تعريف و مفهوم البرلمان و نشأته
هو مؤسسة رسمية تمثيلية تشريعية سياسية، يناط بها سن القوانين والتشريعات، ظهر في اوربا في أعقاب الثورات، للحد من السلطة المطلقة للملوك والبرلمان، قد يتكون من مجلس واحد أو مجلسين، بحسب ظروف كل بلد من حيث (مساحة الدولة، الحجم السكاني، التجانس الاجتماعي). ويضم البرلمان عدد من الممثلين أو النواب المنتخبين من قبل الشعب، ويتم إختيار المجلس الأول بالاقتراع السري المباشر أما المجلس الثاني فغالبا ما يتم إختيار أعضائه بالتعيين أو الوراثه… وللبرلمان مدة محددة كفصل تشريعي وله صلاحيات متعددة، ونظام داخلي ووسائل مختلفة يواجه بها السلطة التنفيذية.
وكلمة البرلمان هي كلمة مشتقة من لفظة فرنسية تعني الكلام وقد تعددت المصطلحات التي تدل عليه في السياسة (المؤتمر التشريعي، المجلس التشريعي، الهيأة التشريعية المجلس الوطني، الجمعية الوطنية).
لقد نشأ النظام البرلماني، في انكلترا، ومر بمراحل عديدة من التطور حتى تبلورت أركانه وبرزت دعائمه، وكان للنجاح الذي حققه النظام البرلماني في انكلترا، صدى كبير لدى كثير من دول العالم التي إقتبسته عنها. ما أدى الى حدوث تطورات معينة في هذا النظام.
فالنظام السياسي في إنكلترا، بدا بالملكية المطلقة التي تحولت الى الملكية المقيدة، ومنها الى الملكية البرلمانية بعد ذلك حققت النظام الديمقراطي البرلماني. وقد استقرت إسس هذا النظام على قواعد دستورية قوية كفلت النجاح الكبير للنظام الديمقراطي البرلماني في هذا البلد.
وهذا النجاح ادى الى اقتباس عدد كبير من الدول في أوربا وغيرها من القارات له وإتخاذه نظاماً للحكم فيها. ولقد نجح تطبيق النظام البرلماني في عدد من الدول، مثل (الهند) ولكنه لم يحقق الا الفشل في دول أخرى في حين أحدثت طائفة ثالثة من الدول العديد من التغييرات والتعديلات في هذا النظام مما أفقده الكثير من خصائصه التقليدية التي عرف بها في إنكلترا.
فقد عهدت بعض الدول الى البرلمان بمهمة إنتخاب رئيس الجمهورية، وقد أدى ذلك إلى إضعاف مركزه وتضاؤل مكانته التي يجب أن يحتلها كرئيس للدولة وحكم (محايد) بين السلطات عند نشوب الخلافات بينها ، وهذا ما حدث في فرنسا في ظل دستور الجمهورية الثالثة في الفترة من 1875 الى 1940وغيرها من البلدان فيما بعد.
كما ان تطبيق النظام البرلماني في كثير من الدول التي أخذته عن بريطانيا أدى الى ظهور عدد كبير من الاحزاب السياسية المتنافسة على السلطة (الحكم) مما نتج عنه صعوبة كبيرة في تأليف وزارات قوية تعتمد على أغلبية برلمانية واضحة ، كما نتج عن ذلك اضطرار هذه الدول الى تشكيل وزارت إئتلافية من عدة أحزاب متنافرة في أهدافها السياسية ومتعارضة في ايديولوجياتها وبرامجها الانتخابية. الأمر الذي جعل من هذه الوزارات ان تكون ضعيفة، ومفتقرة الى الانسجام والتوافق الايجابي بين أعضائها، ويصعب إقامة تعاون بينها وبين البرلمان.
وقد ادى التطبيق العملي للنظام البرلماني الى الاخلال بقاعدة التوازن والتعادل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في كثير من الاحيان.إذ أن هذا التوازن قد يتأرجح لصالح إحدى السلطتين على حساب الأخرى ، وقد ترجح كفة البرلمان على كفة الوزارة، نتيجة جريان العرف على عدم لجوء الحكومة الى إستخدام حق الحل (حل البرلمان) من ناحية، ولتعدد الاحزاب الذي أدى الى تكوين حكومات إئتلافية ضعيفة في كثير من الأوقات من ناحية أخرى ،وقد ترجح كفة السلطة التنفيذية على كفة البرلمان مثلما هو حادث في إنكلترا التي تسمي حكومتها في الوقت الحاضر بحكومة الوزارة ، ولكن، إذا كان الوضع السليم للنظام البرلماني، قيامه على أساس مبدأ الازدواجية في السلطة مع تحقيق التعاون والتوازن والانسجام بين سلطتي التشريع والتنفيذ، فان هذا الوضع لايتحقق الا إذا كان هناك تكافؤ بين السلطتين وهذا التكافؤ يتحقق عن طريق إستقلال رئيس الدولة وكيفية إنتخابه وحقه في تعيين الوزراء وعزلهم وحق حل البرلمان مع وجود أحزاب منظمة تعمل بموجب برامج وطنية واضحة بدلاً من أن تشكل فئات متنافرة ومتصارعة ومتنافرة همها تحقيق مارب خاصة سياسية، عرقية، طائفية وغيرها .
ويمكن القول، ان النظام البرلماني هو نتاج النظام الرأسمالي لذا، فقد اقترن ظهور البرلمان ومن ثم ظاهرة البرلمانية بظهور الرأسمالية، وحيث ان الرأسمالية ظهرت في اوربا، فقد ظهر النظام البرلماني فيها، فالرأسمالية تضمن الحرية الاقتصادية، التي لا تنفصل عن الحرية السياسية فهما وجها المذهب الليبرالي، وقد وجدت الليبرالية السياسية تعبيرها في النظام البرلماني.
وعليه، فليس من قبيل الصدفة، ان تكون عناصر النظام البرلماني قد وجدت اولاً في انكلترا اذ بدأت ثورتها الصناعية في عام 1720 ومن ثم في فرنسا وايطاليا والدول الاسكندنافية والمانيا.
فالنظام البرلماني، لايوجد الا في اطار ديمقراطي، وبالتالي فهو بحاجة الى موافقة الافراد عليه. وهذه الموافقة العامة يسهلها النجاح الاقتصادي للنظام البرلماني، فالرأي العام يتمسك بالنظام الذي يزيد من ثروته القومية وبالتالي من المستوى المعاشي للافراد. وبناء عليه، فان النظام البرلماني، هو نظام سياسي لشعوب بلغت مرحلة معينة من التطور الاجتماعي والاقتصادي،ومن ثم فان محاولة نقله الى بلدان اخرى يعد مخاطرة ، وان احتمال تشويهه او فشله او مسخه يكاد يكون اكيدا.
المحامية: ورود فخري
اترك تعليقاً