مساواة الدول أمام القانون الدولي العام
الدكتور قاسم خضير عباس
نص إعلان حقوق وواجبات الأمم الذي أقره اتحاد القانون الدولي في 11نوفمبر سنة 1919 م على أنَّ : ( الدول متساوية أمام القانون ، وتفترض هذه المساواة القانونية تعاونها سوية في تنظيم مصالح الجماعة الدولية وإن كانت لا تستلزم حتماً مساهمتها بنصيب واحد في تكوين نشاط الهيئات التي تتولى هذه المصالح ) .
ولديَّ ملاحظة على النص المذكور فعلى الرغم من أنه ينص على المساواة بين الدول إلا أنه يتناقض في صياغته ، عندما لا يستلزم مساهمة الدول بنصيب واحد في تكوين نشاطات الهيئات الدولية ، وهذا يجعل المساواة بين الدول مجرد افتراض نظري . ونجد الخطأ نفسه في ميثاق الأمم المتحدة، لأنه ينص صراحة في الفقرة الأولى من المادة الثانية على مبدأ المساواة في السيادة بين جميع الدول الأعضاء ، ولكن الواقع الدولي يدل بما لا يقبل الشك على أنَّ هناك تفرقة مقصودة بين الدول الكبرى وبين غيرها ، ولذا تتمتع الدول العظمى بنفوذ خاص في المسائل الدولية العامة وتهيمن على السياسة العليا للجماعة الدولية ولها الكلمة المسموعة عند الدول الأخرى.
وفي هذا المجال يذهب الدكتورعلي صادق أبو هيف في كتابه القانون الدولي العام إلى انتقاد الذين لايعتقدون بوجود المساواة في التعامل الدولي ، لأنه يرى أنهم يخلطون بين المركز القانوني الذي هو واحد لجميع أعضاء الجماعة الدولية وبين المركز المادي الذي يختلف من دولة إلى أخرى تبعاً لمواردها ، وعدد سكانها ، وقوتها العسكرية ، وغير ذلك من الاعتبارات والظروف الخاصة ، ولذا فإنَّ المساواة القانونية لا تؤدي حتماً إلى المساواة السياسية .
إلا أني أرى غير ذلك ، لأنه كيف نتصور وجود مساواة حقيقية أمام القانون الدولي في ظل تمييز للدول على اعتبارات مادية وظروف خاصة ؟ وعليه فأنَّ الرأي القائل بأنَّ : المساواة القانونية لا تؤدي حتماً إلى المساواة السياسية !! هو رأي غير ناهض ، ولا يستند إلى الموضوعية ، والعمل به قد أضر فعلاً المساواة بين الدول و بضمنها المساواة القانونية ، وجعلها مجرد مبادئ أو مواد وبنود مكتوبة في المواثيق والمعاهدات الدولية .
ولذا لابد من تغيير هذه المواد القانونية ، التي نجدها أيضا في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ، والنظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية المادة 38 ، لكي تنسجم مع مبدأ المساواة بين الدول الذي نادت به الأمم المتحدة ، لإيجاد قاعدة من الثقة والشفافية في المجتمع الدولي بأسره .
اترك تعليقاً