العدالة الانتقالية…الوجه الآخر للعدالة
الأستاذ: هواري قادة أستاذ مساعد (أ)
كلية الحقوق والعلوم السياسية بجامعة معسكر، الجزائر.
الملخص
في هذا المقال حاولنا أن نقرب مفاهيم العدالة الانتقالية وكيف أنها تصبح ضرورة لدى بعض المجتمعات التي عاشت جرائم ضد الإنسانية أو ضد حقوق الإنسان، وكيف لهذه الآلية أن ساعدت المجتمعات التي عاشت هذه الانتهاكات في الخروج من أزماتها السياسية خاصة، وباعتماد جملة من الإجراءات والآليات التي أشرنا إليها في هذا المقال. ولعل تفعيل عناصر مهمة مثل، العفو، التسامح، نسيان آلام الماضي وجبر الأضرار المادية والمعنوية، كلها دفعت بهذه المجتمعات إلى فتح صفحات جديدة في كشفها عن الحقائق، وبالتالي ساهمت بقسط كبير في بناء الاستقرار السياسي للبلد وبسط شيء من الديمقراطية ز معالم الحكم الراشد فيه، حتى نأمن وأجيالنا مستقبلا من الوقوع في فخ الحروب والانتهاكات التي طالت حقوق الإنسان على نحو واسع وممنهج. تلكم هي الأهداف المقدسة التي ترتجى من تفعيل مرتكزات وقواعد العدالة الانتقالية.
الكلمات المفتاحية: العدالة الانتقالية، جرائم ضد الإنسانية، جرائم ضد حقوق الإنسان، الأجهزة القضائية، جمعيات حقوقية.
Summary In this article we have tried to approach the concepts of transitional justice in a way that they have become a necessity in some communities that have experienced crimes against humanity or against human rights and how this mechanism helped The communities that have experienced these violations to emerge from these political crises and has contributed to the adoption of a set of procedures and mechanisms that we have discussed in this article. Perhaps the activation of important elements such as forgiveness, tolerance, forgetting the pain of the past and repairing material and moral damage, are pushing these communities to open new pages in the discovery of facts, and Thus largely contributing to the building of the political stability of the country and to extend sustainable democracy and ideal governance even safely and to prevent future generations from falling into the trap of wars and violations of human rights. Which are largely and systematic. These are the sacred goals that led to awaiting to activate the procedures and rules of transitional justice.
Keywords: transitional justice, crimes against humanity, crimes against human rights, judicial organs, human rights associations.
مقدمة
إن الانتهاكات الممنهجة والجسيمة لحقوق الإنسان، والخروقات التي ما فتئت تؤرق المجتمع الدولي، جعلت من هذا الأخير يفكر مليا في استحداث قواعد وآليات مختلفة المشارب والتوجهات(([1]))قصد الحد منها أو القضاء عليها نهائيا.
ولعل من أبرز هذه الآليات أن كان للعدالة الانتقالية وجودا فاعلا يفوق بعض المؤسسات القضائية الرسمية في عملها وفاعليتها نوعا وكما في يعض الأحيان، مثلما حدث في دول عدة شهدت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، كالذي حدث في الجزائر(([2]))مثلا ودول كثيرة. هي إذن ليست إطلاقا بديلا عن القضاء الرسمي ومؤسساته الشرعية كما يشاع عنها، ولكن يمكن وصفها عاملا ماديا مسهما ومساعدا له، أو يمكن بالأحرى وصفها عدالة جوارية تساعد في تأصيل وترسيم مرتكزات القضاء الرسمي ومؤسساته في كل أنحاء البلاد أو وصفها عدالة بعدية لأنها توقيفية على شرط وجود النزاعات وحدوث الجرائم والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، وبالتالي ذلكم توسيع لدائرة العدالة الكلية وتجسيد وتكريس لحقوق الإنسان.
ولأنه وحيث ترتكب انتهاكات لحقوق الإنسان، تأبى مطالب العدالة أن تتلاشى، وهي في ذلك واحدة لا تتجزأ، وتتحقق بطرق ومناهج شتى، فلقد كانت العدالة الانتقالية إحدى هذه الأوجه والمناهج والتي تتحقق بها العدالة التي تنشدها المجتمعات.
هذه العدالة الانتقالية إذن كما يراد لها هي الوجه الآخر للعدالة. ولقد ثبت مثلا في التاريخ الإسلامي بما لا يدع مجالا للشك والريبة أن العدالة الانتقالية قد أخذت نصيبها من معالم ومؤشرات بداية دولة الإسلام التي ارساها النبي صلى الله عليه وسلم حتى وإن اختلف الزمان والمكان والأشخاص، ولكن المفهوم والغاية واحدة لا شك في ذلك، فلقد كان الموقف الذي بدا بعد فتح مكة ودخول المسلمين إليها فاتحين منتصرين أشبه ما يكون بمرحلة انتقالية حاسمة غيرت مجرى التاريخ لتأسيس مرتكزات الحكم الراشد بفضل حسن التدبير والتقرير لمثل هذه الظروف الصعبة، فعندما دان أعداء الأمس صاغرين منهزمين للنبي صلى الله عليه وسلم معتقدين أن اليوم هو يوم ملحمة وساعة قصاص، يتفاجأ الجميع بقرار حصيف وجريء من جانبه صلى الله عليه وسلم بدى وكأنه اطلع على ما في قلوب الناس وحاجتهم للعفو والصفح، منتصرين ومنهزمين ورغبتهم في طي صفحات الماضي الأليم، بأن اليوم هو يوم مرحمة وساعة تسامح وصفح فكانوا هم الطلقاء الأحرار حقا ومرروا هذه القيم إلى الأجيال التي جاءت من بعدهم. تلكم هي معالم العدالة الانتقالية في هذه الحقبة الحرجة، والتي أسست وبامتياز لحقبة الحكم الراشد. فلو كان الانتقام هو سيد الموقف والوقوف عند أحداث الماضي واستذكار خصومات الماضي ومشاحناته وعدم التسامح وتفعيل القصاص والانتقام، ما كان لدولة الإسلام الفتية أن تقوم لها قائمة وأن تدوم قرونا طويلة الأمد تملأها قيم العدل والمساواة.
كما وأن أهمية البحث تأتي من واقع العدالة الانتقالية في تفعيلها ميدانيا والآثار الإيجابية التي تترتب عن ذلك وتحديد الدور الذي تلعبه هذه الآلية في بلورة قواعد العدالة وخلق آليات أكثر فعالية لحماية وتعزيز وترقية حقوق الإنسان، ويأتي هدف البحث للكشف عن نوعية وطبيعة القواعد التي تعتمدها مختلف مؤسسات وأجهزة العدالة الانتقالية في تجسيدها لمرامي العدالة الأصيلة. وتأتي فرضية البحث متعلقة بمدى أهبة وجاهزية المجتمعات التي عاشت بعض الانتهاكات لحقوق الإنسان جراء الأزمات والنزاعات والحروب لاسيما الأهلية منها، وحتى الانتهاكات التي حدثت جراء حكم الأنظمة الاستبدادية. وسنحاول في هذا المقال إماطة اللثام عن بعض الإشكاليات التي لطالما أرقت الحقوقيين في إستقصاءاتهم الميدانية حول تبني مختلف الآليات المتاحة لمعالجة الآثار التي خلفتها أو ستخلفها الانتهاكات ضد حقوق الإنسان مستقبلا.
ومن مختلف الفاعلين إبان الصراعات والنزاعات إن في زمن السلم أو الحرب. أضف إلى هذا إشكالية أخرى هي كيف السبيل للهيئات القضائية وشبه القضائية منها “كلجان كشف الحقيقة” لأن تعمل على تخفيف حالات الاحتقان والتوتر التي تلي انتهاء الصراع أو النزاع ؟.
أي هل على هذه الأخيرة أن تقوم على مباشرة تحقيقاتها وفق القواعد والميكانيزمات التشريعية التقليدية – المحلية الوطنية- ؟ أم هنالك بدائل أخرى أكثر واقعية ومقبولية للتماشي مع ضرورات المرحلة الانتقالية كتأسيس لجان للتقصي ومعرفة الحقيقة تعمل بالتعاون مع الأجهزة الإدارية والقضائية الرسمية منها وغير الرسمية للوقوف أخيرا على تحقيق العدالة ؟ وما مدى مقبولية هذه الآلية لدى الدول والشعوب التي عانت من نزاعات مسلحة راح ضحيتها ما لا يمكن إحصاؤه وتعداده من البشر، ثم ما فتئت بعد هذه الأحداث والجرائم الجسيمة تأخذ على عاتقها جملة من الآليات والإجراءات للتخلص من هذه الأحداث الجسام، خاصة مع حداثة هذا المصطلح “العدالة الانتقالية” والذي واجه بطئا شديدا في استساغته والعمل به ميدانيا كإجراء استباقي أو تحسبي وصولا لتحقيق العدالة الأصيلة التي ترنو لها المجتمعات والشعوب التي شهدت مثل هذه الأحداث والجرائم الإنسانية؟.
وللإجابة على هذه التساؤلات، التي هي في حقيقتها إشكاليات حاولنا الإجابة معتمدين في ذلك على المنهج الوصفي الاستدلالي والبنيوي الوظيفي الذي نراه يتماشى ومقتضيات هذه الإشكاليات. مقسمين ورقتنا البحثية هذه إلى مبحثين رئيسيين يتعلق الأول بماهية العدالة الانتقالية كمفهوم ممارساتي واقعي، ويتعلق الآخر بالأدوات الواجب توافرها لتحقيق هذا المرمى، وكل مبحث هو الآخر بدوره قسمناه إلى مطلبين لمعالجة هذه الإشكالية.
المبحث الأول: العدالة الانتقالية، مفهوم وممارسة ميدانية
تشير بعض دراسات المركز الدولي للعدالة الانتقالية(([3]))أن هذه الأخيرة هي “مجموعة من التدابير القضائية وغير القضائية التي قامت بها دول مختلفة من أجل معالجة ما ورثته من انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وتتضمن هذه التدابير الملاحقات القضائية، لجان تقصي الحقائق، برامج جبر الضرر وأشكال أخرى متنوعة من دعوات لإصلاح المؤسسات”، وهي في هذا ليست استثناءات عن العدالة، بل هل آلية فعالة لتثبيت فترات وحالات الانتقال من اللاأمن إلى الأمن، أي من النزاع إلى الاستقرار، ويحق بعد هذا للضحايا الحقيقيين أو المحتملين أن يطالبوا بمعاقبة مقترفي هذه الجرائم ومعرفة الحقيقة وبالتالي محاولة جبر الأضرار، هنا تكمن غاية وأهمية العدالة الانتقالية.
ويشير الكاتب أندرو كورا في مقاله “العدالة الانتقالية في تونس”(([4]))، إن العدالة الانتقالية هي في بعض الأحيان “عدالة انتقال” أو “انتقال عدالة” أي هي إجراء استباقي حمائي تحسبا واتقاء لأي انزلاقات على الصعيد الأمني والاجتماعي لئلا ينحرف الضحايا الحقيقيون والمحتملون لسلوكيات انتقامية من أولئك الذين أجرموا وانتهكوا حقوقهم فيصبحون بذلك أشد إجراما وانتهاكا للأمن على الصعد كافة ولأن الانتقام لا يولد إلا انتقاما آخر أشد منه، وبالتالي تختزل العدالة الواقعية أو تجهضها في مهدها. فالذي حدث ولا زال يحدث في الكثير من الدول الإفريقية واللاتينية والآسيوية، جعل من المجتمع الدولي يفكر مليا تقديرا وتقريرا أنه ثمة الكثير من الميكانيزمات والآليات الواجب اتخاذها فورا وعلى عجل للحيلولة دون إراقة المزيد من الدماء، والدخول في نفق مظلم يعلم أوله ولا يعلم آخره(([5]))، ولعل أهم مرتكزات العدالة الانتقالية في ذلك والتي تتعلق أساسا بأصحاب الحقوق المباشرين، أولئك الذين كانوا عرضة للانتهاكات الجسيمة التي مست حقوقهم المادية والمعنوية أو مست حتى حقوق أقاربهم المباشرين بصفة ممنهجة ومنظمة هي الحق في المعرفة، الحق في العدالة، الحق في التعويض وكذا الحق في ضمان عدم تكرارمثل هذه الجرائم.
المطلب الأول: المرتكزات المادية القضائية. ونقصد بها جملة المعايير والميكانيزمات التي يجب أن تتوافر لتحقيق وتجسيد العدالة المادية، وهي ضرورة حتمية يعتقدها المجتمع المقدم على مثل هذه الإجراءات، وتقوم على تبنيها بصفة تعاضدية تعاونية مختلف الهيئات القضائية الرسمية وغير الرسمية وتتمثل في:
1- الحق في المعرفة: هو أصل كل عدالة يراد تحقيقها لرد الحقوق إلى أصحابها، وهو دعامة أساسية تحتاجها العدالة الانتقالية لمعرفة الحقائق واتخاذ الترتيبات اللازمة ميدانيا قصد تحقيق النتائج المرجوة. وهو حق غير قابل للتصرف أو التقسيم، أي يجب أن يعلمه ويعيه كل فئات المجتمع دون استثناء، كما أنه وحتى لا تنسى هذه الجرائم يجب حفظها(([6]))للأجيال وفق نسق أخلاقي ونفسي واجتماعي وتشريعي معينين، أضف إلى هذا أنه من الواجب أيضا أن يعلم الضحايا أو أقاربهم بكل الإجراءات التي أقدمت أو ستقدم عليها السلطات القضائية في الدولة مستقبلا وخاصة السماح لهم بالاطلاع على كل الملفات التي تتعلق بقضايا ضحاياهم أو مفقوديهم أمام الجهات الأمنية أو القضائية أو الإدارية. وهذا الحق قد يكون مطية لتحقيق ما قد تعجز عنه مؤسسات القضاء الرسمي وشبه الرسمي، ألا وهو الصلح أو المصالحة أي أن الحق في المعرفة هو تذليل لكل الملابسات والشبهات التي تحوم حول المشتبه بهم في أنهم مثلا قد كانوا عرضة لقوة قاهرة دفعتهم إلى القيام بمثل تلك الانتهاكات الجسيمة، أو أنهم أخطأوا في تقديراتهم عندما أقدموا على القيام بمثل تلك الجرائم، وبالتالي قد يلتمسون الأعذار من عند ضحاياهم فيقبلها منهم هؤلاء. هو الحق في المعرفة إذن عندما يزدوج بين الضحية وجلاده قد يفضي إلى تحقيق مصالحة ولم لا إلى عدالة يرنوا لها أهل الوطن الواحد، ويجب أن نحرص هنا على القول بأن الصلح والمصالحة مسألة اختيارية طوعية، ما من مسوغ فيها أن يجعلها إلزامية بين الطرفين في التماس العذر ولا في قبوله، وفي هذا الصدد أردف سفير جمهورية “التشيك” قائلا :” العدالة شيء والمصالحة شيء آخر، المحكمة قد تكون هي قاطرة العدالة، ولكن لم تكن أبدا مصممة لتقود قاطرة المصالحة. العدالة تتعامل مع المجرمين وقد يكونون مضللين في أقوالهم شئنا ذلك أم أبينا، ولكن المصالحة معقدة ومن غير الممكن تحقيقها ما لم يعلن المجرمين الذين انتهكوا الحقوق عن توبتهم ويتوسلون لضحاياهم طالبين منهم العفو…هنالك فقط يمكن تحقيق المصالحة”(([7])).
2- الحق في العدالة: في حقيقة الأمر هو حق للذين مستهم الانتهاكات الجسيمة في حقوقهم، وفي ذات الوقت واجب يفرض على الدولة أن توفر كل جهودها لتحقيق العدالة، ويمكن لهذا الحق أن ينظر إليه من جوانب ثلاثة هي:
أ- الوظيفة الأولى للدولة، ويتوقف أساس على إلزامية الدولة وبصورة عاجلة على إقامة تحقيقات جنائية واسعة وعميقة، مستقلة وشفافة تستهدف انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، كما أيضا هذا الحق يضع على عاتق الدولة اتخاذ التدابير اللازمة ضد منتهكي حقوق الإنسان كالذي حدث في رواندا والسيراليون والفيتنام وما زال إلى اليوم يحدث في سوريا والعراق…إلخ. وعلى الدولة المعنية في إطار احترام قواعد القانون الدولي أن تقوم بدمج لمعظم القواعد التشريعية الموضوعية والإجرائية منها والمتعلقة به، في قوانينها الوطنية حتى يمكنها تفعيل مسألة الاختصاص العالمي ومتى دعت الظروف إلى ذلك.
ب- أن يعهد بالمسألة إلى ولاية المحاكم الدولية أو عبر الدولية أو الخاصة ذات الطابع الدولي للنظر في انتهاكات حقوق الإنسان في حال عدم قدرة المحاكم الوطنية للنطر في هذه الانتهاكات أو عدم تقديمها الضمانات الكافية لمتابعة مقترفي جرائم حقوق الإنسان أو محاكمتهم. وهذا حتما سيخلق نوعا من التناغم والتمازج بين القوانين المختلفة الأبعاد والأوجه، خاصة بعد تبني النظام الأساسي للمحكمة الجنائية بروما سنة 1998.
