الاطار القانونى لحق النقد
*حق النقد ينتهي عندما يساء استعماله:-
حق النقد من الحقوق المهمة غير أنه قد يساء استعمال هذا الحق عن نطاقه ولا يكون عند ذلك نقداً مباحاً بل يصل إلى مراتب السب والتشهير ولا يستطيع أحد أن ينكر الدور الفعال والمهم للنقد فهو يساهم بدرجة كبيرة في تصحيح العديد من الأوضاع على اختلاف أنواعها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية ويكاد الرأي يستقر من حيث التعريف على أن النقد هو حكم على واقعة ثانية أو غير مذكورة فخلق الشخص لواقعة معينة ليست موجودة ثم يقوم بنقدها لا يمت إلى النقد بصلة.
ومن هنا صار الأمر على أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر قد جعل دون أن يمس النقد صاحب الرأي نية التشهير أو الحط من كرامته.
ولعل المشكلات التي يثيرها النقد وتجاوز هذا الحق هو الذي دعاني إلى الكتابة حول هذا الجانب وقد أصبح طرح هذا الموضوع ملحاً بعد انتشار الصحف وتعددها وما خلفته الأيام من مسائل حق أن تكون موضعاً لنقد من أجل البيان والإشارة ومن ثم التقويم دون المساس بكرامة صاحب الأمر أو العمل لذلك فلا بد من التفرقة بين الشعب وما يقوم به من عمل أو تصرف بشكل عام إن هذه التفرقة هي التي تبين دائرة الاعتداء المجرم قانوناً ومجال النقد غير المعاقب عليه “النقد المباح”.
حماية الشرف والاعتبار:
القانون كما جاء بأحد المصنفات القانونية يحمي شرف الشخص واعتباره حماية عامة وسليمة فهو يحميه حماية عامة لا يلاحظ فيها المنزلة الخاصة التي يعتقد الشخص أنه جدير بها حقاً كان اعتقاده هذا أو باطلاً وهو يحميه حماية سليمة أي يمنع عنه فقط الازدراء والمهانة والتحقير والتعييب ولكن القانون لا يحمي التصرفات لأن تصرفات المرء هي الرصيد الذي يكون فيه سمعته وكل ما يمس هذه السمعة ليس إلا عائقاً في سبيل المجد والمجد نعمة يوزعها الرأي العام وليس في مقدور السلطات أن تمنعها أو تضمنها لأحد من العباد إنما إذا كان النهي عن التصرفات مقصود منه المساس بشرف الشخص أو الزراية به وتحقيره فإنه لا يكون نقداً بل سباً أو قذفاً وإهانة.
لذلك فإننا في القانون الإنجليزي يطلق على حق النقد عبارة:
comment fair وكلمة “fair” تفيد معنى الأمانة أو النزاهة كما تفيد معنى المناسبة أو التعلق بالموضوع الذي يتحدث عنه القائل وبالتالي فإن النقد يجب أن يكون نزيهاً ومتصلاً بالموضوع فلا يجوز أن يكون حجاباً لاستباحة الإهانة والتشهير الذي لا يتصل بموضوع المقال أو لا تستند إلى الوقائع.
*النقد وإفشاء الوقائع:-
في بعض الأحيان يمنع القانون إفشاء بعض الوقائع أو أنه يشترط للإعلان والإفشاء شروط معينة يجب تحققها قبل القيام بذلك وهنا فإنه لا يدخل في إطار النقد المباح.
غير أن الأصل أن حق النقد يكاد يكون مطلقاً في الحالات التي يتم فيها إعلان الأمر محل النقد للجمهور إذ بذلك تدخل الواقعة في إطار العمومية وتصبح حملاً للنقد خاصة إذا ما كانت متعلقة بالمصلحة العامة ومن ضمن الأمور التي منع القانون الإفصاح عنها الواقعة المتعلقة بموجب الشخص حيث نصت المادة 13 من قانون المسؤولية الطبية على أنه لا يجوز إفشاء أسرار المريض التي يطلع عليها بسبب مزاولة المهنة إلا للجهات القضائية وفقاً للقانون.
*حصر النقد في الرأي المتعلق بالواقعة:-
وهو ما يستوجب أن يكون الرأي متصلاًً بالواقعة التي يبني ويستند عليها ولذلك فإن الآراء وذكرها دون وقائع لا يعد نقداً “والنقد يعد نقداً ولو كان نقداً خاطئاً” أو أن خطأ الرأي لا يبق الناقد عن مجال الإباحة طالما الأمر يمس النية.
*الصياغة المناسبة للنقد وسلامة النية:-
يجب أن يبتعد النقد المباح عن دائرة السخرية بأن يكون متناسباً مع الموضوع يحل النقد والغرض من هذا النقد إذا أن حق النقد ينتهي عندما يساء استعماله وبالتالي لا يكون نقداً مباحاً ،كما أنه كي يكون النقد مباحاً يجب أن يحاط بسلامة النية إذ يكون الهدف منه المصلحة العامة بإرشاد الناس إلى الصواب وهو ما يتطلب الابتعاد عن فطنة الانتقام وكل هذا يقرن بكون الناقد يعتمد في صحة الرأي الذي يبديه.
*النقد المباح والقضاء:-
في ليبيا وبعض الدول العربية وكذلك الأجنبية الرأي مستقر قضاء على أن النقد المباح هو إبداء الرأي في أمر أو عمل دون المساس بشخص صاحب الأمر أو العمل بغية التشهير به أو الحط من كرامته فإذا تجاوز النقد هذا الحد وجب العقاب عليه وفقاً للقانون، لذلك ومن نستشعر الأهمية التي يضطلع بها النقد فإن الواجب يملي علينا الدعوة إلى النقد بالنقد وفقاً لغاياته وأهدافه وأن لا يكون سيفاً مسلطاً قد لا يكون له من أثر إلا زرع الضغائن والأحقاد خاصة إذا ما اقترن النقد بمسائل شخصية ينظر إليها من جانب واحد وبطريقة غير موضوعية يشوبها أكثر من الإسقاطات واستغلال الفرص والأوقات غير المناسبة وهو ما قد لاحظناه في الآونة الأخيرة من شخصية النقد إن صح التعبير وهو أسلوب يبتعد عن أن يكون من الأساليب السليمة والتي في واقع الأمر ضررها أكثر من نفعها فضلاً عن أن صاحب النقد قد يفتقر إلى قوة الرأي والحجة معتمد في رأيه على قرارات غير علمية أو سماعية تعوزها المصداقية والشفافية.
وحتى لا نقع تحت طائلة القانون فإننا ندعو إلى صياغة نهج تسيير في ركابه الأقلام من أجل رفعة ليبيا المستقبل وتبقى المسائل دائماً ليست في وجود القوانين بل في تنفيذها.
اترك تعليقاً