حقوق المرأة مصانة تحت مظلة القانون
قاضي احوال شخصية : حاجتنا الى ثورة اجتماعية قبل ان تكون ثورة قانونية
على الرغم من أن التفريق القضائي يعتبر رخصة شرعية وقانونية وضعت لانهاء العلاقات الزوجية التي يتعذر معها استحالة الاستمرار بالحياة الزوجية , فيكون هنا التفريق علاج وليس داء ولكن نجد حالات كثيرة جدا يكون الطلاق او التفريق لأسباب واهية وغير مبررة من قبل الزوجين أو تعسفا” من قبل الزوج بحق الزوجة فيستعملها الزوج كوسيلة للضغط على الزوجة لغرض التنازل عن حقوقها .
القاضي الاول لمحكمة الاحوال الشخصية في بغداد الجديدة السيد محمد اديب تحدث قائلا ” بان قانون الاحوال الشخصية العراقي رقم 188 لسنة 1959 المعدل في فقراته قد اعطى الحق لكلا الزوجين في طلب التفريق القضائي وجعل حقوق المرأة القانونية مصانة تحت مظلة القانون ولاسيما ما يترتب على الطلاق والتفريق من أثار وحقوق.
واوضح اديب بان ” لجوء الزوج الى التفريق القضائي دون الطلاق الرجعي على اعتبار ان الحقوق المترتبة في هذه الحال على الزوج اقل من النوع الثاني هو اعتقاد فيه نوع من السطحية مبيناً بان ” القانون العراقي لم يغفل عن حقوق الطرفين في طلب التفريق كما هو منصوص في قانون الاحوال الشخصية بالفقرة (40)
وفيما يخص موضوع انصاف المراة وجوازها بطلب التفريق فقد اوضح اديب بان “ المادة (43) من قانون الاحوال الشخصية بالفقرات من 1-9 أوردت أسباب محددة عن توافرها والتي تمكن الزوجة من طلب التفريق وهي باختصار( الحرمان من النفقة ) دون عذر مشروع بعد أمهال الزوج ستين يوما.
أو تغيب الزوج أو فقده أو اختفاؤه أو الحكم عليه بالحبس مدة تزيد على سنة مما يتعذر تحصيل النفقة منه ( الحرمان من المعاشرة الزوجية بسبب بعد الزوج أو مرضه ) وذلك إذا حكم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مدة أكثر من ثلاثة سنوات أو هجرها مدة سنتين فأكثر وكان معروف الإقامة .
أو علل وإمراض تصيب الجهاز التناسلي للزوج ( الحرمان من الإنجاب ) أي عقيم وأيضا إذا زوج الرجل زوجة ثانية يحق للزوجة طلب الطلاق في حالة زواج زوجها بزوجة ثانية بدون رضاها أو علمها ولكن بشرط أن يكون الزواج بزوجة الثانية بدون أذن من المحكمة وكذلك طلب الزوجة غير المد خول فيها الطلاق دون أبداء أسباب
ويعزو اديب الى اسباب الاعتقاد بمظلومية المراة ” الى جهلها بالقانون وبالاجراءات القانونية المتخذة لكسب حقوقها ويدعو اديب اصحاب القرار ووسائل الاعلام الى ضرورة قيامهم بالتوجيه والارشاد الاسريمن خلال تخصيص برامج تدعم الثقافة القانونية تشرح القانون الاسري بطريقة مبسطة وسلسلة
من جانبه اشار القاضي عماد نعيم حسن قاضي احوال شخصية في محكمة بغداد الجديدة الى ان ” الاستخدام الخاطى للعادات و التقاليد اثرت بشكل غير مباشر على اضعاف موقف المراة وخاصة فيما يتعلق بمطالبتها بحقوقها المشروعة
موضحا بان “ ان التعامل على وفق تلك العادات و اللجوء الى العشائرية كبديل لسيادة القانون وصل الحد لحالة ” تغريب القانون ” الامر لذي له تداعياته السلبية على مختلف شرائح المجتمع و في مقدمتها المراة التي لطالما وقعت ضحية لتلك المفاهيم الخاطئة و عدم انصافها
واوضح نعيم ان ” قانون الاحوال الشخصية العراقي لسنة1959 يعتبر من ارقى القوانين التي صدرت في الدول العربية والدول المقاربة للمجتمع العراقي على الرغم من اجراء بعض التعديلات عليه الا انه كان قانون متوازن واعطى حقوق جيدة للمراة ” مبيناً بانه لاتزال هناك بعض الدول مفتقرة الى قانون احوال شخصية الرصين فمثلاً في لبنان يوجد لديها 19 قانون “قوانين طوائف” في حين العراق اختصر الموضوع بقانون واحد
وفيما يخص موضوع التفريق القضائي فقد اوضح نعيم بان ” القانون العراقي هو قانون رصين من ناحية حماية حقوق الطرف الاضعف وهو المراة وقد جاء منصفا لها وبما يحفظ كرامتها وان المشرع راعي الجوانب الاجتماعية لطلب المراة للتفريق مبيناً بان ” بعض التطبيقات في القانون قد تكون غير منصفة منها تضييق حد التفريق من قبل محكمة التمييز باعتبار الامر متعلق بالحل والحرمة اذ ان للمحكمة فلسفتها واسبابها منها عدم هدم كيان الاسرة
ويضيف ” بان على المحكمة ان تبحث باسباب التفريق فهناك اسباب غير لائقة وهناك اسباب واقعية تدفع بالتفريق فقد يكون التفريق باب للنجاة فمثلما يفرح بالزواج نجد هناك من يفرح بالطلاق اذان المهم هو بناء علاقة زوجية مستقرة وليست علاقة متوترة ومصلحة الاولاد ان يعيشوا في كنف ام واب منسجمين متفاهمين
ويعزو نعيم اسباب ضعف موقف المراة في موضوع التفريق القضائي الى “عدم ترسيخ الثقافة القانونية في المجتمع بمافيه الكفاية فمثلاً يعتبر لجوء المراة الى المحاكم او مراكز الشرطة في حال تعرضها الى ضغوطات او تهديدات من قبل الزوج من الامور المعيبة حسب عادات والتقاليد المفرضة عليهااي ان المراء مقيدة بالعرف الاجتماعي السائد في مجتمعنا وعليها ان تتحمل الضغوطات بعلاقة زوجية بائسة “
ويضيف نعيم بان ” مجلس القضاء الاعلى وبتجربته الفريدة قد انطلق او بدا بتغير او مساعدة المراة بتخطي قيود العادات والتقاليد من خلال تاسيس مكاتب للتحقيق القضائي ومحكمة الاسرة لضمان حقوقها مما يوفر لها الوقت والجهد في تقديم شكواها على كل من يهددها او يضغط عليها
ويضع نعيم مقارنة مبسطة بين الفكر التنظيمي في كردستان والنظيره في بغداد اذ يبين بان ” تشير الاحصائيات الى تزايد نسبة المعنفات في كرستان على نسبتها في بغداد مما يدل على وجود نظرة اجتماعية منفتحة ووجود ثقة باجهزة الدولة في حين نلاحظ بان المراة في مجتمعنا تفتقر الى هذه النظرة المتفتحة بالمطالبة بابسط حقوقها او حقوق اولادها مثلما نجد في قضايا النفقة فبمجرد دخول المراة الى المحكمة تعتبر امر خارق للعادات والتقاليد الاجتماعية السائدة “
وتطرق نعيم الى موضوع تاديب الزوج لزوجته مبينا بان ” الدستور اوضح بان كل الافراد متساوون بالحقوق والواجبات والالتزامات فلايوجد احد يادب احد حيث تكون هذه الحالة من الاعراف الاجتماعية التي سادت في المجتمع الاان هذه الاعراف تتعارض مع ثوابت الاسلام وحقوق الانسان والوضع الاجتماعي وقد استقى الدستور العراقي في اول ديباجة “ولقد كرمنا بني ادم ” فكيف يكرم بني ادم وهو يحمل العصا على الثاني
وخلص نعيم الى حاجة مجتمعاتنا الى ثورة اجتماعية للتخلص من التقاليد السيئة قبل ان تكون ثورة على القوانين ” وان يكون القانون والقضاء خيمة لكلا الزوجين واللجؤ الى الطرق القانونية لضمان حقوقهم .
سحر حسين
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
اترك تعليقاً