المنظمات غير الحكومية و دورها في مجال حقوق الانسان
فراس سعد المرعب
المنظمات غير الحكومية هي عبارة عن جمعيات ومؤسسات خاصة ينصب جل اهتمامها على تعزيز وتطبيق وحمايه مبادئ حقوق الإنسان والقيم الانسانية المتعارف عليها عالمياً.
وتختلف أهدافها واستراتيجيات عملها باختلاف اهتماماتها وتخصصاتها وظروف عملها ، ومنها ما يختص في المجال القانوني والسياسي والاحتماعي والطبي وغيرها.
ان اضطلاع المنظمات غير الحكومية بمهمة الدفاع عن حقوق الإنسان يحتم وجود علاقة متواصلة بينها وبين السلطات أو الحكومات في بلدانها التي تعد المسؤول المباشر عن الانتهاكات.
وغالبا ما يضعها عملها هذا في صراع مع بلدانها على خلفية هذه الانتهاكات ومعالجتها فالعلاقة بين الحكومات وبين المنظمات غير الحكومية فيما يتعلق بحقوق الانسان ، هي علاقة يشوبها التوتر ، لآن المنظمة غير الحكومية تقف بالمرصاد لتصرفات الحكومة وموظفيها منتقدة ومحتجه أحياناً وفاضحة للانتهاكات لاثارة إهتمامات الرأي العام المحلي والدولي ، وبالتالي فالصراع الاساسي ما بين الحكومة والمنظمة غير الحكومية ، هو صراع بين المبدأ والمصلحة ، وصراع بين رؤية منظمة حقوق الانسان للقانون كجهاز للحماية وبين رؤية الدولة لهذا القانون كأداة للسلطة وبسط النفوذ.
وتلعب المنظمات غير حكومية دوراً مهماً في مجال حقوق الانسان ، من خلال مراقبتها وتوثيقها للانتهاكات الواقعه على حقوق الانسان ، ومن خلال المداخلات التي تقوم بها لدى السلطات المعنية ولدى الرأي العام المحلي والدولي بهدف وضع حد لهذه الانتهاكات ، فهي تقوم بدور المراقب الحارس الغيور على حقوق المجتمع وافرادة من تصرفات جائره ، وهي تبذل كل جهد في الدفاع عن كل فرد في المجتمع وفق حقوقة المعترف بها ، هذا اضافة الى اسهامها في النضال من اجل توسيع دائرة الحقوق المحمية وتعريفها بدقة ، ومن أجل وضع الآليات القانونية لضمانها على أرض الواقع ورفع مستوى وعي المجتمع بها.
ونجد في بعض الدول تعاون بين المنظمات غير الحكومية لحقوق الانسان والنظام الحاكم في بلدها من اجل تعزيز الحماية القانونية لحقوق الانسان ، وتلعب دورا ايجابيا وفعالا في تطوير القانون والاليات القضائية ، وكثيرا ما تستشيرها الحكومة في هذا المجال اضافة الى الدور الذي تقوم به هذه المنظمات في اقامة دورات تعليمية لاجهزة الشرطة والقوات المسلحة للبلد حول احترام حقوق الانسان في انفاذ القانون وفي النزاعات المسلحة.
ولعل المثال الصارخ على ذلك هو بعض الدول الاسكندنافية ، والدور الذي تقوم به لجان الصليب والهلال الاحمر في تعليم القانون الدولي الانساني في العديد من البلدان.
وتقوم المنظمات غير الحكومية في سعيها لحماية حقوق الانسان ، بتنفيذ العديد من الاستراتيجيات منها : مراقبة مدى التزام السلطات في الدولة باحترام وتطبيق الحقوق والحريات الاساسية المتعارف عليها عالمياً ، وغالباً ما يلجأ اليها المواطنون لرفع الشكاوي وطلب المشورة ويجب ان يمتاز توثيقها للانتهاكات بالدقه والشمولية ، لاضفاء درجة عالية من المصداقية على عملها ، وكذلك مطالبة المنظمات الدولية بتشكيل وايفاد لجان تقصي حقائق الى الدول التي تقوم بانتهاكات خطيرة لحقوق الانسان ، وتصدر هذه اللجان مع انتهاء تحقيقاتها تقريرا حول حقيقة الوضع المعني من دون ان يؤدي ذلك بالضرورة إلى احداث تغييرات على النظام القانوني للدولة المعنية ، لكنها تسهم على الأقل في فضح الانتهاكات والممارسات غير القانونية ، وقد تلجا المنظمات غير الحكومية الى ممارسة ضغوط دبلوماسية على الحكومة من خلال الاجتماع بها او التدخل لديها بشأن انتهاكات محددة ، كخطوة اولى قبل الاقدام على نشر ما لديها من تقارير حول الانتهاكات ، فمثلا تبرم اللجنة الدولية للصليب الاحمر اتفاقيات مع الدول تعمل بموجبها في اراضي تلك الدولة وتحاول من خلالها تحسين وضع حقوق الانسان .
خاصة فيما يتعلق بظروف الاعتقال ومعاملة المعتقلين ، وعندما تخفق محاولاتها لدى السلطات المعنية في ايجاد حلول للقضايا التي تتابعها تلجا احيانا الى اصدار بيانات صحفية وبلاغات تحذيرية حول تلك القضايا وتقوم بتنظيم حملات عالمية حول انتهاكات محددة ، للفت انتباه الرأي العام العالمي والمجتمع الدولي اليها ومطالبته بالتحرك الفاعل لدى الحكومات المعنية .وهي من خلال عملها هذا انما تقوم بتطوير مبادىء حقوق الانسان والقانون الدولي وايجاد الآليات المناسبة لوضع هذه المبادئ موضع التنفيذ ، إضافة الى حث حكومات بلدانها على التوقيع والمصادقه على الاتفاقيات والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان.
كما تمارس المنظمات غير الحكومية دورا مهما في نظام الأمم المتحدة ، من خلال تمتعها بالصفة الاستشارية في المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة ، فهي تؤثر في سير العمليات القانونية على مستويين ،الأول : انها تسهم في بناء القوانين الدولية وتلعب دورا بارزا في تطبيقها وتنفيذها ، اما الثاني : فانها تراقب مدى فعالية المبادئ وبالتالي فهي تمثل أداة تنفيذية.
اترك تعليقاً