ج- فرض القيود على بعض القواعد القانونية، حيث أن البعض من هذه القواعد والمنصوص عليها في القانون الجنائي العام الداخلي خاصة لكل دولة، يمكنه أن يعزز مسألة الإفلات من العقاب على انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان كقواعد التقادم، العفو، وغيرها من تدابير الرحمة(([8])). وأيضا كجزء من القيود المفروضة على قواعد قانونية معينة بذاتها أنه إذا تبين حقيقة أنه قد حوكم شخص بالفعل بالنسبة لجريمة خطيرة بموجب القانون الدولي، فلا يمنع من أن يحاكم لنفس الوقائع والجرائم المنسوبة إلية مرة أخرى، إذا كان الهدف من الإجراء الأول أعتمد بقصد حماية الشخص المعني من المسؤولية الجنائية، ولم تجر الإجراءات الأولية بشكل مستقل وحيادي يضمن حقوق الضحايا. لأن القصد من وراء ذلك هو أن لا تمر الجريمة دون عقاب وإلا اختل المجتمع وفقد توازنه.
المطلب الثاني: المرتكزات التوعوية المؤسساتية
3- الحق في المساهمة في إصلاح مؤسسات الدولة: ويراد به فسح المجال أمام الجمهور بكل فئاته خاص الضحايا منهم للمساهمة في إصلاح المؤسسات الأمنية والقضائية والإدارية، وذلك من شأنه أن يسهم في التخفيف من الانتقام المفترض أو حالة الاحتقان التي يعيشها الضحايا وأقاربهم، والأمر هنا يتعلق بتلك المؤسسات الرسمية والموازية التي كانت تعمل تحت أوامر السلطات الاستبدادية في الدولة، وكل ذلك بقصد دمقرطة هذه القطاعات لئلا تعاود الكرة من جديد في انتهاكها لحقوق الإنسان.
4- الحق في المشاركة في برامج التوعية الحقوقية: وهو استحقاق يفرض على القائمين على برامج تحقيق العدالة من لجان أو جمعيات أو منظمات أو حتى المدارس والجامعات والمعاهد ودور القضاء، كل حسب قدراته وإمكانياته من تسخير إمكانيتهم لتأهيل الضحايا وتحضيرهم إجرائيا وموضوعيا لمواجهة تلك الانتهاكات بصورة سلمية أو لخوض المعارك القضائية للمطالبة بحقوقهم أمام القضاء الوطني والدولي على السواء. وحتى تحسيسيهم وتوعيتهم بقيم العفو والصفح وطرح أمامهم جملة من التجارب التي مرت بها مجموعة من الشعوب وكيف أنها تخلصت من تبعات تلك الجرائم والانتهاكات وأصبحت أمما قوية ومتلاحمة فيما بينها بفعل الصفح والعفو، ولعل هذا يعتبر أهم عامل لتحقيق العدالة بكل معانيها ويجعل المجتمعات في منأى من كل انتهاكات محتملة أو وشيكة الوقوع، وخاصة إذا ما توجهت الجهود والإمكانيات من قبل القائمين على تحقيق العدالة إلى ضم هذه القيم والسلوكيات في برامج دراسية لفائدة الأجيال المتعاقبة. وهذا الحق وحده تقريبا يضمن عدم تكرار وقوع مثل هذه التجاوزات مستقبلا، ولأن حق المساهمة في مثل هذه البرامج التوعوية التحسيسية يعتبر بحق بمثابة جرعات تحصين وتأمين ضد أي انتهاكات أو جرائم مستقبلا، هذه هي أهم المرتكزات التي تبنى عليها العدالة الانتقالية على الأقل في المستوى التنظيري. ولكن ما هي الآليات الفعالة التي تجعل من العدالة الانتقالية واقعا ممارساتيا يهيئ السبيل إلى تحقيق أمن وسلم المجتمع؟
المبحث الثاني: آليات تحقيق العدالة الانتقالية
ويجب أن نسجل أنه ليس هناك صيغة واحدة للتعامل مع ماض مفعم بانتهاكات واسعة النطاق لحقوق الإنسان، فجميع مناهج وأساليب العدالة الانتقالية تستند إلى إيمان جوهري بعالمية حقوق الإنسان، ولكن في نهاية المطاف يجدر بكل مجتمع أن يختار لنفسه الطريق الملائم لتحقيقها، بل لا مناص له من ذلك(([9])).
