الوفاء بمقابل
الالتزام او الحق الشخصي مؤقت فمصيره حتما الى زوال اما بالوفاء او بغيره اذ لايجوز ان يبقى المدين ملتزما الى الابد بقيد الالتزام والا كان في ذلك تقييد لحريته الشخصية .
وهناك طرق عديدة لانقضاء الالتزام اولها الوفاء وهو الطريق الاعتيادي لانقضائه اما الطريق غير الاعتيادي لاسقاط الالتزام بما يعادل الوفاء فهي ثلاثة طرق اولها الوفاء بمقابل ثم التجديد والمقاصة واخيرا اتحاد الذمة . فالوفاء بمقابل هي طريقة يلجا اليها الدائن حيث يعتاض عن استيفاء الدين عينا الشيء يعادله .
وقد ورد تعريف الوفاء بمقابل في المادة 399 من القانون المدني العراقي رقم 40 لسنة 1951 حيث تنص على انه : ( اذا قبل في استيفاء شيئا اخر غير الشيء المستحق قام هذا مقام الوفاء ) وبناء عليه فان الوفاء بمقابل هو اتفاق الدائن والمدين على ان يوفي المدين للدائن بشيء اخر غير محل الالتزام ويقوم المدين بوفاء هذا الشيء فعلا فالدائن يستعيض في الوفاء بمقابل بشيء اخر غير الشيء محل الالتزام .
والوفاء بمقابل يعد سببا مستقلا لانقضاء الالتزام غير الوفاء ولكي يوجد الوفاء بمقابل حقيقة لابد من توفر شرطين : الاول هو وجود اتفاق على نقل ملكية شيء او انشاء حق عيني عوضا من تنفيذ الالتزام الاصلي اذ يفترض للوفاء بمقابل وجود اتفاق بين الدائن والمدين اذ لايمكن اجبار الدائن على قبول وفاء بشيء غير المستحق له اصلا وقد يكون قبول الدائن حقيقة او انه يقع ضمنا ، ولما كان الوفاء بمقابل اتفاقا وجب ان تتوافر في طرفيه الاهلية اذ يجب ان يتوافر في الدائن اهلية استيفاء الدين اما المدين فيجب ان تتوافر فيه اهلية وفاء الدين واهلية التصرف في الشيء الذي يقدمه وفاء للمدين لان الوفاء بمقابل ينطوي على معنى الوفاء وعلى معنى نقل الملكية في نفس الوقت كما يجب ان تكون ارادة كل من الطرفين خالية من العيوب المعروفة كما يلزم ان يكون للاتفاق محل وسبب مستوفيان شرائطهما القانونية .
اما بالنسبة للمحل فهو الاخر يجب ان يتوفر فيه شرطان الاول ان يكون شيئا جديدا اي لم يدخل منذ البداية ضمن الالتزام الاصلي وبهذا فان الوفاء بمقابل يختلف عن الالتزام الذي يتعدد فيه المحل عند نشوئه او وفائه اي الالتزام البدلي او التخييري حيث ان هذا لايعد وفاء بمقابل لان الشيء او المحل كان داخلا اصلا في نطاق الالتزام الاصلي منذ البداية .
اما الشرط الثاني الواجب توافره في محل الوفاء بمقابل فهو ان يكون نقل الملكية او تقرير حق عيني كالانتفاع فلا يصح ان يكون البديل التزاما بعمل او امتناع عن عمل او حتى نقل حق شخصي فاذا قام المدين بتقديم دين له في ذمة الغير عوضا عن حقه فاننا لا نكون في هذه الحالة بصدد وفاء بمقابل وانما نكون امام حوالة حق او عملية اخرى قد تكون انابة في الوفاء الا اذا كان الحق الشخصي قد اندمج في سند لحامله اذ يعد تسليم السند بمثابة نقل ملكية نظرا لان الحق المثبت في سند لحامله يصبح اقرب ما يكون الى الشيء المادي او كما يقولون ان الحق هنا يندمج في الصك .
اما اذا قدم المدين عوضا عن الدين عملا لانقل ملكية كنا امام تجديد للدين بتغيير محله لا امام وفاء بمقابل وهكذا فانه يجب ان يكون محل البديل في الوفاء بمقابل هو نقل ملكية او انشاء حق عيني في مقابل الدين . اما الشرط الثاني في الوفاء بمقابل هو تنفيذ الاتفاق بنقل الملكية فورا ولكي يتحقق الوفاء بمقابل يجب ان ينفذ الاتفاق فورا بنقل الملكية من المدين الى الدائن فاذا تم الاتفاق ولكن اتفق على تأجيل تنفيذه فاننا لانكون ازاء وفاء بمقابل وانما امام اتفاق يستبدل به الدائن والمدين التزاما جديدا بالالتزام الاصلي وهو تجديد الالتزام .
وقد اتجه الفقه المعاصر الى ان الوفاء هو عمل مركب فهو مزيج من التجديد والوفاء عن طريق نقل الملكية فالوفاء بمقابل هو اولا تجديد بتغيير محل الدين او الالتزام فالدائن والمدين يتفقان على تغيير المحل الاصلي للدين بمحل جديد هو المقابل في الوفاء ويترتب على ذلك ان الدين الاصلي ينقضي وتنقضي معه تأميناته عن طريق التجديد لا عن طريق الوفاء ثم ان الدين الجديد الذي نشأ عن هذا التجديد وهو دائما التزام بنقل ملكية يكون تنفيذه عن طريق الوفاء فتنتقل ملكية المقابل فعلا الى الدائن اذ يتم الوفاء بمقابل وفي المرحلة الثانية ينطوي الوفاء بمقابل على معنيين الاول : معنى الوفاء اذ ان الدين الجديد يستوفي عينا فينقضي وثانيا معنى نقل الملكية اذ ان الوفاء عينا بالدين الجديد معناه نقل ملكية المقابل .
وتنص المادة 400 من القانون المدني العراقي على انه ( يسري على الوفاء بمقابل من حيث انه ينقل ملكية الشيء الذي اعطى في الدين احكام البيع وبالاخص فيما يتعلق منها بأهلية المتعاقدين وضمان الاستحقاق وضمان العيوب الخفية ويسري من حيث انه يقضي الدين احكام الوفاء وبالاخص ما تعلق منها بتعيين جهة الدفع وانقضاء التأمينات ) وبناء على ذلك فان اثار الوفاء بمقابل تكون مزدوجة فهو بوصفه ناقلا للملكية تسري عليه احكام البيع فاذا استحق محل الوفاء بمقابل للغير وافرده مالكه الاصلي فللدائن حق الرجوع على المدين طبقا لاحكام ضمان الاستحقاق المقررة في عقد البيع واذا كشف الدائن عيبا خفيا فبوسعه الرجوع على المدين بضمان العيوب الخفية واذا كان الشيء المقدم مقابلا للوفاء عقارا فان الوفاء بمقابل لاينتج اثره الا بتسجيل العقد المتضمن هذا الوفاء .
اما بعد الوفاء بمقابل وفاء فانه يترتب على ذلك نزول التأمينات التي كانت للدين الاصلي ولا تعود حتى لو استحق المقابل في يد الدائن لان الدين الاصلي انقضى مع كل تأميناته ، وتتبع احكام الوفاء الخاصة بتعيين جهة الدفع عندما يكون للدائن في ذمة المدين عدة ديون واذا تبين ان الدين غير موجود اتبعت احكام الوفاء بمعنى ان يكون للموفي ان يسترد ما اوفاه بدعوى استرداد ما دفع بدون وجه حق واخيرا فان الوفاء بمقابل يخضع من حيث الطعن بالدعوى البولصية لاحكام الوفاء والدعوى البوليصيةهي دعوى غير مباشرة تهدف الى المحافظة على الضمان العام للدائنين عن طريق منح الحق للدائنين بالطعن في تصرفات مدينهم وطلب الحكم بعدم نفاذها في حقهم.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً