ما هو الامتداد القانوني لعقد الإيجار ؟
القاضي وليد كناكرية
عقد الإيجار هو من عقود المنفعة تحكمه القواعد العامة للعقود بشكل عام إضافةً للقواعد الخاصة بعقد الإيجار المنصوص عليها في القانون المدني .
والعقد بشكل عام هو ارتباط الإيجاب الصادر عن أحد المتعاقدين بقبول الآخر وتوافقهما على وجه يثبت أثره في المعقود عليه ويترتب عليه التزام كل منهما بما وجب عليه للآخر 1 .
والتأجير هو تمليك المؤجر للمستأجر منفعة موجودة من الشيء المؤجر لمدة معينة لقاء عوض معلوم 2. أما المعقود عليه في الإجارة هو المنفعة ويتحقق تسليمها بتسليم محلها 3.
ويتبين من تعريف عقد الإيجار ان أركان الإيجار هي: العين المؤجرة ،الاجرة ،المدة .
ويلاحظ ان الركنين الأخيرين متقابلان ويترتب على ذلك ان الإيجار عقد مستمر ، والاجرة فيه تقابل مدة الانتفاع وعقد الإيجار من العقود الزمنية لان الزمن عنصر جوهري فيه فيكون هو المقياس الذي يقدر به محل العقد ، فهو يرد على المنفعة ، والزمن هو الذي يحدد مقدار هذه المنفعة0
لهذا فان تحديد مدة عقد الإيجار ركن من أركان العقد ، حيث نصت المادة 658 من القانون المدني على أن ” عقد التأجير يتم لمدة معينة ” كذلك فقد أوجبت تلك النصوص على أنه يجب أن تكون مدة الإجارة معلومة ولا يجوز أن تتجاوز ثلاثين عاماً فإذا عقدت لمدة أطول ردت إلى ثلاثين عاماً 5.
وإذا لم تحدد مدة بعقد الإيجار وقد جرى العقد بأجرة معينة لكل وحدة زمنية انعقد لازماً على وحدة زمنية واحدة ولكل من الطرفين فسخه في نهايتها ، وكلما دخلت وحدة أخرى والطرفان ساكتان تجدد العقد لازماً عليها 6 وينتهي عقد الإيجار بانتهاء المدة المحددة في العقد ما لم يشترط تجديده تلقائياً 7.
وعند انقضاء مدة عقد الإيجار ولم يتم تجديده يتعين على المستأجر رد المأجور إلى المؤجر بالحالة التي تسلمه بها 8.
أما إذا أبقاه تحت يده دون حق كان ملزماً بأن يدفع للمؤجر أجر المثل مع ضمان الضرر 9.
وكذلك إذا استعمل المستأجر المأجور بدون حق بعد انقضاء مدة الإيجار يلزمه أجر المثل عن مدة الاستعمال ويضمن للمؤجر فوق ذلك ما يطرأ على المأجور من ضرر 10.
أما إذا انتهى عقد الإيجار وبقي المستأجر منتفعاً بالمأجور برضى المؤجر الصريح أو الضمني اعتبر العقد مجدداً بشروطه الأولى
11.مما تقدم يتضح بأن الأصل ” العقد شريعة المتعاقدين ” وان عقد الإيجار هو تمليك منفعة لمدة معينة لقاء عوض معلوم مما يقتضي معه إنهاء العقد عند انتهاء مدته
إلا أن المشرع الأردني وفي عام 1953 تدخل لحماية المستأجر ووضع نصوصاً في قانون المالكين والمستأجرين لعام 1953 تضمن خروجاً على القواعد العامة للعقود ، حيث أعطى المستأجر الحق في الاستمرار في إشغال المأجور بعد انتهاء مدة إجارته العقدية بالرغم من كل اتفاق مخالف 12 حيث نصت المادة الخامسة منه على أنه إذا استمر المستأجر في إشغال العقار بموجب ذلك القانون بعد انتهاء مدة إجارته فإن أحكام العقد وشروطه تبقى سارية على المالك والمستأجر وذلك بالقدر الذي يمكن تطبيق تلك الأحكام والشروط عليها وهو ما يسمى بالامتداد القانوني لعقد الإيجار ، إذ أن العقد يستمر والإيجار يمتد امتداداً قانونياً بحكم القانون وبالشروط السابقة إذا لم يتوافر سبب من أسباب إخلاء المأجور 13 .
ووفق تلك المادة فإن للمستأجر الحق في الاستمرار في إشغال المأجور حتى ولو وجد نص في عقد الإيجار يقضي بتحديد مدة عقد الإيجار ، إذ أن القانون أقوى من العقد .
ولا شك أن تدخل المشرع في تلك الأثناء و إعطاء الحماية للمستأجر هو أمر اقتضته الأحوال الاجتماعية والاقتصادية التي تعرضت لها المملكة في تلك الأثناء والتي جعلت المشرع يتدخل لحماية المستأجر 14 بهدف تأمين استقراره في العقار الذي يشغله 15 .
الا اننا نجد ان تدخل المشرع هذا قد أمن استقرار المستأجر بإبقائه في المأجور خلافاً للقواعد العامة رغم إرادة المؤجر وإعطاءه مثل هذا الحق بنفس الأجرة المتفق عليها عند إبرام العقد .
لكن في في عام 2000 و بموجب القانون رقم 30 لسنة 2000 المعدل لقانون المالكين والمستأجرين رقم 16 لسنة 1994 عاد المشرع وألغى تدخله في إرادة المتعاقدين بالنسبة للعقود التي تبرم بعد سريان التعديل الجديد حيث أخضعها للأحكام العامة للعقود بشكل عام وعقد الإيجار بشكل خاص 0
حيث نصت المادة الخامسة منه على ان تلك العقود تحكمها شروط العقد المتفق عليه سواء أكان العقار مخصصاً للسكن أو لغيره وينقضي عقد الإيجار بانتهاء المدة المتفق عليها ، وبناء على هذا التعديل لم تعد هناك مشكلة في كافة العقود التي نشأت او ستنشأ بعد تطبيق قانون عام 2000, لأن المواطنين أصبحوا يدركون إيجابيات وسلبيات طول أو قصر المدة التي يتفقون عليها الامر الذي يعني ان الخلافات المستقبلية لهذه العقود قد حسمت 0.
إلا أن ذلك القانون قد أبقى الحماية قائمة على العقود القديمة التي أبرمت قبل 31/8/2000 وهو تاريخ سريان تعديل قانون المالكين والمستأجرين 18 بحيث يستمر المستأجر في إشغال المأجور حتى 31/12/2010على ان تنتهي تلك العقود في التاريخ المشار اليه0
وبموجب التعديل الأخير للقانون فأنه يترتب على انتهاء مدة عقد الإيجار التزام المستأجر برد المأجور للمؤجر سنداً للمادة 658 مدني ، بحيث يجب رد العين المؤجرة بانتهاء العقد ايا كان سبب انتهائه فيستوي أن يكون الانتهاء بانتهاء المدة المتفق عليها للعقود التي أبرمت بعد سريان التعديل الأخير أو انتهاء المدة المحددة بنص القانون وهي لغاية 31/12/2010 أو انتهاء العقد قبل انقضاء مدته سواء بفسخه لعدم وفاء احد الطرفين بالتزامه أو لأي سبب أخر 0
إلا ان إنهاء العقود القديمة جميعها مرة واحدة وبيوم واحد بالشكل المنصوص عليه في المادة الخامسة من القانون الحالي سوف يحدث بلا شك انعكاسات اقتصادية وإبعاد اجتماعية نتيجة المنازعات التي ستحدث بين طرفي العقد ، إذ ان تلك العقود تتعلق إما بمحل عمل المستأجر أو محل سكناه وكلاهما من الأمور التي لا يستغني
اترك تعليقاً