حماية الحقوق العمالية قضائيا
القاضي الدكتور محمد الطراونة
تمهيد:-
لقد اكدت كافة المواثيق الدولية لحقوق الانسان حق الانسان فى العمل، باعتباره من الحقوق الاصيلة والثابته والوثيقة الصلة بالحق فى الحياه والتنمية، واحد اهم روافدها ، كون هذا الحق يساهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية ،كما يساهم في بناء الشخصية الانسانية ، واعلاء ذاتية الفرد،وينعكس بالنتيجة على تقدم الجماعة واشباع احتياجاتها،ولاهمية هذا الحق فقد تطرقت له العديد من المواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الانسان بشكل عام والحقوق العمالية بشكل خاص.
وتكررت تلك الاهمية على الصعيد الاقليمي ،وحسبنا ان نذكر فى هذا الصدد ماورد فى دستور منظمة العمل العربية الذي ورد فيه(…العمل ليس سلعة وان من حقوق القوي العاملة فى الوطن العربي ان تعمل فى ظروف وشروط ملائمة تتفق مع كرامة الوطن العربي… وان لكل مواطن قادر الحق فى العمل المنتج الذي يمكنه من كسب عيشه وان يحيا حياه كريمة وعلى الدولة تهيئة فرص العمل عن طريق توجيه خطط التنمية نحو تحقيق ذلك الهدف بحيث تكون زيادة الانتاج مقترنه بزيادة فرص العمل بالقدر الذي يكفل حق العمل لجميع المواطنين …)
وعلى الصعيد الوطني لم يشذ – الاردن – عن هذه القاعدة من حيث النص على الحقوق العمالية فى صلب الدستور واقرار العديد من القوانين العصرية والمصادقة على العديد من الاتفاقيات والمواثيق التي تكفل حقوق العامل .
وقد تمت ترجمة ذلك عمليا فى الاردن من خلال عدة اليات ووسائل ولعل من اهمها الاليات والوسائل القضائية الهادفة الى حماية حقوق العمال .
ولكون القضاء هو الحارس الطبيعي للحقوق والحريات ومنها حق الفرد فى العمل فقد كان للقضاء الاردني دور هام فى هذا المجال هذا الدور الذي يمكن ايجازه بمايلي:-
1- يكفل القضاء للافراد الحق فى التقاضي بشكل عام الامر الذي ينسحب على الحقوق العمالية.
2- ان القضاء هو السبيل الوحيد لتحقيق مبدا سيادة القانون من اجل ضمان ممارسة الحقوق والحريات الاساسية فى العمل وذلك من خلال سلامة تطبيق النصوص المتعلقة بالحقوق الاساسية فى العمل.
3- تقبل المحاكم الدعاوي والمطالبات العمالية مجانا وبدون دفع اية رسوم ويشمل ذلك كافة مراحل الدعوي العمالية بما فى ذلك تنفيذ الحكم.
4- تخصيص هيئات قضائية للنظر فى القضايا العمالية لغايات ضمان سرعة الفصل فيها وخصوصا فى المحاكم التي تقع ضمن دائرة المدن الكبري.
5- صدور العديد من الاجتهادات القضائية لمحكمة التمييز الموقرة التى كرست من خلالها الحق فى العمل كحق اصيل ثابت.
6- صدور العديد من القرارات عن المحكمة العمالية بما يضمن حقوق كافة الاطراف .
7- اعطاء النزاع العمالي الذي يحال الى المحكمة العمالية صفة الاستعجال بحيث يتم مباشرة النظر فى النزاع خلال مدة لاتزيد على سبعة ايام على ان يصدر القرار خلال ثلاثين يوما.
8- استقرار الاجتهاد القضائي على بطلان اي شرط فى عقد او اتفاق يتنازل العامل بموجبه عن اي حق من الحقوق التي يمنحها له القانون وذلك رعاية للعامل كونه الطرف الاضعف فى العلاقة التعاقدية.
9- استقرار الاجتهاد القضائي على بطلان الاقرار الذي يصدر من العامل اثناء فترة عمله .
10- اعتبار الحقوق العمالية دين بذمة صاحب العمل عند انتهاء عقد العمل والحكم للعامل بالفائدة القانونية من تاريخ المطالبة اذا لم يقم صاحب العمل بدفع الحقوق عند المطالبة بها.
11- الحفاظ على حقوق العامل الاجنبي فى حال عدم حصوله على تصريح عمل ، من حيث استقرار الاجتهاد القضائي على ان عدم الحصول على تصريح عمل لا
12- استقرار الاجتهاد القضائي على ان عبء اثبات الوفاء بالحقوق العمالية يقع على عاتق رب العملز
13- وضمانا لحقوق العمال فقد اوضحت المحاكم ومن خلال العديد من الاجتهادات مفهوم اعادة الهيكلة فى اية مؤسسة ووجوب اشعار وزارة العمل بذلك
14- وفى مرحلة التنفيذ القضائي تعطي الحقوق العمالية الاولوية على الحقوق الاخري كونها تتمتع بحق امتيازعام.
15- بالاضافة لما تقدم ذكرة فقد صدرت بعض الاحكام القضائية بالزام صاحب العمل باعادة العامل الى عمله بعد ان ثبت ان فصل العامل من عمله كان فصلا تعسفيا.
وبالمحصلة ربما لا يتسع المجال لذكر كل ما يقوم به القضاء من اجل حماية الحقوق العمالية وحسبنا ان نذكر هنا صدور العديد من الاحكام القضائية عن المحاكم الارنية فى كافة درجاتها الى يضمن حق العامل فى الاجازات ومكافأة نهاية الخدمة وبدل العمل الاضافي وبدل التعويض عن الفصل التعسفي .
وهذا بمثابة تجسيد حقيقي لدور القضاء فى حماية حقوق الانسان وحرياته الاساسية بشكل عام وحقه فى العمل بشكل خاص لان اية دولة ترعي الحقوق العمالية هى دولة الرفاه الاحتماعي ، سيما اذا ادركنا ان الحق فى العمل هو ركيزة اساسية للحقوق الاقتصادية والاحتماعية الواردة فى العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية و الثقافية المصادق عليه من قبل الحكومة الارنية ، هذه المصادقة التى تفرض على الدولة التزام برعاية الحقوق العمالية وحمايتها
مع الاحترام
اترك تعليقاً