قراءة متعمقة في قانون الجنسية البحريني

قراءة في قانون الجنسية البحرينية

المحامي عيسى إبراهيم
** تعريف الجنسية

 أختلف فقـهاء القانـون بشـأن تعريف تلك الرابطة أو العلاقة فعرفها البعض بأنها (رابطة سياسية وروحية بين الفرد والدولة) في حين عرفها البعض الآخر بأنها (رابطة سياسية وقانونية تنشئها الدولة بقرار منها فتجعل الفرد تابعاً لها)، إلا أن القضاء في كل من مصر ولبنان قد استقر على أن (الجنسية رابطة سياسية وقانونية بين الفرد ودولة توجب عليه الولاء لها وتوجب عليها حمايته ومنحه المزايا المترتبة على هذه الرابطة).

وقد قالت محكمة العدل في أحد أحكامها (أن الجنسية هي بمثابة علاقة قانونية جوهرها واقعة اجتماعية تربط بين الفرد والدولة قوامها تضامن حقيقي في الوجود ومصالح وعواطف يساندها تبادل في الحقوق والواجبات).

** والجنسية بالمعنى المتقدم تترتب عليها آثار مختلفة أهمها الآتي:

(1) يتحدد بموجبها القانون الواجب التطبيق بشأن حالة الفرد الشخصية وكذلك اختصاص المحاكم بنظر الدعاوى التي يكون طرفاً فيها (الأهلية، صحة الهبة، الزواج).

(2) يتحدد بموجبها الحق في ممارسة الحقوق والالتزام ببعض الواجبات، فالحقوق السياسية تكون ممارستها حصراً على الوطنين كحق التصويت والترشيح وتأسيس الأحزاب أو الانتماء إليها أو حتى المنظمات النقابية عادة ما يكون من حق المواطن فقط وكذلك الحق في تولي المناصب العامة، فقد نصت الفقرة (و) من المادة (1) من الدستور الأصلي والجديد على أن للمواطنين حق المشاركة في الشؤون العامة والتمتع بالحقوق السياسية.

أما الواجبات فإن بعضها لا يلزم به إلا الوطني كالخدمة العسكرية وسداد بعض أنواع الضرائب وتطبيق الأحكام على بعض أنواع الجرائم كالخيانة العظمى حيث لا تقوم تلك الجريمة إلا بحق مواطن ينتمي إلى الدولة بجنسيته.

(3) تفرض الجنسية التزاماً أساسياً على الدولة مقتضاه السماح لرعاياها بالدخول في إقليمها والإقامة الدائمة فيه دون أن يكون لها الحق في إبعادهم أو منعهم من الرجوع إليها (المادة 17 من الدستور الجديد والمادة 17 أيضاً من الدستور الأصلي).

(4) على الصعيد الدولي فإن الحماية الدبلوماسية لا يمكن للدولة أن تسبغها إلا على مواطنيها الموجودين بالخارج وكذلك لا يستفيد من حماية أو مزايا اتفاقية بين الدولتين إلا مواطني هاتين الدولتين.

(5) تحديد الاختصاص القضائي لنظر أية دعوى تقام على المواطن كما هو الحال في نص المادتين (14) و(16) من قانون المرافعات المدنية والتجارية.

** أساس الجنسية البحرينية

تقسم أغلب التشريعات الجنسية عادة إلى جنسية أصلية وجنسية مكتسبة، فالجنسية الأصلية هي التي يكتسبها الفرد منذ أو في لحظة ميلاده وتقوم عادة على حق الدم (الذي يقصد به في أغلب الدول علاقة البنوة من جهة الأب والأم) فالدولة تقرر أن المولود من أب أو أم يتمتع أحدهما بجنسيتها يعتبر هو أيضاً متمتع بها حكماً.

أما في الدول الإسلامية فإن حق الدم أو البنوة الذي يبنى عليه الحق في اكتساب الجنسية إنما يقوم فقط على حق الدم من جهة الأب بشكل عام ويؤخذ بها من جهة الأم بشكل استثنائي كما هو الحال بالنسبة للمولود لأم بحرينية من أب مجهول أو لم تثبت نسبته لأبيه قانوناً.

