مقال قانوني مفيد حول السند التنفيذي الأجنبي
أ/ مصطفي بيلساني
و تقتضينا دراسة السند التنفيذي الأجنبي و أصول تنفيذه في سورية بحث الأمور التالية:
المبدأ العام لتنفيذ السند التنفيذي الأجنبي في سورية :
الأصل ألا تكون الأسناد التنفيذية الأجنبية صالحة للتنفيذ الجبري في سورية إلا بمقتضى اتفاقية قضائية دولية تربط سورية بالدولة الأجنبية ووفق الأصول المنصوص عنها فيها كما هو الحال مع لبنان و الأردن
أما في حال عدم وجود مثل هذه الاتفاقية فلا تكون الأسناد التنفيذية صالحة للتنفيذ الجبري في سورية إلا إذا تحقق شرطان أساسيان :
الأول : شرط المعاملة بالمثل .
الثاني : أن يحكم القضاء السوري بصلاحية هذه الأسناد للتنفيذ الجبري وفق أصول معينة حددها القانون .
– وشرط المعاملة بالمثل يقضي بالرجوع إلى قانون البلد الأجنبي الذي صدر فيه السند التنفيذي في شان تنفيذ الإحكام الأجنبية فإذا كان هذا القانون يجيز تنفيذ السندات التنفيذية السورية فيه كان السند التنفيذي الأجنبي صالحا للتنفيذ في سورية ولا عبرة في موضوع التنفيذ للنواحي الشكلية المتعلقة بأصول التنفيذ إذا ما كانت مختلفة في البلدين كما لو كانت المحكمة المختصة لإكساء السند السوري صيغة التنفيذ في البلد الأجنبي هي محكمة الاستئناف وفي سورية المحكمة الابتدائية.
– والتحقق من شرط المعاملة بالمثل يجري في سورية من قبل المحكمة المختصة بإكساء السند الأجنبي صيغة التنفيذ ويمكن القول بان مجرد إكساء سند أجنبي صيغة التنفيذ يعني أن القانون السوري والأجنبي متفقان على أسس أصيلة واحدة في موضوع تنفيذ الأسناد الأجنبية في البلدين.
أصول تنفيذ السند التنفيذي الأجنبي:
تنص المادة /307/ من الأصول المدنية على مايلي :
( يطلب الحكم بالتنفيذ بدعوى ترفع أمام المحكمة البدائية التي يراد التنفيذ في دائرتها )
وهذا النص يعني أن المحكمة المختصة نوعيا في سورية لإكساء السند التنفيذي الأجنبي صيغة التنفيذ ومهما كان موضوع الحق الصادر به الحكم أو السند الأجنبي هي المحكمة البدائية
أما من ناحية الاختصاص المكاني فانه خلافا للقواعد العامة تكون المحكمة المختصة هي المحكمة البدائية الموجودة في منطقة دائرة التنفيذ التي يراد التنفيذ فيها
أي أن الأمر في تعيين هذه المحكمة متروك لطالب التنفيذ
كما يعني أن على طالب التنفيذ أن يتقدم إلى المحكمة البدائية بدعوى تخضع لجميع الأصول العادية.
ويترتب على طالب التنفيذ إبراز الحكم أو السند الأجنبي مصدقا عليه من المراجع المختصة كما يتوجب عليه في حالة الضرورة إثبات أن البلد الأجنبي يطبق قاعدة المعاملة بالمثل بالنسبة للسندات التنفيذية السورية .
شروط إكساء صيغة التنفيذ للأحكام والقرارات القضائية الأجنبية:
بالإضافة إلى شرط المعاملة بالمثل الأساسي تقضي المادة /308/من الأصول المدنية بعدم جواز إعطاء الأحكام والقرارات القضائية الأجنبية صيغة التنفيذ في سورية مالم تتحقق الشروط الأربعة التالية :
الشرط الأول :
أن يكون الحكم أو القرار الأجنبي صادر عن هيئة قضائية مختصة وفقا لقانون البلد الذي صدر فيه وانه حاز قوة القضية المقضية وفقا لذلك القانون :
وهذا الشرط بالحقيقة يتضمن شرطين :
صدور الحكم أو القرار الأجنبي عن هيئة قضائية مختصة واثبات ذلك يقع على عاتق طالب التنفيذ ولهذا فان المحكمة البدائية ترفض طلب إكساء الحكم أو القرار الأجنبي صيغة التنفيذ حتى ولو كان حاز قوة القضية المقضية في ذلك البلد فيما لو تبين لها أن الحكم صدر عن محكمة إدارية في مادة مدنية أو من محكمة مدنية في مادة إدارية
وحيازة هذا الحكم لقوة القضية المقضية وعلى هذا الأساس تكون الأحكام أو القرارات الأجنبية الصادرة في قضاء الأمور المستعجلة أو الأحكام العادية المشمولة بالنفاذ المعجل إذا كانت تقبل الطعن غير صالحة للتنفيذ في سورية 0
الشرط الثاني :
أن يكون الخصوم قد كلفوا للحضور ومثلوا تمثيلا صحيحاً:
وهذا الشرط يوجب على المحكمة البدائية التثبت من أن المبادئ الأساسية الواجب مراعاتها تحقيقا للعدالة قد روعيت عند إصدار الحكم أو القرار الأجنبي فالحكم الذي يصدر على شخص لم يكلف بالحضور أو لم يكن ممثلا قي الدعوى هو حكم يعتبر صادرا في غير خصومة وهو غير صالح لإكسائه صيغة التنفيذ
الشرط الثالث :
أن يكون الحكم لا يتعارض مع حكم أو قرار سبق صدوره عن المحاكم السورية:
وهذا الشرط لا يوجب أن تكون المحاكم السورية هي وحدها المختصة بالنزاع المحكوم به بل يكفي أن يكون الحكمان متعارضين ولو كان الاختصاص مشتركا في محاكم البلدين 0
و كثيراً ما يتعارض حكمان أحدهما أجنبي صالح للتنفيذ في سورية و ثانيهما سوري بين نفس الخصوم.
و مثال ذلك ما لو أصدرت المحكمة البدائية حكماً قضت به طلاق المدعي السوري من زوجته الفرنسية المدعى عليها و هي المحكمة المختصة بالنظر في عقد الزواج المدني الجاري بين الزوجين في فرنسا و صدر حكم آخر عن المحاكم الفرنسية بسبب انتقال الزوجة إلى فرنسا و رفعها دعوى على زوجها هناك يقضي بفرض النفقة على زوجها السوري المقيم في سورية , و في مثل هذه الحالة إذا تبين أن الحكم السوري صدر سابقاً لتاريخ صدور الحكم الفرنسي فلا يجوز إكساء الحكم الفرنسي صيغة التنفيذ و علة ذلك تعارض الحكمين و لأن الحكم الصادر في سورية هو المعمول به و هو الأولى بالاعتبار و التنفيذ في سورية .
الشرط الرابع :
أن يكون الحكم الأجنبي لا يتضمن ما يخالف الآداب أو قواعد النظام العام في سورية :
و هذا الشرط يترك للمحكمة البدائية تقدير ما إذا كان الحكم الأجنبي للآداب العامة في سورية و تدقيق عدم مخالفة قواعد النظام العام فيها لإكسائه أو رفض إكسائه صيغة التنفيذ .
و يكون الحكم الأجنبي مخالفاً للآداب العامة في سورية فيما لو قضى بتعويض للخليلة و يكون كذلك إذا تضمن إلزام المحكوم عليه بدين قمار أو بدين مخدرات لأن القانون المدني يجعل العقود التي محل التزامها مخالفاً لنظام العام باطلاً .
و على هذا إذا فصل الحكم الأجنبي في نزاع يخضع النظر فيه لاختصاص المحاكم السورية هو حكم غير صالح للتنفيذ في سورية و لو كان هذا الحكم الأجنبي قد صدر بحسب اختصاص البلد الأجنبي و قانونه لذلك فالحكم الأجنبي الصادر بشأن منقول أو عقار موجود في سورية هو حكم مخالف لقواعد النظام العام في سورية .
و بالتالي , فإننا لو نظرنا إلى هذه الشروط الأربعة نجد أنها شرح للشرط الثاني الذي تحدثنا عنه في فقرة المبدأ الأساسي لتنفيذ السند التنفيذي الأجنبي في سورية .
و تقضي المادة / 310 / من الأصول المدنية على أنه يجوز تنفيذ الأسناد الأجنبية في سورية و إكسائها صيغة التنفيذ بشرط أن تكون رسمية و محررة في البلد الأجنبي و قابلة للتنفيذ فيه بذات الأصول و الشروط المتعلقة بتنفيذ الأحكام و القرارات القضائية الأجنبية و هذا يعني أن الأسناد العادية الأجنبية غير قابلة لتنفيذ في سورية .
أما بالنسبة لجواز تنفيذ أحكام المحكمين الصادرة في بلد أجنبي و إكسائها صيغة التنفيذ في سورية فإنه يجوز ذلك بشرط أن تكون نهائية و قابلة للتنفيذ في البلد الذي صدرت فيه و بذات الأصول و الشروط المتعلقة بتنفيذ الأحكام و القرارات القضائية الأجنبية .
اترك تعليقاً