قواعد الاستحواذ الخليجية .. التخارج
د. ملحم بن حمد الملحم
إعادة نشر بواسطة محاماة نت
في آخر العام الماضي، وافق مجلس الوزراء السعودي على تطبيق قرار المجلس الأعلى لمجلس التعاون، الذي اعتمد فيه القواعد الموحدة للاستحواذ في الأسواق المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية. هذه القواعد هي قواعد استرشادية يظهر منها أنها تسعى للاستفادة من تجربة الاتحاد الأوروبي في قواعده الموحدة لتنظيم عروض الشراء في السوق المالية.
على الرغم من أن هذه القواعد الموحدة لمجموعة دول بحاجة إلى تعديل إلى كونها قواعد عامة تكون على شكل مبادئ مرنة، حيث تنص القاعدة الواحدة على مبدأ علوي مشترك ويترك التفصيل لكل دولة حسب سوقها، إلا أن هذه المقالة ستقتصر على مسألة واحدة تطرقت لها القواعد الموحدة وأرى أنه بالإمكان تنظيمها بأسلوب منطقي وأكثر فعالية. عندما تناقش هذه المقالة هذه المسألة، ستعكس اقتراحي فيما أرى إضافته إلى لائحة الاندماج والاستحواذ السعودية في الوقت نفسه.
وقبل البدء في موضوع هذه المقالة، أؤكد أن فعالية تطبيق القواعد الموحدة للاستحواذ (عروض الشراء) تعتمد بالدرجة الأولى على تواؤم جميع مواد النظام مع بعضها بعضا، إضافة إلى صياغتها بأسلوب مرن، حيث يحدد الهدف المراد تحقيقه، وفي الوقت نفسه يترك مجالا لكل دولة في أن تنظم تفاصيله حسب شكل ونظام وهدف كل دولة. نصت المادة الـ (26) من القواعد الموحدة على أنه: “إذا استحوذ مساهم منفردا أو من خلال الأشخاص الذين يتصرفون بالاتفاق على 90 في المائة أو أكثر من رأس المال وحقوق التصويت في الشركة المستحوذة المستهدفة بالعرض، جاز لأي من المساهمين الآخرين الحائزين 3 في المائة على الأقل من رأس المال أن يطلبوا من الجهة الرقابية خلال 12 شهرا التالية لاستحواذ الأغلبية على النسبة المشار إليها إخطار الأغلبية بتقديم عرض لشراء حصص الأقلية”.
هذا التوجه الذي نصت عليه المادة الـ (26) من القواعد الموحدة هو ما سلكته القواعد المنظمة لعروض الشراء في الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمكن تسميته بحق بيع الخروج أو التخارج Sell Out Right.
وحق بيع الخروج أو التخارج هو الحق الذي يعطي الأقلية في الشركة المستحوذ عليها أن يجبروا المستحوذ أن يشتري أسهمهم في حالة نجاح المستحوذ في شراء أسهم في الشركة المستحوذة بنسبة معينة حددتها القواعد الموحدة هنا بـ 90 في المائة متفقة في اختيارها مع النسبة التي حددتها القواعد الموحدة لعروض الشراء في الاتحاد الأوروبي. هذا الحق الذي رتبته المادة الـ (26) من القواعد الموحدة بهذه الصيغة يرد عليه أكثر من إشكال، ويمكن تلخيص أهم تلك الإشكالات في الأمور التالية:
1) غفلة القواعد عن الحق الآخر الذي لا يقل أهمية عن حق بيع الخروج أو التخارج الذي وضع لمصلحة الأقلية، وهو حق إخراج الأكثرية للأقلية من الشركة بعد نجاح الشركة المستحوذة في شراء نسبة معينة من الشركة المستحوذ عليها.
2) عدم ملاءمة النسبة المقررة لنشوء حق بيع الخروج أو التخارج.
3) استمرار الحق لمدة طويلة كمدة 12 شهرا التي نصت عليها المادة الـ (26) من القواعد الموحدة. هذه النقاط الأربع من المادة الـ (26) من القواعد للاستحواذ في الأسواق المالية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية .
بدأت المقالة في الحديث عن المادة (26) من القواعد الموحدة للاستحواذ في الأسواق المالية بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية التي نصت على أنه: “إذا استحوذ مساهم منفردا أو من خلال الأشخاص الذين يتصرفون بالاتفاق، على 90 في المائة أو أكثر من رأس المال وحقوق التصويت في الشركة المستحوذة المستهدفة بالعرض، جاز لأي من المساهمين الآخرين الحائزين 3 في المائة على الأقل من رأس المال أن يطلبوا من الجهة الرقابية خلال الـ 12 شهرا التالية لاستحواذ الأغلبية على النسبة المشار إليها إخطار الأغلبية بتقديم عرض لشراء حصص الأقلية”.
وحددت المقالة السابقة أربع نقاط ستناقشها هذه المقالة وهي:
1) غفلة القواعد عن الحق الآخر الذي لا يقل أهمية عن حق بيع الخروج أو التخارج الذي وضع لمصلحة الأقلية، وهو حق إخراج الأكثرية للأقلية Sqeeze Out Right من الشركة بعد نجاح الشركة المستحوذة في شراء نسبة معينة من الشركة المستحوذ عليها.
2) عدم منطقية أو ملاءمة النسبة المقررة لنشوء حق بيع الخروج أو التخارج.
3) استمرار الحق لمدة طويلة كمدة 12 شهرا التي نصت عليها المادة (26) من القواعد الموحدة.
4) تعليق مختصر حول تحديد نسبة نشوء الحق للأقلية في حق التخارج بنسبة 3 في المائة. أبدأ بأول تلك المسائل وهي حق إخراج الأكثرية للأقلية ويسمى بـ Sqeeze Out Right الذي يعتبر جوهريا ومهما ينبغي إدراجه في القواعد الموحدة ولائحة الاندماج والاستحواذ السعودية.
هذا الحق تكمن أهميته من عدة وجوه:
أهمها أن إدراج هذا الحق سيعوض نسبيا حالة الفراغ الذي تركه نظام الشركات السعودي الجديد عندما نظم عمليات الاندماج، بينما أغفل ما ينظم عمليات شراء الشركات الكلي (الاستحواذ الكامل) الذي يمكن شركة من شراء شركة أخرى بالكامل من خلال قرار جمعية عمومية.
هذا الحق سيحل أحد إشكالات الاستحواذ الكامل على شركات مدرجة لكنه سبقي (نسبيا) إشكالية عدم إمكانية الاستحواذ الكامل على شركة مساهمة غير مدرجة.
ثاني تلك المسائل هي أن النسبة التي قررت في المادة (26) من القواعد الموحدة هي 90 في المائة وهي الموافقة للنسبة التي حددتها قواعد عروض الشراء في الاتحاد الأوروبي مع سماح قواعد الاتحاد بزيادة تلك النسبة من قبل دول الأعضاء إلى 95 في المائة.
النسبة الأكثر منطقية، وهي النسبة التي ستكون متوافقة أكثر مع توجه النظام السعودي أن تكون نسبة حق إخراج الأكثرية للأقلية عندما يشتري المستحوذ ما نسبته 75 في المائة من الشركة المستحوذ عليها أو المقدم عليها العرض. السبب في اقتراح تلك النسبة أنه عندما يصل المستحوذ إلى نسبة 75 في المائة من أسهم الشركة المستحوذ عليها فإنه بذلك يكون قد أمن النسبة المطلوبة التي تمكنه من إقرار الاندماج وفقا لنظام الشركات السعودي الجديد.
فالأولى إعطاء المجال للمستحوذ في تقرير ما يراه أنسب له وللشركة ماليا واستراتيجيا.
ثالث مسائل هذه المقالة هي مدة حق بيع الخروج أو التخارج أو حق إخراج الأكثرية للأقلية ـــ في حالة إقراره ـــ في المادة (26) من القواعد الموحدة التي ينبغي تقصيرها من 12 شهرا إلى أقل من ذلك؛ فمثلا قواعد عروض الشراء في الاتحاد الأوروبي حددت سقفا للدول المشاركة بما لا يزيد على ثلاثة أشهر. آخر مسائل هذه المقالة، هي أن حق بيع الخروج أو التخارج ينشأ عندما يرغب 3 في المائة من الأقلية في استخدام الحق، ولا يظهر وجود سبب منطقي واضح لتحديد هذه النسبة، والأولى أن يكون حق بيع الخروج أو التخارج مكفولا لكل مالك لأسهم الأقلية بغض النظر عن حجم ملكيته.
اترك تعليقاً