كما تبنى الجنسية الأصلية على حق الإقليم الذي يعني حق المولود على إقليم الدولة في جنسيتها وأن كان أبوه أجنبياً مع إسناد ذلك أساس بشرط إقامة الأسرة لمدة معينة أو بناء الجنسية على حق الدم وحق الإقليم معاً، وقد نظم التشريع البحريني الجنسية الأصلية في المادتين الرابعة والخامسة من قانون الجنسية البحرينية لعام 1963م تحت عنوان (البحرينيون بالسلالة والبحرينيون بالولادة) وهما ما يمكن أن نطلق عليهما الجنسية الأصلية وهي كقاعدة تقوم على رابطة البنوة من جهة الأب واستثناء من جهة الأم كما تمت الإشارة إليه فيما تقدم.

أما الجنسية المكتسبة فإنها تمنح للشخص عادة بتاريخ لاحق على ميلاده ويسميها البعض بالجنسية المختارة بينما الجنسية الأصلية تسمى الجنسية المفروضة،

وغالباً ما يكون للتمييز بين نوعي الجنسية أثر على حقوق المتمتع بأي منهما، فحامل الجنسية المكتسبة يمكن سحبها منه ويخضع عادة إلى فترة اختبار قد يحرم خلالها من ممارسة بعض الحقوق ويعامل معاملة تقترب من وضع الأجنبي في حين أن حامل الجنسية الأصلية لا يخضع لمثل ذلك ولا يمكن سحب الجنسية منه إلا في حالتي الخيانة العظمى أو ازدواج الجنسية طبقاً لنص الدستور.

** الجنسية البحرينية الأصلية

* قسم القانون البحريني كما صدر سنة 1963م الجنسية الأصلية إلى نوعين:

(1) جنسية بحرينية بالسلالة.

(2) جنسية بحرينية بالولادة.

الجنسية البحرينية بالسلالة – هي ما نصت عليه الفقرة (أ) من المادة (4) من القانون على أنه يعتبر بحرينياً بالسلالة من ولد في البحرين قبل أو بعد العمل بقانون الجنسية على أن يكون أبوه بحرينياً عند تلك الولادة، كما نصت الفقرة (ب) من قانون الجنسية على اعتبار المولود خارج البحرين بحرينياً إذا كان أبوه بحرينياً عند تلك الولادة على أن يكون هذا الأب أوجد الشخص لأبيه قد ولد في البحرين.

أما الفقرة (ج) فاعتبرت البحريني بالسلالة من يولد في البحرين أو خارجها وتكون أمه بحرينية على أن يكون مجهول الأب أو لم تثبت نسبته إلى أبيه قانوناً أو أن يكون أبوه لا جنسية له.

أما الجنسية البحرينية بالولادة فقد قررتها الفقرة (أ) من المادة (5) من قانون الجنسية أن المولود في البحرين يعتبر بحرينياً بشرط أن يكون والده قد ولد فيها وجعل منها محل إقامته العادية عند ولادة ذلك الشخص على أن لا يكون ذلك الشخص حاملاً لجنسية أخرى ولم يشترط القانون هنا أن يكون الأب بحرينياً، كما نصت الفقرة (ب) من ذات المادة على أنه يعتبر بحرينياً المولود في البحرين لأبوين مجهولين ويعتبر اللقيط مولوداً فيها ما لم يثبت العكس.

** ملاحظات بشأن نص المادتين الرابعة والخامسة

يلاحظ بشأن المادة الرابعة أن الجنسية المنصوص عليها في الفقرة (أ) لم تكن تثير أية إشكالات ولا ترفع بشأنها أية دعاوى إلا أن نص الفقرة (ب) أثار بعض الإشكالات إذ مطلوب أن يتم إثبات أن المولود خارج البحرين إما بشهود أو من خلال سجلات إدارة الهجرة والجوازات أو جواز السفر أن أباه بحريني بالسلالة طبقاً لنص الفقرة ( أ ) أي مولود في البحرين أو أن جده لأبيه قد ولد في البحرين.

أما نص الفقرة (ج) فأنه يشترط لكي تثبت للمولود في البحرين أو خارجها الجنسية البحرينية أن تكون أمه بحرينية عند ولادته في ثلاث حالات:

(1) أن يكون مجهول الأب.

(2) لم تثبت نسبته لأبيه قانوناً.

(3) أن يكون أبوه لا جنسية له.

ويلاحظ أن الفقرة (أ) من المادة الخامسة قد نصت على أن المولود في البحرين يعتبر بحريني شرط ثبوت الآتي:-

(1) أن يولد في البحرين.

(2) أن يكون أبوه ولد في البحرين.

(3) أن يكون الأب قد جعل إقامته العادية عند ولادة ذلك الشخص في البحرين.

(4) أن لا يكون الشخص حاملاً لجنسية أخرى.

أما الفقرة (ب) فتتعلق باستحقاق مجهول الأبوين للجنسية ويعتبر اللقيط أو مجهول الأبوين مولوداً في البحرين ما لم يثبت العكس.

وقد كانت تلك الحالات تستوعب العديد من الأشخاص وتوفر لهم استحقاق الجنسية إلا أن قانون الجنسية الذي صدر في عام 1963م وعلى الأخص المادتين اللتين تم عرضهما، قد تم تعديلهما بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1989م فأصبحت المادتان الرابعة والخامسة كما يلي:

المادة (4) تنص على الآتي:

يعتبر الشخص بحرينياً:

( أ ) إذا ولد في البحرين أو خارجها وكان أبوه بحرينياً عند تلك الولادة.

(II) إذا ولد في البحرين أو خارجها وكانت أمه بحرينية عند ولادته، على أن يكون مجهول الأب أو لم تثبت نسبته لأبيه قانوناً.

أما المادة (5) فأصبحت كما يلي:

يعتبر الشخص بحرينياً إذا ولد في البحرين لأبوين مجهولين ويعتبر اللقيط مولوداً فيها ما لم يثبت العكس.

ويلاحظ أن التعديل المشار إليه ومن قراءة نصي المادتين المعدلتين قد ضيق من مجال استحقاق الجنسية البحرينية فأصبح المولود لأم بحرينية وأب لا جنسية له لا يستحق الجنسية، كما أصبح المولود في البحرين من أب لا جنسية له حتى وأن كان هذا الأب قد جعل البحرين مقر إقامته العادية وربما يكون لم يغادر البلاد مدة حياته،

لا يستحق الجنسية، لذلك أرى أن هذا التعديل سيضاعف أو ضاعف من مشكلة من لا جنسية لهم أو ما شاعت تسميتهم (بالبدون)، وفضلاً عن ذلك فأن التعديل أعطى مجهول الأب أو من لم تثبت نسبته لأبيه قانوناً وضعاً أفضل من المولود لأم بحرينية وأب لا جنسية له من زواج شرعي صحيح.

وبهذا الصدد من الجدير القول أن هذا التعديل لا ينطبق على حالات المولودين قبل نشر التعديل في الجريدة الرسمية فالمولود في البحرين قبل هذا التعديل لأم بحرينية وأب لا جنسية له يستحق الجنسية قانوناً وكذلك المولود في البحرين لأب مولود في البحرين لا جنسية له بشرط أن يكون هذا الأب قد جعل البحرين مقر إقامته العادية وقت ولادة الشخص.

وقد حكمت محكمة الاستئناف العليا بمنح شخص الجنسية البحرينية أمه بحرينية الجنسية وأبوه لا جنسية له استناداً لنص القانون قبل التعديل وينسجم هذا القضاء لا شك مع المتفق عليه فقهاً من أن الجنسية تستحق وتكتسب وقت الولادة وأن المطالبة بها أو الحكم بها يعد تقريراً وكشفاً وليس منحاً لها، وتطبيقاً لمبدأ عدم رجعية القوانين وسريانها على الوقائع التي تحدث بعد تاريخ تطبيقها.

** الجنسية المكتسبة أو البحرينيون بالتجنس

يعرف التجنس بأنه كسب جنسية الدولة في وقت لاحق على ميلاد الشخص بناء على طلبه إذا توفرت فيه شروط معينة، وتتمتع الدولة في التجنس بسلطة التقدير والحرية في منح الجنسية أو رفض طلب التجنس، فالجنسية المكتسبة تعتبر منحة تلتمس من الدولة وليست التزاماً قانونياً عليها، كما أنها لا تفرض على الشخص وهي حتى إذا أعطيت للشخص حق له ردها أو التنازل عنها وللدولة حق سحبها أو تجريد من منحت له منها طبقاً للقانون.

** الشروط المطلوب توافرها

حددت المادة السادسة من القانون الشروط التي إذا توافرت في شخص أمكن بأمر من سمو أمير البلاد منحه الجنسية وهذه الشروط هي كما يلي:

(1) أن يكون كامل الأهلية.

(2) أن يتقدم بطلب الحصول على الجنسية.

(3) الإقامة مدة 25 سنة متتالية للأجنبي والإقامة 15 سنة للعربي.

(4) حسن الأخلاق.

(5) معرفة اللغة العربية معرفة كافية.

(6) أن يكون لديه عقار مسجل باسمه لدى التسجيل العقاري.

وأعتقد أن الشرط الأخير ربما أصبح قابل للتطبيق لمصلحة مواطني مجلس التعاون وكذلك الأجانب ممن يؤول إلى ملكيتهم عقار عن طريق الإرث، ويمكن بأمر سمو الأمير منح الجنسية لمن يشاء أو للعربي الذي قدم للبحرين خدمات جليلة وهذا الحق هو استثناء لا يجب التوسع فيه.

ومن الجدير بالملاحظة أن نص البند (4) من المادة السادسة كان يقرر أن منح شخص الجنسية البحرينية بالتجنس يعني حكماً اعتبار زوجته وأولاده القصر بحريينين بالتجنس فوراً، إلا أن هذا النص قد تم تعديله بموجب المرسوم بقانون رقم 12 لسنة 1989م فأصبح حكمه ينص على أن منح الجنسية البحرينية بموجب أحكام المادة (6) يترتب عليه اكتساب أولاد الشخص القصر الجنسية البحرينية بالتجنس ويكون لهم خلال سنة من بلوغهم سن الرشد اختيار الجنسية الأصلية.

وينسجم حق أبناء المتجنس في اختيار جنسيتهم الأصلية مع مبدأ عدم فرض الدولة جنسيتها على أحد ومع تسمية الجنسية المكتسبة بالجنسية المختارة،

إلا أن النص المعدل لم ينص على اعتبار زوجة المتجنس بحرينية خلافاً للنص قبل التعديل فقد نص التعديل على أن زوجة المتجنس لا تصبح بحرينية تلقائياً بمجرد تجنس زوجها بل لابد أن تطلب منحها الجنسية من وزير الداخلية وأن تستمر مقيمة مع زوجها في البحرين لمدة خمس سنوات من تاريخ الطلب وأن تكون علاقة الزوجية مع المتجنس لم تنته لغير وفاة الزوج.

وقد أعطى التعديل لوزير الداخلية حق الإعفاء من كل المدة أو بعضها وأن للوزير حق حرمان الزوجة من اكتساب الجنسية البحرينية بقرار مسبب، ويلاحظ هنا أيضاً أن النص ينسجم مع مبدأ أن التجنس يجب أن يكون بناء على إرادة الشخص وإن كان يؤدي إلى اختلاف في الجنسية داخل الأسرة الواحدة مما قد يتسبب في بعض الإشكالات القانونية للأسرة.

** جنسية الأجنبية المتزوجة من بحريني

نصت المادة (7) فقرة واحد المعدلة على أن المرأة الأجنبية التي تتزوج من بحريني لا تصبح بحرينية إلا إذا أعلنت وزير الداخلية برغبتها في كسب هذه الجنسية البحرينية واستمرت العلاقة الزوجية قائمة لمدة خمس سنوات من تاريخ إعلان رغبتها ويجوز لوزير الداخلية الإعفاء من كل هذه المدة أو بعضها، كما يجوز لوزير الداخلية لأسباب تتعلق بالأمن القومي والنظام العام حرمان المرأة الأجنبية من كسب الجنسية البحرينية بطريق التبعية لزوجها.

