مقالة لاستاذ عادل الحياري بعنوان اختلاف الأعيان و النواب بشأن قانون المالكين و المستأجرين
أ.د.عادل الحياري
خالف مجلس الأعيان مجلس النواب بشأن المشروع المعدل لقانون المالكين والمستأجرين، واستند إلى حجة رئيسة، هي أن التعديل الذي أدخله النواب على المشروع يغاير القصد الذي وضع من أجله المشروع. فقد أبقى الأعيان على معيار أجر المثل، كما جاء بالمشروع، في حين أدخل النواب على المشروع تعديلاً، ألغى بموجبه أجر المثل، واستعاض عنه بزيادات سنوية، يحددها مجلس الوزراء، وهو ما يغاير قصد المشروع ومرماه – الرأي.
وقد ساق مجلس الأعيان، لتبرير منحاه، أن المجلس العالي لتفسير الدستور، بقراره الصادر سنة 1955، فسَّر مدلول التعديل المذكور في المادة 91 من الدستور، بالقول «إن التعديل ينحصر في حدود أحكام مشروع القانون، وفي نطاق أهدافه ومراميه، ولهذا فلا يجوز أن يتناول التعديل أحكاماً جديدة لا صلة لها بالنواحي والغايات التي وضع المشروع من أجلها».
وفي تقديرنا أن الصواب لم يحالف مجلس الأعيان فيما ذهب إليه، ليس لأننا نفضل الزيادات السنوية على أجر المثل، فقد يكون معيار أجر المثل، الأكثر تحقيقاً للعدالة، ولكننا هنا نناقش مدلول صلاحية التعديل التي جاءت في المادة 91 من الدستور.
والمسألة تدور حول تقدير ثمن المنفعة التي يستوجب على المستأجر دفعها للمالك، وهناك طرائق متعددة لحساب قيمة هذه المنفعة. فقد تعتمد الحكومة معيار أجر المثل، في حين يرى النواب أن الزيادات السنوية هي الأفضل في تحقيق العدالة.
وبالمحصلة فإن الاختلاف باعتماد طريقة من هذه الطرق، لا يعتبر خروجاً عن مدلول التعديل، ولا يعتبر الاختلاف إضافة لحكم جديد، لأن الأمر ما زال في نطاق البحث عن الطريقة المثلى في تقدير قيمة المنفعة.
وإذا لم يكن في مقدور النواب اختيار الطريقة المناسبة، حتى لو اختلفت عن طريقة الحكومة، فلا ندري بماذا تصرف كلمة التعديل على أرض الواقع. فالتضييق غير المبرر لصلاحية التعديل الممنوحة للنواب، قد يؤدي في بعض الأحيان، إلى مصادرة هذا الحق من الناحية العملية، وهو الأمر الذي يجعل مجلس النواب حبيساً في نطاق الدائرة التي ترغبها الحكومة، وليس ممثلاً ومحققاً لرغائب الناخبين.
وللتدليل على أن مجلس النواب ما زال في صلب الموضوع، ولم يضف حكماً جديداً، نعود إلى ذيل قرار التفسير الذي أشار إليه مجلس الأعيان، فقد أورد القرار مثلاً لتوضيح الحكم الجديد وقال: «نرى أنه إذا تقدمت الحكومة بمشروع قانون لتعديل حكم واحد من أحكام قانون ما، كتعديل المادة 19 من قانون تشكيل المحاكم الباحثة عن كيفية تشكيل المجلس القضائي مثلاً، فإن حق مجلس النواب، ينحصر في تعديل المشروع من هذه الناحية فقط، وليس له أن يُدخل تعديلاً على المواد الأخرى من القانون ذاته الباحثة عن انتداب القضاة وصلاحيات المحاكم، إذ أن مثل هذا الإجراء يخرج عن نطاق المشروع، ولا يُعدُّ تعديلاً بالمعنى المبحوث عنه».
وما من شك أن موضوع «تشكيل المجلس القضائي» يختلف قطعاً عن موضوع «انتداب القضاة»، والأمر ليس كذلك في مشروع المالكين والمستأجرين، لأن مناط النص هو ثمن المنفعة، والاختلاف حول طريقة تقدير قيمة هذه المنفعة.
وعليه نقول أن ما أدخله مجلس النواب على مشروع القانون، لا يتضمن حكماً جديداً، ولا يعتبر منافياً لمدلول صلاحية التعديل الممنوحة إليه بموجب المادة 91 من الدستور.
اترك تعليقاً