حماية الطفل وفقا للصكوك الدولية ودستور العراق الاتحادي
المحامية: منال داود العكيدي
تعد اتفاقية حقوق الطفل لعام1989 اول صك دولي ملزم قانونا اعتمدته الامم المتحدة ويضم مجموعة كاملة من حقوق الاطفال وتتكون الاتفاقية من 54 مادة فضلا عن بروتوكولين ملحقين بها وهي تحدد حقوق الانسان الاساسية التي تنطبق على الاطفال في كل مكان مثل حقوق الطفل في البقاء والصحة والحماية والتعليم، وفي المشاركة الكاملة في الاسرة والحياة الثقافية والاجتماعية .
وقد حظيت اتفاقية حقوق الطفل قبولا شبه عالمي اذ صادقت عليها 193 دولة اي اكثر من الدول التي تنتمي الى الامم المتحدة او التي انضمت الى اتفاقيات جنيف لعام 1949.
وتقوم هذه الحقوق على اربعة مبادئ اساسية هي:عدم التمييز و مراعاة المصلحة المثلى للاطفال كاعتبار اساسي في الامور التي تهمهم والحق في الحياة والبقاء والنماء واحترام اراء الاطفال.
كما توجب الاتفاقية على الحكومات بأن بالسعي الحثيث من اجل تفعيل هذه الحقوق وتعترف بالدور الخاص الذي يقوم به الآباء في تربية اطفالهم. وتستمد قوة الاتفاقية من انها اول صك قانوني يحدد وبشكل لا لبس فيه مسؤوليات الحكومات تجاه الاطفال الذين يخضعون لولايتها.
وكذلك فهي تعد اطاراً للواجبات التي تتحملها مختلف الجهات الفاعلة على مختلف مستويات المجتمع للاستجابة لحقوق الاطفال ، فضلا عن ذلك ان الاتفاقية تعد بيانا اخلاقيا يعكس ويبنى على القيم الانسانية الاساسية المتعلقة بتقديم حماية للاطفال بشكل جماعي. ان من مصادر اتفاقية حماية الطفل لعام 1989 هي المواثيق والتشريعات الدولية فضلا عن اعلان جنيف لحقوق الطفل العام 1934 واعلان حقوق الطفل الذي اعتمدته الجمعية العامة في 20 تشرين الثاني 1959 والمعترف به في الاعلان العالمي لحقوق الانسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ولاسيما في المادتين 23 و24 وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية لاسيما في المادة 15 وفي النظم الاساسية والصكوك ذات الصلة للوكالات المتخصصة والمنظمات الدولية المعنية بالطفولة .
نصت المادة الثالثة من اتفاقية حقوق الطفل على ان : تتكفل الدول الاطراف في الاتفاقية ان تتقيد المؤسسات والادارات والمرافق المسؤولة عن رعاية او حماية الاطفال بالمعايير التي وضعتها السلطات المتخصصة ولاسيما في مجالي السلامة والصحة فضلا عن ذلك ان تتخذ الاطراف كل التدابير التشريعية والادارية الملائمة لأعمال الحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية وفيما يتعلق بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في اطار التعاون الدولي وكذلك تحترم الدول الاطراف مسؤوليات وحقوق وواجبات الوالدين، فضلا عن ذلك تعترف الدول الاطراف بأن لكل طفل حقا اصيلا في الحياة وتتكفل الدول الاطراف الى اقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه، وتتعهد الدول الاطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته واسمه وصلاته العائلية ، في حين نصت المادة (12)، تكفل الدول الاطراف في هذه الاتفاقية للطفل القادر على تكوين آرائه الخاصة، حق التعبير عن تلك الآراء بحرية في جميع المسائل التي تمس الطفل ولهذا الغرض تتاح للطفل بوجه خاص فرصة الاستماع اليه في اية اجراءات قضائية او ادارية تمس الطفل اما مباشرة او بوساطة ممثل او هيأة ملائمة بطريقة تتفق مع القواعد الاجرائية للقانون الوطني .
اما المادة (14) فتنص على احترام حق الطفل في حرية الفكر والوجدان والدين وكذلك احترام حقوق وواجبات الوالدين وكذلك تبعا للحالة، الاوصياء القانونيين عليه في توجيه الطفل لممارسة حقه بطريقة تنسجم مع قدرات الطفل المتطورة، ولا يجوز ان يخضع الاجهار بالدين او المعتقدات الا للقيود التي ينص عليها القانون واللازمة لحماية السلامة العامة او النظام او الصحة او الآداب العامة او الحقوق والحريات الاساسية للآخرين.
كما بينت المادة (19) ان تتخذ الدول الاطراف في الاتفاقية جميع التدابير التشريعية والادارية والاجتماعية والتعليمية الملائمة لحماية الطفل من جميع اشكال العنف او الضرر او الاساءة البدنية او العقلية او الاهمال او المعاملة المنطوية على اهمال بما في ذلك الاساءة الجنسية.
وتحدد المادة (26) تعترف الدول الاطراف في الاتفاقية بالحق لكل طفل في الانتفاع من الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمين الاجتماعي وكذلك تعترف الدول بحق الطفل في مستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي.
فضلا عن ذلك جعل التعليم الابتدائي الزاميا ومتاحا مجانا للجميع وتشجيع تطوير شتى اشكال التعليم الثانوي سواء العام ام المهني وتوفيرها واتاحتها لجميع الاطفال وجعل التعليم العالي بشتى الوسائل المناسبة متاحا للجميع على اساس القدرات وجعل المعلومات والمبادئ الارشادية التربوية والمهنية متوفرة لجميع الاطفال.
وقد عنيت المادة (29) من دستور العراق الاتحادي لعام 2005 بتوفير حماية للطفل حيث نصت على : ان الاسرة اساس المجتمع وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والاخلاقية والوطنية ، وان تكفل الدولة حماية الامومة والطفولة والشيخوخة وترعى النشء والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم وقدراتهم ، كما ان للاولاد حقاً على والديهم في التربية والرعاية والتعليم، وللوالدين حق على اولادهم في الاحترام والرعاية ، ويحظر الدستور الاتحادي الاستغلال الاقتصادي للاطفال بصورة كافة وتتخذ الدولة الاجراء الكفيل بحمايتهم.
كما يمنع كل اشكال العنف والتعسف في الاسرة والمدرسة والمجتمع. ولكن واقع الحال يشير الى ان واقع الاطفال في العراق الاتحادي يحتاج الى مراجعة القوانين المتعلقة بحماية الطفل ودمج القوانين والتشريعات الدولية بالتشريعات العراقية واصدار قانون حماية الطفل و تعريف قانوني لسوء المعاملة او الاهمال وتوفير الحماية القانونية للطفل من الاعتداء والاهمال وسوء المعاملة، و كذلك وضع قانون لاعادة تأهيل الضحايا من الاطفال وانشاء جهاز قضائي متخصص بقضايا الاطفال وتحديد مراكز امنة للضحايا من الاطفال ووضع خطة اعلامية لمواجهة ثقافة العنف والتطرف وابعاد الاطفال عن الاستغلال بكل اشكاله.
اترك تعليقاً