الحكم المعدوم في القانون
اطلق الفقهاء الألمان على الحكم المعدوم مصطلح اللاحكم , ويقصد بانعدام الحكم هو فقدان الحكم لركن من أركانه الأساسية أو إصابة عيب جوهري أصاب كيانه , ومظهر الانعدام عدم الوجود ومظهر أو جزاء عدم الصحة هو البطلان ، والحكم المعدوم لايرتب أي اثر قانوني . كما إن الانعدام يترتب بقوة القانون .
وهو لايقبل التصحيح لأنه شيء غير موجود ولايقبل الافتراض، ولاتلحقه حصانة ولايحوز حجية الأحكام الباتة ويمكن الطعن فيه في أي وقت , ولكن من الناحية المنطقية لايحتاج الحكم المعدوم الى الطعن به لأنه لاحاجة لإعدام المعدوم ولكن لما كان الحكم يحمل مظهر الوجود الواقع فمن المصلحة تقرير انعدام الحكم ، ومن الجائز الطعن فيه ولو بعد فوات الميعاد القانوني للطعون القانونية وهو لايكسب من صدر لمصلحته أي حق يستحق حمايته.
ومن صور انعدام الحكم هي صدور الحكم من شخص لايعتبر قاضياً أو من قاض لم يحلف اليمين القانونية , أو من قاض زالت عنه ولاية القضاء بسبب العزل أو الإحالة الى التقاعد أو الاستقالة وكذلك الحكم الصادر من قاض جاء تعيينه باطلاً ومخالفاً للقانون بصورة صريحة أو فاضحة ، وهناك صور كثيرة اخرى لكن الضابط والمعيار في معرفة كون الحكم معدوماً من عدمه , هو كون العيب الذي اعترى الحكم قد أصاب ركناً من أركانه الأساسية أو كان العيب جوهرياً أصاب كيانه من عدمه .
وقد لاقت فكرة الانعدام قبولاً وصدى ومناقشة ليس في فقه قانون المرافعات فحسب بل امتد الأمر بشأنها إلى فقه القانون الإداري حيث تولى هذا الفقه مناقشة فكرة القرار الإداري المعدوم الذي ينعدم فيه احد أركانه الثلاثة وهي صدوره من سلطة عامة متخصصة وكونه بقصد إحداث اثر قانوني لا مادي , أي إنشاء مركز قانوني أو تغيره أو زواله أو إلغائه وصدوره في المجال الإداري لذلك فان فكرة الانعدام لم تنحسر في مجال القرار القضائي فحسب بل امتدت فكرتها إلى مجال القرار الإداري.
واخيرا فإن الانعدام لا يحتاج الى نص القانون عليه بخلاف البطلان فإن القاعدة تقول : لا بطلان بدون نص , كما أن المعدوم لا يحتاج الى اعلان قضائي لأن المعدم ليس في حاجة الى من يعدمه , وإذا عرض الأمر على القاضي فإن القاضي لا ينفي الانعدام وإنما يقرر الواقع ويستطيع كل ذي مصلحة أن يتمسك بالانعدام , وإن عرض للقاضي عمل منعدم فعليه أن يقرر الانعدام من تلقاء نفسه , ولا تستطيع الإدارة ولا التقادم مهما طال أن يصححا الانعدام لأن إرادة الشخص مهما قويت لا تستطيع أن تقلب المعدم الى الوجود كما أن التقادم مهما طال لا يقوى أيضاً على ذلك.
المحامية: ورود فخري
27 نوفمبر، 2017 at 9:22 م
بارك الله فيك