ولعلنا نسجل في هذا اختيار المجتمع الجزائري لطي صفحة الماضي بعشريته التسعينية السوداء من القرن العشرين عن طريق ما ارتضاه لنفسه في المصالحة الوطنية التي جرى الاستفتاء عليها بتاريخ 2005 وأصبحت تجربة رائدة وملهمة سباقة للملمة جراح الماضي والقطيعة مع كل مزايدة لاستثماره كورقة سياسية أو حقوقية لضرب استقرار المجتمع وأمنه وسلمه الاجتماعيين. ولكن كيف السبيل إلى تحقيق ذلك؟ لتحقيق ذلك، هناك سبل شتى يمكن اللجوء إليها متى دعت الضرورة إلى ذلك فعلى سبيل المثال لا الحصر يمكن اعتماد ما يلي:
المطلب الأول: الآليات القضائية وشبه القضائية
1- الدعاوى الجنائية: وأساس هذه الدعاوى هو مجمل التحقيقات القضائية الرسمية مع المسؤولين الرسميين الحقيقيين والمفترضين عن ارتكاب جرائم وانتهاكات حقوق الإنسان سواء في الحالات العادية “السلم”، أو الاستثنائية “النزاعات المسلحة خاصة الحروب الأهلية”، فمثلا على المستوى الدولي غالبا ما يؤسس المدعون تحقيقاتهم ومتابعاتهم على المسؤولين الكبار والمباشرين، أي المشتبه بهم الذين يعتقد أنهم يتحملون القسط الأكبر من المسؤولية عن هذه الانتهاكات الجسيمة والممنهجة كما حدث ولا زال يحدث في بقاع شتى من العالم. وهذه الانتهاكات الممنهجة هي بمثابة جرائم إبادة(([10]))وجرائم ضد الإنسانية كما أشارت ذلك المادة السابعة من النظام الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية(([11]))، أما على المستوى المحلي الوطني فتتنوع الإجراءات والأساليب سواء الرسمية عن طريق القوانين واللوائح، أو الموازية منها بما تبتكره الجمعيات واللجان والمنظمات المعنية بحماية حقوق الإنسان في مثل هذه الظروف. ولكن ومهما يكن من أمر فإن مفهوم العدالة الانتقالية مرتبط في حقيقة وجوده بمختلف الانتهاكات والجرائم التي تقع على حقوق الإنسان وجودا وعدما، وإن ما يميز منظومة حقوق الإنسان عن مختلف المنظومات الأخرى كالقانون الدولي الإنساني مثلا هو أنها غير مرتبطة كما أشرنا بزمان أو مكان معينين فهي تطبق في زمن السلم والحرب وفي أي مكان من العالم يفترض فيه وقوع تلك الجرائم الممنهجة وعلى نطاق واسع، ذلك كان عاملا حاسما في تأصيل فكرة وجود قضاء دولي جنائي وتطورها عبر قواعد موضوعية وإجرائية كلها مسخرة لخدمة العدالة بمختلف أوجهها.
2-لجان معرفة الحقيقة: هي من حيث المبدأ ليست كلجان التحقيق القضائية الرسمية، بل مهمتها البحث عن مجرد الحقيقة بقصد تأصيل الأحداث المتمثلة في الانتهاكات والجرائم التي وقعت إبان فترة ما، وصولا بذلك إلى إمكانية تحقيق المصالحة. وهذه الأخيرة تقتضي مصاهرة دائمة بين الحقيقة والمعرفة وصولا لجوهر العدالة كمعادلة تقتضي صحة طرفيها “المعرفة والحقيقة”، فلا عدالة دونهما. وذلك ما دأبت عليه لجان معرفة الحقيقة لدى المجتمعات التي عاشت انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان في إفريقيا كالسيراليون، رواندا، جنوب إفريقيا وتونس. ففي رواند مثلا، تبلورت فكرة إنشاء محكمة جنائية دولية وأنشئت بالموازاة لها لجنة متابعة الأحداث في هذا البلد للعمل من أجل إيجاد حلول وجمع المعلومات التي تكشف الاختراقات الخطيرة لحقوق الإنسان وتقدمت اللجنة بتقرير نهائي إلى الأمين العام للأمم المتحدة في نوفمبر من سنة 1994 تحت رقم94/ 1157 تضمن إنشاء محكمة جنائية دولية مكلفة فقط بمحاكمة الأشخاص المسؤولين عن المجازر والتجاوزات الخطيرة لحقوق الإنسان داخل الإقليم الرواندي أو على أقاليم البلدان المجاورة(([12])). كما وأن تونس استفادت من بعض التجارب التي وقعت في إفريقيا واستوردتها بامتياز قل نظيره، ذلك أنه كان هناك شبه إجماع من طرف السلطات الجديدة في فتح تراكمات ومخاضات الفترة الانتقالية بكل شجاعة وجرأة ومواجهة الماضي بكل الوسائل المتاحة حتى يمكن للعدالة أن تقوم من جديد، حيث شكلت لجنتان لتقصي الحقائق هما اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق حول التجاوزات والانتهاكات التي ارتكبت أثناء أحداث 17/12/2010، واللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد إلى جانب اللجنة الوطنية لاستعادة الأصول المهربة إلى الخارج.
وفي أوربا الشرقية مثلا، ورثت دولها أطنانا من مخلفات الدولة الاشتراكية في شكل ملفات أجهزة الاستخبارات دفنت في طياتها معلومات من شأنها إدانة المجرم، وتبرئة المدان، وإعادة تأهيل الضحية، وصياغة الوعي الاجتماعي التاريخي من جديد، والسؤال هنا هو ماذا سيفعل بهذه الملفات؟ لا شك أن لجان تقصي الحقائق والمعرفة كانت لتبدي اهتمامها بالملفات التي قد تساعد في كتابة سطور التاريخ، قرارات سياسية، سجلات داخلية للمؤسسات القيادية وقضايا تخص الشخصيات العامة. لكن الهوة بين مصالح الضحايا والجناة عميقة للغاية لأن المسألة تتعلق بحق الضحايا في قراءة هذه المعلومات واستخدامها إما لضمان إعادة تأهيلهم أو نيل تعويض مادي أو الحصول على أدلة تجرم الجناة أو ببساطة التوصل إلى فهم أفضل لحياتهم، وقد ينادون بحقهم في إتلاف ملفاتهم الخاصة، هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فقد يتشبث الجناة من أفراد النظام السابق بمبادئ ليبيرالية الدولة للمطالبة بإغلاق الملفات أو حتى إتلافها، فيحتجون بأن لا يجوز للدولة الليبيرالية التطفل على حياة الأفراد الشخصية ما لم يكونوا من المشتبه بهم في ارتكاب جرم ما، وهذا لا يكون إلا بعد إذن المحكمة بالتنصت على مكالماتهم وإصدارها مذكرات تفتيش بحقهم، كما يستطيعون أيضا حشد الأدوات البلاغية القوية للضمانات الإجرائية وحق الخصوصية في مسعى منهم لتعطيل الضحية بالاطلاع على المعلومات، إذن فما الحل في مثل هذه الحالات؟ الحل يكمن في ثلاث طرق رئيسة لحل مشكلة الملفات. تستطيع الدولة شق باب المحفوظات جزئيا لتمكين لجنة تقصي الحقائق من الاستفادة منها، أو فتحه على مصراعيه أمام الضحايا لاستعمال الملفات أو إقفاله نهائيا وربما إتلاف ما فيه من محتويات(([13])).
المطلب الثاني: الآليات السياسية والاجتماعية
1- برامج التعويض وجبر الأضرار “المادية والمعنوية“: هذه الآلية هي من المبادرات أو البرامج التي تقوم الدولة بمختلف مؤسساتها وأجهزتها الرسمية وغير الرسمية منها على تدعيمها وتقويتها بقصد إرضاء جمهور المتضررين من شتى الانتهاكات التي وقعت، كما وتنشئ لها مؤسسات ومرافق رسمية(([14]))وهي عادة ما يعهد بها إلى الجمعيات المدنية الحقوقية التي تنشأ لهذا الغرض، فتكون بذلك كجهة مساعدة لمؤسسات الدولة الرسمية في المساعدة على جبر الأضرار. وإقرار جملة من التعويضات للضحايا، وذلك بتوزيع خليط من التعويضات المادية والرمزية، وقد تشمل أيضا التعويضات المالية والاعتذارات الرسمية.
2- إعادة بناء مؤسسات الدولة: خاصة المؤسسات التي يفترض بل يقينا أنها ساهمت بشكل أو بآخر في انتهاكات حقوق الإنسان وسواء كانت رسمية أو غير رسمية وعلى نحو منظم وممنهج بما يتيح أخلاقيا وقانونيا أنها قد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية أو ضد حقوق الإنسان، وتستهدف هذه الجهود تحويل المؤسسات خاصة العسكرية، الشرطية، الأمنية والقضائية منها – في محاولة منها إبداء حسن النية على إحداث تغيير جذري يحول دون الوقوع مستقبلا في مثل هذه الخروقات – إلى مؤسسات أمنية ديمقراطية ونزيهة تخدم الجمهور ولأنها الأقرب تعاملا مع الجمهور. ومن ضمن هذه التغييرات المستحدثة هو وجوب حرمان كل من ثبت تورطه في جرائم سابقا أو قد يثبت ذلك لاحقا، من مسؤولين سابقين من كل مسؤولية إدارية أو أمنية أو حتى قضائية في مؤسسات الدولة، لأن بقاء هؤلاء على رأس هرم المسؤوليات بعد إنفاذ قواعد وميكانيزمات العدالة الانتقالية من شأنه أن يقوض دعائمها فيهدم أركان العملية السلمية في المجتمع، وتصبح الفوضى حينئذ هي سيدة الموقف.
3- تخليد ذكرى ضحايا الانتهاكات: ويتمثل ذلك في حفظ الذاكرة الجماعية للضحايا عن طريق النصب التذكارية والمتاحف رغبة في تخليد هذه الحوادث لتفاديها مستقبلا، وقصد أيضا رفع مستوى الوعي الأخلاقي والأدبي بشأن جرائم الماضي، ولعل الأهم من ذلك هو أن هذا الإجراء ما هو إلا رسالة استباقية للأجيال اللاحقة لئلا تقع فيما وقعت فيه الأجيال السابقة، وبالتالي هي تنبيه وتحذير وتوعية للأجيال القادمة من مغبة الوقوع في المحظور، والمحظور في ذلك هو جرائم حقوق الإنسان بكل ما تحمله العبارة من مفاهيم وأبعاد حقوقية. ويجب أن نسجل هنا أن جملة هذه الإجراءات ليست بالضرورة هي الركيزة الأساسية لإحداث قيمة العدالة الانتقالية، إذ أن لكل مجتمع عاش مثل هذه الجرائم والانتهاكات أن يختار من الإجراءات التي تحقق له هذا المبتغى وفق ما يتماشى وخصوصياته الاجتماعية والسياسية والإيديولوجية…إلخ، إذن هذه الإجراءات هي تفاضلية واختيارية وليست شمولية إلزامية. فقد وضعت بعض الدول التي عاشت مثل هذه الانتهاكات في الماضي طرق وإجراءات مبتكرة لمعالجتها(([15]))، هذا أيضا سبب من الأسباب جعل العدالة الانتقالية تعيش جوا من التنوع والقوة، وتجربة رائدة تنوء ببعض الدول ومؤسساتها الرسمية من أن تكون عرضة للمتابعات والملاحقات والمساءلات على اختلاف أنواعها وأبعادها، خاصة ما تعلق منها بانتهاكات حقوق الإنسان، هذا هو الامتياز الذي توفره العدالة الانتقالية للمجتمعات حتى لا تخدش سيادتها بفعل التدخلات السافرة من جانب بعض الدول لأن تخول لنفسها التدخل في شؤون دول أخرى بحجة حماية مصالحها الحيوية، أو بحجة حماية حقوق الإنسان…إلخ
الخاتمة:
إنه وبعد ما يزيد عن عقدين من الزمن من نهاية القرن العشرين الميلادي، يبدو أن مسار العدالة الانتقالية يسير في منحاه الصحيح والسليم، ونسجل في ذلك أن التنوع في إحقاق العدالة من حيث آلياتها وإجراءاتها الرسمية وغير الرسمية هو السبب الوحيد في نجاحها، أين ضربت الجزائر مثلا رائعا عندما دعي الشعب الجزائري في العام 2005للإستفتاء على قانون المصالحة الوطنية(([16]))طاويا بذلك صفحة سوداء من إراقة الدماء والخروقات والجرائم، ومحققا في الوقت ذاته إصلاح ذات البين ومفوتا الفرصة علة كل المزايدات التي كادت لهذه الأمة. ونسجل كذلك في الوقت ذاته التجربة التونسية التي كانت هي الأخرى رائجة في تحقيق العدالة الانتقالية عن طريق الهيئات الحقوقية ولازال لها الفضل في معالجة عدة ملفات حقوقية كالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في فترات عديدة خلال خمسين سنة خلت، فكانت حصيلة هذه الهيئة أن تلقت في 14/12/2015 ما يزيد عن اثنين وعشرين”22″ ألف وستين “60” ملف، وتوقعت الهيئة في جوان من 2016 أن عدد القضايا سيفوق الثلاثين “30” ألف ملف، ولقد أشارت السيدة سهام بن سدرين رئيسة هيئة الكرامة والحقيقة في تونس مثلا لدى حديثها في مناسبات كثيرة عن عمل لجنتها، أن فتح باب المصارحة وحده قد وفر للدولة أموالا طائلة من أصول كانت مهربة إلى الخارج أو في طريقها إليه، الأمر الذي جنب الدولة من أن تلجأ إلى الاقتراض والدخول في متاهات الاستدانة من الخارج. وبالتالي حتى وإن لم تكن هنالك نتائج ملموسة، إلا أنه وعلى الصعيد المعنوي والأخلاقي هو انتصار غير مسبوق للعدالة الانتقالية بكل صورها الرسمية والموازية، ولأنها أيضا بفضلها أصبحت المجتمعات التي عانت ويلات الأزمات والحروب الأهلية والجرائم ضد الإنسانية تحتفظ لنفسها بجزء من الحقيقة والمعرفة وتوثقها لتصبح طوق نجاة للأجيال اللاحقة لئلا تقع هي الأخرى في هذا النفق، من كل انتهاكات مستقبلا، خاصة إذا أدمجت هذه القيم والسلوكيات في البرامج الدراسية والتعليمية عبر كل مراحلها لفائدة الأجيال المتعاقبة. ة أصبحت هذه الآلية من ضمن التوصيات الأولى التي على أي مجتمع حدثت فيه مثل تلك الأحداث المؤلمة والجرائم الجسام أن يأخذ بأسبابها وتعاليمها حتى ينتقل بها إلى تحقيق العدالة الأصيلة التي تمكن له من نسيان الماضي والأخذ بأسباب الحياة الجديدة. ويذلك ندعو إذن إلى:
تعزيز دور مؤسسات وأجهزة العدالة الانتقالية الرسمية وغير الرسمية منها وبكل الوسائل المادية والبشرية والمالية والتقنية والتكوينية المعرفية، قصد أدائها للدور الذي أنيطت به.
العمل بمعية مؤسسات المجتمع المدني الأخرى وإيجاد قنوات تواصل فعالة لتحديد الحالات الحرجة المتعلقة بالانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان والتدخل للحد منها.
دعوة مجلس حقوق الإنسان الدولي إلى اعتبار العاملين ضمن مؤسسات وأجهزة العدالة الانتقالية كأعضاء رسميين ضمن الأفرقة العاملة لتعزيز وترقية وحماية حقوق الإنسان، ومدهم بالحصانة اللازمة قصد أدائهم لمهامهم وفق مقتضيات الشرعية الدولية.
استحداث نظام قانوني دولي في جانبه الإجرائي والمادي شبيه بالأنظمة القانونية الدولية الأخرى قصد التأسيس والتأصيل الشرعي والقانوني لفكرة العدالة الانتقالية.
إقصاء كل من ثبت تورطه على المستوى المؤسساتي والفردي وعلى اختلاف مسؤولياتهم من أي وظيفة مستقبلا في مؤسسات الدولة.
إعادة تهيئة وإصلاح المؤسسات ذات الصلة بالمنظومة الحقوقية أيا كانت طبيعتها خاصة القضائية منها، وجعلها في خدمة المجتمع قصد بناء جو من الثقة المتبادلة بين المجتمع ومؤسساته، هذه جملة من التوصيات التي نراها أكثر من ضرورية لتجنيب الأجيال القادمة ويلات الخروقات والانتهاكات الجسيمة التي تقع حقوق الإنسان ضحيتها في كل مكان من العالم.
قائمة المراجع
هذه ال توجهات ذات طابع تشريعي قانوني، أخلاقي، سياسي…إلخ.
قانون المصالحة الوطنية الذي استفتي فيه الشعب الجزائري في 2005
هو منظمة دولية غير حكومية متخصصة في مجال العدالة الانتقالية، مقرها ب 5 هانوفر سكوار، قلور24 نيويورك، ص ب 10004، أمريكا.
kora andrew,confronter le passe de la dictature en tunisie, la loi de « justice transitionnelle en question ».mai 2014
كالذي حدث في رواندا، السيراليونوالفيتنام..إلخ.
Carole Mottet, la christian pout, la justice transitionnelle, une voie versreconciliation d’une paix durable, P16-17-18-19-. Imprimerie saint-paul, yaounde –cameroun2000.
Stéphanie Maupas,l’essentiel de la Justice pénale internationale,page 12. Gualino éditeur, EJA-Paris-2007.
CAROLE MOTTET, la Christian pout, la justice transitionnelle, une voie versréconciliation d’une paix durable, P 20-21. Imprimerie saint-paul, yaounde , Cameroun, 2000.
عن منشورات موقع المركز الدولي للعدالة الانتقالية ص04، الموقع على الأنترنيت:تاريخ الدخول يوم:12/06/2016 على الساعة 16:15.cijt.com
كوسة فضيل، المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، دار هومة للطباعة والنشرو التوزيع، الجزائر2007 ص 82
تنص المادة 07 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على:” لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضد الإنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم:1- القتل العمد 2- الإبادة 3- الإسترقاق4- إبعاد السكان القسري للسكان 5- السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي 6- التعذيب 7- الإغتصاب أوالإستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء…إلخ 8- إضطهاد أية جماعة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية…إلخ 9- الإختفاء القسري للأشخاص 10- جريمة الفصل العنصري 11- الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
أنشئت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بالقرار رقم 955 المؤرخ في 08/11/1994.
نويل كالهون، ترجمة ضفاف شربا، معضلات العدالة الانتقالية في التحول من دولة شمولية إلى دول ديمقراطية، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 2014 الصفحة 76/77)
كلجنة الحقيقة والمصالحة الوطنية التي أنشئت في جنوب إفريقيا بمقتضى قانون الوحدة الوطنية والمصالحة لعام 1995.
مثل الذي حدث في الجزائر أين أنشئ جهاز وسيط الجمهورية بتاريخ 23/03/1996 كانت مهمته التكفل بإنشغالات ذوي الحقوق من الذين أنتهكت حقوقهم بفعل العمليات الإرهابية، كما وأنشئ جهاز آخر هو المرصد الوطني لحقوق الإنسان في سنة 1992.)
قانون المصالحة الوطنية صدر في الجزائر بتاريخ 14/08/2005 بعد إستفتاء الشعب الجزائري عليه بنسبة عالية جدا فاقت كل التوقعات، وما ذاك إلا دليل واضح على رغبة الجزائريين في طي صفحات الماضي الأليمة.
([1])- هذه ال توجهات ذات طابع تشريعي قانوني، أخلاقي، سياسي…إلخ
([2])- ميثاق السلم والمصالحة الوطنية الذي استفتي فيه الشعب الجزائري في 2005، وصدر بعده قانون السلم والمصالحة الوطنية بموجب الأمر رقم 06-01 مؤرّخ في 28 محرّم عام 1427 الموافق 27 فبراير سنة 2006، المتضمّن تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنيّة.
([3])- هو منظمة دولية غير حكومية متخصصة في مجال العدالة الانتقالية، مقرها ب 5 هانوفر سكوار، قلور24 نيويورك، ص ب 10004، أمريكا.
([4])- kora andrew,confronter le passe de la dictature en tunisie, la loi de « justice transitionnelle en question ».mai 2014.
([5])- كالذي حدث في رواندا، السيراليونوالفيتنام..إلخ..
([6])- Carole Mottet, la christian pout, la justice transitionnelle, une voie versreconciliation d’une paix durable, P16-17-18-19-. Imprimerie saint-paul, yaounde –cameroun2000.
([7])- Stéphanie Maupas, l’essentiel de la Justice pénale internationale, page 12. Gualino éditeur, EJA-Paris-2007
([8])- CAROLE MOTTET, la Christian pout, la justice transitionnelle, une voie versréconciliation d’une paix durable, P 20-21. Imprimerie saint-paul, yaounde , Cameroun, 2000.
([9])- عن منشورات موقع المركز الدولي للعدالة الانتقالية ص04، الموقع على الأنترنيت:تاريخ الدخول يوم:12/06/2016 على الساعة 16:15. www.cijt.com
([10])- كوسة فضيل، المحكمة الجنائية الدولية لرواندا، دار هومة للطباعة والنشرو التوزيع، الجزائر2007 ص 82.
([11])- تنص المادة 07 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية على:” لغرض هذا النظام الأساسي، يشكل أي فعل من الأفعال التالية “جريمة ضد الإنسانية” متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أية مجموعة من السكان المدنيين وعن علم بالهجوم:1- القتل العمد 2- الإبادة 3- الإسترقاق4- إبعاد السكان القسري للسكان 5- السجن أو الحرمان الشديد على أي نحو آخر من الحرية البدنية بما يخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي 6- التعذيب 7- الإغتصاب أو الإستعباد الجنسي أو الإكراه على البغاء…إلخ 8- إضطهاد أية جماعة أو مجموع محدد من السكان لأسباب سياسية أو عرقية أو قومية أو إثنية أو ثقافية أو دينية…إلخ 9- الإختفاء القسري للأشخاص 10- جريمة الفصل العنصري 11- الأفعال اللاإنسانية الأخرى ذات الطابع المماثل التي تتسبب عمدا في معاناة شديدة أو في أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية.
([12])- أنشئت المحكمة الجنائية الدولية لرواندا بالقرار رقم 955 المؤرخ في 08/11/1994.
([13])- نويل كالهون، ترجمة ضفاف شربا، معضلات العدالة الانتقالية في التحول من دولة شمولية إلى دول ديمقراطية، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، بيروت، الطبعة الأولى 2014 الصفحة 76/77).
([14])- كلجنة الحقيقة والمصالحة الوطنية التي أنشئت في جنوب إفريقيا بمقتضى قانون الوحدة الوطنية والمصالحة لعام 1995.
([15])- مثل الذي حدث في الجزائر أين أنشئ جهاز وسيط الجمهورية بتاريخ 23/03/1996 كانت مهمته التكفل بإنشغالات ذوي الحقوق من الذين أنتهكت حقوقهم بفعل العمليات الإرهابية، كما وأنشئ جهاز آخر هو المرصد الوطني لحقوق الإنسان في سنة 1992.).
([16])- قانون المصالحة الوطنية صدر في الجزائر بتاريخ 14/08/2005 بعد إستفتاء الشعب الجزائري عليه بنسبة عالية جدا فاقت كل التوقعات، ومذاك إلا دليل واضح على رغبة الجزائريين في طي صفحات الماضي الأليمة.
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً