مقال قانوني مفيد حول القانون المغربي للتبادل الإلكتروني
بقلم الدكتور مصطفى مالك
أستاذ بكلية الحقوق مراكش
لقد تمخض عن التطور المتنامي للمبادلات أن ظهرت بدائل جديدة للتواصل التقليدي، تمثلت في وسائل وآليات إلكترونية قادرة على تنظيم مختلف جوانب التجارة الإلكترونية التي يشهدها العالم اليوم بخطوات رهيبة متسارعة، فلا ينبغي، والحالة هذه، أن تبقى المجتمعات المدنية بمنآى عن مسايرة التطور الرقمي، حبيسة قواعدها التقليدية، التي صارت الآن عاجزة عن ضبط وتنظيم الأساليب الحديثة لهذا النوع من التجارة، وهو الوضع الذي حتّم على مختلف الدول التدخل لخلق تشريعات تكون جديرة بتنظيم وضبط المعاملات والتجارة الإلكترونية مواكبة منها لهذه الثورة الرقمية والتفاعل معها.
وفعلا تدخل المشرع المغربي، في الآونة الأخيرة، مستجيبا لمتطلبات التطور، فأصدر تشريعا نظّم، بمقتضاه، التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية بموجب القانون رقم 05-53، الذي شمل عدة موضوعات تخص التجارة الإلكترونية، وهي المعادلة، من حيث الإثبات، بين الوثائق المحمولة على دعامة ورقية والوثائق المحمولة على دعامة إلكترونية، وكيفية إبرام العقود الإلكترونية، وتشفير البيانات، والتوقيع الإلكتروني، والمصادقة الإلكترونية وغيرها.
وإسهاما منّا في تقريب هذا القانون إلى المهتمين بالشأن القانوني، نعمل في محور أول على اختصار مضامينه القانونية، بينما نخصّص المحور الثاني لإبداء بعض الملاحظات الشكلية والموضوعية على هذه المضامين القانونية.
المحورالأول:
مضامين قانون رقم05-53
1 – يتضمن قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية 43 مادة، قُسّمت إلى باب تمهيدي وقسمين:
الباب التمهيدي
حدّد الباب التمهيدي من القانون المذكور نطاق تطبيقه كما ما يلي:
– المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية؛
– المعادلة بين الوثائق المحررة على الورق والوثائق المحررة على دعامة إلكترونية؛
– التوقيع الإلكتروني والتشفير؛
– العمليات التي ينجزها مقدمو خدمات المصادقة الإلكترونية والالتزامات الواجب عليهم التقيد بها؛
– التزامات الشخص الحاصل على الشهادة الإلكترونية.
القسم الأول:
مقتضيات موضوعية
شمل هذا القسم موادّ قانونية متمّمة وأخرى معدّلة.
أما الأولى فقد أضيفت بموجبها مقتضيات جديدة متممة لبعض فصول الكتاب الأول من قانون الالتزامات والعقود، تتمثل في خصوصيات تتصل بمراحل تكوين العقد الإلكتروني. وأما الأخرى فقد غُيّرت بمقتضاها أحكام الفصول 415 و 425 و 426 و440 و443 من نفس القانون. وتتعلق بإثبات هذا العقد.
أمّا المقتضيات المتمّمة فقد شملت:
أولا: إمكانية إعداد وحفظ المحررات والبيانات(1) بشكل الكتروني، عندما تكون هذه مطلوبة لانعقاد التصرفات القانونية، بشرط أن لا يتعلق الأمر بوثائق تتصل بأحكام الأسرة، أو بمحررات عرفية(2) تتعلق بالضمانات العينية والشخصية المدنية والتجارية ما لم تكن منجزة من شخص لأغراض مهنته (الفصل 1-2 ق.ل.ع مضاف بموجب قانون رقم 05-53).
ثانيا: تنظيم العقد المبرم بشكل الكتروني أو الموجه بطريقة إلكترونية(3) من حيث إبراز بعض خصوصياته المتمثلة في نظامي العرض والقبول.
أما بخصوص العرض، أو الإيجاب الإلكتروني، فقد أقر القانون إمكانية استعمال الوسائل الإلكترونية(4) لوضع عروض أو معلومات تتعلق بسلع أو خدمات(5) رهن إشارة العموم بهدف إبرام العقود، وكذا إمكانية استخدام البريد الإلكتروني أو الاستمارة لتوجيه معلومات تطلب إلى المهنيين بقصد التعاقد (الفصل 3-65 ق.ل.ع مضاف بموجب نفس القانون).
ولقد استحدث القانون للعرض أيضا بعض الخصوصيات تمثلت من حيث مضمونه ومن حيث مدة صلاحيته، فمن حيث المضمون، لزم أن يشمل العرض، لكي يكون ملزما، وحتى لا يكون مجرد إشهار، بيانات تتمثل في تحديد الخصائص الأساسية لمحل التعاقد أي السلعة أو الخدمة أو الأصل التجاري أو أحد عناصره، وشروط البيع، ومراحل إبرام العقد بطريقة إلكترونية، ولغات إبرامه، وطريقة حفظه ووسائل كشف الأخطاء وقواعد الضمان. ومن حيث مدة الصلاحية، فإنها لا تخلو من فرضين: فرض يكون فيه العرض محدد المدة يلزم صاحبه خلال مدته، وفرض يكون فيه غير محدد المدة، إما لعدم تحديدها أصلا، أو لانصرامها بعد تحديدها، وهذا يلزم صاحبه طالما بقي الولوج إليه ممكنا بفعل صاحبه، وإلا لا يلزمه (الفصل 4-65 ق.ل.ع مضاف بنفس القانون)؛ لأن العرض قد يستمر الولوج إليه متيسرا كما لو بقي مخزّنا على ذاكرة بعض محركات البحث رغم سحبه من لدن صاحبه.
وأما القبول فتجسدت خصوصياته في شكله وفاعليته، فمن حيث شكله، فإن القبول، على خلاف مثيله في العقود التقليدية، لا يكون نهائيا إلا إذا استوفى مرحلتين؛ مرحلة أولى يصدر فيها الزبون إذنه بالتعاقد، ومرحلة ثانية يؤكد فيها هذا الأخير الإذن الصادر عنه بعد أن يكون قد تحقق من أمور ثلاثة: من تفاصيل إذنه، ومن السعر الإجمالي، ومن الأخطاء المحتملة. أما فاعلية القبول فتظهر في الأثر الذي يترتب عنه إذا ما تم على النحو السابق، والأثر هذا هو إبرام العقد، الذي لم يفصل المشرع، صراحة، بشأن زمانه ومكانه سوى أنه ذكر بعض القواعد، التي يجب التقيّد بها بعد صدور القبول النهائي، وهي إلزام صاحب العرض بالتوجيه الفوري للإشعار بتسلم القبول إلى المرسل إليه، الذي بعد تسلمه له يصير ملزما به بشكل لا رجعة فيه، على أنه ينبغي التنبيه إلى أن زمن التوصل برسالة القبول أو رسالة الإشعار يتحقق حينما يكون بإمكان الأطراف المرسل إليهم الولوج إليها (الفصل 5-65 ق.ل.ع مضاف). ولكن ينبغي فهم عبارة إمكانية الولوج بزمن دخول الرسالة نظام المعلومات للمرسل إليهم، وليس بتحقق الولوج فعلا بتحميل الرسالة وقراءتها، فهناك فرق بين إمكانية الولوج والولوج الفعلي.
ثالثا: تنظيم الإثبات في المحررات الإلكترونية، وذلك بوضع مبدأ المعادلة، من حيث القوة الثبوتية، بين الوثائق الورقية والوثائق الإلكترونية مهما كانت دعامتها أو طريقة إرسالها، إذا استجمعت هذه الوثائق الأخيرة، أو نسخها، شروطا تتمثل في إمكان التعرف القانوني على صاحبها، وفي إعدادها وحفظها بالشكل الذي يضمن تماميتها، ويبعدها عن كل تحريف أو تزوير (1-417 ق.ل.ع مضاف). وإذا كان التوقيع، الذي يفيد في تحديد هوية الموقِّع وقبوله للالتزامات الموقَّع عليها، لازما لصحة الوثيقة العادية، فكذلك يلزم التوقيع الإلكتروني لإتمام الوثيقة الإلكترونية (الفصل 2-417 ق.ل.ع مضاف)، التي تصير به وثيقة عرفية. وإذا كانت الوثيقة الإلكترونية مختومة زمنيا ومذيلة بتوقيع الكتروني مؤمن، تكون فيه هوية الموقع مؤكدة وتماميتة الوثيقة مضمونة، صار لها نفس قوة الإثبات التي للوثيقة المصادق على صحة توقيعها والمذيلة بتاريخ ثابت. ولا تكتسب الوثيقة الإلكترونية الموقعة الكترونيا الصفة الرسمية إلا بوضع التوقيع المذكور عليها أمام موظف عمومي له صلاحية التوثيق (3-417 ق.ل.ع مضاف).
وأما المقتضيات المعدّلة فقد تضمنت التوسيع من المدى الدلالي للدليل الكتابي، بحيث صار يشمل، فضلا عن الثابت قانونا، أية إشارات أو رموز ذات دلالة واضحة، كيفما كانت دعامتها وطريقة إرسالها. وإذا تعدد الدليل الكتابي، وسكت النص أو الاتفاق بشأن حسم النزاع المحتمل بين الأدلة الكتابية، سواء كانت من طبيعة ورقية أو من طبيعة إلكترونية، أو من طبيعة مختلفة، فإن المحكمة تتدخل لتفصل في منازعات الدليل المذكور بشتى الوسائل، وبصرف النظر عن الدعامة المستعمل(6)(417 ق.ل.ع المعدّل). وإذا كانت هذه الدعامة دعامة إلكترونية(7)، جاز قبول الوثيقة المحمولة بها للإثبات، وكذا نُسخها، طالما تحقق فيها شرط الولوج إلى أصولها فضلا عن شروط هذه الأصول المذكورة أعلاه (426 ق.ل.ع المعدّل)، كما يمكن أن تكون هذه الوثيقة حجة على تاريخها في مواجهة الغير إذا كان التاريخ ناتجا عن توقيع الكتروني مؤمن، يعرّف بالموقّع الذي وضعه وفقا للقانون وبالوثيقة الموقّع عليها (425 ق.ل.ع المعدّل). كما أنها تصلح، كأية حجة عرفية أو رسمية، دليلا يشترط لإثبات الاتفاقات والأعمال القانونية التي يتجــــــاوز مبلغها أو قيمتها 10.000 (الفصل 443 ق.ل.ع المعدّل)، خلافا لما كان معمولا به سابقا بمقتضى الفصل 443 ق.ل.ع، حيث كــــــــان المبلغ المشترط هو 250 دهـ.
القسم الثاني:
مقتضيات تقنية
شمل القسم الثاني من قانون التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية مقتضيات خاصة، ضُمّنت بثلاثة أبواب، خُصّص الأول للتوقيع الإلكتروني المؤمن والتشفير، وتناول الثاني المصادقة على التوقيع الإلكتروني، بينما نظم الثالث العقوبات والتدابير الوقائية ومعاينة المخالفات.
الباب الأول:
التوقيع الإلكتروني المؤمن والتشفير
(المواد من6 إلى11)
لم يعرف القانون المذكور التوقيع الإلكتروني(8)، وإنما ذكر شروط التوقيع الإلكتروني المؤمن، وتعريف الموقّع وآلية التوقيع وشهادة مطابقتها، والشهادة الإلكترونية.
أما الشروط الواجب توافرها في التوقيع الإلكتروني حتى يكتسي وصف المؤمن، فهي أن يختص به الموقّع، وأن يتم إحداثه بوسائل يحتفظ بها الموقّع تحت مراقبته الحصرية، وأن يضمن ارتباط التوقيع بالوثيقة بما يكشف التغييرات المدخلة عليها، وأن يتم وضع التوقيع بواسطة آلية لإحداث التواقيع الإلكترونية تثبت صلاحيتها بشهادة تدعى شهادة المطابقة.
وأما الموقِّع فهو كل شخص توفر فيه شرطان: شرط شخصي يتمثل في كونه إما شخصا طبيعيا يعمل لحسابه الخاص، أو شخصا طبيعيا يعمل لمصلحة شخص طبيعي أو لمصلحة شخص معنوي يمثله، وشرط وظيفي يتعلق بضرورة استعماله لآلية إحداث التوقيع الإلكتروني، التي تكون في شكل معدات أو برمجيات أو هما معا تهدف إلى إعمال وتوظيف معطيات إحداث التوقيع الإلكتروني (مفتاح الشفرة الخاص مثلا)، والتي تثبت صلاحيتها بشهادة المطابقة المسلمة من لدن السلطة الوطنية إذا استجمعت شرطين : أولهما أن تضمن هذه الآلية، تقنيا وإجرائيا،كون معطيات إنشاء التوقيع سرية لا يتم إعدادها سوى مرة واحدة، وأن لا يتم إدراكها عن طريق الاستنباط، وأن يكون التوقيع محميا من التزوير، وأن لا يتأتى استعمالها من قبل الغير، أما الشرط الثاني فيتمثل في أن تضمن هذه الآلية أمرين: الحيلولة دون تغيير أو تبديل مضمون الوثيقة المراد التوقيع عليها، وتمكين الموقّع من الإلمام التام للوثيقة قبل توقيعها.
ولا ينبغي الخلط بين شهادة المطابقة، التي تخص آلية إنشاء التوقيع، والشهادة الإلكترونية، التي تهدف إلى إثبات العلاقة بين معطيات التوقيع والموقّع، وهذه الشهادة الأخيرة هي سند يتم إعداده بشكل الكتروني، وهي إما مؤمنة تستوجب شروطا، وإما بسيطة إذا عدمت هذه الشروط. وتكون مؤمنة بشرطين، بشرط أن يقوم بتسليمها أحد مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المعتمدين من قبل السلطة الوطنية، وبشرط اشتمالها على بيانات مختلفة تتعلق بالموقّع صاحب الشهادة (الاسم والاسم المستعار عند وجوده، والصفة بحسب الاستعمال الذي خصّصت له الشهادة)، وبمُصدرها أي مقدم الخدمة (الهوية واسم الدولة التي يوجد بها مقره)، وبالشهادة نفسها (الإشارة إلى تسليمها بوصفها شهادة إلكترونية مؤمنة، تحديد بداية ونهاية صلاحيتها، رقمها السري، وشروط استخدامها عند الاقتضاء وعلى الخصوص المبلغ الأقصى للمعاملات التي تستخدم فيها الشهادة) وبالتوقيع الإلكتروني سواء للموقّع (معطيات التحقق من كونه مؤمنا)، أو لمقدم الخدمة (التوقيع الإلكتروني المؤمن).
أما بخصوص التشفير، فإن القانون المذكور، وقد سكت عن تعريف لهذا النظام(9)، اكتفى بتعريف وسيلة وخدمة التشفير، وبيان الغرض من هذه الوسيلة، وتحديد الشروط التي تخضع لها عمليات استيرادها أو تصديرها أو توريدها أو استغلالها أو استخدامها أو تقديم خدمات بشأنها.
وقبل عرض هذه النقط، لابأس أن نقول إن التشفير عملية يتم بواسطتها تحويل البيانات، التي يتم تبادلها أو تخزينها إلكترونيا، من بيانات واضحة مفهومة إلى مجرد إشارات أو رموز غير مفهومة، توقيا لخطورة العبث بها وتحريفها، أثناء تداولها على الشبكة، من طرف المتلصصين والمخربين. وتحقيقا لهذا الهدف، لزم أن يضمن التشفير غايات ثلاث، أولاها ضمان سرية(10) المعطيات المتبادلة الكترونيا، بحيث لا يمكن الإطلاع عليها أو العلم بمضمونها إلا ممن تسند إليه، وثانيتها ضمان صدقيتها(11) أو موثوقيتها، التي تحسم في التعيين الأكيد لمنشئها، وثالثتها ضمان تماميتها(12) التي تفيد قطعا في عدم المساس، بأي شكل من الأشكال، بمحتواها منذ إرسالها إلى غاية استلامها.
أما الوسيلة التي يتم بها التشفير، فهي «كل عتاد أو برمجية أو هما معا، ينشأ أو يعدل من أجل تحويل معطيات سواء كانت عبارة عن معلومات أو إشارات أو رموز استنادا إلى اتفاقيات سرية أو من أجل إنجاز عملية عكسية لذلك بموجب اتفاقية سرية أو بدونها».
ويلاحظ أن تعريف التشفير يتكون من عناصر ثلاثة:
1 – أداة التشفير (أو نظام الترميز)، التي وسّع المشرع من نطاقها، بحيث جعلها شاملة لثلاث فرضيات، فقد تكون عتادا، وقد تكون برمجية، وقد تكون عتادا وبرمجية. بل إنه زاد في سعتها لما جعلها شاملة للوسيلة المنشأة والوسيلة المعدّلة.
2 – وظيفة التشفير، التي تتمثل في عمليتين: عملية أصلية تتجسد في تحويل المعطيات، عن طريق العتاد أو البرمجية، إلى رموز وإشارات، وعملية عكسية تتمثل في تحويل الإشارات والرموز إلى معطيات بواسطة هذه الوسائل نفسها، أي استرجاع الطبيعة الأصلية للمعطيات قبل تحويلها.
3 – غاية التشفير التي تستفاد من إعمال العنصرين السابقين، والمتمثلة في ضمان سرية وصدقية وتمامية المعطيات المشفرة، وهي الغاية التي أكدتها الفقرة الأولى من المادة 12 من القانون المذكور.
ويلاحظ كذلك أن التعريف ربط عملية التحويل بضرورة وجود اتفاقيات سرية، لكنه ترك الخيار في وجود أو عدم وجود الاتفاقية السرية أثناء العملية العكسية. وإذا كانت الاتفاقية السرية تعرف ب»المفاتيح غير المعلنة، اللازمة لإعمال وسيلة أو خدمة التشفير، لأجل القيام بعمليات التشفير وفك التشفير» (المادة الأولى مرسوم فرنسي رقم 102-98 بتاريخ 24 فبراير 1998 يتعلق بتحديد شروط اعتماد المنظمات التي تدبر لمصلحة الغير الاتفاقيات السرية للتشفير)، فإن المستفاد هو أن عملية التشفير، حسب المادة 12، تتم بإعمال المفتاح الخاص، الذي يكون محل اتفاق بين المرسل والمرسل إليه، وهذا هو التشفير المتماثل، وأن عملية فك التشفير قد تستند إلى الاتفاقية السرية أي المفتاح الخاص، وقد تستند إلى اتفاقية معلنة، أي المفتاح العام، وهذا هو التشفير غير المتماثل. ولكن لماذا جاءت عبارة الاتفاقيات السرية في صيغة الجمع عندما تعلق الأمر بالتشفير، بينما أفردت صيغتها حينما تعلق الأمر بفك التشفير؟ فهل معنى إفراد صيغتها، في هذه الحالة الأخيرة، إقصاء كافة أشكال الاتفاقيات الأخرى، والإبقاء فقط على نوعين اثنين هما الاتفاقية السرية (التشفير المتماثل) والاتفاقية المعلنة (التشفير غير المتماثل)؟
أما بشأن عمليات استيراد وسائل التشفير أو تصديرها أو توريدها أو استغلالها أو استخدامها أو تقديم خدمات بشأنه، فقد أخضعها القانون المذكور، تفاديا للاستخدام غير المشروع لها، لنظامي التصريح والترخيص المسبقين(13): لنظام التصريح المسبق عندما يقتصر الغرض من الوسيلة أو الخدمة، المستوفية للمعايير الحكومية، في التصديق على إرسالية أو ضمان تمامية المعطيات المرسلة بطريقة إلكترونية(14)، ولنظام الترخيص المسبق من الإدارة حينما يتعدى الغرض من الوسيلة أو الخدمة الأغراض الموجبة للتصريح المسبق. ويبقى للحكومة أن تحدد طرق الإدلاء بالتصريح ومنح الترخيص، أو تحديد نظام مبسط للتصريح أو الترخيص، أو الإعفاء من النظامين بالنسبة لبعض الوسائل أو الخدمات، أو بالنسبة لبعض المستعملين(15).
الباب الثاني:
المصادقة على التوقيع الإلكتروني(16)
(المواد من15 إلى28)
تناول القانون المذكور موضوع المصادقة على التوقيع الإلكتروني من خلال أشخاص ثلاثة: السلطة الوطنية المكلفة باعتماد ومراقبة المصادقة الإلكترونية المسماة اختصارا بالسلطة الوطنية، ومقدمي خدمة المصادقة الإلكترونية، وصاحب الشهادة الإلكترونية.
أما بخصوص السلطة الوطنية، فقد عهد إليها القانون بالعديد من المهام، يمكن تصنيفها إلى مهام موضوعية تتمثل في اعتمادها لمقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية، واقتراحها معايير نظام الاعتماد على الحكومة والعمل على تفعيله، وإلى مهام إجرائية تظهر في قيامها بنشر قرار الاعتماد بالجريدة الرسمية، وفي مسك سجل يتضمن أسماء مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية المعتمدين، يتم نشره بالجريدة الرسمية في نهاية كل سنة. ومهام رقابية تتجلى في مراقبتها لنشاط مقدمي الخدمات المذكورين، وفي تأكدها من احترام هؤلاء الذين يسلمون الشهادات الإلكترونية المؤمنة، للالتزامات المنصوص عليها في القانون المذكور وفي النصوص المتخذة لتطبيقه، مع إمكان قيامها، تلقائيا أو بناء على طلب ممن يهمه الأمر، بالتحقق من مدى مطابقة نشاطهم للقانون أو لنصوص تطبيقه، سواء بنفسها أو عن طريق أعوانها وخبرائها المنتدبين بعد إثبات صفاتهم وتمكينهم من الولوج إلى المؤسسات والإطلاع على وسائلها وآلياتها التقنية.
وبخصوص مقدمي المصادقة الإلكترونية، فقد حدّد القانون مهامهم، وشروط اعتمادهم لاكتساب صفة مقدمي خدمات المصادقة، والتزاماتهم ومسؤوليتهم .
أما مهامهم فتتمثل في إصدار الشهادات الإلكترونية المؤمنة(17) وتسليمها وتدبير خدماتها. وأما شروط اكتسابهم صفة مقدمي خدمات المصادقة، فتتمثل في فئتين من الشروط، تستوجب الفئة الأولى شرطين : أن يكون طالب الاعتماد شركة(18) وأن يوجد مقر الشركة بالمغرب، ولكن ليس هناك ما يمنع من اعتماد أشخاص القانون العام، استثناء ولمصلحة المرفق العام، للقيام بنشاط خدمات المصادقة. كما أنه لا مانع يمنع من قبول الشهادات المسلمة من مقدمي خدمات المصادقة المستوطنين بالخارج بشرط وجود اتفاق ثنائي أو متعدد الأطراف، يكون المغرب طرفا فيه، يقر بالاعتراف المتبادل بالشهادة أو بمُقدِّمها بين المغرب وبلد إقامة هذا الأخير. أما الفئة الثانية من الشروط المذكورة، فيمكن ردّها إلى شروط تقنية تتعلق بالسلامة التقنية والتشفيرية لوسائل التشفير المقترحة، وشروط مرتبطة بالشهادة الإلكترونية، تتمثل في القدرة على المحافظة الكترونيا على معلومات الشهادة لإثبات التصديق أمام القضاء.
وأما بخصوص التزامات مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية، فهي أولا الالتزام بالتحقق من أهلية و صفة متسلّم الشهادة عن طريق تقديمه وثيقة رسمية تثبت ذلك مع ضرورة حفظ مميزاتها ومراجعها، وثانيا الالتزام بالتأكد، وقت تسليم الشهادة، من صحة معلومات هذه الشهادة، ومن المطابقة بين معطيات إنشاء التوقيع ومعطيات التحقق منه التي تتضمنها الشهادة، وثالثا الالتزام بالإخبار، الذي يوجه إما إلى صاحب الشهادة أو إلى الإدارة، ففي مواجهة صاحب الشهادة، يلتزم مقدم خدمة المصادقة بإخباره، قبل إبرام عقد تقديم الخدمة، بطريقة وشروط استعمال الشهادة، وطريقة المنازعات وتسوية الخلافات بشأنها، ودعوته إلى تجديدها على الأقل بمدة 60 يوما قبل انتهائها، وبتقديم عناصر الإخبار السابقة للأشخاص المعنيين بالشهادة. وفي مواجهة الإدارة، يلتزم بإخبارها مقدَّما برغبته في إنهاء نشاطه داخل أجل شهرين على الأكثر، مع إمكان استئناف ذات النشاط من مقدم خدمة جديد يضمن نفس الجودة والسلامة، وإلا ألغيت الشهادات داخل أجل شهرين على الأكثر بعد إخبار أصحابها. ورابعا الالتزام بإلغاء الشهادة في حالتين: أولا في حالة استناد تسليمها إلى معلومات مغلوطة أو مزورة، أو صيرورة معلوماتها غير مطابقة للواقع، أو خرق سرية المعطيات المتعلقة بإنشاء التوقيع، وثانيا في حالة أمر من السلطات القضائية يخبر بعدم مطابقة الشهادات المؤمنة للقانون المنظم والنصوص المتخذة لتطبيقه. وخامسا الالتزام بإبرام عقد تأمين لتغطية الأضرار الممكن نشوؤها نتيجة الأخطاء المهنية لمقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية.
وأما بخصوص المسؤولية، فقد رتّب القانون المذكور، على عاتق مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية، أولا، مسؤوليتهم عن إفشاء السر المهني، من طرفهم هم أو من طرف مستخدميهم، ولا يطبق الالتزام بكتمان السر المهني عندما يتعلق الأمر بالسلطات الإدارية وأعوان وخبراء مقدمي الخدمة، وفي حالة موافقة صاحب الشهادة على نشر أو تبليغ المعلومات وإلى مقدم الخدمة. وثانيا، مسؤوليتهم، في إطار القواعد العادية، عن تهاونهم وقلة كفاءتهم أو قصورهم المهني تجاه المتعاقدين أو في مواجهة الغير.
وأما بخصوص التزامات صاحب الشهادة الإلكترونية، فهي أولا ضمان سرية وتمامية المعطيات المتعلقة بإنشاء التوقيع، وثانيا، إبلاغ مقدم خدمة المصادقة بكل تغيير يطرأ على مضمون الشهادة، وثالثا طلب الغاء الشهادة عند الشك في سرية مضمونها أو مطابقته للواقع، وأخيرا عدم استعمال شهادة انتهت صلاحيتها، أو السعي إلى مقدم خدمة أخر للمصادقة عليها.
الباب الثالث :
العقوبات والتدابير الوقائية ومعاينة المخالفات
(المواد من29 إلى41)
تناول هذا الباب تحديد الأفعال المخالفة لقانون رقم 05-53 وعقوباتها من جهة، والتدابير الوقائية من جهة أخرى.
أما الأفعال، فيمكن اختصارها في تقديم خدمة المصادقة الإلكترونية دون توفر الاعتماد، سواء بعدم الحصول عليه أو بسحبه، وإفشاء المعلومات المعهود بها في إطار النشاط أو الوظيفة، أو التحريض على نشرها أو المساهمة في ذلك، واستيراد أو توريد أو تصدير إو استغلال أو استعمال وسائل أو خدمة التشفير دون الحصول على الترخيص والاستعمال غير القانوني لعنوان تجاري أو لإشهار أو لكل عبارة تحمل على الاعتقاد بتوفر الاعتماد، والاستعمال بوجه غير قانوني للعناصر الشخصية لإنشاء التوقيع المتعلقة بالغير، والإدلاء العمدي بالتصريح الكاذب أو تسليم وثائق مزورة إلى مقدم الخدمة والاستمرار في استعمال الشهادة المنتهية صلاحيتها بانصرام مدتها أو بإلغائها.
وبخصوص العقوبات فقد حدّدت إما في الغرامة فقط، والتي يتراوح حدّها الأدنى بين 10000 و 20000درهم، وحدّها الأقصى بين 50000 و 500000درهم، أو في الغرامة والحبس، والذي يتراوح حدّه الأدنى بين شهر وسنة، وحدّه الأقصى، مبدئيا، بين ستة أشهر وخمس سنوات.
وفي شأن التدابير الوقائية، فقد أقر القانون تدخل السلطة الوطنية لسحب الاعتماد من مقدم خدمة المصادقة، والتشطيب عليه من سجل الاعتماد، ونشر مستخرج قرار السحب في الجريدة الرسمية، حينما تعاين هذه السلطة أو أعوانها أو خبراؤها أن مقدم خدمة المصادقة قد عدم أحد الشروط المنصوص عليها في الفصل 21 من قانون رقم 05-53، أو أن نشاطه صار غير مطابق لأحكام هذا القانون، وذلك بعد أن طالبته بالتقيد بهذه الشروط والأحكام، ولكنه لم يتقيد بها بعد مرور الأجل. وقد تتخذ السلطة الوطنية كافة التدابير التحفظية الضرورية لوضع حد لنشاط مقدم خدمة المصادقة، إذا كان من شأن ممارسة هذا النشاط المساس بأمن الدولة أو بمتطلبات الدفاع الوطني.
أما بخصوص معاينة المخالفات، فقد أجاز هذا القانون لأعوان السلطة الوطنية، مؤهلين ومحلفين، ولضباط وأعوان الشرطة القضائية ولأعوان الجمارك أن يقوموا بالبحث عن المخالفات وتحرير محاضر بشأنها، تحال إلى وكيل لملك داخل أجل خمسة أيام من تحريرها، كما أجاز لهم ولوج الأماكن أو الأراضي أو وسائل النقل المهنية، وكذا الاطّلاع على الوثائق المهنية والحصول على نسخ منها، وعلى المعلومات والإثباتات، كما أجاز لهم أيضا حجز وسائل التشفير بأمر من وكيل لملك أو من قاضي التحقيق
المحور الثاني:
مـــــــلاحظـــات
– اعتمد المشرع، في إصدار هذا القانون، تقنية تشريعية خاصة، اعتمدت مقاربة الجمع بين مقتضيات متممة لبعض فصول قانون الالتزامات والعقود، والتي توخت وضع الأساس للتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، باعتبار هذا التبادل موضوع القانون المذكور ومحوره، ومقتضيات أخرى خاصة تهدف إلى تنظيم هذا الموضوع من حيث المضمون والوظائف والإجراءات. ويكمن مبرر اللجوء إلى هذه التقنية، حسب النص التقديمي لمشروع قانون رقم 05-53، في الحفاظ على وحدة الموضوع ومعالجته بكيفية متناسقة من مختلف جوانبه(19) .
– جعل المشرع تطبيق بعض مواد قانون رقم 05-53 رهين بمراسيم تتخذ لتطبيقه، وهو مالم يعجل به حتى الآن. باستثناء إصداره المرسوم رقم 815-2-8 الصادر بتاريخ 21 ماي 2009، ج ر عدد 5744 بتاريخ 18 يونيو 2009 ، ص.3554، المتعلق بتطبيق المواد 13 و14 و 15 و 21 و 23 من قانون رقم 05-53.
تحيين (صدرت بعد تاريخ نشر المقال قرارات لوزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة ترتبط بالقانون محل القراءة) هي كالآتي
· قرار لوزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة رقم 151.10 صادر في 5 ربيع الأخر 1431 (22 مارس 2010) بتحديد شكل التصريح المسبق المتعلق باستيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير ومحتوى الملف المرافق له
· قرار لوزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة رقم 152.10 صادر 5 ربيع الأخر 1431 (22 مارس 2010) بتحديد شكل طلب الترخيص المسبق من أجل استيراد أو تصدير أو توريد أو استغلال أو استخدام وسائل أو خدمات التشفير ومحتوى الملف المرافق له
· قرار لوزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة رقم 153.10 صادر 5 ربيع الأخر 1431 (22 مارس 2010) يتعلق باعتماد الأشخاص الذين لا يتوفرون على الاعتماد بصفتهم مقدمي خدمات المصادقة الإلكترونية والذين يرغبون في توريد خدمات التشفير الخاضعة للترخيص
· قرار لوزير الصناعة والتجارة والتكنولوجيات الحديثة رقم 154.10 صادر 5 ربيع الأخر 1431 (22 مارس 2010) ) بتحديد شكل طلب الحصول على الاعتماد لاكتساب صفة مقدم خدمات المصادقة الإلكترونية والمصادقة على نموذج دفتر التحملات المرافق له.
– اختار المشرع لهذا القانون عنوانا ضيّقا وهو التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، يتأكد ضِيقه بالمادة الأولى التي تنص على أن هذا القانون يحدّد النظام المطبق على المعطيات القانونية التي يتم تبادلها بطريقة إلكترونية، وهو عنوان يوحي ظاهره بشموله فقط عملية التبادل المتمثلة في التوجيه والاستلام، ولا يتسع لبعض العمليات الأخرى مثل الإعداد (الإنشاء)، والتخزين، والحفظ، ولعمليات من قبيل المعادلة بين الوثائق الورقية والوثائق الإلكترونية، وعلى التوقيع الإلكتروني، وعلى العمليات التي يقوم بها مزودو خدمات المصادقة الإلكترونية، ولذلك، عملت التشريعات الأخرى، التوجيهية منها والوطنية، على اختيار عناوين أكثر سعة وشمولية، كالتجارة الإلكترونية، والمعاملات والتجارة الإلكترونية، والمبادلات والتجارة الإلكترونية، والمعاملات الإلكترونية، والثقة في الاقتصاد الرقمي، وغيرها.
– يراعى عدم الخلط بين نظام «التبادل الإلكتروني للبيانات» Electronic Data Interchange، والذي ليس سوى وسيلة إلكترونية تتمثل في «نقل المعلومات الكترونيا من حاسوب إلى حاسوب آخر باستخدام معيار متفق عليه لتكوين المعلومات» دون تدخل بشري، وبين التبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية Echange Electronique de Données Juridiques بالنطاق الذي حدده له المشرع المغربي في المادة الأولى.
– لم يتضمن مطلع قانون 05-53 تحديدا لمضامين بعض المصطلحات التقنية الواردة به، وإن كان قد قام بذلك فعلا في بعض الأعمال التشريعية التي أصدرها مؤخرا. فمثل هذا التباين في المنهج، رغم اتحاد تقنية المصطلح، غير محمود، بل إنه يخالف التوجه الحديث في صناعة التشريع، الذي يتطلب مثل هذا التحديد الاصطلاحي، وذلك لضمان التطبيق السليم للقانون.
– غموض بعض النصوص القانونية، نذكر على سبيل المثال الفقرة الثالثة من الفصل 5-65 التي تنص على ما يلي «يصبح المرسل إليه فور تسلم العرض ملزما به بشكل لا رجعة فيه» فالمعنى المستفاد من نص هذه الفقرة غامض وغير منطقي، غامض؛ لكون النص يقصد إلزامية قبول العرض لا إلزامية العرض، وغير منطقي؛ لأن المرسل إليه لا يلتزم بالعرض الموجه إليه بمجرد تسلمه. وكذا الفصل 1-2 من ق.ل.ع المضاف بموجب قانون رقم 05-53، والتي تنص على ما يلي: «عندما يكون الإدلاء بمحرر مطلوبا لإثبات صحة وثيقة قانونية، يمكن إعداد هذا المحرر وحفظه بشكل الكتروني وفق الشروط المنصوص عليها في الفصلين 1-417 و 2-417 أدناه». فقد توحي هذه الفقرة أن المحرر الإلكتروني مطلوب للإثبات فقط، بحجتين: بحجة استعمال لفظ الإثبات، وبحجة إحالة هذه الفقرة على شروط الفصلين 1-417 و 2-417 المتعلقين بالإثبات، ولكن روح النص تخالف هذا التفسير، فلفظة الإثبات لم ترد بالنص الفرنسي المقابل للفقرة المذكورة، كل ما ذكر هو عبارة lorsqu’un écrit est exigé pour la validité d’un acte juridique. فليس المقصود إثبات التصرف لذاته، وإنما إثبات صحته.ثم إن الإحالة على الفصلين المشار إليهما لم تتم من أجل التطابق في الطبيعة الإثباتية، ولكن لأجل استعارة شروط الفصلين، لكون هذه الشروط هي من صميم الوثيقة الإلكترونية مهما كان الغرض منها، إثباتيا أو تكوينيا. ناهيك أن الفقرة المذكورة أضيفت إلى الفصل الثاني من ق.ل.ع، الذي ينظم الأركان اللازمة لصحة الالتزامات validité des obligations.
(*) ظهير شريف رقم 1.07.129 صادر في 19 من ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007) بتنفيذ القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، الجريدة الرسمية عدد 5584 بتاريخ 6 دجنبر 2007، ص 3880.
(1) يتعلق الأمر بالبيانات المكتوبة بيد الملتزم أو البيانات الخطية كبعض التعهدات والتاريخ وغيرها.
(2) لاحظ أن النص قصر الاستثناء على المحررات العرفية المتعلقة بالضمانات الشخصية والعينية. أما بخصوص شروط وكيفيات تطبيق هذا القانون على الحقوق العينية، فقد أوقفتها المادة 42 من قانون رقم 05-53 على صدور مرسوم.
(3) العقد الإلكتروني هو “الاتفاق الذي يتم انعقاده بوسائل الكترونية كليا أو جزئيا” المادة الأولى من قانون قانون المعاملات الإلكترونية رقم 85 لسنة 2001 الأردني.
(4) الوسائل الإلكترونية هي تقنية استعمال وسائل كهربائية أو مغناطيسية أو كهرومغناطيسية أو بصرية أو بايومترية أو فوتونية أو أي شكل آخر من وسائل التقنية المشابهة (المادة الأولى من مرسوم بقانون رقم (28) لسنة 2002 بشأن المعاملات الإلكترونية البحريني). ومن هذه الوسائل البريد الإلكتروني ومواقع الويب و البرق و التلكس و المينتل و الفاكس و التجهيزات الذكية و الكمبيوتر و الهاتف المحمول وغيرها
(5) السلعة هي كل منتج صناعي أو زراعي أو حيواني أو تحويلي، بما في ذلك العناصر الأولية للمواد والمكونات الداخلة في المنتج.والخدمة: كل عمل تقدمه أي جهة للمستهلك سواء تم ذلك بأجر أو بدون أجر. (القانون القانون رقم (8) لسنة 2008 القطري بشأن حماية المستهلك).
(6) لا بد من احترام هذه التراتبية لتحديد أثر الدليل الكتابي. فيجب النظر أولا، في شأن قيمة الدليل الكتابي، إلى النص القانوني، ثم إن سكت تمت مراجعة الاتفاق، فإن سكت الاتفاق مُنح القاضي سلطة تقديرية لمقارعة الأدلة الكتابية والترجيح بشأنها.
(7) الدعامة الإلكترونية هي”كل أداة تمكِّن المستهلك من تخزين المعلومات الموجهة إليه شخصيا بطريقة تسهِّل عليه الرجوع إليها في المستقبل خلال فترة زمنية ملائمة للأغراض التي توختها المعلومات، والتي تسمح بالاستنساخ المطابق للأصل للمعلومات المخزنة (المادة الثانية من التوجيه الأوروبي الصادر بتاريخ 23 شتنبر 2002، والمتعلق بتسويق الخدمات المالية عن بعد للمستهلك)، وتتجسد على الخصوص في الأقراص المرنة والأقراص المدمجة والأقراص الصلبة لحاسوب المستعمل.
(8) التوقيع الإلكتروني هو بيان أو معطى في شكل الكتروني، يضاف أو يرتبط منطقيا بمعطيات الكترونية أخرى بغرض التوثيق (المادة الثانية من التوجيه الأوربي الصادر بتاريخ 13 دجنبر 1999، المتعلق بالتوقيع الإلكتروني)، أو هو “بيانات في شكل الكتروني مدرجة في رسالة بيانات، أو مضافة إليها أو مرتبطة بها منطقيا، يجوز أن تستخدم لتعيين هوية الموقّع بالنسبة لرسالة البيانات، ولبيان موافقة الموقّع على المعلومات الواردة في البيانات” ( المادة الثانية من قانون الأونسيترال النموذجي بشأن التوقيعات الإلكترونية 2001).
(9) التشفير هو استعمال رموز أو إشارات غير متداولة تصبح بمقتضاها المعلومات المرغوب تمريرها أو إرسالها غير قابلة للفهم من قبل الغير أو استعمال رموز أو إشارات لا يمكن الوصول إلى المعلومة بدونها (المادة من قانون عدد 83 لسنة 2000 التونسي يتعلق بالمبادلات والتجارة الإلكترونية). أو هو تقنية حجب معطيات الخطاب الأصلي وتشفيره بشكل يستحيل معه قراءته أو تعديله دون استعمال المفتاح الذي يسمح بفك الرمز. مداولات مجلس النواب أكتوبر 2006، النص الذي تقدم به السيد وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، محضر الجلسة 141 بتاريخ 22 يناير 2007.
(10) السرية هي كل إجراء يضمن قصر العلم بمضمون الوثيقة على صاحبها، وعدم الكشف عن المعلومات المضمنة بها لأشخاص لا يسمح لهم بالإطلاع عليها وقراءتها.
(11) الصدقية هي إجراء يهدف إلى التأكد من هوية شخص لأجل التثبت من أصل المعلومة…” المادة 3 من القانون السنغالي رقم 41-2008 الصادر بتاريخ 20 غشت، الذي يتعلق بالتشفير. أو هو كل إجراء يفيد أن الوثيقة الإلكترونية صادرة فعلا من مرسلها الحقيقي.