إن تعديل المادة السابعة قد نتج عنه تحديد مدة خمس سنوات لاستحقاق المرأة الأجنبية التي تتزوج من بحريني للجنسية البحرينية، بينما كانت قبل التعديل تكسبها فوراً بمجرد قيام العلاقة الزوجية ،

ويبدو أن اشتراط المدة المذكورة قصد به التأكد من استمرار الحياة الزوجية وارتباط المرأة الأجنبية بالبلاد وانسجامها مع المجتمع البحريني ومنع التحايل لاكتساب الجنسية البحرينية من قبل الأجنبيات بموجب عقود صورية أو ما شابه ذلك، ويبدو أن اكتساب المتزوجة من بحريني للجنسية البحرينية أصبح عملياً يتطلب إنجاب الزوجة من البحريني ،

إلا أن الملاحظ أن الأجنبية المتزوجة من بحريني لا تفقد جنسيتها التي اكتسبتها إذا انتهت الحياة الزوجية إلا إذا استردت جنسيتها الأصلية أو كسبت جنسية أخرى، وربما قصد من ذلك الحفاظ على وحدة الأسرة وعدم تشتيتها خاصة في حالة إنجاب أطفال وأهمية بقاء أمهم معهم في البلاد ومراعاة رغبتها في البقاء فيها وتعبيرها عن اندماجها وارتباطها وربط مستقبلها وأبنائها بالمجتمع البحريني.

** جنسية البحرينية المتزوجة بأجنبي

كما نصت الفقرة الأخيرة من المادة السابعة المعدلة على (أن المرأة البحرينية التي تتزوج من أجنبي لا تفقد جنسيتها إلا إذا أدخلت جنسية زوجها الأجنبي من تاريخ دخولها هذه الجنسية ومع ذلك ترد لها جنسيتها البحرينية من تاريخ انتهاء الزوجية إذا أعلنت رغبتها بذلك إلى وزير الداخلية وكانت إقامتها العادية في البحرين أو عادت للإقامة فيها).

وبالرغم من أن كلمة ( أدخلت ) تثير بعض اللبس في فهم النص وقد يوحي بأن المرأة البحرينية إذا كان قانون جنسية الزوج يوجب أو يقرر حقها في الحصول على جنسية زوجها فإنها تفقد جنسيتها التي اكتسبتها بالزوجية تلقائياً، إلا أن فهم النص ضمن سياقه وكون الفقد هنا ليس عقوبة للمرأة ويقصد به التأكد من رغبتها الحقيقية في التخلي عن الجنسية البحرينية فإن التفسير الصحيح هو أن المرأة البحرينية التي تتزوج من أجنبي لا تفقد جنسيتها البحرينية إلا عندما تتمتع تمتعاً حقيقياً بالجنسية التي يتمتع بها زوجها الأجنبي،

فلا يكفي أن يكون قانون جنسية الزوج يمنحها هذا الحق أو تكون تقدمت بطلب ربما يوافق عليه وربما يرفض، بل لابد أن تكون قد حصلت وبرغبتها على جنسية زوجها الأجنبي، وينسجم هذا الرأي مع ما يقرره القانون الكويتي الذي يستعمل ذات التعبير ( أدخلت ).

أما رد الجنسية في حالة انتهاء رابطة الزوجية بين البحرينية وزوجها الأجنبي التي دخلت في الجنسية التي يتمتع بها، فإنها تكون تلقائية بمجرد إعلان رغبتها في استرداد الجنسية إلى وزير الداخلية بشرط أن تكون إقامتها العادية في البحرين أو عادت إلى الإقامة فيها.

** حالات سحب الجنسية وفقدها وإسقاطها

سحب الجنسية البحرينية يكون من الأشخاص الذين تجنسوا بها فقط طبقاً لنص المادة (8) من قانون الجنسية ويكون ذلك بأمر من سمو الأمير في حالتين:

(1) إذا حصل عليها بطريق الغش أو بناء على أقوال كاذبة أو إخفائه معلومات جوهرية وهنا يمكن أن يتبع سحب الجنسية من المتجنس سحبها من كل شخص تجنس بها عن طريقه ، فكما يقال ( الغش يفسد كل شيء ).

(2) إذا أدين المتجنس بجريمة تمس شرفه أو أمانته خلال العشر سنوات التالية لتجنسه ، وفي هذه الحالة تسحب الجنسية من الشخص المدان وحده وليس ممن حصل عليها عن طريقه كالأبناء.

** فقد الجنسية البحرينية

نصت المادة التاسعة من قانون الجنسية البحرينية لعام 1963م على أن البحريني يفقد جنسيته البحرينية ( سواء كانت أصلية أو مكتسبة ) ويفقدها معه أولاده القاصرين إذا صدر بسحبها أمر من سمو الأمير في حالتين حددتهما المادة التاسعة من القانون في الآتي:

(1) إذا تجنس مختاراً بجنسية أجنبية.

(2) إذا تنازل عن الجنسية البحرينية.

وأهم ما يلاحظ هنا أن الفقد لا يحصل تلقائياً بل لابد من صدور أمر من سمو أمير البلاد وأن الذي يفقد الجنسية بالتبعية هم الأولاد القاصرون فقط ويبقى الأبناء الرشد والزوجة محتفظين بجنسيتهم البحرينية.

** إسقاط الجنسية البحرينية

نصت المادة العاشرة من قانون الجنسية لعام 1963م على أنه يجوز بأمر من سمو الأمير إسقاط الجنسية البحرينية عن كل من يتمتع بها في الحالات الآتية:

(1) إذا دخل الخدمة العسكرية لإحدى الدول الأجنبية وبقى فيها بالرغم من الأمر الذي يصدر له من حكومة البحرين بترك الخدمة العسكرية في تلك الدول.

(2) إذا ساعد أو انخرط في خدمة دولة معادية.

(3) إذا تسبب في الإضرار بأمن الدولة.

قبل التعليق على مسألة إسقاط الجنسية أرى أن من المستحسن إيراد نص المادة (17) من دستور 1973 للإحاطة بمدى انسجام نص القانون مع نص الدستور وأيهما يفترض أن تكون له الغلبة.

نصت المادة المذكور رقمها من الدستور على الآتي:

(1) الجنسية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها بصفة أصلية إلا في حالتي الخيانة العظمى أو ازدواج الجنسية وذلك بالشروط التي يحددها القانون.

(2) لا يجوز سحب الجنسية من المتجنس إلا في حدود القانون.

(3) يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها.

ويلاحظ من خلال نصوص قانون الجنسية البحرينية الصادر عام 1963م وعلى الأخص المادة العاشرة منه أن من الممكن إسقاط الجنسية البحرينية عن كل من يتمتع بها في الحالات الثلاث السابقة الذكر التي نصت عليها المادة العاشرة وفي ذلك تناقض أو تعارض مع نص المادة (17) من الدستور التي لا تجيز إسقاط الجنسية عمن يتمتع بها بصفة أصلية إلا في حالتين هما:

(1) الخيانة العظمى.

(2) ازدواج الجنسية ( أي حصول البحريني على جنسية أخرى ).

لذا فإن نص الدستور هو الأولى بالتطبيق لكونه القانون الأول والأسمى في الدولة ولكونه قد صدر بتاريخ لاحق على قانون الجنسية حيث صدر الدستور بتاريخ 6 ديسمبر 1973م، وبالتالي فإنني أرى أنه يمتنع إسقاط جنسية أي بحريني يتمتع بها بصفة أصلية وهي الجنسية المستحقة طبقاً للمادتين الرابعة والخامسة إلا في الحالتين المنصوص عليهما في الدستور.

أما نص المادة 17 من الدستور الجديد فإنه يفتح المجال للتوسع في حالات إسقاط الجنسية وهو مسلك غير محمود بإعطاء السلطة التنفيذية مثل هذا الحق على إطلاقه وسأتناول هذا النص بالقراءة لاحقاً.

** رد الجنسية البحرينية

نصت المادة (11) من قانون الجنسية على إمكانية رد الجنسية البحرينية في أي وقت لمن فقدها بموجب أحكام المواد الثلاث 8 ، 9، 10 من القانون وذلك بأمر يصدر من سمو أمير البلاد ، والرد هنا ممكن دون تقييد بمدة معينة ولا حتى بزوال سبب الفقد ، فلسمو الأمير التقدير المطلق في ذلك.

** أساس التجنيس وشروطه

يستند التجنيس أي اكتساب جنسية دولة ما إلى وجود وتوافر رباط معنوي بين الفرد والدولة التي تمنحه جنسيتها يتمثل في اندماج طالب التجنيس روحياً واجتماعياً في مجتمع الدولة ورغبته في أن يصبح من رعاياها أو أحد أفراد مجتمعها ، ولذلك غالباً ما تعلق الدولة منح جنسيتها للأجانب على شروط معينة تهدف إلى التأكد من توافر هذا الرباط المعنوي.

وقد ترى الدولة حماية لكيانها السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي عدم السماح لطوائف معينة اكتساب جنسيتها بأن تضع شروطاً أخرى تضمن عدم دخول هذه الطوائف الغير مرغوب فيها في حينها وذلك حسب سياسة الدولة وأغراضها السياسية ورغبتها في معالجة مشكلة ما تعاني منها،

فإذا كانت الدولة تعاني نقصاً في السكان أمكنها عن طريق التجنيس زيادة عدد سكانها أما إذا لم تكن الدولة بحاجة إلى زيادة عدد سكانها نظراً لشحة مواردها وزيادة الكثافة السكانية بها فإنها بموجب سلطتها التقديرية تستطيع رفض تجنيس كل من لا ترى نفعاً من دخوله في جنسيتها رغم توافر كل الشروط المطلوبة منه.

ولا شك في أننا في البحرين نشكو من ازدياد في الكثافة السكانية وصغر رقعة البلاد وضآلة في الموارد وضغط على الكثير من الخدمات الصحية والكهربائية والإسكانية إلى حد مطالبة البعض بتنظيم عملية الإنجاب وخاصة في القرى ،

فهل الإغراق في تجنيس من يرغب من الأخوة العرب أو الخليجيين مناسب ويخدم مصلحة المواطن البحريني أو المصلحة القومية ؟؟ أم أن واقع الحال في يقتضي حصر التجنيس على أقل عدد ممكن واختيار طالب التجنيس الذي قدم خدمات للبحرين وأقام فيها ردهاً من الزمن وتقدير المسؤول بأن كفاءته وعلمه سيرفعان اسم البحرين وشعبها عالياً وذلك كله من منظار العدالة واندماج طالب التجنيس في المجتمع وانتمائه فعلاً إلى البحرين مادياً ووجدانياً بعد توافر شروط الإقامة في البحرين لمدة مناسبة والتعلم والعمل أو الاستثمار فيها للتأكد من تحقق الاندماج في المجتمع البحريني والولاء لهذا الوطن، ولا شك في أن أول مقتضيات هذا الانتماء أن يتخلى طالب التجنيس عن جنسية الدولة التي ينتمي إليها.

وإذا كان لابد من السماح للبحريني باكتساب جنسية أخرى مع احتفاظه بجنسيته البحرينية لتحقيق مصلحة مادية أو معنوية له ولأفراد أسرته ، فإن من المتعين اشتراط ذلك بكون جنسيته أصلية أو بعد مرور مدة معينة على اكتسابه الجنسية البحرينية كأن تحدد مثلاً بعشر سنوات.

** هل السماح بازدواج الجنسية دستوري ؟؟

نصت المادة 17 من دستور 1973 على أن الجنسية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها بصفة أصلية إلا في حالتي الخيانة العظمى أو ازدواج الجنسية وذلك بالشروط التي يحددها القانون.

وأنه لا يجوز سحب الجنسية من المتجنس إلا في حدود القانون وأنه يحظر أبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها.

أما المادة 17 من الدستور الجديد فقد نصت على التالي:

I- الجنسية البحرينية يحددها القانون ولا يجوز إسقاطها عمن يتمتع بها إلا في حالة الخيانة العظمى والأحوال الأخرى التي يحددها القانون.

II- يحظر إبعاد المواطن عن البحرين أو منعه من العودة إليها.

ويلاحظ أن سند الحكم في إصدار الدستور الجديد أو التعديل هو ميثاق العمل الوطني الذي خلى من أي نص يقرر إجراء تعديل لنص المادة 17 المتعلقة بأحكام الجنسية البحرينية، وبالتالي فإن التعديل في موضوعه غير مشروع وغير متفق عليه بين الشعب والحكم وغير مشروع من ناحية الآلية المنصوص عليها في الدستور الذي تم التصويت على الميثاق في ظله.

ومن الناحية التشريعية يلاحظ أن تحديد أولويات إصدار القوانين المختلفة يتم بذات النهج السابق على الانفتاح دون مشاورة أية جهة أو شخصيات ذات وزن شعبي لتقدير مواضيع تلك القوانين وتوقيتها ومدى تأثيرها على الشعب وموارد الدولة وجودة الخدمات التي تقدمها الدولة للمواطنين أو حتى دون تشكيل لجان تمثل فيها الجمعيات السياسية أو الجمعيات المهنية للاستئناس بآرائها في تلك المواضيع كوسيلة لتأكيد رغبة الحكم وإقراره بحق المشاركة في هذه الفترة الانتقالية التي أحبطت حالة الانفراد بالقرار خلالها الكثير من المتفائلين بعهد ديمقراطي حقيقي.

** هل يخدم ازدواج الجنسية البحرينيين الذين يقيمون في الخارج ؟؟

يقول البعض بأن الهدف هو تمكين البحرينيين الذين يقيمون في دول الخليج من الحصول على جنسية الدول التي يقيمون فيها مع احتفاظهم بجنسيتهم البحرينية ومثل هذا القول مردود عليه بأن سماح البحرين لمواطنيها بالاحتفاظ بجنسيتهم في حالة اكتسابهم جنسية دولة خليجية لا تعطي المواطن البحريني الحق في اكتساب جنسية تلك الدولة ،

بل تستوجب قوانين تلك الدول جميعها أن يتخلى عن جنسيته البحرينية، مما يقتضي أن تعدل جميع دول مجلس التعاون قوانينها المتعلقة بالجنسية وإلا فكيف يتمكن البحريني من الحصول على جنسية تلك الدول ؟؟

وبالتالي فإن حل هذا الإشكال لصالح المواطن البحريني يقتضي اتفاق دول مجلس التعاون على حل مناسب وليس بعمل منفرد من جانب البحرين، فالمواطن البحريني يشعر بأن حقوقه مهضومة ودولته تقدم كل التسهيلات للمواطن الخليجي، في حين أن دول المجلس الأخرى لا تعامله إلا على أساس أنه مواطن بحريني ولا يوجد مبدأ المعاملة بالمثل.

فعلى الصعيد العملي من الممكن للأخوة من مواطني مجلس التعاون مثلاً التسجيل كمحامين في البحرين دون أية قيود إلا أن المحامين البحرينيين إذا أرادوا ممارسة المهنة أو التسجيل في أية دولة أخرى يواجهون صعاب وتعقيدات تجعل القيد شبه مستحيل وتقاس على قيد المحامين مسائل أخرى ما عدا دولة الكويت التي ترخص للبحرينيين العمل في مجال المحاماة دون أية تعقيدات.

** المراجع

1- د. فؤاد بن المتعن رياض – الوسيط في القانون الدولي الخاص.

2- د. عكاشة محمد عبدالعال – أحكام الجنسية اللبنانية ومركز الأجانب.

شارك المقالة

1 تعليق

  1. أتمنى أتواصل مع المحامي عيسى ابراهيم اذا ممكن تشاركوني رقمه او الأيميلز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر بريدك الالكتروني.