des tiers et les acte translatifs de propriété immobilière. Thèse 1990. p.91.
[42] )- قرار تعقيبي مدني عدد 3343 مؤرخ في 19/05/1981 ن.م.ت لعام 1981 القسم المدني ج2. ص.46.
[43]) – قرار تعقيبي مدني عدد 5869 مؤرخ في 4 ماي 1948 م.ق.ت. 1962 عدد 1 ص.37.
[44] – قرار تعقيبي مدني عدد 39528 مؤرخ في 19 مارس 1996 غير منشور مدرج بملحق مذكرة حجة الوفاة. المذكورة سابقا.
[45] ) تحت عدد 12021 نشرية م ت ق م لسنة2002 ج1 ص 58.
[46] ) ولعل اتخاذ موقف بشأن انطباق مقتضيات الفصل 241 م.أ.ع في خصوص الامتناع عن قبول الميراث بعد صدور مجلة الأحوال الشخصية لا يكون الا من خلال دراسة العديد من المسائل ذات الارتباط الوثيق والتي من بينها تاريخ انتقال ملكية التركة ذلك أن الفصل 85 م.أ.ش. لم يتعرض لهذا التاريخ خلافا لما قد يتراءى للبعض وإنما اكتفى ببيان شروطه وفي هذا السياق فقد اقتضى الفصل 553 م.أ.ع. أن “الدائن يقدم على الوارث ولا إرث إلا بعد أداء الدين” فيؤخذ من هذا النص أن ملكية التركة لا تنتقل للوارث إلا بعد أداء الدين خلافا لما عليه الأمر بالقانون الفرنسي أين يعتبر الوارث امتدادا لشخص المتوفى إذ ينتقل الالتزام من المورث إلى الوارث ويصير مطلوبا بالوفاء به حتى من ماله الشخصي إذا قبل الإرث طبقا لمقتضيات الفصل 724 من المجلة المدنية. أنظر في ذلك :حامد النقعاوي، الدراسة السابقة.ص58.
[47]) – الوجيز في قضاء الناحية ص. 105 و ما بعدها.
[48] )- أنظر نموذج الطلب المدرج بملحق مذكرة حجة الوفاة. المذكورة سابقا.
[49]) – إذ جاء بالفصل 191 م.ا.ش الفقرة الثانية – 3 – الوصية الواجبة مقدمة على الوصية الاختيارية.
[50]) – جاء بالفصل 188 م.ا.ش “من لا دين عليه و لا وارث تنفذ وصيته و لو بكل ماله بدون توقف على ميراث صندوق الدولة”.
[51]) حامد النقعاوي، التركات الشاغرة، م ق ت. عدد أفريل 2000 ص55.
[52] ) وقد عرفت محكمة التعقيب التركة الشاغرة: “هي التي لم يظهر لها وارث (أمر 15/2/32) وتسمية قابض التسجيل مصفيا لها لا يكون له تأثير في اعتبار الدولة طرفا فيها يلزم منه عرض القضية على النيابة العمومية وبذلك فإن ظهور الوارث واستحقاقه للتركة والحكم برفع يد المصفي وتمكينه منها بدون عرض القضية على النيابة يجعل الحكم في طريقه ولا مطعن فيه يقتضي نقضه”. قرار تعقيبي عدد 6144 مؤرخ في 13/11/1981.نشرية محكمة التعقيب لعام 1981 ج4 ص156.
[53] ) عمليا يباشر ممثل النيابة العمومية عملية الضبط الأولي للمخلف ويأذن لأعوان الضابطة العدلية بإغلاق المحلات الشاغرة وتأمين المنقولات بها بعد حصرها بصفة أولية وتحرير تقرير إجمالي ينتهي إلى السيد قاضي الناحية قصد ضبط المخلف واستخراج حجة الوفاة التي يقع التنصيص فيها على عدم وجود وارث للهالك وأن مخلفه يعود للدولة وتتم هذه العملية بمحضر قابض المالية الذي يتوجه على العين ويتم ضبط المخلف وفصوله ويحرر في شأنه تقرير مفصل في خصوص المنقولات في حين يعهد إلى مصالح وزارة أملاك الدولة القيام بتحديد قيمة العقارات وأوجه التصرف فيها ثم ينتهي التقرير إلى ممثل النيابة العمومية الذي يتولى نشر قضية مدنية في بيع مخلف إذا تعلق الأمر بمنقولات يستدعي فيها قابض المالية كممثل للدولة ويطلب من المحكمة الحكم بأيلولة تلك المنقولات لملكية الدولة وتطلب من قابض المالية بيعها بالمزاد العلني واستصفاء ثمنها لفائدة صندوق الدولة.
[54]) ما يلاحظ بخصوص إجراءات التملك بالتركات المذكورة هو إطناب النصوص الواردة صلب القرار المؤرخ في 28 ماي 1932 في الإحالة على نصوص القانون المدني الفرنسي الأمر الذي ينافي سيادة الدولة التونسية واستقلالها..حامد النقعاوي،الدراسة السابقة.ص60
اترك تعليقاً