(12) التمامية هي كل خاصية تضمن عدم تغيير المعطيات أو إتلافها، بشكل غير مسموح به، أثناء إنشائها أو حفظها أو نقلها (المادة 3 من القانون السنغالي المشار إليه). ولقد أشار النص التقديمي لمشروع قانون رقم 05-53 أن من بين الإضافات الموضوعية التي جاء بها هذا القانون تأمين محتوى المحرر الموقع بشكل يضمن عدم تعرض الوثيقة المرسلة لأي تعديلات في المحتوى خلال مراحل إرسالها وحصر الاطلاع عليه من طرف المرسل إليه فقط. وهذا هو معنى تمامية الوثيقة. مداولات مجلس النواب أكتوبر 2006، النص الذي تقدم به السيد وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، محضر الجلسة 141 بتاريخ 22 يناير 2007.
(13) حدّد المرسوم رقم 815-2-8 الصادر بتاريخ 21 ماي 2009، ج. ر.، عدد 5744 بتاريخ 18 يونيو 2009، ص.3554، المتعلق بتطبيق المواد 13 و14 و 15 و 21 و 23 من قانون رقم 05-53. قواعد التصريح والترخيص، التي نوجزها فيما يلي: يتم تقديم طلب التصريح بإحدى طريقتين: إما بإيداعه لدى السلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيا الحديثة، 30 يوما قبل إنجاز العملية محل التصريح وذلك مقابل وصل، أو بتوجيهه إلى السلطة المذكورة برسالة مضمونة مع الإشعار بالتسلم داخل نفس الأجل. وتطبق نفس المقتضيات بالنسبة لطلب الترخيص المسبق مع خلاف يتعلق بالأجل وهو 60 يوما بدلا من 30. يشفع الطلب، في نظام التصريح ونظام الترخيص بملفين: الأول إداري يتضمن هوية وموضوع وأنشطة طالب التصريح أو الترخيص، والثاني تقني يشتمل على بيان وصفي لوسيلة أو خدمة التشفير موضوع التصريح أو الترخيص. في حالة تقديم طالب التصريح ملفا غير كامل يتم إخباره برسالة مضمونة لإتمامه داخل أجل أقصاه شهر من تاريخ تسليم الملف. أما ملف الترخيص فيعتبر كاملا إذا لم تدع السلطة المذكورة طالب الترخيص داخل أجل أقصاه 60 يوما بتكملته. يحدد شكل ومحتوى الطلب، في التصريح والترخيص، بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتكنولوجيا الحديثة بناء على اقتراح الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات. يتضمن طلب الترخيص المدة التي يطلب لأجلها الترخيص على أن لا تتجاوز 5 سنوات. يعتبر سكوت السلطة الحكومية بعد انصرام الأجل المخصص لطلب التصريح موافقة للقيام بعمليات التصريح. في حالة قبول الترخيص، يبلغ مقرر الترخيص إلى الطالب 60 يوما من تاريخ الوصل، و في حالة رفضه، يبلغ قرار رفض الترخيص إلى الطالب مع بيان أسباب الرفض.
(14) وقد حدّد المرسوم السابق في الملحق الأول منه هذه الوسائل، لمّا يتعلق الأمر بالتصديق على إرسالية أو ضمان تمامية المعطيات المرسلة بطريقة الكترونية، في ثلاثة أنواع: 1 – الوسائل المعدة خصوصا والمحددة للخدمة في عمليات بنكية أو مالية الموجهة للعموم والتي لا يمكن للمستخدم الولوج إلى قدرتها التشفيرية، 2 – الوسائل الموجهة لإحداث التوقيع الإلكتروني والتحقق منه، 3 – الوسائل المعدة خصوصا والمحددة لضمان حماية البرمجيات أو المعطيات المعلوماتية من النسخ أو الاستخدام غير المشروع والتي لا يمكن للمستخدم الولوج إلى قدرتها التشفيرية.
(15) وقد حدّد المرسوم السابق في الملحق الثاني منه هذه الوسائل والفئات، نذكر منها على سبيل المثال، وبخصوص عمليات الاستيراد أو الاستغلال أو الاستخدام، وسائل التشفير الموجهة حصريا للاستعمال من قبل الشخص الذاتي الذي يقوم باستيرادها أو نقلها حتى بواسطة وسيلة الكترونية.
(16) تتوّج عملية المصادقة بإصدار شهادة يمنحها مزودو خدمات المصادقة الإلكترونية، والتي تعتبر بمثابة بطاقة هوية على الشبكة، تقيم محيطا من الثقة بين المتعاملين، وتزود بمعلومات دقيقة عن أهلية وصفة المتعاقد معه. وتعتبر واجبة لتفادي المخاطر التي انتشرت على الشبكة كالتصنت والتخريب وانتحال الهوية.
(17) راجع، بخصوص الشهادة الإلكترونية، مضامين التوقيع المشار إليها في الباب الأول .
(18) وقارن المادة الأولى من القانون التونسي عدد 83 لسنة 2000 يتعلق بالمبادلات والتجارة الإلكترونية التي تمكن الشخص الطبيعي من ممارسة نشاط مزود بخدمات المصادقة الإلكترونية “كل شخص طبيعي أو معنوي يحدث ويسلم ويتصرف في شهادات المصادقة ويسدي خدمات أخرى ذات علاقة بالإمضاء الإلكتروني” وتم تأكيد ذلك في المادة 11 منه التي جاء فيها”يتعين على كل شخص طبيعي أو معنوي يرغب في ممارسة نشاط مزود خدمة المصادقة الإلكترونية الحصول على ترخيص مسبق من الوكالة الوطنية للمصادقة الإلكترونية”.
(19) مداولات مجلس النواب أكتوبر 2006، النص الذي تقدم به السيد وزير الشؤون الاقتصادية والعامة، محضر الجلسة 141 بتاريخ 22 يناير 2007.
المصدر :- منتديات ستار تايمز
اترك تعليقاً