الشروط القانونية لقبول دعوى الإلغاء
المحامية: منال داود العكيدي
تتمتع دعوى الالغاء بمكانة خاصة في نطاق القضاء الاداري فهي تمثل محور هذا القضاء كله والتي يباشرها عن طريق الطعون الموجهة للقرارات الادارية المعيبة فتعرف دعوى الالغاء بانها الطعن في قرار اداري معين وطلب الغائه بسبب عدم مشروعيته وحظي هذا النوع من الدعاوى باهمية خاصة في القضاء الاداري الفرنسي لانها اخطر واهم وسيلة لحماية مبدأ المشروعية لانها قد تؤدي الى ترتيب البطلان بوصفه جزاء يصيب القرار الاداري المخالف للقانون.
ولفقه دعوى الالغاء لابد لنا من التعرف على الشروط التي يجب توافرها في هذه الدعوى لكي تكون مقبولة امام القضاء المتخصص وتمكن القاضي بعد التأكد من توافر جميع الشروط المطلوبة الى الانتقال الى فحص موضوع الخصومة والا تعرضت الدعوى الى عدم قبول المحكمة النظر فيها حتى قبل ان يتعرض لبحث موضوعها اي فحص مشروعية القرار المطعون فيه لذلك فقد استقر الفقه والقضاء الاداريان في فرنسا على مجموعة من الشروط الواجب توافرها لقبول دعوى الالغاء شكلا وهذه الشروط هي:
الشروط المتعلقة بطبيعة العمل الاداري موضع الطعن اذ يشترط في العمل الاداري موضوع الطعن ان يكون موجودا والذي محله قرار اداري والذي يعرف على انه افصاح الادارة عن ارادتها الملزمة بمالها من سلطة بمقتضى القوانين واللوائح بقصد احداث اثر قانوني يكون جائزا وممكنا وهذا الاثر القانوني يتضمن اما انشاء مركز قانوني جديد او تعديل لو الغاء مركز قانوني قائم وبهذا المعنى فان القرار الاداري في حقيقته يصدر عن الارادة المنفردة للسلطة الادارية والذي يشترط فيه ان يكون موجودا لافرق في ان يكون مكتوبا او شفويا صريحا او ضمنيا فرديا او تنظيميا ولا يكفي وجود القرار الاداري بل ينبغي ان يظل قائما الى حين نظر الدعوى اذ ان قيام الادارة بسحب القرار الصادر عنها او الغائه يحول دون قبول دعوى الالغاء ضده.
ويشترط في القرار الاداري ايضا ان يكون نهائيا ومؤثرا اي ان يصدر القرار من جهة ادارية يخولها القانون سلطة البت في موضوع معين دون حاجة الى تصديق سلطة اعلى او اي اجراء لاحق وبمعنى اخر اي يكون القرار قد استنفذ جميع المراحل اللازمة لتكوينه فيكون قابلا للتنفيذ دون حاجة الى اجراء لاحق وبناء عليه فانه لايجوز الطعن في الاجراءات التحضيرية التي تسبق اتخاذ القرار النهائي وكذلك مشروعات القرارات والمقترحات والاستشارات فضلا عن ذلك فانه يشترط في القرار الاداري ان يكون مؤثرا اي مرتبا لاثار قانونية تحدث تاثيرا في المراكز القانونية القائمة فيكون قابلا لالحاق ضرر بالطاعن اذ لايمكن الطعن بالاجراءات او التدابير الداخلية كالتعليمات والبيانات الموجهة للموظفين والقرارات المؤكدة او المفسرة لقرارات سابقة ولاتحدث اثارا قانونية او تضيف احكاما جديدة.
ومن المستقر ضرورة ان يكون القرار الاداري القابلاً للطعن صادرا عن السلطة الادارية بصفتها شخصا معنويا عاما اما اذا صدرت بصفتها شخصا معنويا خاصا فان تصرفاتها في هذه الحالة تكون مثل تصرفات الافراد العاديين ومن ثم تخرج عن نطاق القانون الاداري وتخضع لقواعد القانون الخاص وستنادا الى قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة في العراق فان تخصص محكمة القضاء الاداري يقتصر فقط بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الصادرة من قبل الموظفين والهيئات في دوائر الدولة اما بالنسبة للقرارات الصادرة من قبل النقابات والمنظمات المهنية فانه لايجوز الطعن بقراراتها بالالغاء امام المحاكم المذكورة.
فضلا عن ذلك فان القرار الاداري لابد وان يكون صادرا من سلطة وطنية سواء كانت داخل اقليم الدولة ام خارجه لكي يمكن الطعن به وبناء عليه فالقرارات الصادرة من المنظمات الاقليمية او البعثات والهيئات القنصلية لايقبل الطعن بها عن طريق الالغاء لانه لاسلطان للقضاء الاداري الوطني على اعمال تلك المنظمات والهيئات وما تصدره من قرارات.
وهناك مجموعة اخرى من الشروط المتعلقة برفع الدعوى وهما شرط الاهلية و المصلحة فشرط الاهلية في دعوى الالغاء هو شرط مقرر بالنسبة لجميع الدعاوى الاخرى فينبغي ان يكون الشخص الطبيعي قد بلغ سن الرشد ولم يحجر عليه لجنون او سفه اما بالنسبة للامور المعنوية فينبغي الرجوع الى القوانين والانظمة الداخلية الخاصة بها ليتم التحقق من مدى اهليتها في اقامة مثل هذه الدعاوى.
اما بالنسبة للشرط الثاني فهو شرط المصلحة فمن المسلم به فقها وقضاء انه لادعوى بلا مصلحة فالمصلحة مناط الدعوى ويقصد بها الفائدة او المنفعة العملية المشروعة التي يراد تحقيقها من الالتجاء الى القضاء ويشترط في المصلحة ان تكون شخصية اي ان تكون خاصة بالمدعي تجعله مميزا عن سائر الافراد وغير مندمجة بالمصلحة العامة التي اقام القانون ممثلين عنها وبناء على ذلك فان رافع الدعوى ينبغي ان يكون متضررا من القرار المطعون به وليس فقط صفة المواطن العادي وعلاوة على ذلك فانه يشترط بتلك المصلحة ان تكون مباشرة ولكن هذا لايمنع من ان يشاركه فيها افراد اخرون كما هو الحال في الدعوى التي يقيمها احد المنتفعين من مرفق عام فالمنفعة التي تعود عليه من الغاء القرار الاداري تشاركه فيها بقية المنتفعين ويمكن ان تكون المصلحة الشخصية عامة مثل الدعوى المقامة من قبل الهيئات المحلية ضد اي قرار اداري صادر من السلطة المركزية ولافرق من ان تكون المصلحة مادية او معنوية.
كما انه يشترط في المصلحة ان تكون محققة ان تتأكد الفائدة المادية او الادبية التي ستعود على رافع الدعوى من الغاء القرار الاداري الذي اضر به ولكن المشرع العراقي قد اخذ بفكرة المصلحة المحتملة حيث قضت المادة 7 / الفقرة 2 / د من قانون التعديل الثاني لقانون مجلس شورى الدولة باختصاص محكمة القضاء الاداري بالنظر في صحة الاوامر والقرارات الادارية بناء على طعن من ذي مصلحة معلومة وحالة وممكنة ومع ذلك فالمصلحة المحتملة تكفي ان كان هناك مايدعو الى التخوف من الحاق ضرر بذوي الشأن.
واخيرا فانه يشترط في المصلحة ان تكون متوافرة وقت رفع الدعوى والا قضي بعدم قبول الدعوى لكن مجلس الدولة الفرنسي قد اتخذ موقف المرونة في احكامه بهذا الشأن اذ ذهب الى عد شرط المصلحة متوافرا اذا تحقق وقت رفع الدعوى او في وقت قيام القاضي بنظر الدعوى من غير ان يشترط استمرارها الى حين الفصل في الدعوى والسند في ذلك هو ان دعوى الالغاء ترفع اساسا لتحقيق المصلحة العامة فضلا عن المصلحة الخاصة لرافع الدعوى فاذا زالت المصلحة الخاصة بعد رفع الدعوى بقيت المصلحة العامة قائمة كما ان زوال المصلحة الشخصية لرافع الدعوى لا يعني بالضرورة زوال العمل غير المشروع وما يترتب عليه من آثار تلحق اذى بافراد اخرين غير الطاعن.
اترك تعليقاً