المفهوم القانوني للإقرار ( اعتراف المتهم )
يقصد بالاعتراف اقرار المتهم على نفسه بالتهمة المنسوبة اليه لذلك لايعد من قبيل الاعتراف اقوال المتهم على شخص اخر في نفس الدعوى بل يعد من قبيل الشهادة ولا يعد من قبيل الاعتراف ايضا تسليم محامي المتهم بصحة اسناد التهمة الى موكله متى كان المتهم نفسه منكرا لها .
وينبغي ان ينصب الاعتراف على الوقائع المكونة للجريمة كلا او بعضا فاقرار المتهم ببعض الوقائع التي لا تتعلق بالجريمة لا يعد اعترافا كما لا يعد اعترافا ايضا اقرار المتهم بصحة التهمة المنسوبة اليه من دون اقراره صراحة بارتكابه الافعال المكونة لها بغض النظر عن الوصف القانوني للواقعة الذي تسبغه عليها سلطة التحقيق او الحكم
. كما انه يجب ان يكون الاعتراف متعلقا بالواقعة الاجرامية ذاتها لا بملابساتها المختلفة كما اذا اعترف المتهم بانه كان على علاقة مشبوهة بالمجني عليها من دون ان يعترف بقتلها فيجوز للمحكمة هنا ان تستند الى اعترافه بانه على علاقة غير مشروعة بالمجني عليها كباعث لقتلها من دون ان يعد ذلك اعترافا بالمعنى القانوني .
والاعتراف قد يكون كاملا وهو الذي يقر فيه المتهم بصحة اسناد التهمة اليه كما صورتها ووصفتها المحكمة وقد يكون الاعتراف جزئيا في الاحوال التي يقر فيها المتهم باتيانه سلوكا يندرج في جزء منه تحت التهمة المنسوبة اليه حتى لو اورد في اقواله من الوقائع التي تنفي المسألة الجنائية ويكون الاعتراف جزئيا كذلك اذا اقر المتهم بارتكابه الجريمة ولكن في صورة مخففة تختلف عما هو منسوب اليه كما لو كانت التهمة المنسوبة اليه هي القتل العمد فيعترف بانه قتل المجني عليه خطأً .
ويعد الاعتراف قديما هو سيد الادلة واقواها دلالة على الحقيقة وهو كذلك في الوقت الحاضر فهو لايزال يتمتع بتلك القوة في الاثبات فهو يعد من اقوى الادلة تأثيرا في نفس القاضي وادعاها الى اتجاهه نحو الادانة اذ ليس هناك من دليل اقوى على المتهم من اقراره على نفسه بالجريمة.
ان الاعتراف بوصفه دليلا من ادلة الاثبات يخضع لتقدير المحكمة انطلاقا من حريتها في الاقتناع اذ ليس هناك ما يلزم المحكمة الأخذ به نظرا لانه على الرغم من توافر شروطه فانه يكون في بعض الاحيان غير مطابق للحقيقة وقد يصدر من المتهم تحت تأثير دوافع متعددة كالرغبة منه في تخليص المجرم الحقيقي الذي تربطه بالمتهم صلة قرابة او مصلحة او رغبة المتهم في التخلص من جريمة اخرى اشد او مجرد رغبته بدخول السجن هربا من مشاكل الحياة .
فللمحكمة اذا توافرت للاعتراف شروط صحته ان تستند اليه كدليل في الدعوى متى ما اطمأنت اليه ولها ألّا تأخذ به على الرغم من ذلك اذا لم تطمئن اليه وقد نصت الفقرة د من المادة 181 من قانون الاصول الجزائية على انه ( اذا اعترف المتهم بالتهمة الموجهة اليه واقتنعت المحكمة بصحة اعترافه وبانه يقدر نتائجه فتستمع الى دفاعه وتصدر حكمها في الدعوى بلا حاجة الى دلائل اخرى اما اذا انكر التهمة او لم يبد دفاعه او انه طلب محاكمته او رأت المحكمة ان اعترافه مشوب او انه لا يقدر نتائجه او ان الجريمة معاقب عليها بالاعدام فتجري محاكمته ) واستنادا الى النص المذكور فان المشرع اجاز للمحكمة ان تأخذ بالاعتراف وحده من دون الحاجة الى ادلة اخرى في جميع الجرائم ماعدا الجرائم المعاقب عليها بالاعدام .
واذا كان الاعتراف دليلا من ادلة الدعوى يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فلها ان تاخذ به او لا غير انه يشترط فيه لكي يجوز للمحكمة الأخذ به ان يكون صادراً امام قاضي التحقيق او المحكمة نفسها او امام محكمة اخرى في الدعوى ذاتها حتى وان عدل عنه المتهم بعد ذلك ، كما يجوز الأخذ به اذا كان صادرا امام المحقق شرط ان تثبت المحكمة بالدليل المقنع انه لم يكن للمحقق وقت كاف لاحضار المتهم امام القاضي لتدوين اعترافه . وبوصف الاعتراف عنصرا من عناصر الدعوى وان للمحكمة تقدير قيمته التدليلية فان لها ان تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ ما تطمئن الى صدقه منه وتطرح سواه مما لا تطمئن اليه .
فقد نصت على ذلك المادة 219 من قانون الاصول الجزائية حيث جاء فيها ( يجوز تجزئة الاقرار والأخذ بما تراه المحكمة منه صحيحا وطرح ماعداه غير انه لايجوز تاويله او تجزئته اذا كان هو الدليل الوحيد في الدعوى ) وهذا يعني انه وان كان من حق المحكمة ان تجزئ الاعتراف كمبدأ الا ان ذلك غير جائز اذا كان هو الدليل الوحيد في الدعوى.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً