مقال هام حول خصائص القاعدة القانونية
أ* حنين نصار
القاعده القانونيه :-
هى قاعده عامه ومجرده تحكم اوجه النشاط فى المجتمع على وجه ملزم .
خـــصــائـــص الـــقــاعــــدة الــقـــانـــونــيــه :-
1- قاعده اجتماعيه .
2- قاعده عامه مجرده
3- قاعده ملزمه ( الاجبار )
وسوف نوالى شرح كل عنصر على حده :-
اولا :- القاعدة القانونيه قاعده اجتماعيه :-
هدف القانون هو تنظيم العلاقات الناشئه عن تعايش اكثر من شخص فى مجتمع على قدر من التنظيم . وفى سبيل تحقيق اهدافه يوجه القانون خطابه الى الاشخاص ( الطبيعيه والمعنويه ) بما يفيد اقتضاءه ان تسير تلك العلاقات فى حدود صوره معينه فان حدث عن تلك الصوره مخالفه للقانونيه يتعين على ذلك توقيع الجزاء .
فالقانون لا يقر العدوان مثلا وتحقيقا لهذا المبداء صاغ قواعد متعدده منها ( ان كل من ارتكب خطا ترتب عليه الاضرار بالغير التزم بتعويض هذا الغير عما لحقه من اضرار . كما انه كل من قتل نفسا عمدا مع سبق الاصرار والترصد يعاقب بالاعدام)
القاعده القانونيه قاعده تقويميه فهى تستهدف توجيه سلوك الافراد نحو انماط محدده فاذا تحقق التطابق بين السلوك ومضمون القاعده القانونيه تحققت غايه القانون واذا لم يتحقق التطابق ، تكفل الجزاء بزجر المخالف حتى لا يعود وردع غيره من اتيان ذات المخالفه .
ويترتب على التحديدات السابقه عده نتائج اهمها :-
1- ان قاعده القانون الوضعى تختلف عن قواعد العلوم كالطبيعه والكيمياء ففى هذه القوانين الاخيره تتضمن القواعد وصفا لحقيقه بين الظواهر مثل قوانين الغليان ورد الفعل . اما قواعد القانون الوضعى تضع تصورا لما يجب ان تكون عليه العلاقات الاجتماعيه فى اطار مثل عليا وقيم يسعى المجتمع الى تحقيقها .
2- ان القانون فى صياغته لقواعده واهدافه انما يتعامل مع الواقع الاجتماعى متمثلا فى عنصرين اساسين ( العنصر البشرى وعنصر الحقائق الماديه ، والاقتصاديه ، والاجتماعيه، والسياسيه )
لذلك اتجهت الدراسات الحديثه الى دراسه علم النفس ( خاصه فى مجال القانون الجنائى ) وعلم الاخلاق وعلم
السياسه والاقتصاد السياسى وعلم الاجتماع .
3- ان القواعد القانونيه لا تضم كافه قواعد السلوك الاجتماعى فالمجتمع لا يقتصر فى ضبطه وتنظيمه لسلوك افراده على القواعد القانونيه بل يعتمد على قواعد اخرى متعدده كقواعد الدين والاخلاق والمجاملات .
4- تتميز القاعده القانونيه كقاعده اجتماعيه بانها تهتم اساسا بالسلوك الخارجى للانسان اذ لا شان لها بالمشاعر والاحساسات الداخليه حيث لا سلطان للقانون على هذه المشاعر طلما انها لم تخرج الى العالم الخارجى .
ومفاده هذه القاعده ان القانون يحكم اصلا السلوك الظاهر للافراد غير ان القانون قد يعتمد فى بعض الحالات بما وراء هذا السلوك من تصورات او اراده داخليه .
ففى مجال القانون المدنى قد يتعرض العقد للابطال اذا وقع احد المتعاقدين فى غلط .
وفى مجال القانون الجنائى فنجد انه اذا ارتكبت جريمه كالقتل مثلا فان الامر يختلف باختلاف الحاله النفسيه للقاتل اى انه قد دبر جريمته وصمم عليها قبل ارتكابها ام انه قد ارتكب فعله عن طريق الخطاء . فكل هذا يخفف من قدر الجزاء .
ثانيا :- القاعده القانونيه قاعده عامه ومجرده :-
يقصد بها ان القاعده القانونيه توجه خطابها الى كافه الاشخاص الذين تتوافر فيهم شروط انطباقها فالقاعده القانونيه . فهى لا تخاطب فردا بعينه او مجموعه من الافراد المعينين بذواتهم فليس من المتصور عملا ان تواجه القاعده كل ما يحدث فى المستقبل من فروض وحالات فرديه بصفتها تلك لان مثل هذه المحاوله محكوم عليها بالفشل مقدما لذلك يتعين ان يتحدد مضمون القاعده القانونيه وفقا على أسس موضوعيه مجردة .
المقصود بالعموميه هو ان تطبق القاعده على كل شخص يوجد فى ذات الظروف التى تحكمها القاعده القانونيه وتتوافر فى شخصه شروط تطبيقها فمثلا يحدد القانون سن الرشد بواحد وعشرون عاماو مفاد هذه القاعده ان نافص الاهليه اذا أجرى بعض التصرفات التى تبلغ حدا من الخطوره كالبيع مثلا فان هذا التصرف قابل للابطال فى حين تقع ذات التصرفات صحيحه اذا اجرها الولى او الوصى لحساب ناقص الاهليه .
ونجد ان الدستور يقرر العموميه حيث انه يكون المواطنون سواسيه أمام القانون .
وتتحقق صفه العموميه بغير شك اذا انصرف خطاب القاعده الى كل من تتوافر فيهم شروط انطباقها من بين كافه المقيمين على ارض الدوله فمثلا قانون التجنيد يوجه خطابه الى كافه المواطنين الذين تتوافر فيهم الشروط الخاصه بالسن والجنس واللياقه البدنيه الوارده فيه .
كما تحقق صفه العموميه اذا انصرف خطاب القاعده القانونيه الى افراد طائفه محدده من بين طوائف المجتمع مثل ذلك القوانين المنظمه لمهنه المحاماه والتجاره حيث نجد ان صفه العموميه قائمه طالما ان خطاب القانون موجه الى من توافرت فيه شروط معينه او اوصاف محدده وليس موجها الى شخص بعينه او اشخاص محددين بذاتهم .
قد يحدث ان تطبق القاعده القانونيه على شخص واحد فى فتره زمنيه محدده ومع ذلك يبقى لها صفه العموميه ما دامت لم تقصد الشخص بذاته مثل القواعد الخاصه باختيار رئيس الجمهوريه أو تعين رئيس المحكمه العليا والاختصاصات التى يمارسها كل من يتولى مثل هذه الوظائف .
القاعدة القانونيه بعموميتها لا تنتهى بانطباقها على حاله الفردية أو اكثر بل تواصل مسيرتها لتنطبق على كل حاله توافرت فيها الشروط الوارده بها اما القرار الفردى يحقق هدفه ويستنفذ اثره بتطبيقه على الحاله الفرديه التى صدر فى شانها .
اتجاه النظم القانونيه المعاصره الى الحد من نطاق العموميه :-
يلاحظ انه يوجد اتجاهات متزايده نحو خلق قواعد قانونيه تستقل بحكم قطاعات معينه من الحياه الاجتماعيه والاقتصاديه .
ففى نطاق القانون الخاص والقانون المدنى ظهر بوضوح التطور نحو التخصيص فمن رحاب القانون الخاص خرجت قواعدالقانون التجارى لتصبح فراعا قانونيا مستقلا ومميزا لكثير المبادىء والنظريات الجديده ثم تفرعت عن القانون التجارى قوانين اخرى مستقله كالقانون التجاره البحريه وقانون الملاحه الجويه .
وفى اطار القانون المدنى استقلت القواعد الخاصه بعلاقات العمل وعلاقات الاسكان وعلاقات الاستغلال الزراعى …. الخ
ويضاف الى ذلك جمع من القواعد القانونيه التى تستقل بحكم بعض اوجه النشاط المهنى فى المجتمع مثل كقانون المحاماه والقوانين التى تحكم الانشطه المهنيه المتعدده .
السبب :- السبب فى التخصيص والتنوع فى القواعد القانونيه هو تطور المشكلات الاجتماعيه والاقتصاديه فى المجتمع الحديث مما يدفع الدوله الى التدخل باستمرار لترتيب الاوضاع الناشئه عنها بما يحقق العداله والاستقرار .
نجد ان تنوع القواعد القانونيه وتخصصها له مزايا وهى انه لا يؤدى الى اجحاف مصالح بعض الافراد .
وتنوع القاعده القانونيه له بعض العيوب يظهر فى حاله اذا تجاوز الحدود الضروريه اللازمه الى افتقاد روح احترام المبادىء العامه حيث تسعى كل فئه الى ان يكون لها قانون خاص بها والذى يخلق لها مركزا قانونيا متميزه من مراكز الاخرين بل قد يصل الامر الى حد منح ميزه معينه لشخص معين وليس لمجموعه من الأشخاص .
ثالثا :- القاعده القانونيه قاعده ملزمه ( عنصر الاجبار ) :-
القانون وسيله الانضباط فى تسيير الحياه الاجتماعيه فالانسان فى دائره النشاط المالى او فى وجوده فى نطاق نظم قانونيه تنظم علاقاته بافراد اسرته يجب ان يخضع عند مخالفته القواعد القانونيه لرادع محسوس يصيبه فى جسده او فى حريته او فى ماله . وهذا هو الهدف فى تحقيق الجزاء .
ونجد ان فكره الجزاء صاحبت فكره القانون منذ مولده فى صوره الاعراف السائده فى المجتمعات البدائيه والقبليه وقد تطور امره الى حد كبير من مفهومه البدائى حتى معناه الحديث .
ففى المجتمعات البدائيه والقبليه شاع نظام الاخذ بالثار والانتقام من المعتدى عن طريق ابن المعتدى عليه . اما فى جرائم الاعتداء على الاموال فقد عرفت المجتمعات القبيليه جزاءات متعدده ففى جرائم السرقه مثلا كان السارق يلتزم برد الشىء المسروق بالاضافه الى دفع مبلغ من المال اكبر من قيمه المال المسروق ذاته كنوع من الردع فى تطبيق الجزاء .
ومع اتجاه المجتمعات القديمه نحو قدر من التنظيم بدأت سلطاته الاجتماعيه تتدخل لفرض نظام للتحكيم بين الخصوم وفقا لاجراءات شكليه محدده ثم وصل الامر فى مرحله لاحقه الى حد منع نظام الثار ومنع صور القضاء الخاص ( الذى يعنى ان للفرد ان ياخذ حقه بوسائله الخاصه ) وبذلك وصل الامر الى ان اصبح القضاء عاما اى تشرف الدوله على تنظيمه وتطبيقه بوسائل قانونيه محدده .
ونجد ان النظم القانونيه الحديثه بعد اقرارها مبداء منع القضاء الخاص فقد استثنأ بعض الحقوق مثل الحق فى الدفاع الشرعى عن النفس والمال .
فخلاف ذلك اصبحت الدوله هى التى تتولى فى العصر الحديث اعمال عنصر الالزام فى القاعده القانونيه وهى تتولى ذلك باستخدام وسائل الاجبار التى ينظمها النظام القانونى .
فالدوله قد تتولى ممارسه سلطتها فى اجبار الافراد قد يكون حاله استثنائيه ( للمخالف ) او وتستخدم الاجبار بطريقه وقائيه اى قبل حدوث المخالفه فعلا ومن قبيل ذلك قيام اجهزه الامن بالسهر على حمايه الامن العام منعا لارتكاب الجرائم والمخالفات كذلك الحال حين تقوم تلك الاجهزه بمنع المظاهرات اوالاشراف على سيرها بقصد حمايه الارواح والاموال من عبث من يحاول الخروج على القانون .
اما اذا حدثت المخالفه فعلا فان الاجبار يتخذ صور اخرى متعدده يمكن ادرادها تحت ثلاث بنود هى :-
( بند التنفيذ اوالاجبار المباشر – بند التنفيذ البديل للتنفيذ المباشر اى الاجبار الغير مباشر – بند العقوبه )
سوف نوضحهم توضيحهم :-
1- الاجبار المباشر :-
الاجبار المباشر يحقق الهدف الذى يريده القانون عن طريق احداث تغيير قهرى فى معطيات الواقع والمخالف للقانون وفى حالات اخرى يكفى للوصول الى تلك النتيجه مجرد تقرير حكم القانون فى مساله معينه .
أ- توجيه احداث الواقع او مظاهر السلوك لتطابق حكم القانون :-
فالقانون يسبغ على العقود مثلا قوه ملزمه بين اطرافها فاذا التزم شخص بدفع مبلغ من المال قبل شخص اخر ثم حل اجل الوفاء فتخلف المدين عن اداء ما التزم به فان للدائن ان يحرك سلطه الاجبار المنوطه بالدوله عن طريق رفع دعوى الى القضاء يحصل فى نهايتها على حكم قضائى واجب النفاذ ثم يشرع المحكوم لصالحه فى تنفيذ الحكم جبرا على اموال المدين وذلك عن طرق الحجز على امواله ثم بيعها المزاد العلنى لكى يستوفى دينه من ثمنها . حيث ان كافه صور التنفيذ العينى تندرج تحت اسلوب الاجبار المباشر . غير ان التنفيذ العينى قد لا يكون ممكنا فى بعض الحالات الا اذا تدخل المدين شخصيا للوفاء بما يجب عليه ويرجع ذلك عادة الى طبيعة الالتزام ذاته كالتزام فنان موهوب بالغناء او برسم لوحه . حيث لا يتصور التنفيذ العينى الا اذا تدخل المدين طواعيه ولا سبيل الى اجباره فى ممارسه النشاط المطلوب منه الا عن طريق الغرامه التهديديه التى قد تفلح فى حمله على تنفيذ التزامه . فاذا لم تفلح الغرامه التهديديه فلا مناص من الالتجاء الى التنفيذ البديل عن طريق التعويض .
ب- الاكتفاء بتقرير حكم القانون :-
ويتمثل هذا الغرض بالجزاءات التى تستهدف ” احباط ” الاثر الذى قصد الافراد او الفرد الى تحقيقه خلافا لمقتضى القاعده القانونيه ومن قبيل ذلك الحكم بابطال التصرف القانونى الذى توسل به الافراد الى تحقيق الاثر المقصود فالقانون يتطلب لقيام العقود توافر مقومات او اركان معينه هى التراضى والمحل والسبب فاذا تخلف ركن من هذه الاركان كان العقد باطلا بطلان مطلقا اى لاوجود له من الناحيه القانونيه ويتحقق ذات الجزاء اذا كان السبب اوالمحل غير مشروع .
2- الاجبار غير المباشر ( التعويض )
قد يستحيل التنفيذ العينى بسبب خطاء من المدين وقد يتم فى وقت متاخر لذات السبب وفى هذه الحالات يقرر النظام القانونى التعويض سواء كبديل للتنفيذ العينى او الى جانبه فى حاله التاخير فى التنفيذ والاصل فى التعويض انه وسيله لجبر الضرر لحق بالدائن وبالتالى يتعين ان يغطى كافه الاضرار التى لحقت به ” ما لحق الدائن من خساره وما فاته من كسب “
3- العقوبه :-
هى جزاء يتجاوز مساله الضرر الذى لحق بالدائن ليحقق رادعا اضافيا عن مخالفه القاعده القانونيه والتطبيق الواضح لهذا النوع من الجزاءات فى القانون الجنائى حيث يتراوح الجزاء بين العقوبات الماليه ( الغرامه ، المصادره ) والعقوبه المقيده للحريه ( الحبس والسجن ) والعقوبات البدنيه ( الاعدام ) . وتستهدف العقوبه اساسا الردع نظرا لان ما ارتكبه الفاعل يعد اخلالا بامن المجتمع وسلامته ويمكن ان يحدث ان ارتكاب فعل واحد يترتب عليه جزاء جنائى وجزاء مدنى فى ذات الوقت فالضرب المفضى الى عاهه مستديمه مثلا يعد جريمه جنائيه مما يرتب الحكم على الفاعل بعقوبه مقيد للحريه وفى ذات الوقت يؤدى الى مسئوليه هذا الفاعل عن تعويض ما اصاب المجنى عليه من اضرار .
اترك تعليقاً